الخليج الجديد:
2024-09-19@13:46:43 GMT

العبث باتحاد عربي آخر

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

العبث باتحاد عربي آخر

العبث باتحاد عربي آخر

أية عقلية تلك، التي تضحي بالأهم من أجل المماحكات والعنتريات حول الأقل أهمية؟

هل يعقل أن تضيع فرصة قيام كتلة سياسية اقتصادية أمنية هائلة وواعدة من مئة مليون عربي، وبمساحة 6 ملايين كيلومترا؟

كتب الكثير عن ما يسمى بالعقلية العربية، وعن ما أضاعت من فرص تاريخية، وعن دورانها العابث حول المواضيع، بدلاً من الدخول في صلبها وحلها.

أشكال لا تعد ولا تحصى من الخلافات العربية الرسمية نراها الآن أمامنا في كل أرض العرب، وتفتح الأبواب أمام تدخل الغريب والعدو في كل مكان وفي كل الأوقات؟

عظم المأساة في هذه المناظر المؤلمة أن الشعوب العربية معزولة عن إعطاء رأيها في كل ذلك، مع أن مصالحها الحيوية هي المتضررة من كل هذا العبث السياسي.

لو ترك الأمر لعفوية وأخوية الشعوب، لما بقيت قضية خلاف واحدة. هذا درس آخر لشباب العرب بمواجهة إرث مريض في المستقبل ويطلب منهم دون وجه حق أن يجدوا له الحلول.

* * *

منذ بضع سنوات كادت المماحكات العبثية أن تعصف بكيان، بل بوجود مجلس التعاون الخليجي، لولا استعادة قياداته لفضيلة الحكمة، ولتغليب المصالح الوحدوية المشتركة، على عادة الانشقاقات والتحزبات ما بين أقليات الحكم، التي طبعت مع الأسف تاريخ هذه الأمة عبر القرون.

اليوم تعود حليمة إلى عادتها القديمة، ولكن في ساحة الاتحاد المغاربي هذه المرة، وبدلاً من أن تكون الأولوية القصوى والأعلى لبقاء هذا الجسم الوحدوي، حتى لو كان عليلاً ومستباحاً في العديد من مكوناته، تعلو صيحة الشعار البدوي التاريخي الشهير: «ألا لا يجهلن أحد علينا، فنجهل فوق جهل الجاهلينا».

ها نحن أمام قيمة العصبية البدوية الشهيرة، لا كقيمة التعاضد والتماسك والمروءة، ولكن كقيمة الثأر والتفاخر في المزايدة على البطش والعناد، أمام تلك القيم السلبية تغيب قيمة الحشمة والتعقل والكرم في التعامل مع الأخ والجار.

دعنا نذكّر الحكومتين المعنيتين، المغرب والجزائر، ببعض ما جاء في الإعلان عن قيام الاتحاد المغاربي بمدينة مراكش، عام 1989:

- تمتين أواصر الأخوة التي تربط الدول الأعضاء (الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا).

- فتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع ورؤوس الأموال في ما بينها.

- التنسيق الأمني والعسكري، ونهج سياسة مشتركة في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

كان الهدف إقامة اتحاد تزيد مساحته عن مساحة الاتحاد الأوروبي آنذاك (ما يزيد على الست ملايين كيلومتر مربع)، ويضم أكثر من مئة مليون مواطن، ويزخر بالإمكانيات الاقتصادية الهائلة. ووصل الحماس لقيام ذلك الاتحاد عند تونس عندما نصت في دستورها على أن «الجمهورية التونسية جزء من المغرب العربي، تعمل على تحقيق وحدته»، بل اقتراح نشيد للاتحاد يصف في أول بيت له الاتحاد بأنه «حلم جدي، حلم أمي، وأبي، حلم من ماتوا وحلم الحقب… فاهتفوا يحيى اتحاد المغرب».

لكن ما إن، هلل كل العرب بقيام ذلك الاتحاد، مثلما هللوا لقيام اتحاد مجلس التعاون الخليجي، حتى عرف الاستعمار وعرفت البلادات والعنجهيات الداخلية طريق زج نزاع الصحراء المغربية، ليكون خنجراً في قلب ذلك الاتحاد ويوصله إلى النعش الذي يرقد فيه حالياً، وأضافوا مؤخراً فاجعة التطبيع الكامل بين المملكة المغربية مع الكيان الصهيوني.

