من العادات الراسخة في المجتمع السودانى – وهى من العادات القليلة التى تجمع عليها المكونات المجتمعية للسودانيين رغم تنوعها – أداء واجب العزاء لأهل المتوفي.
فعند الاعلان عن خبر وفاة يترك الناس اى شىء في يدهم ويسرعون اما لحضور مراسم الدفن او التوجه مباشرة لبيت العزاء ان فاتهم الدفن. (بل) أكثر من ذلك يسافرون مئات الكيلومترات بل ربما الالاف لمواساة الاقرباء او الاصدقاء او الجيران.
اكثر من ذلك يتجاوز السودانيون الخصومات والقطيعة الاجتماعية ويهبون لتقديم واجب العزاء لخصومهم او الذين لهم خصومة معهم. واذكر قصة كانت تروى عن اسرتين متخاصمتين في نزاع حول ارض زراعية و صار بينهما ما صنع الحداد، من اعتداءات جسمانية وتهديد وسجون ومحاكم الخ.. لدرجة انقسام سكان القرى من حولهم كل يناصر اسرة وعلى ذلك وقع اصطفاف اجتماعي اعاد ترتيب المصالح و (المعايش) لسكان القري. وبعد فترة من النزاع توفي ابن احد الاسرتين المتخاصمتين، عند ذلك هب خصمهم لتأدية واجب العزاء… وصل الرجل والناس مجتمعين في العزاء الامر الذى اثار استغرابهم… وبعد قراءة الفاتحة على الميت، وبعد ما لاحظ دهشة المعزين من حضوره ولتفسير الموقف خاطب خصمه: “يا خوى انا جيت اعزيك… حرابتنا في محلها”. و هكذا، استن ذلك الرجل سنة جيدة وهى ان تادية واجب العزاء لا يسقط الخصومة او الحرابة.. وها نحن نستفيد من تلك السنة الحميدة اليوم.
نحن اليوم بصدد تقديم واجب العزاء للقحاتة.. جماعة المركزى.. فقد تراكمت الصدمات والنكبات والخيبات والضربات عليها بما يحتم مواساتهم وتقديم واجب العزاء لهم.
لقد تماهت المجموعة مع مليشيا الدعم السريع حتى اصبحت الجناح السياسي لها، تستميت في الدفاع عنها وعن جرائمها ضاربة عرض الحائط بمعاناة المواطنين تحت نير المليشيا وجرائمها وانتهاكها لابسط حقوق الانسان.
كانت نكبة المجلس المركزى الاولى في قائد مليشياتهم، فما كادت المليشيا تشن هجومها على المواطنين وعلى القوات المسلحة حتى اصيب قائدها في مقتل اقعده عن الظهور ولم يعد احد يعلم على وجه الدقة مصيره وان رجح موته عند الغالبية وان زعم البعض انه تحول ل(بعاتي). وعلى كل، فالثابت ان الرجل اصبح خارج دائرة الفعل تماما، وهكذا فقد المركزى قائده الذى غامر بتنصيبه ملكا على بلاد السودان كى يحكموا تحت حمايته راهنين سيادته ومقدراته للاجانب.
ثم مالبث ان دارت عليهم دائرة المعارك، فصار جنود مليشياتهم صرعي كأعجاز نخل خاوية، تحت حمم وراجمات الجيش، قتلاها بالالاف كل يوم ولا بواكى عليهم، بينما تنظر جماعة المركزى الى تساقط القتلى والحسرة تدمى قلبها، فكلما دحرت القوات المسلحة موجة من المليشيا ابتعد المركزى فراسخ عدة عن التفاوض وتآكلت منسأته العسكرية التى يستند عليها، ينادون يا (خليج) ولا مجيب!
اما الضربة الثالثة فقد جاءتهم من حيث لا يحتسبون! جاءتهم من امريكا التى ما انفكوا يعتقدون انها حليفتهم ورافعتهم وانها حصان طروادة الذى سيحملهم الى كراسي الوزارة. فأجأتهم امريكا واتهمت قائد مليشياتهم بتهم تجعله من عتاة المجرمين في التاريخ. وهكذا اسقط في يد جماعة المركزى واصبح عليها البحث عن قائد جديد لما تبقي من مليشياتها، كما يتوجب عليها ايجاد مصادر تمويل لشراء السلاح و لرحلاتها الخارجية بعد أن جمدت امريكا اموال قائد مليشياتها واعادته كما ولدته امه، مفلسا ومطاردا لا يكاد يجد مكانا في الارض ليختبيء فيه! (انتو زمان مش البشير قاليكم المتغتي بأمريكا عريان…! ما فهمتوا كلامه ولا شنو)!
اما الضربة الرابعة فجاءتهم من رئيس مجلس السيادة القائد العام بحل مليشيا الجنجويد والغاء قانونها من اساسه! اى لم يعد اليوم ما يسمى بالدعم السريع موجودا، و عليه لا تفاوض مع مليشيا متمردة؛ إما وضع السلاح والاستلام اما السحق الكامل لآخر جندى كما اعلن الرئيس للشعب السوداني من قاعدة البحرية في بورتسودان.
كان هذا القرار بمثابة دابة الارض التى اكلت منسأة المركزى فخر الى الارض لا شيء يستند عليه لينهض.
الان تهاوت المليشيا، وامريكا تتربص بقائد المليشيا المختفي وتتربص بكل من يتواصل معه، وحجزت على امواله وحذرت الدول من التعامل معه، اما الشعب السودانى فقد لفظكم ولا مكان لكم بينه بعد ان صمتم على جرائم مليشياتكم في حقه، فأين تذهبون..!
و الأن، وقد اصابت قادتكم مصيبة الموت السياسي و السريري او البعاتى ، ومن واقع عاداتنا السودانية يقع علينا واجب تعزيتكم فى هذه الفواجع و سوء المنقلب، وخسران الدنيا والاخرة.
فنحن اصحاب واجب؛ اما حرابتا معكم تظل كما هي كما قال الرجل.
(بس ورونا فارشين وين)..!
ايها الشعب السودانى هبوا لتعزية القحاتة.
هذه الارض لنا
علي عسكوري
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: واجب العزاء
إقرأ أيضاً:
مكتوم بن محمد يعزي في وفاة عبدالله سعيد الهاجري
قدم سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، واجب العزاء في وفاة عبدالله سعيد الهاجري، وذلك خلال زيارة سموه لمجلس العزاء في دبي.