خلافات الإمارات-السعودية: تخطت السياسة والاقتصاد إلى الرياضة
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
خلافات الإمارات - السعودية تخطت السياسة والاقتصاد إلى الرياضة
التوترات والخلافات بين السعودية والإمارات متجذرة وعميقة، وحاولت هاتان الدولتان إخفاء هذه الخلافات خلال السنوات الماضية.
تتراكم الخلافات البينية بين الدول العربية، فقد شهدت أغلب دول الخليج خلافات إقليمية وأيديولوجية وتنافس على النفوذ الإقليمي.
زرعت هذه الصراعات الريبة وتوترت العلاقات بين الدول والقيادات السياسية، مما جعل من الصعب إقامة تحالف استراتيجي متماسك ودائم
سخر معلقون إماراتيون من فشل صفقة انتقال اللاعب المصري محمد صلاح من نادي ليفربول الإنكليزي إلى نادي اتحاد جدة السعودي.
بجانب التنافس الجيوسياسي والاقتصادي يبدو أن الخلاف يتعمق أكثر بسبب سعي قيادة البلدين إلى رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط وأفريقيا.
ظهور تضارب في المصالح والاستراتيجيات ساهم في تفاقم الخلافات والدفع بها إلى السطح، بحيث أصبح هناك تراشق إعلامي بين مسؤولين وأكاديميين من الطرفين.
ولي العهد السعودي لن يكف عن محاولة تحجيم الدور الإماراتي ورسم حدود التدخل التي يراها تتناسب مع حجم ودور الإمارات الإقليمي والعالمي.
استراتيجية المواجهة السعودية مع الإمارات تتخذ طابع القوة الناعمة والذهاب بعيداً في تطبيق استراتيجيات مختلفة لاحتواء الإمارات بمناطق النزاع كالسودان واليمن وإيران وأفريقيا.
* * *
ليس في السياسة وحدها تختلف الإمارات والسعودية، فقد تعدت هذه الخلافات حدود السياسة والاقتصاد إلى الرياضة. فقد سخر بعض المعلقين الإماراتيين بفشل صفقة انتقال اللاعب المصري محمد صلاح من نادي ليفربول الإنكليزي إلى نادي اتحاد جدة السعودي، ووصلت درجة السخرية بين الإماراتيين حداً تدخل فيه الأمير "عبد الرحمن بن مساعد"، ابن عم ولي العهد السعودي، في هذه المناكفات ليبرر سبب فشل الصفقة.
تدّعي بعض الصحف الغربية بأن الخلاف ظهر إلى العلن لأول مرة قبل أشهر فقط، وتتحدث هذه الصحف عن صراع بين الأمير محمد بن سلمان ورئيس الإمارات محمد بن زايد. ولكن الحقيقة هي أن هذه التقارير تبسط الخلاف ولا تعطي تحليلاً تاريخياً لهذه الظاهرة، حيث إن الخلاف متجذر ومعقد أكثر من ذلك بكثير.
ويبدو بأن جذور الخلاف السعودي- الإماراتي تعود إلى طبيعة العلاقات العربية-العربية؛ من حيث كونها تعتمد على التحالفات المرحلية والتكتيكية ولم تدخل أبداً في مرحلة التحالفات الاستراتيجية المبنية على تبادل المصالح والتعهد لمواجهة العدو الخارجي.
حتى بين أكثر المجتمعات العربية تشابهاً من حيث العرق والدين واللغة والثقافة المشتركة، ونقصد هنا دول الخليج، لم تستطع هذه الدول تطوير علاقاتها لترقى لمستوى التحالف الاستراتيجي حتى بعد مشاركتها معاً في الحرب اليمنية.
ويبدو بأنّ هناك تراكما للخلافات البينية بين الدول العربية، فعلى مر التاريخ، شهدت أغلب دول الخليج خلافات إقليمية وأيديولوجية وتنافس على النفوذ الإقليمي. لقد زرعت هذه الصراعات الريبة وتوترت العلاقات بين الدول والقيادات السياسية، مما جعل من الصعب إقامة تحالف استراتيجي متماسك ودائم.
وتعود هذه التنافسات بين الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية والإمارات أيضا إلى التنافس على القيادة. غالبا ما طغى السعي وراء القيادة والهيمنة داخل دول الخليج على الجهود التعاونية، حيث تطمح بعض الدول العربية إلى أن تكون قوى إقليمية مهيمنة، مما يؤدي إلى التوترات والمنافسة بدلاً من تعزيز شراكات حقيقية.
