خلافات الإمارات - السعودية تخطت السياسة والاقتصاد إلى الرياضة

التوترات والخلافات بين السعودية والإمارات متجذرة وعميقة، وحاولت هاتان الدولتان إخفاء هذه الخلافات خلال السنوات الماضية.

تتراكم الخلافات البينية بين الدول العربية، فقد شهدت أغلب دول الخليج خلافات إقليمية وأيديولوجية وتنافس على النفوذ الإقليمي.

زرعت هذه الصراعات الريبة وتوترت العلاقات بين الدول والقيادات السياسية، مما جعل من الصعب إقامة تحالف استراتيجي متماسك ودائم

سخر معلقون إماراتيون من فشل صفقة انتقال اللاعب المصري محمد صلاح من نادي ليفربول الإنكليزي إلى نادي اتحاد جدة السعودي.

بجانب التنافس الجيوسياسي والاقتصادي يبدو أن الخلاف يتعمق أكثر بسبب سعي قيادة البلدين إلى رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط وأفريقيا.

ظهور تضارب في المصالح والاستراتيجيات ساهم في تفاقم الخلافات والدفع بها إلى السطح، بحيث أصبح هناك تراشق إعلامي بين مسؤولين وأكاديميين من الطرفين.

ولي العهد السعودي لن يكف عن محاولة تحجيم الدور الإماراتي ورسم حدود التدخل التي يراها تتناسب مع حجم ودور الإمارات الإقليمي والعالمي.

استراتيجية المواجهة السعودية مع الإمارات تتخذ طابع القوة الناعمة والذهاب بعيداً في تطبيق استراتيجيات مختلفة لاحتواء الإمارات بمناطق النزاع كالسودان واليمن وإيران وأفريقيا.

* * *

ليس في السياسة وحدها تختلف الإمارات والسعودية، فقد تعدت هذه الخلافات حدود السياسة والاقتصاد إلى الرياضة. فقد سخر بعض المعلقين الإماراتيين بفشل صفقة انتقال اللاعب المصري محمد صلاح من نادي ليفربول الإنكليزي إلى نادي اتحاد جدة السعودي، ووصلت درجة السخرية بين الإماراتيين حداً تدخل فيه الأمير "عبد الرحمن بن مساعد"، ابن عم ولي العهد السعودي، في هذه المناكفات ليبرر سبب فشل الصفقة.

تدّعي بعض الصحف الغربية بأن الخلاف ظهر إلى العلن لأول مرة قبل أشهر فقط، وتتحدث هذه الصحف عن صراع بين الأمير محمد بن سلمان ورئيس الإمارات محمد بن زايد. ولكن الحقيقة هي أن هذه التقارير تبسط الخلاف ولا تعطي تحليلاً تاريخياً لهذه الظاهرة، حيث إن الخلاف متجذر ومعقد أكثر من ذلك بكثير.

ويبدو بأن جذور الخلاف السعودي- الإماراتي تعود إلى طبيعة العلاقات العربية-العربية؛ من حيث كونها تعتمد على التحالفات المرحلية والتكتيكية ولم تدخل أبداً في مرحلة التحالفات الاستراتيجية المبنية على تبادل المصالح والتعهد لمواجهة العدو الخارجي.

حتى بين أكثر المجتمعات العربية تشابهاً من حيث العرق والدين واللغة والثقافة المشتركة، ونقصد هنا دول الخليج، لم تستطع هذه الدول تطوير علاقاتها لترقى لمستوى التحالف الاستراتيجي حتى بعد مشاركتها معاً في الحرب اليمنية.

ويبدو بأنّ هناك تراكما للخلافات البينية بين الدول العربية، فعلى مر التاريخ، شهدت أغلب دول الخليج خلافات إقليمية وأيديولوجية وتنافس على النفوذ الإقليمي. لقد زرعت هذه الصراعات الريبة وتوترت العلاقات بين الدول والقيادات السياسية، مما جعل من الصعب إقامة تحالف استراتيجي متماسك ودائم.

وتعود هذه التنافسات بين الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية والإمارات أيضا إلى التنافس على القيادة. غالبا ما طغى السعي وراء القيادة والهيمنة داخل دول الخليج على الجهود التعاونية، حيث تطمح بعض الدول العربية إلى أن تكون قوى إقليمية مهيمنة، مما يؤدي إلى التوترات والمنافسة بدلاً من تعزيز شراكات حقيقية.

