صحيفة الاتحاد:
2024-09-28@02:17:57 GMT

الفن الياباني المعاصر.. صوت الحياة اليومية

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

نوف الموسى (دبي)
تبرز قيمة المعارض الفنية ذات الدلالات الثقافية؛ مثلما هو معرض «الوجود اللطيف» للفنان الياباني تسويوشي هيساكادو، الذي يُقام في مركز جميل للفنون بدبي، في أنها تستوحي من البيئة المحلية في دولة الإمارات، مساحات اجتماعية مشتركة، باعتبارها منصات حوارية عالمية مفتوحة على مختلف الأفكار والذهنيات التي من شأنها أن تنتج أشكالاً إبداعية تتناول القضايا الراهنة، بحس إنساني قادر على التفهم وإدراك التجارب الإنسانية، أمام نمطية الصور المباشرة والمعتقدات الثابتة والسائدة حول مجتمع معين.


ما قدمه الفنان الياباني تسويوشي هيساكادو، من خلال عمله «قطرة ماء»، أحد الأعمال المشاركة في معرض «الوجود اللّطيف» أحدث تمازجاً حسياً، عبر مجموعة من الأصوات اليومية التي سجلها في دولة الإمارات واليابان، مثل أصوات حركة المترو وتساقط المطر وأجهزة التكييف، ويجمعها بأضواء كاشفة ساطعة في غرفة بيضاء مظللة، لتتناغم في تجربة حسية غنية تذكرنا بالمشهد الصوتي للحياة اليومية الذي غالباً ما نتجاهله في خضم مشاغل حياتنا اليومية. ورغم وضوح فكرة العمل وأبعاده في التجسيد المرئي والمسموع، إلا أن مخرجاته الآنية والكيفية التي يستقبل بها المتلقي تلك التداخلات للبيئة المحلية في الإمارات واليابان، تبقى منطقة لافتة، وباعثة لسؤال فيما إذا كانت لكل ثقافة محلية طريقتها في تلقي صوت المدينة، وأين سيكمن التشابه العابر في طبيعة التفاعلات اليومية بين مختلف البيئات المحلية العالمية، وهل التمازج يُقرب المسافة البينية فيما بين التجارب الحسية؟!

أخبار ذات صلة بتوجيهات أحمد بن محمد.. «دولي الصقور» يعلن المشاركين في كأس الاتحاد شرطة دبي تنظم «درع الأكاديمية»

