تتزايد التحذيرات القانونية في دولة الاحتلال من تسارع رفع الدعاوى أمام المحاكم الدولية بسبب تصريحات وزراء ومسؤولين كبار، لاسيما استخدام مفردة "الفصل العنصري"، ودعوات سموتريتش بـ"امسحوا حوارة"، وكلام بن غفير عن حق التنقل في الضفة الغربية على حساب الفلسطينيين.

إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، نقل عن "كبار المسئولين والمحامين المتخصصين
في القانون الدولي إعرابهم عن القلق من تسبب تصريحات كبار الوزراء في الآونة الأخيرة "بتقريب إسرائيل بسرعة من الإجراءات الجنائية في المحاكم القانونية الدولية، بالتزامن مع قرب نشر محكمة العدل الدولية في لاهاي رأياً حول شرعية الاحتلال، والإجابة عن سؤال ما إذا كان احتلالا مؤقتا أم مطولا، ومن المفترض أن تحقق فيما إذا كانت إسرائيل ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".



وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "استخدام شخصية رفيعة المستوى مثل تامير باردو رئيس جهاز الموساد الأسبق لمصطلح الفصل العنصري في سياق سيطرة الاحتلال على الضفة الغربية، يسبب أضرارا لا داعي لها، وسيدفع ثمنها في المحاكم الدولية".

وتابع: "من العار أن يقال هذا، مع أن وزراء الحكومة يساهمون أيضا برفع هذه الدعاوى القانونية، لاسيما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي تحدث عن محو قرية حوارة، ورغم تراجعه عنه، فلا يزال بمثابة تصريح يدين إسرائيل، فضلا عن عمله وزيرا بوزارة الحرب، وله صلاحيات على الإدارة المدنية التي يعتبر المجتمع الدولي تصرفاتها في المنطقة (ج) ضمّا فعليا وانتهاكا لحل الدولتين".

وأشار إلى أن "تصريح رئيس حزب العصبة اليهودية وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير حول حقه المزعوم بالتنقل في الضفة الغربية على حساب الفلسطينيين، يعزز الفرضية القائلة بأن إسرائيل تمارس سياسة الفصل العنصري في المناطق الفلسطينية، مما دفع بالمحامي نيك كوفمان، الذي عمل محامي دفاع في لاهاي، للقول إن عددا مماثلا من الوزراء يعبرون عن سياسة الحكومة في الأراضي المحتلة بطريقة يمكن تفسيرها على أنها تقدم الدعم لسياسة ممنهجة تتضمن أعمالاً غير إنسانية، في إطار نظام القمع والتفوق العنصري، مما يجعل الطريق للإجراءات الجنائية في لاهاي ضد كبار المسؤولين أقصر وأسرع".



وأضاف أن "العبارات الإشكالية لبن غفير تقدم المحكمة دليلا على طبق من فضة، لأنه في حالة الاحتلال طويل الأمد يمكن اعتباره ضمًا فعليًا، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار في القانون الجنائي الدولي، بحيث يمكن فرض عقوبات ضد إسرائيل، بل وحتى إدخالها في عزلة سياسية، لأن هذه التصريحات تتزامن مع نتائج دراسة قدمها المبعوث الخاص للأمم المتحدة حول الوضع في المناطق الفلسطينية قبيل جلسة الاستماع في محكمة العدل الدولية في لاهاي حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي، مذكرا أن إسرائيل "تنتهك القانون الدولي بضمّ الأراضي المحتلة، وانتهاك الحقوق المدنية، وممارسة أساليب الفصل العنصري".

رونين بيرغمان الخبير الأمني الإسرائيلي نقل "تحذيرات عن تعرض جميع جنود الاحتلال لخطر الملاحقة القضائية، عقب طرح جملة سيناريوهات مفادها أن الانقلاب القانوني سيؤدي لمحاكمة الطيارين والضباط في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وقد تم التعبير عن هذه المخاوف خلف أبواب مغلقة في الجيش ومكتب المدعي العام، وفي شهادات سرية على أعلى المستويات، وقد تتأثر المساعدات المقدمة من الولايات المتحدة أيضًا، أي أن التعديلات القضائية الجارية تشكل تهديدا لمن يرتدون الزي العسكري من الإسرائيليين".



