آباء وأمهات يلجؤون مضطرين إلى حِيَلٍ لمواجهة غلاء تكاليف الدخول المدرسي
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
إعداد: كوثر شعاث
مع بداية الموسم الدراسي، يجد الآباء وأولياء الأمور أنفسهم في مواجهة تكاليف اللوازم المدرسية التي شهدت هذه السنة ارتفاعا ملموسا.
فبين اقتناء المستلزمات الأساسية للدراسة وتلبية رغبات الأطفال، يسعى أرباب الأسر إلى تقليص التكاليف التي تثقل كاهلهم أكثر فأكثر. فبالنسبة لهم، يعد شتنبر شهر التكاليف بامتياز بالنظر لما يتطلبه الدخول المدرسي من نفقات كبيرة ومتزايدة سنة بعد أخرى.
وبحسب آخر دراسة أجرتها المندوبية السامية للتخطيط حول إجمالي إنفاق الأسر المغربية على تعليم أبنائها، فإن ما يزيد قليلا عن 6 أسر مغربية من أصل 10 (61,5 في المائة) لديها أطفال في المدارس، وأن كل واحدة من هذه الأسر أنفقت على تعليم أبنائها، على جميع المستويات الدراسية، ما مجموعه 4356 درهما في المتوسط، وهو ما يمثل 4,8 في المائة من حجم ميزانيتها السنوية.
وتشير الدراسة، المستندة إلى البحث الوطني حول مصادر الدخل الذي أجري بين سنتي 2019 و2020، إلى أن هذه النفقات تتزايد من سنة إلى أخرى وتعتبر أكثر تكلفة في التعليم الخصوصي.
ووفقا لمذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول نتائج بحث الظرفية لدى الأسر برسم الفصل الثاني من سنة 2023، فإن الأسر تواجه هذه السنة ارتفاعا في الميزانيات المخصصة للأدوات المدرسية، وخاصة المنتجات الورقية، وذلك نظرا لما يمليه السياق الاقتصادي العالمي، وأخذا بعين الاعتبار أن أزيد من 60,6 في المائة مقابل 3,3 في المائة من الأسر صرحت بأن وضعيتها المالية قد تدهورت خلال 12 شهرا الأخيرة.
من جهة أخرى، وبالإضافة إلى الكتب المدرسية، التي ظلت أسعارها مستقرة خلال السنة الماضية بفضل الدعم الحكومي، تشكل الأنشطة ومستلزمات الرسم والملابس المدرسية نفقات أخرى مهمة، تنضاف إليها الأجهزة الإلكترونية ومصاريف الربط بالانترنت التي أضحت حاليا من بين اللوازم الأساسية للمتعلمين.
وفي مواجهة هذا الواقع، يلجأ العديد من الآباء وأولياء الأمور إلى طرق متعددة بهدف التقليص من النفقات التي يتطلبها الموسم الدراسي الجديد الذي يأتي في سياق التضخم الاقتصادي.
وفي هذا الصدد، تقول نورا، وهي أم لطفلين "قمنا باستغلال فترة التخفيضات الصيفية لشراء الملابس المدرسية على غرار القمصان والبلوزات والأحذية الرياضية".
وأضافت "نعتزم شراء الكتب وباقي المستلزمات المدرسية دون حضور الأطفال لتجنب النفقات غير الضرورية"، مبرزة أن الكتب المدرسية المستعملة "يمكن أن تشكل الخيار الأفضل بالنسبة لنا".
من جهته، أبرز "أنس ب"، وهو صاحب مكتبة بالرباط، أنه رغم الظرفية الصعبة، إلا أنه لم يلاحظ أي تراجع في الطلب على الكتب المدرسية "لأن الأسر لا تملك خيارا آخر سوى اقتناءها"، مؤكدا أن الآباء يبحثون عن طرق أخرى للتقليص من التكاليف.
وأشار في هذا الصدد، إلى أن "العديد من الآباء وأولياء الأمور امتنعوا عن اقتناء الحقائب المدرسية هذه السنة وأعادوا استخدام عدة لوازم دراسية أخرى من أجل التقليل من النفقات، مما يؤثر على مستويات مبيعات بعض المنتجات".
ومن جهة أخرى، أكد أنس أن الدخول المدرسي يعد الفترة الأفضل بالنسبة للناشرين وأصحاب المكتبات، موضحا أن "منتجات الدخول المدرسي تهيمن على المبيعات، حيث يشكل رقم المعاملات المحقق خلال شهر شتنبر أزيد من ثلاثة أضعاف أي شهر آخر من السنة".
يذكر أن حوالي ثمانية ملايين تلميذ (ة) التحقوا بالأقسام بمناسبة الدخول المدرسي، الذي يتجدد معه النقاش حول التحديات التي تعيق النهوض بالنظام التربوي، لاسيما ملاءمة المناهج الدراسية مع متطلبات التنمية، والنقاشات المتعلقة بتدريس اللغات، وكذا تحسين العرض الوطني في مجال التكوين المهني.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الدخول المدرسی فی المائة
إقرأ أيضاً:
لماذا تتأخر العلاوة الشهرية؟
«العلاوة الشهرية التي نستلمها، أشبه ما تكون براتبٍ مُصغر، نقسمه بدقة، بين سكن ومواصلات وطعام ومستلزمات جامعية واحتياجات شخصية. هذه العلاوة خففت من قلق العائلة علينا، فهي تدخلُ فـي صلب حياتنا اليومية، لكن أي تأخير فـي صرفها، يُحدثُ خللًا عارمًا فـي توازنات المعادلة»!
