جولة البرهان الخارجية.. سعي حقيقي لدعم إنهاء الحرب أم هروب من واقع مأزوم؟
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
تباينت آراء ضيفي برنامج "ما وراء الخبر" بشأن دلالات جولة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الخارجية، والتي كانت محطتها الثالثة في الدوحة، وتصريحاته الأخيرة بشأن أولويات المرحلة المقبلة، وقراره الذي سبقها بحل قوات الدعم السريع.
ففي الوقت الذي رأى فيه الأكاديمي السوداني المختص في الشؤون السياسية والعسكرية الدكتور أسامة عيدروس أن ذلك يتسق مع رؤية الدولة السودانية وتصورها للأزمة اعتبر الدكتور إبراهيم مخير عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع تصريحات البرهان "عدائية" وتتعارض مع موقف قطر الداعي لتحقيق السلام عبر المفاوضات بين كل الأطراف.
جاء ذلك خلال حلقة ما وراء الخبر (2023/9/7) التي تناولت تصريحات البرهان في محطته الثالثة من جولته الخارجية حيث أنهى زيارة إلى الدوحة وصرح فيها بأن الأولوية في هذه المرحلة هي لإنهاء ما سماه التمرد وهزيمته، وحرص القوات المسلحة بعد ذلك على استكمال المرحلة الانتقالية والانتقال إلى حكم مدني.
وجاءت تصريحات البرهان غداة إصداره قرارا بحل قوات الدعم السريع وإلغاء قانون إنشائها، فيما جدد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال لقائه البرهان في الدوحة تأكيد موقف بلاده الداعي لوقف القتال في السودان وانتهاج الحوار والطرق السلمية لتجاوز الخلافات.
وتساءلت حلقة "ما وراء الخبر" عن الأهداف التي سعى البرهان لتحقيقها بزيارته الدوحة والرسائل التي حملتها تصريحاته خلالها وكيف ستستقبلها الأطراف المعنية بالأزمة السودانية، ودلالة توقيت إلغائه قانون قوات الدعم السريع بعد 140 يوما من القتال، والقيمة العملية لهذا القرار، ودلالة تزامنه مع عقوبات أميركية ضد قيادات بالدعم السريع.
جولة لجمع الدعموبحسب الدكتور عيدروس، فإن زيارة البرهان إلى الدوحة تأتي ضمن سلسلة زيارات لجمع الدعم الكافي لجهود وقف الحرب، بدأت بدول الجوار وتلتها قطر "كونها الأقرب لوجدان الشعب السوداني، وصاحبة الأدوار المعروفة في دعم السودان سياسيا وإنسانيا في مختلف المراحل".
وأضاف أن جهات عدة سعت إلى تدويل ملف الحرب في السودان، وذلك بعد أسبوعين فقط من بدء المواجهات، وذلك من خلال محاولة فرض البند السابع في مجلس الأمن، وتقديم مبادرات من شأنها نزع السيادة السودانية، وهو الأمر الذي كان مرفوضا.
وأكد عيدروس على أن اختيار قطر لا يعني استهداف مبادرات جديدة في ظل استمرار مسار جدة وما تقدمه منظمة إيغاد رغم التحفظات، لكنه يرى أن أهمية الدور القطري ينطلق من خصوصيته وتفرده في ملفات محددة، مثل ملفات الأسرى والمختطفين الذين تجاوز عددهم 5 آلاف شخص، وكذلك ملف الدعم الإغاثي.
واعتبر الأكاديمي السوداني أن جولات البرهان تؤكد عودة الدولة ودولابها للعمل، نافيا وجود تناقض بين دعم مسار وقف الحرب وتأكيد البرهان على ضرورة إنهاء التمرد، في ظل إصرار قادة الدعم السريع على عدم الالتزام ببنود اتفاق جدة.
واعتبر الحديث عن عدم دستورية قرار حل الدعم السريع "أمرا مضحكا" كون المرسوم الدستوري بشأن تبعيتها للقوات المسلحة صادر عن البرهان نفسه، ومن ثم فإصداره قرارا آخر بشأن حلها لا يمكن اعتباره غير دستوري.
تصريحات عدائيةفي المقابل، ومع اعتباره تصريحات البرهان "عدائية" يرى الدكتور إبراهيم مخير أنها لا تتسق مع دعوة قطر لضرورة تحقيق السلام عبر المفاوضات بين جميع الأطراف، متسائلا عن الصفة التي يجري بها البرهان زيارته الخارجية تلك.
وذهب مخير إلى التأكيد أن البرهان منذ انقلابه على الديمقراطية في السودان "لا يملك شرعية قانونية أو دستورية" على حد تعبيره، مضيفا أنه انتهى عسكريا، وهو "هارب من الخرطوم" في وقت تلقى فيه قواته الهزائم تلو الأخرى.
