الثورة نت:
2024-09-07@19:40:34 GMT

الثورة والتحول التاريخي العميق

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

 

التاريخ العربي يختلف عن غيره لأنه يخضع لمنطق مختلف ومتغاير عما سواه، ولذلك نقول باستحالة نقل التجارب الغربية أو غيرها، فالتاريخ لا يستورد كما نستورد السلع، والوعي بضرورة الإصلاح لا يعني بالضرورة الرجوع إلى صدر الإسلام كما تذهب بعض الفرق فذلك مستحيل وفي المقابل لا يعني نقل تجارب الغرب المتحضر فذلك مستحيل أيضا باعتبار الحداثة ليست تحديثا ولكنها نسق فكري ثقافي حضاري تقدمي تقدم عليه أمة أو جماعة لإنجازه بخطاب وتقنيات ومعطيات قادرة على التفاعل وفرض طابعها الخاص التي تتسم به المرحلة أو يتسم به المستوى الحضاري الحديث.


فالحياة في تطور مستمر والجمود هلاك وتحلل وتأسن وهو حالة غير لائقة بالتمدن البشري في كل مراحل التاريخ وفي المقابل الوقوف عند نقاط مضيئة في الماضي لا يعني تطورا وثورة بل يعني الاستسلام والهزيمة لشروط الواقع وأيضا فهما قاصرا للحدث وتموجاته وإرهاصاته، فقدرة أي حدث تقاس من خلال الأثر الذي تركه في البناءات وليس من خلال الموقف الوجداني والانفعالي منه .
وكل حركة ثورية حقيقية تطمح إلى تحول تاريخي عميق يجعل منها مركزا مهما في حركة التاريخ ويمكنها مع غيرها من صنع القرار والمبادرة والإسهام في الحضارة الكونية كند وليس كتابع وهذا ما كانت عليه حركات التحرر في القرن الماضي قبل أن تصاب بالثبات والجمود وقبل أن تتعرض للمؤامرات والاستهداف كالناصرية مثلا وهي تجربة يمكن الاستفادة من تفاعلها مع حركة التاريخ في زمنها ومثل ذلك من تمام الحكمة والعقل إذ لكل تجربة مراكز قوة ومراكز ضعف وقراءة التجارب تجعلنا أكثر تمكنا من التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل.
ونحن في اليمن في متواليات احتفالية برموز ثوريين من آل البيت، بدأنا بثورة الإمام الحسين، ومررنا بثورة الإمام زيد، وها نحن نحتفي بالثورة اليمنية المعاصرة وهي محطات نأمل أن تصنع في إرادتنا طاقات تطمح إلى تحول تاريخي عميق يجعل من اليمن مركزا مهما في حركة التاريخ، فالثورة حركة ديناميكية ومتجددة ثقافيا واجتماعيا وليس نمطية ثابتة ولذلك فالتجدد سمة ثورة وصناعة حقيقية لواقع يتسم بالثورية ويتجدد ويحاول أن يفض إشكالات قضايا المجتمع المعقدة .
والثورة ضرورة اجتماعية لكن غايتها تظل محل خلاف ونقاش ولو حملت مشروعا سياسيا ناهضا، ذلك أن الطبيعة البشرية ذات نزوع إلى الأمجاد والمصالح، وفي طبائع العرب نزوع دوما إلى التمحور حول الذات، فالغاية عند العرب في مدى الأثر الذي تتركه الثورة على مناصريها وليس على جموع الناس، ومثل ذلك قناعة ثقافية عمل الإسلام على تشذيبها لكنها ظلت دائمة الحضور في تفاصيل التفاعل اليومي للثورات التي قامت في الديار الإسلامية عبر حقب التاريخ .
فالحسين عليه السلام لم يثر من أجل دنيا أو منافع أو مصالح بل ثار من أجل تعديل مسار كان يجب أن يعدل قبل أن يصبح ضرره كبيرا وأثره غير قابل للتعديل، وثورة الحسين عليه السلام تعلمنا روح التضحية من أجل الغايات الكبرى والأهداف العظيمة للأمة وهو المسار نفسه الذي رأينا عليه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي فقد بذل نفسه من أجل غايات كبرى ولم ينتظر غرضا من الدنيا زائل وكان بمقدوره أن يتفاوض عليه ويناله وقد عرض عليه يومذاك .
ومن هنا يمكن القول: إن أي انحراف يحدث في المسار العام لا يخدش نبل الهدف الذي قامت على أسسه الثورة اليمنية المعاصرة، فالقضية نسبية وهي خاضعة للاجتهاد، وحتى نستعيد وعينا بذاتنا وبالقيم الثورية الحسينية نحن مطالبون بالتقييم المستمر للتفاعل اليومي مع مفردات الواقع قبل أن يجرفنا تيار المصالح إلى مهاوٍ سحيقة.
ثمة ظاهرة تبرز في واقعنا نجد لها تعديلاً في القرآن ولا بد من الاحتكام إلى آياته ونصوصه القطعية التي لا تقبل التأويل، ونحن مطالبون كما يؤكد قائد الثورة في الكثير من خطاباته ومحاضراته التواصي بالحق، وقد وقف قائد الثورة كثيرا عند فكرة التواصي بالحق والصبر، وهو يدرك أثر التواصي بالحق والتواصي بالصبر في المسار السياسي والثقافي وأثرهما البالغ في المسار العسكري والاجتماعي، ولذلك لم أستغرب إسهابه وإطنابه في الحديث عنهما ومناقشة أبعادهما في التعديل وأثرهما في سلامة الطريقة والمنهج الذي نراه سبيلا للحياة الحرة والكريمة .
ما يحدث في واقعنا اليوم من تفاعلات تترك أثراً غير محمود في المسار، وهي في غالبها تفاعلات لا تمثل توجها عاما لكنها اجتهادات فردية غير محمودة العواقب وقد ضبطها القرآن الكريم في الآية رقم 94 من سورة النساء.
ومن باب التواصي بالحق الذي يؤكد عليه قائد المسيرة القرآنية قائد الثورة لا بد لنا من الوقوف أمام الظواهر ومعالجتها فور وقوعها حتى نحد من أثر الانحراف في المسار الثوري، ولنا في تاريخ الثورات عبرة إن أردنا لثورتنا نجاحا.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