تعود جذور التنافس والصراع في واقع الأمر إلى الملف الذي كان ينبغي أن يوحد هاتين الدولتين وهو الملف اليمني، فمنذ البدء اختلفت الأجندات بين السعودية والإمارات من المشاركة في هذا التحالف.
ويبدو أنّ الإمارات اتخذت لنفسها مساراً مختلفاً قائماً على دعم مجموعات الانفصال لحماية مصالحها في اليمن، وكذلك لتكون هذه المجموعات قوة الإمارات الضاربة في السيطرة على الموانئ والجزر الاستراتيجية اليمنية، لتستخدمها في مشروعها الكبير الساعي لتحولها لمركز تجارة عالمي عبر السيطرة على أكبر قدر ممكن من الموانئ والمطارات حول العالم.
تعززت هذه الخلافات حول قضايا بعينها كالملف اليمني والملف السوداني، وبلغ الخلاف بين الدولتين مرحلة قال فيها عضو مجلس الشورى السعودي السابق محمد آل زلفة أن الإمارات تحاول أداء أدوار أكبر من حجمها في اليمن.
كما أشار إلى أن أبوظبي انسحبت عسكريا بطريقة غير محسوبة وأنها تحاول الدفع بعملية انفصال وتقسيم اليمن إلى يمن شمالي وجنوبي، ليرد فيما بعد الأكاديمي الإماراتي عبد الخالف عبد الله بأن وحدة اليمن لم تكن يوماً أولوية للتحالف العربي.
إلى جانب التنافس الجيوسياسي والاقتصادي يبدو بأن الخلاف يتعمق بشكل أكبر بسبب سعي قيادة البلدين إلى رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو ما ظهر جلياً في تصريحات نسبتها صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى الأمير محمد بن سلمان الذي قال (بحسب الصحيفة) إن "الإمارات طعنتنا في الظهر وسيرون ما يمكنني القيام به".
في الختام، إن التوترات والخلافات بين السعودية والإمارات متجذرة وعميقة، وحاولت هاتان الدولتان إخفاء هذه الخلافات خلال السنوات الماضية، إلا أن ظهور تضارب في المصالح والاستراتيجيات ساهم في تشديد هذه الخلافات والدفع بها إلى السطح، بحيث أصبح هناك تراشق إعلامي بين مسؤولين وأكاديميين من الطرفين.
ويبدو من قراءة السياسات السعودية بأن ولي العهد لن يكف عن محاولة تحجيم الدور الإماراتي ورسم حدود التدخل التي يراها تتناسب مع حجم ودور الإمارات الإقليمي والعالمي. كما أن استراتيجية المواجهة مع الإمارات هذه المرة تتخذ طابع القوة الناعمة والذهاب بعيداً في تطبيق استراتيجيات مختلفة لاحتواء الإمارات في مناطق النزاع، كالسودان واليمن وإيران وأفريقيا.
*حامد أبوالعز كاتب صحفي
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الإمارات السعودية أبوظبي خلافات الرياضة بن زايد بن سلمان القوة الناعمة خريطة النفوذ السعودیة والإمارات هذه الخلافات دول الخلیج بین الدول
إقرأ أيضاً:
الإمارات دبي الوطني يمول الإنشاءات العربية 2.5 مليار جنيه
أعلن بنك الإمارات دبي الوطني - مصر عن توقيع عقد تمويل مع شركة الإنشاءات العربية (ACC)، واحدة من الشركات الرائدة في مجال الإنشاءات في الشرق الأوسط، تتضمن تقديم تسهيلات ائتمانية بقيمة 2.5 مليار جنيه مصري بهدف دعم وتعزيز المشروعات الحالية والمستقبلية للشركة في مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، مما يعكس الالتزام المشترك بين الطرفين بالمساهمة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتعزيز القطاعات الحيوية بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.
تقوم هذه الشراكة على العلاقة الممتدة والناجحة التي جمعت بين مجموعة بنك الإمارات دبي الوطني وشركة الإنشاءات العربية (ACC) في الإمارات العربية المتحدة، والتي أثمرت عن سنوات من التعاون البنّاء والإنجازات المشتركة بين الطرفين. ومع توسيع نطاق هذا التعاون المثمر ليشمل السوق المصري، يواصل بنك الإمارات دبي الوطني - مصر ترسيخ مكانته داخل القطاع المصرفي المصري، معززًا قدرته على دعم المشروعات الكبرى ذات التأثير الإيجابي، التي تسهم في دفع عجلة النمو الإقتصادي والتنمية في البلاد.