تعود جذور التنافس والصراع في واقع الأمر إلى الملف الذي كان ينبغي أن يوحد هاتين الدولتين وهو الملف اليمني، فمنذ البدء اختلفت الأجندات بين السعودية والإمارات من المشاركة في هذا التحالف.

ويبدو أنّ الإمارات اتخذت لنفسها مساراً مختلفاً قائماً على دعم مجموعات الانفصال لحماية مصالحها في اليمن، وكذلك لتكون هذه المجموعات قوة الإمارات الضاربة في السيطرة على الموانئ والجزر الاستراتيجية اليمنية، لتستخدمها في مشروعها الكبير الساعي لتحولها لمركز تجارة عالمي عبر السيطرة على أكبر قدر ممكن من الموانئ والمطارات حول العالم.

تعززت هذه الخلافات حول قضايا بعينها كالملف اليمني والملف السوداني، وبلغ الخلاف بين الدولتين مرحلة قال فيها عضو مجلس الشورى السعودي السابق محمد آل زلفة أن الإمارات تحاول أداء أدوار أكبر من حجمها في اليمن.

كما أشار إلى أن أبوظبي انسحبت عسكريا بطريقة غير محسوبة وأنها تحاول الدفع بعملية انفصال وتقسيم اليمن إلى يمن شمالي وجنوبي، ليرد فيما بعد الأكاديمي الإماراتي عبد الخالف عبد الله بأن وحدة اليمن لم تكن يوماً أولوية للتحالف العربي.

إلى جانب التنافس الجيوسياسي والاقتصادي يبدو بأن الخلاف يتعمق بشكل أكبر بسبب سعي قيادة البلدين إلى رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو ما ظهر جلياً في تصريحات نسبتها صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى الأمير محمد بن سلمان الذي قال (بحسب الصحيفة) إن "الإمارات طعنتنا في الظهر وسيرون ما يمكنني القيام به".

في الختام، إن التوترات والخلافات بين السعودية والإمارات متجذرة وعميقة، وحاولت هاتان الدولتان إخفاء هذه الخلافات خلال السنوات الماضية، إلا أن ظهور تضارب في المصالح والاستراتيجيات ساهم في تشديد هذه الخلافات والدفع بها إلى السطح، بحيث أصبح هناك تراشق إعلامي بين مسؤولين وأكاديميين من الطرفين.

ويبدو من قراءة السياسات السعودية بأن ولي العهد لن يكف عن محاولة تحجيم الدور الإماراتي ورسم حدود التدخل التي يراها تتناسب مع حجم ودور الإمارات الإقليمي والعالمي. كما أن استراتيجية المواجهة مع الإمارات هذه المرة تتخذ طابع القوة الناعمة والذهاب بعيداً في تطبيق استراتيجيات مختلفة لاحتواء الإمارات في مناطق النزاع، كالسودان واليمن وإيران وأفريقيا.

*حامد أبوالعز كاتب صحفي

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الإمارات السعودية أبوظبي خلافات الرياضة بن زايد بن سلمان القوة الناعمة خريطة النفوذ السعودیة والإمارات هذه الخلافات دول الخلیج بین الدول

إقرأ أيضاً:

العراق في مهب التصعيد بين واشنطن وطهران.. تداعيات محتملة على الأمن والسياسة والاقتصاد

بغداد اليوم -  بغداد

حين تتصادم القوى الكبرى، تتحول الساحات الإقليمية إلى ميادين اختبار لسياساتها، والعراق ليس استثناءً، إذ يعيش على وقع التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران، حيث يشير المحللون إلى أن هذه المواجهة المستمرة قد تفرض تداعيات مباشرة وغير مباشرة على الساحة العراقية.

ففي ظل التصريحات المتبادلة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، ومع تزايد التوترات السياسية والعسكرية، يصبح العراق في موقع لا يُحسد عليه، بين الضغوط الأمريكية والنفوذ الإيراني.