الضوء الخافت
وتكمن أهمية معرض «الوجود اللّطيف»؛ في أنه دعوة فنية للبحث في الفن الياباني المعاصر، وإعادة التفكير في المحاور التاريخية والاجتماعية، وتأثيرها على طبيعة الهويات التي شكلتها التبادلات الثقافية في المجتمع الياباني، وعدم التوقف فقط عند الصورة النمطية المعتادة للتجربة اليابانية عموماً، بل الغوص في رسالة هذا الفن الرئيسية، وإدراك أساليبه المبتكرة ومنهجياته الفنية للتعبير عن إشكالياته المجتمعية، فالتأكيد على التجربة الحسية طوال المعرض الفني إنما هو لغة متباينة بين رغبة الحوار وقوة المشاركة، ففي العمل الفني «قوة» حيث استخدم الفنان تسويوشي هيساكادو، المصابيح الكهربائية والأوراق، والأسلاك الكهربائية، والزجاج، وهي مواد نألفها في حياتنا اليومية، وخصوصاً في أماكن العمل والدراسة، لخلق شعور من عدم الاتساق، إذ تواجهنا أذرع معدنية ممتدة من الأرض حتى السقف وهي ترمي بين الفينة والأخرى قصاصات ورقية، تصحبها ضوضاء منخفضة التردد، وعلى الجانب الآخر من القاعة نجد أيضاً طاولة زجاجية مائلة تتقاطع معها مجموعة من المصابيح ذات الضوء الخافت والمتقطع  في محاولة من الفنان لتجسيد القلق المستمر من انهيار عالمنا المعاصر وهشاشته، وإن كان ظاهره مستقراً وثابتاً. 
لماذا الإصرار على خلق حالة من «الانتباه» لمحيطنا اليومي؛ في جّل أعمال الفنان تسويوشي هيساكادو؟! لعل هذا يعيدنا إلى بعض أهم الفنانين اليابانيين الذين قدموا أعمالاً تركيبية معاصرة في ذات السياق، ومنهم الفنانة اليابانية يوكو موهري «Yuko Mohri»، التي تركز في أعمالها على مفهوم «الظواهر» التي قد تتغير باستمرار في البيئة المحيطة وفقاً لظروف مختلفة، وبذلك فهم يصنعون آلية تأملية، في المساحات الإبداعية، تتبنى الحركة ومنهجية دوائر الطاقة، ضمن ظروف غير ملموسة، فنحن نتحدث هنا عن الضوء، والصوت، والرياح، والجاذبية، والزمن، وعلاقتها بالفضاء العام، وكيف ينتجون تراكيب غير متوقعة لتلك اللقاءات الظرفية، وفق الأعمال التركيبية المعدة للتجربة، لأنهم بذلك يضعون ملامح عامة يستوعبها المتلقي حول القوى غير القابلة للسيطرة عليها، وأيضاً تأثيرها على السلوك والمجرى الإنساني، ما يمدنا بإدراك واسع أن مخرجات الحياة اليومية لا يمكن التنبؤ بها فعلياً، و«الانتباه» هنا وسيلة ضمنية لقياس مستوى نضج اتصالنا مع ما يشكل حرفياً وعينا بالعالم من حولنا في كل لحظة. 

الوجود اللّطيف
وفي محاولة لاستكشاف القوى الطبيعية غير المرئية، التي قد تنتظم حياتنا وتعاملاتنا اليومية، تعامل الفنان تسويوشي هيساكادو، مع ثلاثة أعمال حضرت في معرض «الوجود اللّطيف»، هي: «نهر» و«ضباب» و«هزة أرضية»، مثلت أعمالاً تركيبية على الورق، واعتمدت فكرتها على مسألة التسلسل المنطقي والنسب الثابتة، فبمجرد أن يقترب الإنسان من العمل، يجد أرقاماً صغيرة متداخلة، يختلف إيقاعها بشكل ما -إن صح التعبير- وفقاً للحركة داخل العمل التركيبي، ففي «هزة أرضية»، نجد مقطعاً أفقياً يخترق العمل عرضياً، إشارة لحدوث زلزال. 
أما في «ضباب»، فنرى بقعاً من الحبر الأسود في طيف من الظلال. وفي «نهر» يلاحظ المشاهد ما يشبه الدموع وهي تتخذ شكلاً متصلاً على الورق، وهنا الاضطراب الذي يحدث للمنظومة الطبيعية، إنما هو آلية تعبير جمالية لإدراك متغيرات الأرقام والنسب الكونية في تجسيد أشكال الحياة على الأرض، والتي تبقى مهما بدت قابلة للقياس، صعبة التكهن والرصد والتوقع.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: اليابان دبي

إقرأ أيضاً:

نجوم الفن والإعلام يحتفلون بالعرض الخاص لفيلم “تتذكري؟”

احتفلت الشركة الإماراتية مشكا للاستشارات الفنية، بالعرض الخاص لفيلم “تتذكري؟” في فوكس سينما ياس مول – مدينة أبوظبي، وسط حضور نجوم العمل و صناعه، وعدد غفير من أهل الصحافة والإعلام ومشاهير مواقع التواصل الإجتماعي.
الفيلم من بطولة الفنانة نادين خوري و الفنان ماهر صليبي، ومن إخراج ملاك منصورة، حيث يتناول الفيلم جانب هام من التحديات التي تجسدها شخصية ليلى في هذه الرحلة، حيث تعكس المعارك الداخلية التي نواجهها جميعًا في مراحل مختلفة من الحياة. مؤكداً أنه لا يوجد وقت متأخر لمتابعة الأحلام وإعادة اكتشاف الذات.

