في الوقت الذي يتأزم فيه الاحتلال أمام تصاعد المقاومة، تجتهد دوائره السياسية والأمنية في إيجاد حلول لأزماته المتلاحقة، حتى وصل الأمر بها لوضع جملة من الخيارات المحدودة للتعامل مع القضية الفلسطينية.

لكن لكل واحد من هذه الخيارات عواقب مختلفة، لاسيما مع الزيادة الملحوظة في الهجمات، والاشتباكات بين الفلسطينيين والمستوطنين.



ميشكا بن ديفيد المسئول السابق في جهاز الموساد، وضع الخيار الأول المتمثل "باستمرار سيطرة الاحتلال على ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة والقدس المحتلتين، في ظل إراقة الدماء اليومية لهجمات الطعن والدهس، وإطلاق النار ورشق الحجارة، وعمليات الاعتقال المعقدة التي يقوم بها الجيش، كما هو الحال السائد منذ جيلين.

أما الخيار الثاني فهو "اتخاذ إجراءات جذرية يقترحها اليمين المتطرف، مثل طرد الفلسطينيين من منازلهم، وفرض حظر التجول عليهم، ومنع حركة مرورهم على الطرق المختلطة مع المستوطنين".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الخيار الثالث يرتبط بإعلان
إسرائيلي لضم الضفة الغربية التي تشهد تكثيفا واضحا للخطط الاستيطانية التي يقودها الوزيران بيتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، أما الخيار الرابع والأخير فهو الانفصال عن الفلسطينيين، هم هناك، ونحن هنا، هم يعيشون حياتهم، ونحن لا نتدخل، طالما لا توجد حوادث أمنية، تأسيساً  للانفصال السياسي في المستقبل".



وأكد أن "هذه الخيارات الأربعة تستدعي البحث في تحليل لاحتمالاتها، أولاها استمرار الوضع القائم الذي يتزايد فيه ثمن الاحتفاظ بأراضي الفلسطينيين تحت سيطرة الاحتلال، فيما تتزايد شجاعتهم وتسليحهم، مع فقدان الأفق السياسي، وإضافة مزيد من المستوطنات ليرفع مستوى الإحباط، والاستعداد لمزيد من شن الهجمات، ولعل ما عاشه الإسرائيليون في الانتفاضات، وما يعيشونه الآن من العمليات هو ثمن باهظ في كل الأحوال.

وقال إن هذا الثمن سيستمر في الارتفاع، لأن سكان المستوطنات يعيشون في كابوس متواصل، والفلسطينيون وصلت لديهم حالة القمع الإسرائيلي، وانعدام الأمل السياسي إلى حد الاستعداد العفوي لاستهداف الإسرائيليين بأعداد متزايدة".

وأشار إلى أن "الاحتمال الثاني يتمثل بتفاقم السياسة اليمينية الحالية التي تؤثر على تصاعد المقاومة، وفي هذه الحالة على الإسرائيليين أن يتذكروا كيف حكم الفرنسيون الجزائر وفيتنام والأسبان في أمريكا الجنوبية، بحيث ستكون هناك سياسة قاسية بشكل غير معقول في مواجهة الفلسطينيين المدنيين، وطرق منفصلة لليهود والفلسطينيين، والحرمان من العمل في إسرائيل، وزيادة في مستوى الفقر والإحباط، وهذا من شأنه أن يثير إدانات قاسية في العالم، وسيؤدي لخلق المزيد من الهجمات المسلحة".

وأوضح أن "الاحتمال الثالث المتمثل بالضمّ، له نتيجتان محتملتان: أولاهما إعطاء وضع مدني متساو لفلسطينيي الضفة والقدس، ثم تصبح إسرائيل بذلك دولة ثنائية القومية، لا يهودية ولا صهيونية؛ أو خلق طبقتين مختلفتين، وترك الفلسطينيين في حالة مدنية جزئية فقط، أي دولة فصل عنصري رسمية، ولن تقبل القوى الليبرالية فيها بذلك، وسينهار السلام مع الدول العربية، ويفرض علينا العالم عقوبات، ويكسرنا كما كسر جنوب أفريقيا زمن الفصل العنصري".

وختم بالقول أن "الاحتمال الرابع المتمثل بالانفصال عن الفلسطينيين هو الوحيد الذي يبعث الأمل فينا، وهو الحل المتفق عليه في المستقبل، رغم أن تعقيد مثل هذا الحل كبير، لكنه ممكن، فخطة ترامب المسماة صفقة القرن تركت 90 بالمئة من المستوطنات على 30 بالمئة، من الضفة الغربية، مع الأسوار والجدران والطرق الالتفافية والأنفاق، مما يخلق فصلا كاملا بين السكان، رغم وجود معارضين شرسين من الجانبين لتقسيم الضفة الغربية، لكنه الوقت المناسب للحل العقلاني والواقعي الذي ينتصر على المشاعر الدينية اليهودية والمسيحانية".