وأضاف في تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الأيام الأخيرة شهدت توزيع رسالة على شبكة البريد الإلكتروني لشركة محاماة مرموقة في تل أبيب مفادها أنه في ضوء الأضرار التي لحقت بالمحكمة العليا، هناك احتمال كبير بأن يتم تصوير بطاقات بريدية للجنود الذين يخدمون في المناطق الفلسطينية، وسيتعرضون للاعتقال في أوروبا وأماكن أخرى بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وفي هذه الحالة سيكون من الصعب جدًا تقديم المساعدة لهم، وطالما لم يتم إلغاء جميع التحركات التي تستهدف المسّ بالمحكمة العليا، فإن الخطر سيظل قائما وملموسا وحقيقياً، وننصح جميع الجنود بعدم الانصياع لنداء الاحتياط".

وأوضح أن "الوثيقة موقعة من المحامي روني باركمان الشريك الرئيسي بالشركة وأحد كبار المتقاضين في إسرائيل، والمنخرط كمحامي في الشؤون الدولية والقانون، وعلى دراية بما يحدث في قضايا القانون الدولي المتعلقة بمحاكمة مسلحين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، معتبرا أن تصريحات وأفعال كبار المسؤولين في الحكومة، تنطوي على خطر جدي للغاية على جميع الجنود، في الخدمة الإلزامية والاحتياط، لاسيما الطيارون الخائفين من التحقيقات والدعاوى القضائية والإجراءات القانونية في محكمة العدل الدولية في لاهاي وغيرها المنتديات القانونية، وإمكانية تصنيف العمليات التي ينفذونها كجرائم حرب".

وأشار إلى أن "الأضرار التي تلحق بالنظام القضائي الإسرائيلي قد تؤدي لقناعة المنتديات الدولية بأنه غير جدير بالثقة، وغير مستقل بما فيه الكفاية، وبالتالي يجب التدخل في إجراءات منفصلة، لأن الجنود يتعرضون لكاميرات لا تخضع لسيطرة الرقابة العسكرية في المناطق الفلسطينية".

وقال إن "الخوف العميق أن تعرضهم المتزايد والخطير للإجراءات القانونية الدولية يتزامن مع قلق كبار قادة الجيش أمام أعضاء هيئة الأركان العامة وكبار مسؤولي وزارة القضاء والمستشار القانوني للحكومة في ضوء الأزمة السياسية الخطيرة، وعواقبها داخليا وخارجيا، لاسيما زيادة تضرر كفاءة الجيش من الضروريات اليومية إلى الاستعداد لجبهة متعددة الحرب شاملة".

وتكشف هذه المخاوف الخطيرة لدى الاحتلال عن قلق من الإضرار بنظامه القضائي، وبالتالي الإضرار بمصالحه الأمنية، مما جعلها تجد طريقها في المنتديات السرية والمحادثات المغلقة.

وجرى واستدعاء قائمة طويلة من كبار المسؤولين، بينهم رئيسا الشاباك السابقان يوفال ديسكين ونداف أرغمان، لتقديم آرائهما في مثل هذه القضية الحساسة التي باتت تشكل عبئا كبيرا على قدرة الاحتلال في مواجهة المحاكم الدولية بسبب توفر نوايا للتحقيق في شبهات ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين باستخدام الولاية القضائية العالمية، مما يشكل في النهاية خطرًا قانونيًا حقيقيًا وخطيرًا على جنود الاحتلال وباقي الأجهزة الأمنية .

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال المحاكم الدولية الفلسطينيين الفصل العنصري فلسطين الاحتلال الفصل العنصري صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الفصل العنصری فی لاهای

إقرأ أيضاً:

هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا

لم يعد اليمين الأكثر تطرفًا في إسرائيل، يبدي أي قدرٍ من الحياء أو التحسب والحذر، وهو يبوح بما يختزنه في عقله الأسود، من مخططات ومشاريع، تكاد تطال مختلف دول المنطقة ومجتمعاتها، وتمسّ بالعمق، أمنها واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيها ووحدة شعوبها.

آخر الصيحات التي خرجت من أفواه قادته، جاءت على لسان الوزير جدعون ساعر، ودعوته لتشكيل "حلف أقليات" في الإقليم، تستند إليه إسرائيل في استهداف أعدائها من شرقي المتوسط إلى ضفاف قزوين.