شهد حفل التوقيع حضور مجموعة من القيادات البارزة من كلا الطرفين. من جانب بنك الإمارات دبي الوطني – مصر عمرو الشافعي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب، تامر راغب، رئيس قطاع ائتمان الشركات والمؤسسات المالية، وخالد يحيى، رئيس قطاع الشركات الأجنبية ومتعددة الجنسيات، ومصطفى أشرف، رئيس فريق الشركات الأجنبية ومتعددة الجنسيات. ومن جانب شركة الإنشاءات العربية (ACC)، حضر كل من ماهر المرعبي الرئيس التنفيذي للمجموعة، وإسماعيل مجدي، عضو مجلس إدارة للشئون المالية للشركة في مصر وأفريقيا، وصلاح القاضي، مدير فرع الشركة في مصر.
وأكد عمرو الشافعي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك الإمارات دبي الوطني - مصر، على أهمية هذه الشراكة قائلاً: "تعكس الشراكة بين بنك الإمارات دبي الوطني - مصر وشركة الإنشاءات العربية (ACC) التزامنا الراسخ بدعم القطاعات الحيوية، وعلى رأسها قطاع الإنشاءات. وتمثل هذه الشراكة خطوة استراتيجية بارزة في مسيرة نمونا، حيث يسهم التعاون مع واحدة من الشركات الرائدة في مجال الإنشاءات في تسريع خططنا التوسعية، وتنويع محفظة أعمالنا، وتعزيز قدرتنا على تقديم حلول مالية مبتكرة."
من جانبه، قال تامر راغب، رئيس قطاع إئتمان الشركات والمؤسسات المالية في بنك الإمارات دبي الوطني - مصر: "ترتكز رؤيتنا علي بناء شراكات طويلة الأمد مع قادة الصناعة في مختلف القطاعات الرئيسية لتعزيز قدرتهم على تحقيق أهدافهم الاستراتيجية، إلي جانب تقديم التسهيلات الائتمانية. هذه الاتفاقية مع شركة الإنشاءات العربية (ACC) تمثل مثالًا حيًا على التزامنا بتقديم الدعم اللازم لتوسيع نطاق أعمال الشركة وتعزيز تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد المصري والإقليمي."
وأكد خالد يحيى، رئيس قطاع الشركات الأجنبية ومتعددة الجنسيات في بنك الإمارات دبي الوطني – مصر، على أهمية هذه الشراكة قائلاً: "تعكس هذه الشراكة امتدادًا للعلاقة الوطيدة التي تجمعنا بشركة الإنشاءات العربية (ACC)، وتؤكد التزامنا بدعم الشركات متعددة الجنسيات من خلال تقديم حلول مالية مبتكرة تُعزز من تنافسيتها في الأسواق المختلفة. ونفخر بدورنا في دعم الشركات الكبرى التي تساهم في تحقيق نمو مستدام وتدفع عجلة التكامل الاقتصادي، مما يرسخ مكانتنا كشريك مصرفي موثوق."
ومن جانبه، أعرب ماهر المرعبي، الرئيس التنفيذي للمجموعة لشركة الإنشاءات العربية (ACC)، عن حماسه لهذه الشراكة قائلاً: "يسعدنا التعاون مع بنك الإمارات دبي الوطني - مصر، إذ ستتيح لنا هذه التسهيلات الائتمانية فرصة تنفيذ مشروعات جديدة وتوسيع نطاق عملياتنا داخل مصر وخارجها. ويمثل الدعم الذي يقدمه لنا البنك خطوة استراتيجية مهمة في مسار نمو شركتنا، ونحن واثقون بأن هذه الشراكة ستسهم في تحقيق قيمة مضافة للطرفين وتعزز من نجاحاتنا المشتركة."
وأكد إسماعيل مجدي، عضو مجلس الإدارة للشئون المالية لشركة الإنشاءات العربية في مصر وأفريقيا، على الأهمية الاستراتيجية لهذه الشراكة قائلاً: "يشكل الدعم الذي يقدمه بنك الإمارات دبي الوطني - مصر ركيزة أساسية لاستراتيجية نمو الشركة. فنحن على ثقة بأن هذه الشراكة ستسهم في تحقيق إنجازات متميزة وستعود بفوائد كبيرة على كلا الطرفين."
تقوم هذه الإتفاقية بتسليط الضوء على التزام بنك الإمارات دبي الوطني - مصر الراسخ بدفع عجلة النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز وتيرة التنمية طويلة الأجل. ويواصل البنك توسيع نطاق خدماته لتلبية احتياجات قاعدة عملاء متنوعة وديناميكية في مختلف القطاعات، معتمداً على عقد الشراكات الاستراتيجية وتقديم حلول مالية مبتكرة ومصممة خصيصاً لتلبية تطلعات عملائه وتحقيق أثر إيجابي ملموس على الاقتصاد.