الخليج الجديد:
2025-04-13@13:50:14 GMT

العبث باتحاد عربي آخر

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

العبث باتحاد عربي آخر

العبث باتحاد عربي آخر

أية عقلية تلك، التي تضحي بالأهم من أجل المماحكات والعنتريات حول الأقل أهمية؟

هل يعقل أن تضيع فرصة قيام كتلة سياسية اقتصادية أمنية هائلة وواعدة من مئة مليون عربي، وبمساحة 6 ملايين كيلومترا؟

كتب الكثير عن ما يسمى بالعقلية العربية، وعن ما أضاعت من فرص تاريخية، وعن دورانها العابث حول المواضيع، بدلاً من الدخول في صلبها وحلها.

أشكال لا تعد ولا تحصى من الخلافات العربية الرسمية نراها الآن أمامنا في كل أرض العرب، وتفتح الأبواب أمام تدخل الغريب والعدو في كل مكان وفي كل الأوقات؟

عظم المأساة في هذه المناظر المؤلمة أن الشعوب العربية معزولة عن إعطاء رأيها في كل ذلك، مع أن مصالحها الحيوية هي المتضررة من كل هذا العبث السياسي.

لو ترك الأمر لعفوية وأخوية الشعوب، لما بقيت قضية خلاف واحدة. هذا درس آخر لشباب العرب بمواجهة إرث مريض في المستقبل ويطلب منهم دون وجه حق أن يجدوا له الحلول.

* * *

منذ بضع سنوات كادت المماحكات العبثية أن تعصف بكيان، بل بوجود مجلس التعاون الخليجي، لولا استعادة قياداته لفضيلة الحكمة، ولتغليب المصالح الوحدوية المشتركة، على عادة الانشقاقات والتحزبات ما بين أقليات الحكم، التي طبعت مع الأسف تاريخ هذه الأمة عبر القرون.

اليوم تعود حليمة إلى عادتها القديمة، ولكن في ساحة الاتحاد المغاربي هذه المرة، وبدلاً من أن تكون الأولوية القصوى والأعلى لبقاء هذا الجسم الوحدوي، حتى لو كان عليلاً ومستباحاً في العديد من مكوناته، تعلو صيحة الشعار البدوي التاريخي الشهير: «ألا لا يجهلن أحد علينا، فنجهل فوق جهل الجاهلينا».

ها نحن أمام قيمة العصبية البدوية الشهيرة، لا كقيمة التعاضد والتماسك والمروءة، ولكن كقيمة الثأر والتفاخر في المزايدة على البطش والعناد، أمام تلك القيم السلبية تغيب قيمة الحشمة والتعقل والكرم في التعامل مع الأخ والجار.

دعنا نذكّر الحكومتين المعنيتين، المغرب والجزائر، ببعض ما جاء في الإعلان عن قيام الاتحاد المغاربي بمدينة مراكش، عام 1989:

- تمتين أواصر الأخوة التي تربط الدول الأعضاء (الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا).

- فتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع ورؤوس الأموال في ما بينها.

- التنسيق الأمني والعسكري، ونهج سياسة مشتركة في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

كان الهدف إقامة اتحاد تزيد مساحته عن مساحة الاتحاد الأوروبي آنذاك (ما يزيد على الست ملايين كيلومتر مربع)، ويضم أكثر من مئة مليون مواطن، ويزخر بالإمكانيات الاقتصادية الهائلة. ووصل الحماس لقيام ذلك الاتحاد عند تونس عندما نصت في دستورها على أن «الجمهورية التونسية جزء من المغرب العربي، تعمل على تحقيق وحدته»، بل اقتراح نشيد للاتحاد يصف في أول بيت له الاتحاد بأنه «حلم جدي، حلم أمي، وأبي، حلم من ماتوا وحلم الحقب… فاهتفوا يحيى اتحاد المغرب».

لكن ما إن، هلل كل العرب بقيام ذلك الاتحاد، مثلما هللوا لقيام اتحاد مجلس التعاون الخليجي، حتى عرف الاستعمار وعرفت البلادات والعنجهيات الداخلية طريق زج نزاع الصحراء المغربية، ليكون خنجراً في قلب ذلك الاتحاد ويوصله إلى النعش الذي يرقد فيه حالياً، وأضافوا مؤخراً فاجعة التطبيع الكامل بين المملكة المغربية مع الكيان الصهيوني.

واليوم ينفجر موضوع قتل اثنين من السائحين المغاربة في أرض الجزائر، ويتسع التلاسن الجنوني ما بين أكبر دولتين في هذا الاتحاد، الذي سيهيئ لإمكانية وسهولة التلاعب والتدخل وبذر السموم من قبل أعداء قيام اتحاد دول المغرب العربي، سواء من قبل العديد من الدول الاستعمارية الغربية، أو من قبل عدوة كل وحدة عربية من أي نوع كانت أو تكون، تلك الرابضة في فلسطين المحتلة.

