موقع النيلين:
2024-07-06@01:56:19 GMT

السودان: الاستيطان في أرض الميعاد الجديدة

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

السودان: الاستيطان في أرض الميعاد الجديدة


بذلت قوات الدعم السريع جهوداً كبيرة لإنجاح المشروع الاستيطاني، وبنت مدناً وقرى جديدة، وقامت باستيراد منازل جاهزة للمستوطنين في هذه المدن والقرى.

لم يقتصر الإعداد للحرب الدائرة في السودان الآن على الجانب العسكري الذي مثلته قوات الدعم السريع فحسب، إنما قام على ركائز أخرى أيضاً، منها آلة إعلامية مثلتها فضائيات خليجية ومنصات رقمية تطلق حملات إعلامية مدروسة من عاصمة خليجية، ومن عواصم ومدن غربية ظلت تضطلع بمهمة صناعة رأي عام يعمل على إضعاف الحس الوطني الاستقلالي، وجعل التماسك الوطني هشاً، وتهيئة الشباب والمجتمع لقابلية الاستعمار.

كان الخطاب السياسي والحاضنة السياسية كذلك من ركائز مشروع الحرب. بُني الخطاب السياسي على عناوين رئيسة، من بينها إعادة السودان إلى حضن “المجتمع الدولي”، وتبني النيوليبرالية بأبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والقيمية، والقبول بوصفات البنك الدولي وشروطه، والتطبيع مع الكيان الصهيوني، والتنكر للهوية العربية والقيم الحضارية. وقد مثلت تلك العناوين مضامين خطاب تحالف الحرية والتغيير “المجلس المركزي” الذي يُعتبر الحاضنة السياسية لمشروع الحرب في السودان بطبيعتها الاستعمارية الاستيطانية.

ما كان لهذا المشروع أن يكتمل من دون توفر العامل الديموغرافي الذي يعتبر حاسماً في المعركة العسكرية من خلال توفير القدرات البشرية لها، ويعتبر عاملاً حاسماً وضرورياً لعملية التغيير الديموغرافي المفضي إلى صناعة سودان جديد يناقض تاريخه السياسي والثقافي والاجتماعي والحضاري.

لهذا، تمت عمليات تهجير مدروسة من عربان الشتات الذين تعثر عليهم الاندماج في مجتمعات دول الساحل والصحراء الأفريقية بعد هجرتهم إليها منذ القرن الخامس عشر الميلادي، فتم تهجيرهم من تشاد والنيجر ومالي وأفريقيا الوسطى وليبيا وبقية دول الساحل الأفريقي إلى السودان. وقد وفرت دولة خليجية المال اللازم لعمليات التهجير والاستيطان داخل السودان.

ولأن هذا المشروع هو مشروع تغيير شامل لا يتحقق ولا يكتمل من دون الاشتغال على هذا العامل، فقد حظي باهتمام كبير، إذ تمت عمليات تهجير واسعة النطاق خلال السنوات الأربع الماضية بلغت بضعة ملايين من أعراب الشتات إلى السودان؛ أرض الميعاد الجديدة، وتم توطين هؤلاء المهجرين في دارفور ووسط السودان وشماله، وعلى امتداد نهر النيل.

وتشير المعلومات إلى أن مليوناً ومئة ألف من هؤلاء المهجرين استخرجت لهم قوات الدعم السريع أرقاماً وطنية وجوازات سفر سودانية من مركزين أسَّستهما لهذا الغرض؛ أحدهما في جنوب ليبيا، والآخر في دولة مالي.

وتم وضع خطة متكاملة كذلك لعمليات الاستيطان، كان التركيز فيها على الجغرافيا ذات الخصوصية التاريخية والاقتصادية، كما هي الحال في الشمال والوسط وعلى امتداد نهر النيل، وكان التركيز على الموقع الجغرافي المرتبط بالصراع العربي الأفريقي، مثل دارفور، التي ترتبط بحدود مع بعض الدول التي تم تهجير المستوطنين منها، فتم شراء الأراضي والمزارع في الشمال والوسط وعلى النيل وتوطين المستوطنين فيها، وتم ذلك في بعض ولايات دارفور الخمس.

كما تمت عمليات توطين المستوطنين في الخرطوم بعد طرد السكان وتهجيرهم من منازلهم، وتكرر ذلك في ولاية غرب دارفور، بعدما قامت قوات الدعم السريع بعمليات تطهير عرقي فيها بتاريخ 14/6/2023، راح ضحيتها 5200 شاب ورجل في يوم واحد في مدينة الجنينة عاصمة الولاية وحاضرة قبيلة المساليت صاحبة الأرض والتاريخ في هذه الجغرافيا. وقد شبه البعض هذه المجزرة بمجزرة دير ياسين في فلسطين.

وبعدما قامت قوات الدعم السريع في ذلك اليوم بقتل شباب هذه القبيلة ورجالها، طردت نساءهم من المدينة إلى دولة تشاد المجاورة، وذبحت الأطفال الذكور المرافقين لأمهاتهم، ولم يسلم من الذبح حتى الأطفال الرضع. وفي اليوم التالي لهذه المذبحة، قتلت قوات الدعم السريع والي الولاية خميس أبكر بعدما اعتقلته.

لم يكن مشهد التصفية والتطهير العرقي مشهداً حصرياً في مدينة الجنينة، فقد تكرر في مدينتي زالنجي وكاس، كما تكرر في مدن وقرى أخرى في دارفور، ومثلت منطقة الزُرق مثالاً خاصاً، إذ حدث فيها إحلال سكاني طُرد بموجبه سكانها التاريخيون، وجُعلت مستوطنة خاصة بأسرة قائد الدعم السريع.