هذا ما قالته لي إحدى الطالبات الجامعيات من اللاتي يحصلن على علاوة شهرية هذا العام، إلا أنّها كغيرها تكابدُ مشقة عدم وجود تاريخ محدد ودقيق لاستلامها، الأمر الذي دفعني للتحدث مع عدد من مستحقي العلاوة، فأشاروا بوضوح إلى تأخرٍ يُقدر أحيانا بأسابيع وأحيانًا أخرى بأشهر! وإن كانت تُسدد لهم العلاوة لاحقا بأثر رجعي، إلا أنّ تأخرها يوجد حالة من الفوضى والارتباك، لا سيما أنّها تدخلُ فـي صميم حياتهم، وليست لأغراض ترفـيهية!
ورغم أنّ هذا المخصص الشهري بمثابة كنز يتوزعُ فـي أوردة عديدة، فإنّ المُعضلة التي تؤرّقهم جميعا هي عدم وجود تاريخ ثابت لنزولها فـي حساباتهم، الأمر الذي يتركُ ظلالا سلبية على مستواهم الدراسي، وذلك بسبب القلق الذي يتكبدونه، فبعض مؤجري السكنات ووسائل المواصلات لا يتقبلون تأخر سداد المبالغ المترتبة على الطلبة، الأمر الذي يدفع بعض الأسر لأن تتحمل ظروفا قاسية فـي سبيل ألا يُعرض أبناؤها إلى شعور من هذا النوع، وقد يتوقف الطالب عن الذهاب إلى الجامعة، وفـي أسوأ الظروف قد ينسحب!
علينا أن نضع فـي الحسبان أنّ هذه «العلاوة» صُرفت لأبناء الأسر المتعثرة أصلا، تلك المُثقلة بإطعام بقية الأفواه فـي البيت وسداد التزاماتها الأساسية، فكيف تضطر إلى مواجهة كابوس من هذا النوع مجددا؟
أخبرتني الفتاة ذاتها أنّها تتنازل عن شراء بعض الأشياء رأفة بعائلتها، كالتضحية ببعض وجبات الطعام، والتعثر فـي إتمام بعض المشروعات الجامعية، ويلجأ البعض آخر إلى تقليص النفقات عبر تأجيل عودتهم إلى قراهم البعيدة!
إنّها المرة الثالثة للسنة الثالثة على التوالي التي أتحدث فـيها عن موضوع «العلاوة»، وفـي كل مرّة تختلفُ تفاصيل القصّة على نحو ما، ففـي سبتمبر ٢٠٢٣م، كتبتُ مقالا بعنوان «البعثات الداخلية والانسحاب!»، تناولتُ فـيه: قصّة الذين حصلوا على مقاعدهم التعليمية بعد تنافسٍ مُضنٍ تحت بند «البعثات الداخلية»، وهم -على كثرتهم- لا يحصلون على «علاوة» تُعينهم على الحياة كما هو حال طلبة البعثات الخارجية، لا سيما القادمين من أماكن بعيدة عن المراكز التعليمية، الأمر الذي يجعل عديد الأسر تفكر ألف مرّة قبل إرسال أبنائها للدراسة!
بعدها بعام واحد، تحديدا فـي سبتمبر ٢٠٢٤ م، كتبتُ مقالا آخر بعنوان «المخصصات الشهرية واستيفاء الشروط!»، تحدثتُ فـيه عن المفاجأة السارة المتمثلة فـي منح الطلبة مخصصات شهرية، كبارقة أمل جديدة تُسعفُ المضطر فـي بؤس عيشه لكيلا يتخلى عن مقعده، وهي لفتة لا يمكن تجاهل الأثر الذي ستتركه فـي المتعلم والتعليم على حد سواء، إلا أنّ البهجة والمسرات ضمرت عندما رُبطت بمستوى دخل الأسرة وعدد أفرادها والمسافة بين البيت والمؤسسة التعليمية، إذ بقدر النفع الذي عاد على عدد من الأسر المتهالكة أوضاعها، فقد حُرم آخرون ممن يرزحون تحت أثقال رفع الدعم وكلفة الضرائب وغلاء المعيشة، وذلك لعدم استيفائهم لتلك الشروط!
ويبدو أنّ القصّة لم تنتهِ عند هذا الحد، فالفئة الفائزة بالعلاوة -بعد فرز كثير- تُعاني من تذبذب صرفها من شهر لآخر، الأمر الذي يُورثُ شعورا مُعقدا بأنّ الحق الأصيل والمستحق يغدو بطرفة عين أشبه ما يكون بهبة أو أعطية!
وكما يبدو ظاهريا، فالأمر عائد لتغير بيانات الطلبة بتغير ظروف الأسرة، مما يجعل هذه القوائم متأرجحة على الدوام بين زيادة ونقصان!
على الحكومة أن تفكر مجددا فـي منح العلاوة بانتظام، لكل طالب مستحق لمقعد سواء أكان ضمن بعثة داخلية أو أكان ضمن بعثة خارجية، قياسا بمنفعة كبار السن التي لم تؤطر بشروط صارمة، لا سيما مع تخلخل تعريفنا لمن هو «المحتاج» فـي ظل الأزمات المالية وهشاشة الطبقة الوسطى التي تُكابد ويلات الحياة المعاصرة، وذلك لحماية طلابنا من القلق الذي يحوم حول مستقبلهم التعليمي، فالاتكاء على شعب متعلم يستثمرُ فـي موارده البشرية بسخاء، أكثر أهمية من اجتثاث حشائش الجهل السامة من تربتنا الخصبة.
هدى حمد كاتبة عُمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى