موقع النيلين:
2025-05-01@14:27:36 GMT

السودان: الاستيطان في أرض الميعاد الجديدة

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

السودان: الاستيطان في أرض الميعاد الجديدة


بذلت قوات الدعم السريع جهوداً كبيرة لإنجاح المشروع الاستيطاني، وبنت مدناً وقرى جديدة، وقامت باستيراد منازل جاهزة للمستوطنين في هذه المدن والقرى.

لم يقتصر الإعداد للحرب الدائرة في السودان الآن على الجانب العسكري الذي مثلته قوات الدعم السريع فحسب، إنما قام على ركائز أخرى أيضاً، منها آلة إعلامية مثلتها فضائيات خليجية ومنصات رقمية تطلق حملات إعلامية مدروسة من عاصمة خليجية، ومن عواصم ومدن غربية ظلت تضطلع بمهمة صناعة رأي عام يعمل على إضعاف الحس الوطني الاستقلالي، وجعل التماسك الوطني هشاً، وتهيئة الشباب والمجتمع لقابلية الاستعمار.

كان الخطاب السياسي والحاضنة السياسية كذلك من ركائز مشروع الحرب. بُني الخطاب السياسي على عناوين رئيسة، من بينها إعادة السودان إلى حضن “المجتمع الدولي”، وتبني النيوليبرالية بأبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والقيمية، والقبول بوصفات البنك الدولي وشروطه، والتطبيع مع الكيان الصهيوني، والتنكر للهوية العربية والقيم الحضارية. وقد مثلت تلك العناوين مضامين خطاب تحالف الحرية والتغيير “المجلس المركزي” الذي يُعتبر الحاضنة السياسية لمشروع الحرب في السودان بطبيعتها الاستعمارية الاستيطانية.

ما كان لهذا المشروع أن يكتمل من دون توفر العامل الديموغرافي الذي يعتبر حاسماً في المعركة العسكرية من خلال توفير القدرات البشرية لها، ويعتبر عاملاً حاسماً وضرورياً لعملية التغيير الديموغرافي المفضي إلى صناعة سودان جديد يناقض تاريخه السياسي والثقافي والاجتماعي والحضاري.

لهذا، تمت عمليات تهجير مدروسة من عربان الشتات الذين تعثر عليهم الاندماج في مجتمعات دول الساحل والصحراء الأفريقية بعد هجرتهم إليها منذ القرن الخامس عشر الميلادي، فتم تهجيرهم من تشاد والنيجر ومالي وأفريقيا الوسطى وليبيا وبقية دول الساحل الأفريقي إلى السودان. وقد وفرت دولة خليجية المال اللازم لعمليات التهجير والاستيطان داخل السودان.

ولأن هذا المشروع هو مشروع تغيير شامل لا يتحقق ولا يكتمل من دون الاشتغال على هذا العامل، فقد حظي باهتمام كبير، إذ تمت عمليات تهجير واسعة النطاق خلال السنوات الأربع الماضية بلغت بضعة ملايين من أعراب الشتات إلى السودان؛ أرض الميعاد الجديدة، وتم توطين هؤلاء المهجرين في دارفور ووسط السودان وشماله، وعلى امتداد نهر النيل.

وتشير المعلومات إلى أن مليوناً ومئة ألف من هؤلاء المهجرين استخرجت لهم قوات الدعم السريع أرقاماً وطنية وجوازات سفر سودانية من مركزين أسَّستهما لهذا الغرض؛ أحدهما في جنوب ليبيا، والآخر في دولة مالي.

وتم وضع خطة متكاملة كذلك لعمليات الاستيطان، كان التركيز فيها على الجغرافيا ذات الخصوصية التاريخية والاقتصادية، كما هي الحال في الشمال والوسط وعلى امتداد نهر النيل، وكان التركيز على الموقع الجغرافي المرتبط بالصراع العربي الأفريقي، مثل دارفور، التي ترتبط بحدود مع بعض الدول التي تم تهجير المستوطنين منها، فتم شراء الأراضي والمزارع في الشمال والوسط وعلى النيل وتوطين المستوطنين فيها، وتم ذلك في بعض ولايات دارفور الخمس.

كما تمت عمليات توطين المستوطنين في الخرطوم بعد طرد السكان وتهجيرهم من منازلهم، وتكرر ذلك في ولاية غرب دارفور، بعدما قامت قوات الدعم السريع بعمليات تطهير عرقي فيها بتاريخ 14/6/2023، راح ضحيتها 5200 شاب ورجل في يوم واحد في مدينة الجنينة عاصمة الولاية وحاضرة قبيلة المساليت صاحبة الأرض والتاريخ في هذه الجغرافيا. وقد شبه البعض هذه المجزرة بمجزرة دير ياسين في فلسطين.

وبعدما قامت قوات الدعم السريع في ذلك اليوم بقتل شباب هذه القبيلة ورجالها، طردت نساءهم من المدينة إلى دولة تشاد المجاورة، وذبحت الأطفال الذكور المرافقين لأمهاتهم، ولم يسلم من الذبح حتى الأطفال الرضع. وفي اليوم التالي لهذه المذبحة، قتلت قوات الدعم السريع والي الولاية خميس أبكر بعدما اعتقلته.

لم يكن مشهد التصفية والتطهير العرقي مشهداً حصرياً في مدينة الجنينة، فقد تكرر في مدينتي زالنجي وكاس، كما تكرر في مدن وقرى أخرى في دارفور، ومثلت منطقة الزُرق مثالاً خاصاً، إذ حدث فيها إحلال سكاني طُرد بموجبه سكانها التاريخيون، وجُعلت مستوطنة خاصة بأسرة قائد الدعم السريع.