تصعيد متسارع: من الحرب الإعلامية إلى التهديدات السياسية

خلال الأيام الماضية، دخل التوتر بين واشنطن وطهران مرحلة جديدة، حيث أعلن الرئيس ترامب عن إرسال رسالة مباشرة إلى القيادة الإيرانية، مقترحًا التفاوض حول اتفاق نووي جديد، معتبرًا أن "إيران يجب أن تتخلى عن طموحاتها النووية".

في المقابل، جاء رد المرشد الإيراني علي خامنئي حادًا، حيث رفض أي شكل من أشكال التفاوض، معتبرًا أن "الضغوط الأمريكية تهدف فقط إلى إضعاف إيران، وليس إلى تحقيق أي اتفاق حقيقي".

ومع رفض طهران للعرض الأمريكي، ازداد التوتر، خاصة مع تصاعد العمليات العسكرية غير المباشرة بين الطرفين في المنطقة، من خلال الهجمات التي تستهدف المصالح الأمريكية في العراق وسوريا، والتي تتهم واشنطن الفصائل المسلحة الموالية لإيران بالوقوف وراءها.

الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم أكد أن هذا التصعيد يحمل مخاطر متعددة للعراق، موضحًا لـ"بغداد اليوم" أن: "الوضع حالياً يشهد تصعيدًا مستمرًا، وهذا قد يدفع إلى قرارات سياسية واقتصادية وحتى عسكرية من قبل الجانب الأمريكي، خاصة إذا استمرت الهجمات على القواعد الأمريكية في العراق".

وأضاف: "إيران قد تلجأ إلى استخدام الفصائل المسلحة لممارسة ضغط على الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى أزمات أمنية وسياسية في العراق خلال الفترة المقبلة".


العراق بين الضغوط الأمريكية والارتباطات الإيرانية: معادلة صعبة

لطالما وجد العراق نفسه في قلب التجاذبات الإقليمية، حيث يمثل نقطة توازن دقيقة بين النفوذ الأمريكي والإيراني. فمن جهة، تمتلك الولايات المتحدة وجودًا عسكريًا ومصالح استراتيجية داخل العراق، وتسعى إلى الحد من نفوذ إيران في المنطقة. ومن جهة أخرى، تُعد إيران شريكًا اقتصاديًا وسياسيًا رئيسيًا لبغداد، ما يجعل من الصعب على الحكومة العراقية الانحياز الكامل لأي من الطرفين دون تحمل عواقب ذلك.

ومع تصاعد التوتر، تتزايد التحديات أمام الحكومة العراقية، حيث تواجه ثلاثة سيناريوهات رئيسية:

1. الاستمرار في سياسة التوازن الحالية، وهو خيار قد يكون صعبًا مع تصاعد الضغوط من كلا الجانبين.

2. الانحياز إلى الولايات المتحدة، وهو ما قد يجر العراق إلى تصعيد عسكري مع الفصائل المسلحة الموالية لإيران، إضافة إلى تأثير اقتصادي بسبب العقوبات المفروضة على طهران.

3. التقارب أكثر مع إيران، وهو ما قد يؤدي إلى عقوبات أمريكية صارمة وتقييد العلاقات الاقتصادية بين بغداد والدول الغربية.

كل هذه السيناريوهات تحمل مخاطر كبيرة على الأمن والاستقرار الداخلي في العراق، وتضع الحكومة أمام تحدٍ حقيقي لإدارة هذه الأزمة بحكمة تجنبها الدخول في دوامة جديدة من عدم الاستقرار.


التداعيات الأمنية: هل يتجه العراق نحو تصعيد عسكري؟

لم يكن التوتر بين واشنطن وطهران محصورًا فقط في التصريحات السياسية، وتذكرنا الفترة الماضية خلال سلسلة الهجمات التي استهدفت قواعد أمريكية داخل العراق، حيث تتهم واشنطن الفصائل الموالية لإيران بتنفيذ هذه الهجمات.

في المقابل، نفذت الولايات المتحدة حينها ضربات جوية دقيقة استهدفت مواقع لفصائل مسلحة في العراق وسوريا، مما زاد من احتمالية أن تتحول هذه المواجهات إلى صراع غير مباشر أكثر تعقيدًا.

ويحذر مراقبون من أن عودة هذا التصعيد الذي قد يؤدي إلى اضطرابات أمنية داخلية، خاصة إذا قررت بعض الفصائل الرد على الضغوط الأمريكية بعمليات جديدة، مما يهدد الأمن والاستقرار في بغداد ومناطق أخرى.