واليوم ينفجر موضوع قتل اثنين من السائحين المغاربة في أرض الجزائر، ويتسع التلاسن الجنوني ما بين أكبر دولتين في هذا الاتحاد، الذي سيهيئ لإمكانية وسهولة التلاعب والتدخل وبذر السموم من قبل أعداء قيام اتحاد دول المغرب العربي، سواء من قبل العديد من الدول الاستعمارية الغربية، أو من قبل عدوة كل وحدة عربية من أي نوع كانت أو تكون، تلك الرابضة في فلسطين المحتلة.

يسأل الإنسان نفسه: أية عقلية تلك، التي تضحي بالأهم من أجل المماحكات والعنتريات حول الأقل أهمية؟

وإلا فهل يعقل أن تضيع فرصة قيام كتلة سياسية ـ اقتصادية ـ أمنية هائلة وواعدة من مئة مليون عربي، وفي مساحة ستة ملايين من الكيلومترات، ومرشحة لأن تلعب أدواراً كبيرة بالغة التأثير في الحياة العربية والافريقية والأوروبية، من أجل قيام دويلة صحراوية من سبعين ألف شخص يمكن حل رغبة ساكنيها في استقلال ذاتي بألف طريقة وطريقة قانونية وسياسية؟

لقد كتب الكثير عن ما يسمى بالعقلية العربية، وعن ما أضاعت من فرص تاريخية، وعن دورانها العابث حول المواضيع، بدلاً من الدخول في صلبها وحلها، فهلا تثبت ذلك الإدعاء أشكال لا تعد ولا تحصى من الخلافات العربية الرسمية التي نراها الآن أمامنا في كل أرض العرب، والتي تفتح الأبواب أمام تدخل الغريب والعدو في كل مكان وفي كل الأوقات؟

عظم المأساة في هذه المناظر المؤلمة أن الشعوب العربية معزولة عن إعطاء رأيها في كل ذلك، مع أن مصالحها الحيوية هي المتضررة من كل هذا العبث السياسي.

ويعلم الله أن لو ترك الأمر لعفوية وأخوية الشعوب في ما بينها، لما بقيت قضية خلاف واحدة. هذا درس آخر لشابات وشباب العرب الذين سيواجهون هذا الإرث المريض في المستقبل، ويطلب منهم، من دون وجه حق، أن يجدوا له الحلول.

*د. علي محمد فخرو وزير بحريني سابق، مفكر قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العرب العبث التطبيع الكيان الصهيوني اتحاد عربي الصحراء الغربية مجلس التعاون الخليجي الدول الاستعمارية ما بین

إقرأ أيضاً:

السالمي: كاسترو لا يستغل الفرصة التي يملكها .. فيديو

ماجد محمد

انتقد الناقد الرياضي، عماد السالمي، مدرب نادي النصر كاسترو بعد التعادل مع الشرطة العراقي في بطولة كأس آسيا للنخبة.

وأشار “السالمي” خلال ظهوره في برنامج “أكشن مع وليد” إلى أن كاسترو يتحمل سبب التعادل، وذلك بسبب التعديلات الغريبة في مراكز اللاعبين “.

وأضاف قائلاً”: “كاسترو يفشل أمام الشرطة العراقي ، مدرب لا يستغل الفرصة التي يملكها”.

وتعادل النصر مع الشرطة العراقي إيجابيًا 1-1، حيث يستعد العالمي لثاني جولاته في دوري أبطال آسيا للنخبة، أمام ضيفه الريان القطري، على ملعب الأول بارك بالرياض.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2024/09/gEnZze2jtYwe4cS4.mp4

مقالات مشابهة

  • 9 مسابقات تقرها اللجنة للموسم الجديد باتحاد اليد
  • *"المشاط": تكثيف الجهود مع الشركاء الدوليين لمساندة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعزز استقرار الاقتصاد الكلي
  • الغيامة : المعايير التي تحدث عنها الاتحاد الآسيوي وموضوع الاحتراف ليست حقيقية .. فيديو
  • تاريخ مصر العسكري عبر العصور باتحاد الكتاب
  • أسعار العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024
  • لاعب الاتحاد يستعد للعودة للتدريبات الجماعية
  • بعثة الهلال الليبي تصل إلى مطار برج العرب استعدادًا لمباراة الإياب أمام المصري
  • بوريل: الوضع مقلق ولا يسعني إلا أن أدين هذه الهجمات التي تعرض أمن لبنان للخطر
  • مصر تراقب "العبث" الإثيوبي في سد النهضة ولن تتنازل عن متر مكعب واحد من المياه
  • السالمي: كاسترو لا يستغل الفرصة التي يملكها .. فيديو