تلقي أزمة الديون بظلالها على الاقتصاد الصيني، مع تزايد عدد الشركات التي تعاني من تراكم ديونها، ما يخلق شعورا بالخوف لدى المستثمرين الخارجيين من الدخول إلى السوق الصيني.

وقالت وكالة "بلومبيرغ" في تقرير ترجمته "عربي21" إن مشكلة الديون باتت شائعة بصورة متزايدة في المجتمع المالي، في ظل كفاح عشرات الشركات العقارية المثقلة بالديون، بما فيها شركة كانتري غاردن الصناعية العملاقة، لتجنب التخلف عن سداد الديون.



وأشارت إلى أن مديري الأموال الدوليين، يشكون من ممارسات "الحكومة" الصينية، واتهموها بالضعف، وأشار الكثيرون إلى أنها تزداد سوءا وتضعهم في موقف صعب، ونقلت عن خبراء تحذيرهم من أن الممارسات الحكومية، قد تؤدي إلى تضاؤل فرص الحصول على تمويل، وارتفاع تكالف الاقتراض لسنوات قادمة، ما يزيد من عرقلة اقتصاد الصين المتعثر بشكل فعلي.



ونقلت الوكالة عن ديراج باجاج، رئيس الائتمان الآسيوي في لومبارد أودييه بسنغافورة، قوله: إن "هناك تدهورا واضحا في المعايير، وهذا لن يتسامح معه مجتمع الاستثمار العالمي بعد الآن".

وشدد على أن شركته أصبحت أقل تسامحا مع العديد من الشركات الصينية، ذات العائد المرتفع بسبب الافتقار لمعايير الإفصاح والتواصل المباشر.

وقالت الوكالة إن الصين، لم تكن مثالا ساطعا للحوكمة الرشيدة، للشركات في المقام الأول، وتعاني الكثير من الشركات من ديون خفية وأخطاء محاسبية كبيرة منذ سنوات.

ولفتت إلى أنه مع عائدات سندات دولارية ذات تصنيف عالي المخاطرة، في الصين، بمعدل يزيد عن 9 بالمئة سنويا، بين 2012-2020، مقابل أقل من 7 بالمئة للديون المماثلة بالولايات المتحدة، فإن مديري الأموال، ينظرون بجدية أكثر للوضع الحالي في الصين.

وأشارت الوكالة إلى أن المكاسب باتت ذكرى بعيدة الآن، بعد أن فقدت السندات غير المرغوب بها خارج الصين، والصادر معظمها عن شركات بناء عقارات، أكثر من 127 مليار دولار من قيمتها منذ بلوغها ذروتها قبل نحو عامين ونصف، حين قدمت بكين ما يسمى بالخطوط الحمراء الثلاثة لإبطاء الاقتراض.

ولفتت إلى أن هدف السياسات الصينية، المساعدة في كبح سنوات من التوسع المفرط في تغذية ديون شركات البناء والمضاربة العقارية، من قبل مشتري المنازل، لكن الأمر انتهى اليوم غلى دفع عدد قياسي من الشركات إلى التخلف عن السداد مع ارتفاع تكاليف إعادة التمويل وإجراء سلسلة من عمليات إعادة الهيكلة.

وقال العديد من مديري الأموال العالميين، إنه رغم إدراكهم أن ضعف حوكمة الشركات كان عاملا من عوامل الخطورة عند الاستثمار في الصين، لكن المعايير المتعلقة بالتواصل المستمر مع الدائنين، باتت أسوأ وسط الضائقة المتزايدة.

ولفتت الوكالة إلى أن شركة التطوير "تشاينا أويوان المحدودة"، قدمت ملفا تنظيميا أعلنت فيه، أن ثلاثة أرباع حاملي الأوراق المالية الحالية، يدعمون إعادة الهيكلة الخاصة بها، واعتقد البعض أن الشركة تجاوزت الحد الأدنى للحصول على موافقة على الصفقة، لكن الدعم كان مشروطا بحاملي ورقة مالية واحدة معينة، ما أدى إلى تذمر واسع، بأن المطور لم يقدم صورة واضحة حتى يدعم المستثمرون الخطة.