لم يكن الرجل قد قضى سوى أيام قلائل، في منصبه على رأس وزارة الخارجية، إثر انقلاب نتنياهو على وزير دفاعه، حتى بدأ يُلقي على مسامعنا، بعضًا من فصول "نظرته الإستراتيجية" للإقليم، الذي تشكل إسرائيل فيه، "أقلية وسط أغلبية معادية"، مُقترحًا البحث عن "مُشتركات" مع أقليات أخرى، بدءًا بدروز سوريا ولبنان، وليس انتهاء بأكراد سوريا، والعراق، وتركيا، وإيران، فاللعب على ورقة "المكونات"، كفيل بجعل إسرائيل، "أكبر الأقليات وأقواها"، في فسيفساء المشرق العربي وهلاله الخصيب ودول الجوار الإقليمي للأمة العربية.

الأمر الذي يدفع على الاعتقاد الجازم، بأن ساعر لم يعرض سوى رأس جبل الجليد من مشروعه لـ "تجزئة المجزَّأ"، في حين ظل الجزء الأكبر منه، غاطسًا تحت السطح، وهو بالقطع، يشمل مختلف "المكونات" الاجتماعية في دول المشرق وجوارها الإقليمي.

وبالنظر إلى السياق الذي طُرح فيه، "حلف الأقليات" وتوقيت هذا الطرح، يمكن الافتراض، بأن تركيا، قبل غيرها، وأكثر من غيرها من الدول المستهدفة، هي الحلقة الأولى في إستراتيجية التفكيك المنهجي المنظم، لبنية هذه المجتمعات ووحدة وسلامة أراضي هذه الدول.

فأنقرة، رفعت وتيرة انتقاداتها لحرب إسرائيل البربرية على غزة ولبنان، وهي تقدم حماس والجهاد وبقية الفصائل الفلسطينية، بوصفها حركات تحرر وطني مشروعة، في مواجهة "طوفان الشيطنة" و"حرب الإلغاء" اللذين تتعرض له من قبل آلة "البروباغندا" الإسرائيلية، المدعومة من قبل أوساط غربية وإقليمية وازنة.

ولعلّ هذا ما تنبهت إليه القيادة التركية، مبكرًا وقبل أن يُخرج ساعر ما في جوفه، عندما بدأت التحذير من مغبة تطاير شرارات الحرب إلى سوريا، وعلى مقربة من حدودها، بل وإبداء الاستعداد لمواجهة تركية – إسرائيلية إن تدحرجت كرة النار، وعجز المجتمع الدولي عن وقفها.

وفي كل مرة صدرت فيها عن أنقرة، تحذيرات من هذا النوع، كانت أنظار المسؤولين والناطقين باسمها، تتجه إلى لعبة "المكونات" التي تريد إسرائيل فرضها على الإقليم، بدعم وإسناد من دوائر غربية عديدة، وتحت حجج وذرائع ومزاعم شتى.

مبادرتان استباقيتان

في هذا السياق، يمكن النظر إلى المبادرات الاستباقية الأخيرة التي صدرت عن أنقرة، وأهمها اثنتان: الأولى؛ داخلية، وصدرت عن دولت بهتشلي، حليف أردوغان وزعيم الحركة القومية و"ذئابها الرمادية"، الرامية لإغلاق ملف المصالحة بين أتراك تركيا وكردها، وهي مبادرة كانت مفاجئة لجهة توقيتها والجهة التي صدرت عنها، وسط قناعة عامة بأنها لم تأتِ منبتّة عن السياق الإقليمي، وانفلات "التوحش" الإسرائيلي من كل عقال، وأنها لم تأتِ من دون تنسيق مسبق بين الحليفين: بهتشلي وأردوغان.

صحيح أن المبادرة، فجّرت قلق خصومها الداخليين، بالذات على "ضفتي التطرف القومي" الكردي – التركي، وأنها أثارت انقسامًا بين "تيار قنديل" داخل أكراد المنطقة، وتيار المصالحة والاعتدال، الذي يُعتقد أن عبدالله أوجلان، يقف على رأسه، من مَحبَسه على جزيرة "إمرالي".

