موقع النيلين:
2025-03-18@03:12:17 GMT

السودان: الاستيطان في أرض الميعاد الجديدة

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

السودان: الاستيطان في أرض الميعاد الجديدة


بذلت قوات الدعم السريع جهوداً كبيرة لإنجاح المشروع الاستيطاني، وبنت مدناً وقرى جديدة، وقامت باستيراد منازل جاهزة للمستوطنين في هذه المدن والقرى.

لم يقتصر الإعداد للحرب الدائرة في السودان الآن على الجانب العسكري الذي مثلته قوات الدعم السريع فحسب، إنما قام على ركائز أخرى أيضاً، منها آلة إعلامية مثلتها فضائيات خليجية ومنصات رقمية تطلق حملات إعلامية مدروسة من عاصمة خليجية، ومن عواصم ومدن غربية ظلت تضطلع بمهمة صناعة رأي عام يعمل على إضعاف الحس الوطني الاستقلالي، وجعل التماسك الوطني هشاً، وتهيئة الشباب والمجتمع لقابلية الاستعمار.

كان الخطاب السياسي والحاضنة السياسية كذلك من ركائز مشروع الحرب. بُني الخطاب السياسي على عناوين رئيسة، من بينها إعادة السودان إلى حضن “المجتمع الدولي”، وتبني النيوليبرالية بأبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والقيمية، والقبول بوصفات البنك الدولي وشروطه، والتطبيع مع الكيان الصهيوني، والتنكر للهوية العربية والقيم الحضارية. وقد مثلت تلك العناوين مضامين خطاب تحالف الحرية والتغيير “المجلس المركزي” الذي يُعتبر الحاضنة السياسية لمشروع الحرب في السودان بطبيعتها الاستعمارية الاستيطانية.

ما كان لهذا المشروع أن يكتمل من دون توفر العامل الديموغرافي الذي يعتبر حاسماً في المعركة العسكرية من خلال توفير القدرات البشرية لها، ويعتبر عاملاً حاسماً وضرورياً لعملية التغيير الديموغرافي المفضي إلى صناعة سودان جديد يناقض تاريخه السياسي والثقافي والاجتماعي والحضاري.

لهذا، تمت عمليات تهجير مدروسة من عربان الشتات الذين تعثر عليهم الاندماج في مجتمعات دول الساحل والصحراء الأفريقية بعد هجرتهم إليها منذ القرن الخامس عشر الميلادي، فتم تهجيرهم من تشاد والنيجر ومالي وأفريقيا الوسطى وليبيا وبقية دول الساحل الأفريقي إلى السودان. وقد وفرت دولة خليجية المال اللازم لعمليات التهجير والاستيطان داخل السودان.

ولأن هذا المشروع هو مشروع تغيير شامل لا يتحقق ولا يكتمل من دون الاشتغال على هذا العامل، فقد حظي باهتمام كبير، إذ تمت عمليات تهجير واسعة النطاق خلال السنوات الأربع الماضية بلغت بضعة ملايين من أعراب الشتات إلى السودان؛ أرض الميعاد الجديدة، وتم توطين هؤلاء المهجرين في دارفور ووسط السودان وشماله، وعلى امتداد نهر النيل.

وتشير المعلومات إلى أن مليوناً ومئة ألف من هؤلاء المهجرين استخرجت لهم قوات الدعم السريع أرقاماً وطنية وجوازات سفر سودانية من مركزين أسَّستهما لهذا الغرض؛ أحدهما في جنوب ليبيا، والآخر في دولة مالي.

وتم وضع خطة متكاملة كذلك لعمليات الاستيطان، كان التركيز فيها على الجغرافيا ذات الخصوصية التاريخية والاقتصادية، كما هي الحال في الشمال والوسط وعلى امتداد نهر النيل، وكان التركيز على الموقع الجغرافي المرتبط بالصراع العربي الأفريقي، مثل دارفور، التي ترتبط بحدود مع بعض الدول التي تم تهجير المستوطنين منها، فتم شراء الأراضي والمزارع في الشمال والوسط وعلى النيل وتوطين المستوطنين فيها، وتم ذلك في بعض ولايات دارفور الخمس.

كما تمت عمليات توطين المستوطنين في الخرطوم بعد طرد السكان وتهجيرهم من منازلهم، وتكرر ذلك في ولاية غرب دارفور، بعدما قامت قوات الدعم السريع بعمليات تطهير عرقي فيها بتاريخ 14/6/2023، راح ضحيتها 5200 شاب ورجل في يوم واحد في مدينة الجنينة عاصمة الولاية وحاضرة قبيلة المساليت صاحبة الأرض والتاريخ في هذه الجغرافيا. وقد شبه البعض هذه المجزرة بمجزرة دير ياسين في فلسطين.

وبعدما قامت قوات الدعم السريع في ذلك اليوم بقتل شباب هذه القبيلة ورجالها، طردت نساءهم من المدينة إلى دولة تشاد المجاورة، وذبحت الأطفال الذكور المرافقين لأمهاتهم، ولم يسلم من الذبح حتى الأطفال الرضع. وفي اليوم التالي لهذه المذبحة، قتلت قوات الدعم السريع والي الولاية خميس أبكر بعدما اعتقلته.