الباحث محمد علي الحكيم أوضح أن: "التصعيد الحالي يضع العراق في موقع حساس، حيث يمكن لأي حادثة أن تشعل فتيل مواجهة عسكرية أكبر بين الأطراف المتصارعة."


الضغوط الاقتصادية: العراق في مواجهة أزمة جديدة؟

لا يقتصر تأثير التصعيد بين واشنطن وطهران على الجانب الأمني فقط، بل يمتد ليشمل الأوضاع الاقتصادية العراقية، التي قد تتأثر بشدة إذا استمر التصعيد الحالي.

من أبرز التداعيات الاقتصادية المحتملة:

- زيادة الضغوط الأمريكية على الحكومة العراقية لتقليل التعاملات التجارية مع إيران، والذي ادى بالفعل إلى نقص في إمدادات الطاقة، حيث يعتمد العراق بشكل كبير على الغاز والكهرباء المستوردين من طهران.

- احتمالية تراجع الاستثمارات الأجنبية في العراق بسبب تصاعد المخاطر الأمنية، وهو ما قد يؤثر على المشاريع الاقتصادية الكبرى وخطط التنمية المستقبلية.

- ارتفاع أسعار السلع الأساسية بسبب اضطراب الأسواق العالمية وتراجع الثقة الاقتصادية، مما قد ينعكس سلبًا على معيشة المواطنين العراقيين.

في ظل هذه المتغيرات، تجد الحكومة العراقية نفسها أمام ضرورة إيجاد بدائل اقتصادية وتقليل الاعتماد على أي طرف خارجي، لضمان استقرار الوضع الاقتصادي في البلاد.


هل يستطيع العراق تجاوز الأزمة دون خسائر؟

مع استمرار التصعيد بين واشنطن وطهران، يظل العراق في موقف صعب، حيث لا يمكنه الانحياز الكامل لأي طرف دون دفع ثمن باهظ. لكن هل يستطيع العراق إيجاد حل وسط يجنبه الدخول في صراع غير محسوب العواقب؟

الحكومة العراقية تحتاج إلى:

- تبني دبلوماسية أكثر فاعلية للحد من التوتر الإقليمي، عبر التوسط بين واشنطن وطهران لتخفيف التصعيد.

- تعزيز التنوع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على أي من الطرفين في تأمين احتياجاته الأساسية.

- ضبط الأمن الداخلي لمنع أي جهة من استغلال الصراع الخارجي لفرض أجندتها في الداخل.

في النهاية، العراق ليس مجرد ساحة صراع بين القوى الكبرى، بل هو دولة ذات سيادة يجب أن تحافظ على مصالحها بعيدًا عن التورط في المواجهات الخارجية. فهل تنجح بغداد في تجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر، أم أن الضغوط الخارجية ستفرض واقعًا جديدًا يصعب التراجع عنه؟ فـ"حين تكون في قلب العاصفة، لا يكفي أن تقف متفرجًا.. بل يجب أن تعرف كيف تُبحر بعيدًا عنها."


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

مقالات مشابهة

  • برعاية منصور بن زايد.. ختام ناجح للنسخة الثانية للبطولة الرمضانية لجمال الخيل العربية
  • ختام النسخة الثانية للبطولة الرمضانية لجمال الخيل العربية
  • الجامعة العربية تعلن عن إطلاق المؤتمر الدولي لمكافحة كراهية الإسلام
  • العراق في مهب التصعيد بين واشنطن وطهران.. تداعيات محتملة على الأمن والسياسة والاقتصاد
  • جامعة الدول العربية تنظم مؤتمرًا دوليًا لمكافحة كراهية الإسلام
  • برعاية منصور بن زايد.. نجاح مميز للبطولة الرمضانية لجمال الخيل العربية في أبوظبي
  • السعودية تتفوّق على مصر وإسرائيل.. الدول التي تمتلك أقوى «مقاتلات عسكرية»!
  • وزير الرياضة يبحث مع نظيره الجزائري سُبل تعزيز التعاون الثنائي
  • ليلة رمضانية تطوي الخلاف.. مرتضى منصور وأحمد شوبير يتصالحان| تفاصيل ما حدث
  • 171 جواداً في البطولة الرمضانية لجمال الخيل العربية