"ويز إير" تطلق مساراً جديداً يربط بين أبوظبي وميلان يونيو المقبل

أعلنت "ويز إير"، اليوم الخميس، افتتاح المسار الأول لطائراتها الجديدة من طراز A321XLR بعيدة المدى، حيث تسيّر الشركة رحلة يومية مباشرة بين مدينة ميلان وأبوظبي اعتباراً من يونيو (حزيران) 2025.

وقالت الشركة، في مؤتمر صحفي عقد بمطار زايد الدولي، إن الرحلة بين ميلان وأبوظبي، تستغرق حوالي ست ساعات على متن طائرات A321XLR التي تتسع لحوالي 239 مسافراً، حيث يعد هذا المسار بداية لعدة مسارات جديدة يتم فيها استخدام هذه الطائرات بعيدة المدى، التي تتميز بمدى يتراوح بين 4700 و8700 كيلومتر، إلى جانب كفاءة استهلاكها للوقود، ما يسهم في الارتقاء بقطاع السفر العابر للقارات وتوفير خدماته أكثر بصورة أكبر.
ومن المتوقع أن تكون كثافة انبعاثات الكربون لطائرات A321XLR، أقل بنسبة 30% من غيرها من أنواع الطائرات العاملة على المسارات نفسها، وذلك انسجاماً مع التزام الشركة بتعزيز العمليات المستدامة.
وقالت تمارا فالوا، رئيس القسم التجاري في شركة ويز إير أبوظبي، إن طائرة A321XLR تعد الأكثر كفاءة من حيث التكلفة في فئتها، وتتميز بمدى أكبر، ما يوفر إمكانية ربط دولة الإمارات بمجموعة كبيرة من الوجهات الحالية، والمستقبلية ضمن شبكتنا المتنامية، ما يعزز الزخم القوي لرحلاتنا الحالية، التي تمتد لست ساعات من أبوظبي، مثل كراكوف وروما.
من جانبها، رحبت ناتالي جونجما، نائبة رئيس تطوير الطيران في مطارات أبوظبي، بإعلان شركة ويز إير عن توسيع شبكتها لتضم مطار زايد الدولي، موضحة أن تسيير طائرة A321XLR على هذا المسار أمرٌ جدير بالثناء، حيث توفر رحلات مباشرة أطول على الطائرات ذات الممر الواحد، وتؤكد التزام الشركة بتزويد المسافرين بمجموعة متنوعة من الوجهات وتجربة سفر سلسة.
وانطلاقاً من التزام ويز إير، بتطوير قطاع السفر والسياحة في العاصمة الإماراتية، قامت بتأسيس شركة ويز إير أبوظبي، المشروع المشترك مع شركة القابضة، التي حققت منذ إطلاقها في يناير (كانون الثاني) 2021 نمواً كبيراً، لتصبح ثاني أكبر شركة طيران من حيث سعة المقاعد في أبوظبي، وتسهم في توسيع خيارات السفر المريحة وبأسعار مقبولة للجميع.

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا تشعر بـالقلق العميق من صواريخ ايرانية نُقلت إلى روسيا
  • انقلاب داخل منظمة بدر في ذي قار بشعار ثورة لتصحيح المسار
  • سيناريوهات الانتخابات الرئاسية في تونس
  • وكالة حماية الدستور لتحصين الانتقال المدني والتحول الديمقراطي في السودان من الحروب الأهلية والانقلابات العسكرية والصراعات المجتمعية
  • يوتيوب تطور أدوات ذكية لحماية المبدعين من التزييف العميق
  • "ويز إير" تطلق مساراً جديداً يربط بين أبوظبي وميلان يونيو المقبل
  • يوم مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ميلاد النور الذي أضاء العالم
  • فيلم “بليتز” الدرامي التاريخي يفتتح مهرجان لندن السينمائي
  • التزييف العميق يستهدف الانتخابات الأميركية.. تحذيرات وحلول
  • الهداف التاريخي لمنتخب أوروغواي سواريز يعلن اعتزاله اللعب دوليا