يسأل الإنسان نفسه: أية عقلية تلك، التي تضحي بالأهم من أجل المماحكات والعنتريات حول الأقل أهمية؟

وإلا فهل يعقل أن تضيع فرصة قيام كتلة سياسية ـ اقتصادية ـ أمنية هائلة وواعدة من مئة مليون عربي، وفي مساحة ستة ملايين من الكيلومترات، ومرشحة لأن تلعب أدواراً كبيرة بالغة التأثير في الحياة العربية والافريقية والأوروبية، من أجل قيام دويلة صحراوية من سبعين ألف شخص يمكن حل رغبة ساكنيها في استقلال ذاتي بألف طريقة وطريقة قانونية وسياسية؟

لقد كتب الكثير عن ما يسمى بالعقلية العربية، وعن ما أضاعت من فرص تاريخية، وعن دورانها العابث حول المواضيع، بدلاً من الدخول في صلبها وحلها، فهلا تثبت ذلك الإدعاء أشكال لا تعد ولا تحصى من الخلافات العربية الرسمية التي نراها الآن أمامنا في كل أرض العرب، والتي تفتح الأبواب أمام تدخل الغريب والعدو في كل مكان وفي كل الأوقات؟

عظم المأساة في هذه المناظر المؤلمة أن الشعوب العربية معزولة عن إعطاء رأيها في كل ذلك، مع أن مصالحها الحيوية هي المتضررة من كل هذا العبث السياسي.

ويعلم الله أن لو ترك الأمر لعفوية وأخوية الشعوب في ما بينها، لما بقيت قضية خلاف واحدة. هذا درس آخر لشابات وشباب العرب الذين سيواجهون هذا الإرث المريض في المستقبل، ويطلب منهم، من دون وجه حق، أن يجدوا له الحلول.

*د. علي محمد فخرو وزير بحريني سابق، مفكر قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العرب العبث التطبيع الكيان الصهيوني اتحاد عربي الصحراء الغربية مجلس التعاون الخليجي الدول الاستعمارية ما بین

إقرأ أيضاً:

"الأطباء العرب" يطالب بمراجعة قانون الاتحاد ويشيد بدور عمان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شارك الدكتور زياد الزعبي، نائب رئيس مجلس اتحاد الأطباء العرب ونقيب أطباء الأردن، في اجتماع المجلس الأعلى لاتحاد الأطباء العرب، والذي يُعقد تحت رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وبحضور الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان.

 

مراجعة قوانين الاتحاد

وأكد الزعبي في كلمته أهمية إجراء مراجعة شاملة لقوانين اتحاد الأطباء العرب، مشيرًا إلى وجود عدد من المواد التي تحتاج إلى تعديل لضمان فعالية العمل المؤسسي، وضرب مثالاً على ذلك بالتناقض في مدة شغل المناصب، حيث تستمر فترة رئيس المجلس الأعلى لعامين، بينما تمتد فترة الأمين العام لخمسة أعوام، متسائلًا عن كيفية توافق العمل بينهما في ظل هذا التفاوت.

وأضاف أن صلاحيات الأمناء المساعدين والممثلين بحاجة إلى وضوح وتحديد دقيق، داعيًا إلى أن يطّلع جميع الحضور على النظام الأساسي والقانون التنظيمي للاتحاد بعد انتهاء الجلسات، لمنع أي ثغرات قد تؤثر على سير العمل داخل الاتحاد.

الإشادة بجمعية عمان


كما عبّر الزعبي عن تقديره الكبير لجمعية الأطباء في عمان، وعلى رأسها الدكتور عبد الوهاب الزنجاني، مثمنًا جهودهم في إنجاح اجتماع عمان الذي شاركت فيه 16 دولة عربية، مشيرًا إلى أن ذلك الاجتماع شكل نقطة تحول من مرحلة سادها التشتت إلى مرحلة أكثر تنظيمًا.


وشدد على أن اتحاد الأطباء العرب، كما هو حال اتحادات أخرى كاتحاد المهندسين، يُعد من الكيانات المهنية العربية المستقرة، التي تعبر عن نبض الشارع العربي، قائلاً: "نشعر بأحاسيس هذه الأمة، وننتمي لها انتماءً حقيقياً".

نخبة النخب


وأكد أن الأطباء هم "نخبة النخب" في الوطن العربي، مشيرًا إلى ضرورة الارتقاء بهذا الكيان المهني بما يليق بمكانة القيادات الطبية العربية، داعيًا إلى تعزيز العمل العربي المشترك، والتوافق على مبدأ الاعتراف المتبادل بشهادات الأطباء، لاسيما وأن العديد منهم ينتقلون بين البلدان العربية للعمل والممارسة.

واختتم الزعبي كلمته بدعوة إلى توحيد الصفوف داخل الاتحاد، والعمل على تقوية العلاقات بين الهيئات الطبية العربية بما يخدم الأهداف المشتركة للمهنة والمجتمعات العربية.

مقالات مشابهة

  • القاهرة تلم شمل الأطباء العرب .. وهذه أبرز مخرجات اجتماع الاتحاد
  • إدارة المدربين باتحاد الكرة تجري اختبارات عملية لمدربي الرخصة A4
  • إدارة المدربين باتحاد الكرة تجري اختبارات عملية لمدربي الرخصة «A4»
  • "الأطباء العرب" يطالب بمراجعة قانون الاتحاد ويشيد بدور عمان
  • اتحاد الأطباء العرب: نشكر مصر على استضافة اجتماعنا
  • أمين الأطباء العرب: محاولات لاستعادة دور الاتحاد منذ أكثر من 18 عامًا
  • تتحمل عبء الأمة كلها.. الأطباء العرب يشكر مصر لدورها البطولي
  • وضع مزري.. أسامة عبد الحي يفضح محاولات تفتيت اتحاد الأطباء العرب
  • اتفاقية شراكة بين اتحاد الناشرين العرب ومعهد المخطوطات العربية
  • الجدعان يختتم مشاركته في الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية والاجتماع السنوي لمجلس وزراء المالية العرب