الخليج الجديد:
2025-02-02@23:18:10 GMT

العبث باتحاد عربي آخر

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

العبث باتحاد عربي آخر

العبث باتحاد عربي آخر

أية عقلية تلك، التي تضحي بالأهم من أجل المماحكات والعنتريات حول الأقل أهمية؟

هل يعقل أن تضيع فرصة قيام كتلة سياسية اقتصادية أمنية هائلة وواعدة من مئة مليون عربي، وبمساحة 6 ملايين كيلومترا؟

كتب الكثير عن ما يسمى بالعقلية العربية، وعن ما أضاعت من فرص تاريخية، وعن دورانها العابث حول المواضيع، بدلاً من الدخول في صلبها وحلها.

أشكال لا تعد ولا تحصى من الخلافات العربية الرسمية نراها الآن أمامنا في كل أرض العرب، وتفتح الأبواب أمام تدخل الغريب والعدو في كل مكان وفي كل الأوقات؟

عظم المأساة في هذه المناظر المؤلمة أن الشعوب العربية معزولة عن إعطاء رأيها في كل ذلك، مع أن مصالحها الحيوية هي المتضررة من كل هذا العبث السياسي.

لو ترك الأمر لعفوية وأخوية الشعوب، لما بقيت قضية خلاف واحدة. هذا درس آخر لشباب العرب بمواجهة إرث مريض في المستقبل ويطلب منهم دون وجه حق أن يجدوا له الحلول.

* * *

منذ بضع سنوات كادت المماحكات العبثية أن تعصف بكيان، بل بوجود مجلس التعاون الخليجي، لولا استعادة قياداته لفضيلة الحكمة، ولتغليب المصالح الوحدوية المشتركة، على عادة الانشقاقات والتحزبات ما بين أقليات الحكم، التي طبعت مع الأسف تاريخ هذه الأمة عبر القرون.

اليوم تعود حليمة إلى عادتها القديمة، ولكن في ساحة الاتحاد المغاربي هذه المرة، وبدلاً من أن تكون الأولوية القصوى والأعلى لبقاء هذا الجسم الوحدوي، حتى لو كان عليلاً ومستباحاً في العديد من مكوناته، تعلو صيحة الشعار البدوي التاريخي الشهير: «ألا لا يجهلن أحد علينا، فنجهل فوق جهل الجاهلينا».

ها نحن أمام قيمة العصبية البدوية الشهيرة، لا كقيمة التعاضد والتماسك والمروءة، ولكن كقيمة الثأر والتفاخر في المزايدة على البطش والعناد، أمام تلك القيم السلبية تغيب قيمة الحشمة والتعقل والكرم في التعامل مع الأخ والجار.

دعنا نذكّر الحكومتين المعنيتين، المغرب والجزائر، ببعض ما جاء في الإعلان عن قيام الاتحاد المغاربي بمدينة مراكش، عام 1989:

- تمتين أواصر الأخوة التي تربط الدول الأعضاء (الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا).

- فتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع ورؤوس الأموال في ما بينها.

- التنسيق الأمني والعسكري، ونهج سياسة مشتركة في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

كان الهدف إقامة اتحاد تزيد مساحته عن مساحة الاتحاد الأوروبي آنذاك (ما يزيد على الست ملايين كيلومتر مربع)، ويضم أكثر من مئة مليون مواطن، ويزخر بالإمكانيات الاقتصادية الهائلة. ووصل الحماس لقيام ذلك الاتحاد عند تونس عندما نصت في دستورها على أن «الجمهورية التونسية جزء من المغرب العربي، تعمل على تحقيق وحدته»، بل اقتراح نشيد للاتحاد يصف في أول بيت له الاتحاد بأنه «حلم جدي، حلم أمي، وأبي، حلم من ماتوا وحلم الحقب… فاهتفوا يحيى اتحاد المغرب».

لكن ما إن، هلل كل العرب بقيام ذلك الاتحاد، مثلما هللوا لقيام اتحاد مجلس التعاون الخليجي، حتى عرف الاستعمار وعرفت البلادات والعنجهيات الداخلية طريق زج نزاع الصحراء المغربية، ليكون خنجراً في قلب ذلك الاتحاد ويوصله إلى النعش الذي يرقد فيه حالياً، وأضافوا مؤخراً فاجعة التطبيع الكامل بين المملكة المغربية مع الكيان الصهيوني.

واليوم ينفجر موضوع قتل اثنين من السائحين المغاربة في أرض الجزائر، ويتسع التلاسن الجنوني ما بين أكبر دولتين في هذا الاتحاد، الذي سيهيئ لإمكانية وسهولة التلاعب والتدخل وبذر السموم من قبل أعداء قيام اتحاد دول المغرب العربي، سواء من قبل العديد من الدول الاستعمارية الغربية، أو من قبل عدوة كل وحدة عربية من أي نوع كانت أو تكون، تلك الرابضة في فلسطين المحتلة.