وصحيح أن خصوم المصالحة عملوا على تفجير مركبها قبل إبحاره وسط تلاطم أمواج المواقف والمصالح المتناقضة، بدلالة الهجوم على شركة "توساش" في قلب العاصمة التركية في الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وما أعقبه من تصعيد في العمليات طال مناطق داخل تركيا وخارجها (سوريا والعراق).. لكن الصحيح كذلك، أن قطار المبادرة ما زال على سكته، رغم العرقلة، وأنه قد يواصل مسيره، ما دام أن وجهته النهائية، تحصين الداخل التركي في مواجهة مؤامرات التفكيك.

أما المبادرة الثانية؛ فسابقة على تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وإن كانت اكتسبت زخمًا إضافيًا في الأسابيع الأخيرة، والمقصود بها، الرغبة التركية الجارفة بالمصالحة مع دمشق، وعروض الرئيس التركي المتكررة، للقاء الأسد، وإغلاق صفحات الخلاف (الصراع) بين البلدين.. وهي المبادرة، المدفوعة بجملة من الحسابات والاعتبارات التركية، من بينها قضية اللاجئين السوريين، وأهمها "المسألة الكردية".

والحقيقة أن أنقرة، لم تكن بحاجة لأن تنتظر جدعون ساعر ليخرج ما في "صندوقه الأسود" من مشاريع طافحة بالعدائية لتركيا، حتى تبدأ بالتحرك المضاد، وتشرع في العمل على إحباط مراميها وأهدافها، والمؤكد أنها كانت تدرك، أن "النجاحات" التي سجلتها إسرائيل على الجبهة الشمالية مع لبنان، وفي مواجهة حزب الله، وتكثيفها العمليات ضد حزب الله وإيران في سوريا، فيما يشبه الاستباحة الكاملة للأجواء والسيادة السوريتين، من شأنها إحياء النزعات الانفصالية لدى بعض تيارات الحركة الكردية في المنطقة، ما دام أن هذه النزعات كانت قد تغذّت تاريخيًا وتضخمت، على جذع "الغطرسة" و"الاستعلاء" الإسرائيلي.

كما أن التطاول الإسرائيلي المتكرر على إيران، سواء في عمقها أو مناطق نفوذها، وعدم نجاح الأخيرة في بناء معادلة ردع صارمة في مواجهة التهديدات باستهداف برنامجَيها النووي والصاروخي – من ضمن أهداف إستراتيجية أخرى – ساهم بدوره في زيادة المخاوف التركية، من تضخم الدور الإقليمي لإسرائيل، ولجوء تل أبيب لاستخدام أسلحة وأدوات من النوع الذي تحدث عنه ساعر: "حلف الأقليات".

العامل الأميركي

لم تكن علاقات تركيا بإدارة بايدن سلسة دائمًا، وغلب عليها التوتر في بعض الأحيان على حساب مقتضيات عضوية البلدين في "الناتو"، ومن بين جملة الأسباب الباعثة على فتور العلاقات وأحيانًا توترها، احتلت "المسألة الكردية" مكانة متميزة في صياغة شكل ومحددات العلاقة مع إدارة بايدن الديمقراطية.

فالرئيس بايدن، عُرِفَ عنه، تاريخيًا، تعاطفه الشخصي مع "الانفصالية" الكردية، وهو كان سبّاقًا من موقعه في مجلس الشيوخ لعرض تقسيم العراق إلى دويلات ثلاث. ودعم بكل قوة، قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والأطر والأذرع السياسية والاجتماعية والمالية المنبثقة عنها والموازية لها.

ونافح بقوة أيضًا عن بقاء وحدات من الجيش الأميركي في مناطق شمال شرق سوريا؛ لحماية الحركة الكردية وتدعيمها، إن في مواجهة دمشق وطهران وحلفائهما، أو بالأخص في مواجهة تركيا. وهو أغدق على أكراد سوريا، الأكثر قربًا من "مدرسة أوجلان" والـ "بي كي كي"، السلاح والعتاد، الأمر الذي لطالما قرع نواقيس الخطر في مراكز صنع القرار في الدولة التركية.