وهزت شركة العقارات المدعومة من الحكومة الصينية، جرين لاند هولندغ، العام الماضي، السوق بطلب مفاجئ لتأخير سداد أحد سنداتها الدولارية لمدة عام واحد، لتتمكن بعد ذلك من سداد سندات منفصلة مستحقة بعد بضعة أشهر.

كما تسبب شركة "مجموعة فانتازيا هولندغ"، بصدمة للمستثمرين عام2021، بعد تخلفها عن سداد سندات بالدولار بعد أسابيع من رسائل طمأنة لدائنيها، بعدم وجود مشاكل في السيولة، وبعد أيام من سداد مذكرة مقدمة من القطاع الخاص.

وأثارت الممارسات الصينية، غضب أسواق الائتمان، وقال لورانس لو، المدير الأول لتصنيف الشركات في وكالة "غلوبال ريتنغ أس آند بي"، لقد حان الوقت بالنسبة للمصدرين الصينيين، لتغيير عقليتهم، إذا كانوا يريدون العودة في نهاية المطاف، إلى سوق رأس المال.

وأشارت "بلومبيرغ" إلى أن وكالة "ستاندرد آند بورز، تقوم بتقييم الشركات على أساس جودة إدارتها وحوكمتها، كجزء من تقييماتها الائتمانية، كما تصنف عوامل الحكومة وفقا لثقافة الإدارة والمخالفات التنظيمية، أو القانونية واتساق الاتصالات وجودة التقارير المالية، وتمنح الشركات درجات إجمالية قوية أو مرضية أو مقبولة أو ضعيفة.

وقال "لو": إن "معظم المقترضين من الدرجة المضاربة في الصين يتم تصنيفهم على أنهم ضعفاء، وسط تدهور ملحوظ في الأداء في السنوات الأخيرة والذي تزامن مع أزمة السيولة في قطاع العقارات".

ونقلت الوكالة عن مصدر صيني قوله، إن الأوضاع النقدية للشركات، غالبا ما تكون في حالة تغير مستمر، أثناء سعيها لاستكمال المشاريع، وأحيانا تستخدم الأموال المخصصة لمدفوعات الفائدة، لصالح تمويل العمليات، في ظل الضغط على السيولة.



وأضاف أن بعض المطورين، يفضلون الابتعاد عن الأضواء، بدلا من تقديم التزامات للدائنين، ولا يمكنهم الوفاء بها.

من جانبها قالت نانا لي، رئيسة الاستدامة لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في مجموعة إمباكس لإدارة الأصول، ومدير أبحاث الصين سابقا، في جمعية حوكمة الشركات الآسيوية، إن مشتري السندات العالميين، يعيدون بالفعل تقييم مخصصات الائتمان الصينية.

ولفتت إلى أن مديري الأموال الأجنبية، يرغبون بالاستثمار في الصين، لكن حجم الاستثمار في حالة تغير مستمرة، ونواجه سوقا مليئا بعدم اليقين، ويفتقر إلى الشفافية، ومن الصعب وضع توقعات، وبدون التوقعات لا يمكن الاستثمار.

وشدد "تومي وو"، كبير الاقتصاديين في "كوميرتس بنك إيه جي"، على أنه سيكون لذلك تداعيات كبيرة جدا على الشركات التي تسعى للحصول على التمويل.

وقال وو: "سيتعين على جميع الشركات اللجوء إلى التمويل الداخلي، مما يزيد من الضغط على البنوك والسلطات المحلية، المنشغلة بالفعل بتسوية مشكلات الديون المتصاعدة، وسيؤدي ذلك أيضا إلى رفع تكاليف تمويل الشركات الصينية وتآكل ربحيتها، أو إضعاف رغبتها في توسيع أعمالها، أو حتى يؤدي إلى تسريح العمال، وكل ذلك من شأنه أن يزيد من الضغط على الاقتصاد الصيني".

وقالت "بلومبيرغ" إن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لا يحتاج إلى تحديات إضافية، وأظهر مسح خاص لقطاع الخدمات في الصين، أن النشاط توسع بأبطأ معدل هذا العام في آب/أغسطس، والتوقعات باتت قاتمة، كما أدى الاضطراب العقاري إلى إحجام الناس عن الإنفاق.

ولفتت إلى أن بكين تحاول إنعاش الثقة، بعد أن أظهرت البيانات تراجع مبيعات المنازل للشهر الثالث على التوالي، مما يزيد من ضغوط الانكماش، وقامت بخفض المدفوعات لمشتري المنازل بأكبر مدنها، فضلا عن تشجيع المقرضين على خفض أسعار الفائدة على القروض العقارية القائمة.

وقال باجاج: "يجب أن يفعل المنظمون في الصين شيئا ما، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فأنا أخشى أن تتقلص قاعدة المستثمرين العالميين بالنسبة لسندات الشركات الصينية".‏

ورأت الوكالة، أن هذا الأمر سيكون بمثابة ضربة أخرى لاقتصاد الصين، الذي يكافح لجذب مستثمرين أجانب، في الوقت الذي قالت فيه وزيرة التجارة الأمريكية، جينا ريموندو، إن الشركات الأمريكية، تعتبر الصين، غير قابلة للاستثمار، على نحو متزايد، رغم وعود بكين بمعاملة المستثمرين الدوليين بشكل أفضل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الصيني الائتمان العقارات الصين استثمارات ائتمان العقارات صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الصین یزید من

إقرأ أيضاً:

العراق ثاني أكبر مصدر للنفط لتركيا خلال نيسان

30 يونيو، 2024

بغداد/المسلة الحدث: كشفت هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية، عن استيراد تركيا اكثر من 4 ملايين طن من النفط الخام والمنتجات النفطية الأخرى في شهر نيسان الماضي، فيما حل العراق كثاني أكبر مصدر لتركيا بعد روسيا وبواقع اكثر من 490 الف طن، وذلك بالرغم من توقف أنبوب ميناء جيهان التركي الامر الذي يطرح عدة تساؤلات وشبهات.

وبحسب البيانات، فأن إجمالي واردات تركيا من النفط والمنتجات النفطية ارتفع بنسبة 18.7 بالمائة خلال شهر نيسان مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي 2023، ليصل إلى 4 ملايين و200 ألف و888 طن.

وشكل النفط الخام لوحده، 2 مليون و748 ألف و991 طن، فيما بلغت واردات مليون و75 ألف و992 طن، وتألف الجزء المتبقي من الواردات من وقود الطيران والبحري والبنزين وزيت الوقود بأنواعه ومنتجات أخرى.

وكانت أعلى واردات النفط الخام والمنتجات النفطية من روسيا بواقع 2 مليون و705 آلاف و897 طن، يليها العراق بـ492 ألف و602 طن وكازاخستان بـ249 ألف و95 طن.

ويعد هذا الإعلان “غريبًا” نوعًا ما، بأن يجيء العراق كثاني اكبر مصدر للنفط والمشتقات النفطية الى تركيا بالرغم من توقف أنبوب ميناء جيهان التركي، الامر الذي يطرح تساؤلات عن كيفية وصول النفط الى تركيا وما اذا كان يتم عبر الصهاريج، وما اذا كان يتم عبر التهريب او بشكل رسمي.

وتبلغ الـ490 الف طن قرابة اكثر من 3.4 مليون برميل خلال شهر، مايعني اكثر من 100 الف برميل يوميًا، وهي كمية تعادل 25% مما كان يخرج الى ميناء جيهان التركي عبر الانابيب.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

مقالات مشابهة

  • كيم جونغ أون يلمس تحسنا ملحوظا في اقتصاد البلاد
  • أسهم المعادن النادرة بالصين تزدهر مع تدشين بكين إصلاحات في القطاع
  • الصين تُخصص 45 مليون يوان لدعم ترميم الطرق المتضررة من الفيضانات
  • حرب تحت سطح البحر.. كيف ستؤثر المسيرات المائية على النزاع بين الصين وتايوان؟
  • قطر تبدأ ببناء مدينة ملاه أكبر من والت ديزني.. على ساحل طوله 7 كيلومترات
  • قطر تبدأ بناء مدينة ملاه أكبر من والت ديزني.. على ساحل طوله 7 كيلومترات
  • العراق ثاني أكبر مصدر للنفط لتركيا خلال نيسان
  • "هتشتغلوا في أكبر الشركات".. تفاصيل التحقيق مع متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بعابدين
  • شركات توظيف الأموال
  • كيف تفوقت صناعة السيارات الكهربائية في الصين رغم العقبات الغربية؟