يسأل الإنسان نفسه: أية عقلية تلك، التي تضحي بالأهم من أجل المماحكات والعنتريات حول الأقل أهمية؟

وإلا فهل يعقل أن تضيع فرصة قيام كتلة سياسية ـ اقتصادية ـ أمنية هائلة وواعدة من مئة مليون عربي، وفي مساحة ستة ملايين من الكيلومترات، ومرشحة لأن تلعب أدواراً كبيرة بالغة التأثير في الحياة العربية والافريقية والأوروبية، من أجل قيام دويلة صحراوية من سبعين ألف شخص يمكن حل رغبة ساكنيها في استقلال ذاتي بألف طريقة وطريقة قانونية وسياسية؟

لقد كتب الكثير عن ما يسمى بالعقلية العربية، وعن ما أضاعت من فرص تاريخية، وعن دورانها العابث حول المواضيع، بدلاً من الدخول في صلبها وحلها، فهلا تثبت ذلك الإدعاء أشكال لا تعد ولا تحصى من الخلافات العربية الرسمية التي نراها الآن أمامنا في كل أرض العرب، والتي تفتح الأبواب أمام تدخل الغريب والعدو في كل مكان وفي كل الأوقات؟

عظم المأساة في هذه المناظر المؤلمة أن الشعوب العربية معزولة عن إعطاء رأيها في كل ذلك، مع أن مصالحها الحيوية هي المتضررة من كل هذا العبث السياسي.

ويعلم الله أن لو ترك الأمر لعفوية وأخوية الشعوب في ما بينها، لما بقيت قضية خلاف واحدة. هذا درس آخر لشابات وشباب العرب الذين سيواجهون هذا الإرث المريض في المستقبل، ويطلب منهم، من دون وجه حق، أن يجدوا له الحلول.

*د. علي محمد فخرو وزير بحريني سابق، مفكر قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العرب العبث التطبيع الكيان الصهيوني اتحاد عربي الصحراء الغربية مجلس التعاون الخليجي الدول الاستعمارية ما بین

إقرأ أيضاً:

أيوب: لا قيام للدولة إلا بتطبيق الدستور والقوانين

أكدت عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائبة غادة أيوب، أنه "مرّة جديدة نعود إلى الممارسات القديمة ولا من يسأل، كما تقول فيروز لا تندهي ما في حدا".

وكتبت عبر منصة "إكس": "مع انتهاء العقد الاستثنائي المخصص لاقرار الموازنة العامة للدولة واعتماد الموازنة الاثني عشرية منذ أول كانون الثاني 2025، وبانتظار موقف رئيس الجمهورية وما إذا كان سيصدر مرسوما أو لا، سندا للمادة 86 من الدستور، لم يعد مسموحاً أن نتجاهل عند كل استحقاق دستوري كل القواعد الدستورية والأصول القانونية ذات الصلة تحت ذريعة الظروف الاستثنائية. وما الأسلوب الذي تم التعاطي به في ما يتعلق بمشروع موازنة 2025 إلا نموذجا عن ذلك اذ:

- أولاً: لم يبلغ  اعضاء اللجان النيابية مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2025 فور وروده إلى مجلس النواب كما تنص المادة 43 من النظام الداخلي لمجلس النواب، علما ان الحكومة سبق ان أحالته وفقا للأصول بتاريخ 2024/10/4 .

- ⁠ثانياً: لم تتم دعوة اعضاء لجنة المال والموازنة إلى جلسة لمناقشة موقف اللجنة من الموضوع .

- ⁠ثالثاً : تمّ تغييب وتعطيل دور مجلس النواب الرقابي الذي كفله الدستور اللبناني بقرار فردي، فمن اتخذ القرار؟

- ⁠رابعاً: لم يتم مراعاة أصول رد الموازنة العامة أو طلب استردادها من قبل المجلس النيابي."

وختمت أيوب :"انطلاقاً مما سبق يتأكد لنا النهج الفاضح المستمر بمخالفة الدستور والأنظمة والقوانين تحت ذريعة الظروف الاستثنائية.

في المحصلة، لا قيام للدولة إلا بتطبيق الدستور والقوانين، ولا انتظام للحياة السياسية والمالية في لبنان إلا بمحاسبة من يخالفها".

مقالات مشابهة

  • بمشاركة 15 دولة.. "المرشدين العرب" يعقد مؤتمره السنوي "الوعي والهوية العربية"
  • جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية تنفذ قرارات مجلس وزراء الداخلية العرب بمؤتمر الإسكندرية
  • الأمين العام للجامعة العربية يدعو العلماء العرب لوضع وثيقة لتنظيم الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع المصالح العربية
  • الياقوت يصل الدوحة لإستلام جائزة الثقافة الرياضية العربية للمبادرات لعام 2024
  • الشعب الديمقراطي: توصيات «وزراء الخارجية العرب» تعبر عن طموحات الأمة العربية
  • بيان عربي مشترك: لا لتهجير الشعب الفلسطيني.. وتأكيد قيام الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني
  • اتحاد الأطباء العرب يشيد بالموقف المصري والأردني ضد مخطط تهجير الفلسطينيين
  • أيوب: لا قيام للدولة إلا بتطبيق الدستور والقوانين
  • وفد رفيع من الجامعة العربية يتابع استعدادات العراق لقمة القادة والزعماء العرب
  • اجتماعات مكثفة لوزير الخارجية غدا مع عدد من نظرائه العرب وأمين عام الجامعة العربية