وتساءل بن ديفيد: "ما الذي يجعل الجنود يخاطرون بحياتهم حتى تقوم الحافلات المليئة بالمستوطنين بزيارة المواقع الدينية في بعض مناطق الضفة الغربية مثل نابلس وبيت لحم".

وتكشف هذه الخيارات الأربعة، واحتمالاتها المترافقة معها، عن توجه اسرائيلي يزداد يوما بعد يوم، ويقضي بأن يتم الانفصال عن الفلسطينيين، كمرحلة من الانفصال السياسي المشروطة بخطوات تمنع قيام دولة فلسطينية، وتحولها إلى كيان معاد للاحتلال، من خلال دمجها في جملة من المشاريع المشتركة، والعمل في إسرائيل، واحتمال العودة إلى خيار الاتحاد مع الأردن، والاستثمار الضخم في غزة، بديلا عن دعوات المتطرفين اليهود المتطلعين لحرب "يأجوج ومأجوج" التي لا أحد يعرف كيف ستنتهي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال الفلسطينية العمليات فصل عنصري فلسطين الاحتلال عمليات فصل عنصري صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

منظمة حقوقية: جرائم المستوطنين في الضفة الغربية تزداد توسعا

في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي شنّ هجومه الدموي على الشعب الفلسطيني قطاع غزة، يستمر المستوطنون في استهدافه بالضفة الغربية، وسط دعم الاحتلال وإسناد جيشه، الذي يغضّ طرفه عن آلاف الشهادات التي يقدمها فلسطينيون تعرضوا لعمليات عنف المستوطنين بشكل مباشر، ورغم توثيقها، وفتح آلاف ملفات التحقيق لدى الشرطة، لكنها كلها ذهبت هباءً وسط قرار من الحكومة برمّتها.

واستندا زئيف ستاهل٬ ونوعا كوهين٬ العاملان في منظمة "يش دين" الحقوقية، وهي منظمة إسرائيلية بمعنى "هناك قانون"٬ إلى قاعدة بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، المصدر الأكثر شمولاً للمعلومات حول عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وإساءة معاملتهم، حيث تم توثيق 6 آلاف و285 اعتداء وقعت بين 2016-2023 في الضفة الغربية فقط، دون إحصاء عنفهم في القدس المحتلة التي بلغ عددها ألف و704 اعتداء، كأداة في خدمة الاستيطان في أحياء سلوان والشيخ جراح، وهناك ألف و613 اقتحام قام به مستوطنون لأراضي الفلسطينيين بزعم أنها جولات سياحية".

إحراق الأراضي وسرقة الممتلكات
وأضافا في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" إن "هذه الجولات والنزهات اسم احتيالي للممارسة الفاحشة والبلطجية المتمثلة باقتحام المستوطنين للقرى والبلدات الفلسطينية، وأراضيهم الزراعية الخاصة، بهدف مضايقتهم، وإيذائهم، وإتلاف الممتلكات والمحاصيل الزراعية، وإزالة أصحابها الشرعيين منها، وإقامة بؤر استيطانية فيها، أو إحداث دمار عام، وهذا نشاط مبادر ومنظم يعبر عن الشعور بالسيادة والتفوق اليهودي الذي يميز "فتيان التلال"، وهم من عتاة المستوطنين".


وضربا على ذلك العديد من الأمثلة، لكن أخطرها ما "شهده عام 2022، حين أجرى أبراهام شيمش، المرافق لمجموعة من "فتيان التلال" جولة في أرض عائلة حرب من قرية إسكاكا، وصلوا مزودين بالأدوات بهدف إقامة بؤرة استيطانية غير قانونية ضمن فعاليات "أسبوع إقامة المستوطنات" التي تنظمها حركة "نحلة"، حيث هرع أهالي القرية للمكان، وطالبوا المستوطنين بمغادرة المكان، إلا أنهم تجاهلوهم، وواصلوا التقدم داخل الأراضي الخاصة، ورغم أن سكان القرية لم يكونوا مسلحين، إلا أن "شيمش" اقترب من علي حرب البالغ من العمر 27 عاماً، وطعنه بقوة في قلبه، حيث انهار على الفور، وتوفي".

وواصلا أن "شيمش أخفى السكين، وعاد لمنزله، دون اعتقاله من الشرطة المتواجدين في المكان، ولم يتم القبض عليه إلا في اليوم التالي، وبعد أن أنكر في البداية، اعترف لاحقا بالطعن، لكن ملف التحقيق تم إغلاقه بزعم عدم وجود أدلة كافية، وأنه تصرّف "دفاعا عن النفس"، وبالتالي فإن كل هذه الرحلات والجولات التي يقوم بها المستوطنون تنتهي بشكل مأساوي".