وعن كيفية اختيارها لأبطال العمل، صرحت مخرجة العمل ملاك منصورة “تم اختيار الممثلين بعناية فائقة لقدرتهم المميزة على تجسيد الشخصيات، ليس فقط من خلال أدائهم التمثيلي، ولكن أيضًا من خلال ملامحهم وتفاصيلهم الشكلية التي تتناسب تمامًا مع الأدوار، كما كان التناغم بين الشخصيات الرئيسية أمرًا ضروريًا لتوصيل قصة ليلى وتأثير الحب في إحياء شغفها بالحياة.
كما عبر الفنان ماهر صليبي عن سبب انجذابه لهذا العمل قائلاً “أنا من عشاق الأفلام القصيرة لأنها تستطيع إيصال الرسالة المطلوبة بشكل مكثف وفي زمن قصير” مضيفاً ” جذبتني قصة الفيلم كونها تحمل رسائل إنسانية عالية الإحساس” أما عن تجربته الأولى مع المخرجة ملاك منصورة أكد ” أنا من مشجعي الشباب في صناعة السينما وتجربتي الأولى مع ملاك كانت جميلة جداً كونها تحمل روح الشباب المليئة بالتحدي وتعرف جيداً ماذا تريد وما هي الرسائل التي تريد إيصالها، وأتمنى لها النجاح الدائم.”

وعند الحديث عن دور المرأة الإماراتية في صناعة الأفلام في دولة الإمارات حالياً؛ صرحت المخرجة الإماراتية ريحانة الهاشمي والشريك بشركة مشكا ” أرى أنه يتنامى بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت المرأة تشارك بقوة في مختلف مراحل الإنتاج الفني، سواء في الإنتاج أو الإخراج أو الكتابة, مع دعم ملحوظ من الجهات المعنية لتطوير المواهب النسائية، وهذا التقدم يعد جزءًا من رؤية أوسع لدعم صنّاع الأفلام والمبدعين في الدولة.”
كما أضافت ” من خلال شركة مشكا؛ نهدف إلى تقديم أعمال تعكس الأصالة والهوية الثقافية العربية، مع التركيز على تطوير المحتوى الفني الذي يحمل رسالة هادفة ويعزز من التجربة السينمائية الإماراتية والعربية”.
أما الكاتب الإماراتي عبد العزيز المناعي والشريك بشركة مشكا صرح “تتميز مشكا بتركيزها الكبير على كتابة السيناريو لجميع أنواع المشاريع— سواء كانت أفلامًا أو محتوى تلفزيونيًا أو إعلانات. مهمتنا هي تمثيل أصواتنا وثقافتنا بشكل أصيل في القصص التي نرويها.


مقالات مشابهة

  • قبل قمة الزمالك والأهلي.. أبرز رموز الزمالك من الوسط الفني
  • نجوم الفن والإعلام يحتفلون بالعرض الخاص لفيلم "تتذكري؟"
  • قبل ديربي الأهلي والزمالك اليوم.. أبرز انتماءات نجوم الفن للنادي الأهلي
  • نجوم الفن والإعلام يحتفلون بالعرض الخاص لفيلم “تتذكري؟”
  • لماذا لا يزال الفنّان الأردني محروماً من الضمان.؟
  • ”الطماطم تتحول إلى ذهب في عدن... أزمة أسعار خانقة تضرب المائدة اليومية!”
  • نجوم الفن يدعمون لبنان بعد الغارات الإسرائيلية
  • وزيرة الثقافة والفنون تكرّم عميد الفن الأندلسي الفنان القدير الحاج محمد الغافور
  • في ذكرى وفاته.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة خالد صالح
  • حروب الإبادة.. وعبثية الوجود