وربما لهذا السبب بالذات، سقطت أنباء فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية واكتساح حزبه الجمهوري مقاعد الأغلبية في مجلسَي الشيوخ والنواب، بردًا وسلامًا على تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، فالأول نجح في إقامة "علاقات عمل" مثمرة، ونسج بعض خيوط الصداقة مع الأخير، لأسباب لا مجال للخوض فيها في هذه المقالة، وهو متحرر من أية صلات أو "مشاعر" حيال كُرد المنطقة، والأهم، أنه بادر في ولايته الأولى إلى الإعلان عن نيته سحب قواته من شمال سوريا، وقد يستكمل في ولايته الثانية، ما كان بدأ به، قبل تدخل مؤسسات "الدولة العميقة" الأميركية لإحباط مساعيه آنذاك.

على أن مشاعر الارتياح للتحولات الأخيرة في الإدارة والكونغرس الأميركيين، لا تكفي لتبديد مخاوف أنقرة مما يمكن لتل أبيب، أن تقدم عليه. فالأتراك، بلا شك، يدركون أتم الإدراك، "مساحات المناورة وحرية الحركة" التي تتمتع بها إسرائيل في علاقاتها مع الولايات المتحدة.

ويعرفون تمام المعرفة، أن اليمين الفاشي في تل أبيب، قادر على مغازلة مشاعر اليمين الأميركي المتطرف، ومداعبة أولويات "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة، وبالضد من إرادة الإدارة في بعض الأحيان، إن تطلب الأمر و"المصلحة العليا" ذلك. ومن هنا يمكن القول إن مشوار تركيا في تعاملها مع "المسألة الكردية"، لن يكون معبدًا وسلسًا.

أنقرة تعوّل أيضًا على قلّة اهتمام ترامب بالقضية السورية، وتلمّست خلال ولايته الأولى، استعداده للتسامح مع دور روسي متنامٍ في سوريا، وتحبيذه تنامي هذا الدور على حساب الدور الإيراني بالأخص، فيما الرجل ربما يكون مقبلًا على فتح صفحة من التعاون مع الكرملين في أوكرانيا، وملفات أخرى، على الساحة الدولية.

وأنقرة تعوّل أيضًا على ما يمكن لموسكو أن تفعله بوحي من مصلحتها في خروج القوات الأميركية من سوريا، إن لجهة حفز جهودها للمصالحة مع دمشق، أو لجهة التوسط بين القامشلي والأسد، فضلًا عن تخفيف احتقانات علاقاتها مع إسرائيل، في ضوء ما يشاع عن جهود روسية للدخول على ملفات الوساطة بين إسرائيل ولبنان، ونوايا لم تتضح بعد، تنمّ على دعم روسي لقيام سوريا، بدور في الحد من قدرة حزب الله على إعادة بناء قدراته العسكرية، حال وضعت الحرب على هذه الجبهة، أوزارها.

هي مرحلة جديدة، تدخلها العلاقات التركية الإسرائيلية، تحكمها ثوابت ومتغيرات لدى الطرفين، في بيئة محلية وإقليمية بالغة التعقيد، والأيام المقبلة، تبدو محمّلة بكل جديد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • وزارة الخارجية: محكمة الجنايات الدولية لم تستطع أن تدير ظهرها أكثر لجرائم الإبادة في فلسطين
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: قرار «الجنائية الدولية» خطوة محورية لمحاسبة إسرائيل
  • رعب في إسرائيل.. هل تصدر الجنائية الدولية مذكرات اعتقال لضباط جيش الاحتلال؟
  • توكل كرمان: قرار "الجنايات الدولية" بشأن نتنياهو وغالانت تاريخي وخطوة في الاتجاه الصحيح
  • وزراء إسرائيليون يطالبون بقطع العلاقات مع «الجنائية الدولية»: فقدت شرعيتها
  • بعد قرارات محكمة الجنايات الدولية.. سبب اعتقال نتنياهو ويوآف غالانت
  • هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا
  • سرقة ونهب.. إسرائيليون يعتدون على الفلسطينيين في منازلهم بشرق بيت لحم
  • ضباط إسرائيليون يطالبون بحل سياسي مع الفلسطينيين.. صوت ضد التيار
  • قتلـ.ـى وجرحى إسرائيليون.. حزب الله يوجّه ضربات موجهة لجيش الاحتلال