تواطؤ الجيش والشرطة
وأوضحا أن "هناك 2039 حادثة من عنف المستوطنين تتضمن الاعتداء أو إتلاف الممتلكات دون إصابة جسدية، لا يتم إدراجها في الإحصائيات بزعم أنها لم تسفر عن أذى جسدي، وكأن إشعال النار في المنازل، وحرق المحلات التجارية والسيارات، وتحطيم وسحق وكسر الممتلكات، وتخريب المباني، وسرقة الحيوانات، وإلحاق الضرر بأشجار الزيتون والمحاصيل الزراعية، كلها لا تعتبر عنفاً استيطانياً، مع أننا أمام جرائم ينفذها المستوطنون بدوافع أيديولوجية كامنة وراءها بهدف إرهاب الفلسطينيين، ومنعهم من وصول أراضيهم ، سواء بسبب حظر عسكري، أو خوفًا من الجيش، وفي النهاية يتم طردهم من منازلهم".

وأشارا أن "جرائم المستوطنين وعدم متابعة الجهات الأمنية والقانونية لها ينطلق من فرضية عنصرية مفادها أن الفلسطينيين ليسوا مواطنين يتمتعون بحقوق متساوية، وليس لديهم الوسائل أو القدرة للدفاع عن أنفسهم، فليس لديهم مجموعات حراسة مسلحة، أو جنودا يحرسون المستوطنات ضد "الغزاة" غير المدعوين، ولا يُسمح لهم بحمل الأسلحة، أو إبعاد "المخربين" بأي وسيلة أخرى، لأن الفلسطيني الذي يحاول الدفاع عن نفسه أو عائلته أو ممتلكاته سيتم اعتقاله، واتهامه بالإرهاب في أفضل الأحوال، أو "العثور عليه ميتاً" في أسوأ الأحوال، وبالتالي يقفون عاجزين أمام حكومة والمستوطنين المسلحين والجيش".


تمهيد للضم
وأكدا أن "العديد من جرائم المستوطنين تنتهي بإتلاف ممتلكات الفلسطينيين، لأنهم يغزون قرية طواعية ، ويلحقون الضرر بممتلكاتهم، تنتهي بتدخل عنيف من جانب الجيش لصالحهم، وحتى قتل أو إصابة الفلسطينيين الذين سعوا لحمايتها، وهذا يعني أن بعض الحالات التي يتعرض فيها الفلسطينيون للإصابة بنيران الجنود ترتبط بعنف المستوطنين، التي بلغت وفق الإحصائيات اليومية بين كانون الثاني/ يناير 2016 ونيسان/أبريل 2023، قرابة ألف 104 اعتداءً عنيفاً على الفلسطينيين، شملت: الاعتداء والضرب وإطلاق النار وإلقاء الحجارة والتهديد، فضلاً عن الحرق العمد والسرقة وإتلاف المحاصيل الزراعية، وتدمير أنواع مختلفة من الممتلكات".

وكشفا أننا "التقينا بالعديد من الضحايا الفلسطينيين لجرائم المستوطنين، وجمعنا شهاداتهم حول ما حدث لهم، وساعدنا بتقديم الشكاوى للشرطة، لكن عددا كبيرا منهم، بنسبة 66%، تخلوا عن شكاواهم، لأن غالبيتهم العظمى لا تثق في الجهات القانونية، مما يسفر في النهاية عن استغلال الحكومة الإسرائيلية لجرائم المستوطنين في السيطرة على المزيد والمزيد من أراضي الفلسطينيين، وإفراغها بأكملها من وجودهم، وبناء البؤر الاستيطانية على طول وعرض الضفة الغربية لضمان السيطرة الأبدية والضم".

مقالات مشابهة

  • منظمة حقوقية: جرائم المستوطنين في الضفة الغربية تزداد توسعا
  • ضمن الاعتداءات.. قوات الاحتلال تنفذ عمليات هدم جنوب الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منازل الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية وتُشرّد سكانها
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفّذ عمليات هدم جنوب الضفة الغربية
  • هل يلبي تعيين حسين الشيخ نائبا للرئيس طموحات الفلسطينيين؟
  • حسن خريشة لـعربي21: هذا سر تمسك السلطة الفلسطينية بالاتفاقيات مع إسرائيل
  • قائد سابق في جيش الاحتلال: الدمار بغزة هدفه إعطاءُ انطباعٍ بانتصارٍ لم يتحقّق .. مسؤول أممي: الفلسطينيون يموتون جُوعًا
  • شبكات الطرق الاستيطانية في الضفة الغربية بنية تحتية لفرض الضم
  • تصعيد مستمر للاحتلال في مدن الضفة الغربية 
  • قصة المحامي فهد بن معيان والقاضي الذي أدّبه وعاقبه بحرمانه وعزله من القضية.. فيديو