بذلت قوات الدعم السريع جهوداً كبيرة لإنجاح المشروع الاستيطاني، وبنت مدناً وقرى جديدة، وقامت باستيراد منازل جاهزة من خارج السودان لتكون سكناً للمستوطنين في هذه المدن والقرى، ووفّرت فيها من الخدمات ما يخاطب حاجات المستوطنين وتطلعاتهم.

وقد استكملت ذلك في الخرطوم التي طرد الدعم السريع غالبية مواطنيها من أحيائهم السكنية ومن بيوتهم، ووطّنت فيها المنتسبين إليها وذويهم المهجرين من دول غرب أفريقيا، في تكرار لما حدث للفلسطنيين على أيدي الاحتلال الصهيوني في القدس.

محمد حسب الرسول -باحث في الشؤون الإقليمية – الميادين

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع ترتكب مجزرة أودت بحياة 31 شخصا وتدمر طائرات بمطار الخرطوم

أكدت وزارة الخارجية السودانية أن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" نفذت مجـزرة أدت إلى مقتل 31 مدنيا جنوب أم درمان واصفة الفعل الجرمية الإرهابية، بينما جرى تدمير العديد من الطائرات في مطار الخرطوم بعد قصف من الجماعة ذاتها.

وطالبت الخرطوم المجتمع الدولي بتصنيف قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية، واتهام الدول الداعمة لها برعاية الإرهاب، محذرة من استمرار تغذية الصراعات في المنطقة.

قالت شبكة أطباء السودان، إن قوات الدعم السريع قتلت 31 شخصا بينهم أطفال، في حي صالحة جنوبي مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، موضحة أن ذلك أكبر جريمة قتل جماعي موثقة تشهدها منطقة صالحة بتهمة الانتماء للجيش.

???? الخارجية السودانية تتهم في بيان لها قوات الدعم السريع بتنفيذ مجـزرة أدت إلى مقتــل 31 مدنيا جنوب أم درمان الأحد، واصفة الفعل بالجــريمة الإرهــابية.

▪ وطالبت الخرطوم المجتمع الدولي بتصنيفها جماعة إرهــابية واتهام الدول الداعمة لها برعاية الإرهـ ـاب محذرة من استمرار تغذية… pic.twitter.com/PCIW9eBMRm — عربي21 (@Arabi21News) April 29, 2025
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لعناصر يرتدون زي "الدعم السريع" وهم يطلقون الرصاص على مجموعة من الأشخاص في الشارع العام بحي صالحة جنوبي أم درمان.


وأعربت الشبكة عن أسفها لعمليات القتل الجماعي ضد المدنيين العزل بمناطق سيطرة "الدعم السريع"، الأمر الذي قالت إنه "يهدد آلاف المدنيين العزل بحي صالحة".

وجاء في البيان: "تعتبر الشبكة ما تم تنفيذه من تصفية جماعية جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية".

وطالبت الشبكة المجتمع الدولي "بالتحرك العاجل لإنقاذ من تبقى من المدنيين وفتح مسارات آمنة تضمن خروجهم من حي صالحة الذي يضم آلاف المدنيين العزل، والضغط على قادة الدعم السريع لوقف الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين (الواقعين) تحت سيطرتها وحفظ أرواحهم".

وغرب السودان، قُتل أكثر من 20 مدنيا وجُرح 40 آخرون في الأيام الثلاثة الأخيرة في قصف للدعم السريع أيضا على مخيم للنازحين تضربه المجاعة في غرب السودان، وفق ما أعلن مسعفون الاثنين.


وفق بيان لغرفة طوارئ معسكر أبوشوك، قصفت قوات الدعم السريع مخيم أبوشوك للنازحين قرب الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بالمدفعية والرصاص الطائش، وهو الذي يأوي عشرات آلاف الفارين والنازحين.

ومن ناحية أخرى، أظهرت مقاطع مصورة تحطم طائرات مدنية سودانية واحتراقها في مطار الخرطوم بعد قصف لقوات الدعم السريع للمطار.

تحطم طائرات مدنية سودانية واحتراقها في مطار الخرطوم بعد قصــف ميـليشيا الدعم السريع للمطار pic.twitter.com/FyKMO2oST7 — عربي21 (@Arabi21News) April 29, 2025
ومنذ أسابيع تشهد مناطق متفرقة في أم درمان اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تدافع الأخيرة عن آخر مناطق سيطرتها في ولاية الخرطوم.

وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مؤخرا مساحات سيطرة "الدعم السريع" في ولايات السودان لصالح الجيش، وتسارعت انتصارات الأخير في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.


وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور (غرب).

ويخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مقالات مشابهة

  • مصدر عسكري: قوات الدعم السريع تقصف القصر الجمهوري في الخرطوم بمدفعية بعيدة المدى
  • الدعم السريع تهاجم كردفان والنيل الأبيض وتقتل مدنيين في الفاشر
  • شهادات ميدانية تتحدث عن مجزرة دموية للدعم السريع بحق سكان الفاشر
  • السودان.. اشتباكات دامية في شمال كردفان وتحقيقات دولية حول أسلحة مهربة إلى دارفور
  • السودان يطالب الصين بتوضيح حول كيفية حصول قوات الدعم السريع على مسيرات صينية
  • جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد
  • جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد"
  • الدعم السريع ترتكب مجزرة أودت بحياة 31 شخصا وتدمر طائرات بمطار الخرطوم
  • السودان.. 20 قتيلًا في قصف لقوات الدعم السريع على مخيم "أبو شوك"
  • السودان.. الدعم السريع يشن قصفا عنيفا على الفاشر