لم يكن مشهد التصفية والتطهير العرقي مشهداً حصرياً في مدينة الجنينة، فقد تكرر في مدينتي زالنجي وكاس، كما تكرر في مدن وقرى أخرى في دارفور، ومثلت منطقة الزُرق مثالاً خاصاً، إذ حدث فيها إحلال سكاني طُرد بموجبه سكانها التاريخيون، وجُعلت مستوطنة خاصة بأسرة قائد الدعم السريع.

بذلت قوات الدعم السريع جهوداً كبيرة لإنجاح المشروع الاستيطاني، وبنت مدناً وقرى جديدة، وقامت باستيراد منازل جاهزة من خارج السودان لتكون سكناً للمستوطنين في هذه المدن والقرى، ووفّرت فيها من الخدمات ما يخاطب حاجات المستوطنين وتطلعاتهم.

وقد استكملت ذلك في الخرطوم التي طرد الدعم السريع غالبية مواطنيها من أحيائهم السكنية ومن بيوتهم، ووطّنت فيها المنتسبين إليها وذويهم المهجرين من دول غرب أفريقيا، في تكرار لما حدث للفلسطنيين على أيدي الاحتلال الصهيوني في القدس.

محمد حسب الرسول -باحث في الشؤون الإقليمية – الميادين

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

تجهيز مدينة سودانية لتكون عاصمة الحكومة الموازية

متابعات ـ تاق برس  قال مسؤول الإدارة المدنية التابعة لقوات الدعم السريع في جنوب دارفور، إن الاستعدادات اكتملت لإعلان الحكومة الموازية من داخل نيالا .

ونفذ سلاح الجو التابع لجيش السوداني اليوم قصف جوى على اجزاء متفرقة من نيالا، التى لا تزال تحت سيطرة قوات الدعم السريع وتستغل مطارها لاستقبال إمدادات لوجستية من الإمارات ـوفقا لوسائل إعلام غربية. ووفقا لموقع “دارفور24″، فإن  وفد من تحالف السودان التأسيسي، وصل إلى مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، تمهيدًا لإعلان الحكومة الموازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع. وأشار إلى أن الإدارة المدنية قامت بصيانة مباني أمانة الحكومة وبيت الضيافة وسط المدينة استعدادًا لاستقبال أعضاء الحكومة والترتيب لتسيير دولاب العمل في نيالا. وأوضح أن بعض المباني في حي المطار شرق المدينة جرى تجهيزها لاستضافة الحكومة، منها فندق الضمان الاجتماعي ومقرات حيوية أخرى. وقالت مصادر لـ “دارفور24″، إن وفدًا من تحالف “تأسيس” وصل إلى مدينة نيالا قادمًا من العاصمة الكينية نيروبي أواخر الأسبوع الماضي. وأشارت إلى أن الوفد يضم عددًا من قادة التحالف على رأسهم عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي. وتوقع المصدر أن تُعلن الحكومة الموازية خلال شهر مارس الجاري من مدينة نيالا. وتوصلت قوات الدعم السريع والحركة الشعبية ــ شمال وحركة تحرير السودان ــ المجلس الانتقالي، وتجمع قوى تحرير السودان، وقوى سياسية أخرى، إلى دستور انتقالي بعد توقيعهم على ميثاق سياسي بموجبه تكون تحالف “تأسيس”. وأقام حزب الأمة القومي بولاية جنوب دارفور، السبت، ورشة لتحالف السودان التأسيسي حول الدستور الانتقالي 2025. وقال سكرتير حزب الأمة القومي بولاية جنوب دارفور حافظ عمر إن حزب الأمة ظل يعمل من أجل السلام والاستقرار، وتحقيق الممارسة الديمقراطية والشفافية، وسيادة حكم القانون. وأثارت مشاركة رئيس حزب الأمة فضل الله برمة ناصر في ترتيبات الميثاق السياسي والدستور الانتقالي جدلًا واسعًا في السودان وداخل أروقة التنظيم. عاصمة الحكومة الموازيةمدينة سودانية

مقالات مشابهة

  • قائد «درع السودان» يتبرأ من جرائم «الدعم السريع» ويؤكد أنه جزء من الجيش
  • مقتل وجرح العشرات بقصف لـ«قوات الدعم السريع» في السودان
  • شبكة أطباء السودان: مقتل وإصابة 23 شخصاً بمدينة الأبيض جراء قصف صاروخي للدعم السريع
  • السودان.. الجيش يقترب من القصر الرئاسي وهروب لقوات الدعم السريع
  • الدعم السريع يتوغل في جنوب السودان ويسيطر على حامية عسكرية بعد مقتل قائدها 
  • السودان.. «الدعم السريع» يهدد بالتصعيد ويحدد خريطة عملياته
  • قائد قوات الدعم السريع: سنبقى في الخرطوم ولن نخرج من القصر الجمهوري
  • تجهيز مدينة سودانية لتكون عاصمة الحكومة الموازية
  • الجيش السوداني يتقدم بالفاشر والدعم السريع يقتل 8 مدنيين بالخرطوم
  • هل دخل السودان عصر الميليشيات؟