بذلت قوات الدعم السريع جهوداً كبيرة لإنجاح المشروع الاستيطاني، وبنت مدناً وقرى جديدة، وقامت باستيراد منازل جاهزة من خارج السودان لتكون سكناً للمستوطنين في هذه المدن والقرى، ووفّرت فيها من الخدمات ما يخاطب حاجات المستوطنين وتطلعاتهم.

وقد استكملت ذلك في الخرطوم التي طرد الدعم السريع غالبية مواطنيها من أحيائهم السكنية ومن بيوتهم، ووطّنت فيها المنتسبين إليها وذويهم المهجرين من دول غرب أفريقيا، في تكرار لما حدث للفلسطنيين على أيدي الاحتلال الصهيوني في القدس.

محمد حسب الرسول -باحث في الشؤون الإقليمية – الميادين

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يحدد 4 شروط للتفاوض مع الدعم السريع

وضع الجيش السوداني الأربعاء شروطا لأي تفاوض مع قوات الدعم السريع يفضي إلى نهاية الحرب، وقال إن استعادة السيطرة على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار جنوب شرقي البلاد مسألة أيام فقط.

وقال ياسر عطا مساعد القائد العام للجيش إن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي يسعى إلى تغيير التركيبة الديمغرافية في السودان.

ونفى وجود أي خطط للقاء بين قائد الجيش رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وحميدتي، وذلك ردا على تقارير تحدثت عن عقد لقاء بينهما قريبا في أوغندا.

وأشار إلى أن أي تفاوض مع قوات الدعم السريع يفضي إلى نهاية الحرب يجب أن تسبقه الاستجابة لعدد من الشروط.

وردا على سؤال للجزيرة نت، أوضح العطا أن شروط الجيش للتفاوض مع الدعم السريع هي:

-استسلام قوات الدعم السريع، "وقد تم تحديد 5 معسكرات لنقل قواتهم إليها مع تعهد بعدم التعرض لهم أو استهدافهم ما داموا في تلك المواقع".

-الانسحاب من كافة المناطق السكنية وإخلاء المباني التي سيطروا عليها خلال الأشهر الماضية.

-تسليم الأسلحة والمعدات القتالية، وإعادة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم، وتسليم المتابعين قضائيا بتهم تتعلق بالانتهاكات التي حدثت خلال الفترة الماضية "والتي شملت أعمال النهب وجرائم الاغتصاب والتعدي على حقوق المواطنين".

وقال إنه لن يكون هناك وجود سياسي أو عسكري لقوات الدعم مستقبلا في القوات المسلحة.

وتعهد مساعد قائد الجيش بجبر الضرر وتقديم التعويضات المناسبة "لكل من استهدفتهم جرائم قوات الدعم خلال الفترة الماضية"، وقال إن الجيش سيعين حكومة مستقلة تشرف على تسيير الأمور اليومية، على أن يواصل تولي السلطة إلى غاية تنظيم انتخابات.

وتحدث عطا لوفد من الإعلاميين في منطقة واد سيدنا العسكرية بأم درمان عن تفاصيل الحرب التي تشهدها السودان منذ نحو 15 شهرا.

الخطة والتمويل

وأكد أن قوات الدعم السريع كانت تخطط من خلال حربها وسعيها للاستيلاء على السلطة لتهميش أكثر من 500 قبيلة في السودان وحصر السلطة في فئة قليلة من المجتمع السوداني.

وأشار إلى أن خطط الدعم تلاقت مع خطط دول أخرى باستهداف لم شمل عرب الشتات في السودان على حساب قبائل السودان الأصلية ذات الأصول الأفريقية.

واتهم عطا الإمارات بالوقوف خلف قوات الدعم السريع بتوفير مختلف أشكال المساندة عبر تدفق الأموال والأسلحة والمرتزقة الذين يتم تجنيدهم من مناطق مختلفة، على حد قوله.

ونقل عطا اعترافا لأحد رؤساء الدول المجاورة للسودان أكد فيه أنه سمح بمرور أسلحة لصالح قوات الدعم مقابل وعود بمليارات الدولارات ولم يتلق منها سوى 750 مليونا، مع وعد بمنح باقي المبلغ على أقساط.

وبخصوص آخر تطورات الحرب التي اقتربت من شهرها الـ15، قال إن قوات الدعم السريع احتلت جبل موية ومدينة سنجة.

وأكد أن العمل جار لتجهيز قوات دعم من جبهات مختلفة ستصل إلى المنطقة تباعا من أجل مواجهة مسلحي قوات الدعم.

مقالات مشابهة

  • السودان: انعدام الوصول للمستلزمات الطبية يعيق علاج مئات الجرحى
  • «أطباء بلا حدود»: انعدام الوصول للمستلزمات الطبية بدارفور يعرقل علاج مئات الجرحى
  • قوات الدعم السريع تعلن السيطرة على لواء تابع للجيش بغرب كردفان
  • السودان.. نزوح أكثر من 136 ألف شخص بسبب معارك سنار
  • السودان.. قوات الدعم السريع تعلن سيطرتها على "الميرم"
  • الدعم السريع يعلن سيطرته على الميرم جنوب السودان
  • الجيش السوداني يعلن صد هجوم للدعم السريع على منطقة الميرم بولاية غرب كردفان
  • الجيش السوداني يعلن صد هجوم للدعم السريع بغرب كردفان
  • الجيش السوداني يحدد 4 شروط للتفاوض مع الدعم السريع
  • مناوي: الدعم السريع دمّرت جميع المستشفيات بمدافع عالية الدقّة جاءت من الإمارات