واعتبر ما سماها "المزاعم" بشأن جرائم قوات الدعم السريع غير حقيقية ولا تعتمد على معلومات صحيحة، وأن المنظمات التي تتحدث عن تقارير صادرة بهذا الشأن خرجت من السودان منذ بدء الحرب رغم دعوات قوات الدعم السريع لها وللصحافة للوجود في مناطق سيطرتها للوقوف على الحقائق على الأرض، حسب قوله.
وشدد على أن قوات الدعم السريع تدعم كل مبادرات وقف إطلاق النار، لكنه يطالب بتوحيدها عبر منبر واحد، وهي مستمرة في انتصاراتها على الأرض، وتدعو البرهان ومن معه لتسليم أنفسهم إلى العدالة، وستجبره على الرضوخ لقرارات مسار جدة التي يحاول التنصل منها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع تصریحات البرهان
إقرأ أيضاً:
السودان: قصة ناجٍ من الموت بين مطرقة الدعم السريع وسندان الجيش
“تم تعذيبي من قبل الدعم السريع بالسياط بواقع 250 جلدة بحجة تعاوني مع الجيش، وكسروا أصابعي. وعند سيطرة الجيش على الكدرو، اتهمني أفراد القوات المسلحة السودانية بتبعيتي للمعسكر الآخر وكادوا أن يقوموا بتصفيتي، ونجوت بأعجوبة”.
الخرطوم: التغيير
بهذه الكلمات، ابتدر أشرف محمد خير حديثه لـ (التغيير) بعد شهور من التعذيب والاتهامات التي قضاها في ضاحية الكدرو بالخرطوم بحري. أشرف، الذي ظهر في مقطع فيديو متداول قبل فترة، بدا هو وأفراد أسرته في حالة صحية حرجة، حيث برزت عظامهم من فرط الجوع.
يحكي محمد خير مأساته التي بدأت في 24 أبريل 2024، عقب دخول الدعم السريع منطقة الكدرو، كاشفًا أنه تم اتهامه بالتعاون مع الجيش وجرى تعذيبه حتى كُسرت أصابعه، وفرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله.
إقامة جبريةمكث أشرف في الإقامة الجبرية حتى دخول الجيش في سبتمبر 2024. وبعد سيطرة القوات المسلحة على المنطقة، تنفس أشرف الصعداء وجرى إسعافه بمستشفى أم درمان، حيث خضع لفحوصات عامة كشفت عن ضعف حاد وفقدان جزئي للنظر.
يقول أشرف محمد خير لـ (التغيير): “خلال الفترة الأولى من دخول الدعم السريع، انعدمت الخدمات. كنت أضطر للمشي لمدة ساعتين لأجد أقرب سوق أبتاع منه المستلزمات. في إحدى المرات، استيقظت عقب صلاة الفجر قاصدًا منطقة السامراب وأنا أحمل بعض القمح، لأتفاجأ بأن الطاحونة لا تعمل بسبب انقطاع الكهرباء. عدت بخفي حنين وقطعت ذات المسافة في ساعتين”.
وأضاف: “كان أفراد الدعم السريع يزورونني بين الحين والآخر برفقة أسرتي ويوزعون لنا بعض الزيت والدقيق والبصل”.
وتابع: “بعد دخول الجيش، كاد أفراده أن يقوموا بتصفيتي بعد اتهامي بأنني (دعم سريع)، وفي لحظة خاطفة سحب جندي سلاحه وصوّبه نحو رأسي، لكن القائد تدخل وأمر بالتحري أولًا”.
واردف: “مكثت ثلاث ساعات تحت رحمة الجنود حتى تأكدوا من هويتي، ونجوت بأعجوبة. بعض الأهل فقدوا الاتصال بي وبأسرتي واعتقدوا أننا في عداد الأموات. كانت تجربة قاسية ومريرة”.
انعدام العلاجوأشار أشرف إلى أن والدته لم تتلقَّ علاجاتها خلال تلك الفترة، وهي تعاني من مشاكل في القلب، ولم تحصل على أدوية تنظيم ضربات القلب، أو أدوية الغدة، أو قطرات العيون لمدة خمسة أشهر، حتى تم إسعافها بالفيتامينات والمحاليل الوريدية.
وكشف محمد خير أنهم عاشوا بدون كهرباء أو ماء خلال تلك الفترة. وأضاف: “كنت أرتدي قميصًا واحدًا طوال هذه الفترة لأن أفراد الدعم السريع أمروني بعدم تبديله حتى يتسنى لهم التعرف عليّ”.
وتابع: “بعد جلدي 250 جلدة وتعذيبي، فقدت الوعي مما جعلهم يهربون ويتركونني مغمًى عليّ لمدة يومين. كنت مقيدًا من رجلي ومعصوب العينين”.
وختم حديثه بالقول: “لا زلنا في منطقة الكدرو ببحري، حيث توافدت بعض الأسر وبدأت الحياة تعود لطبيعتها تدريجيًا، لكن ما عايشته من آلام ومآسٍ لن يُمحى من ذاكرتي”.
الوسومآثار الحرب في السودان الكدرو انتهاكات الجيش السوداني انتهاكات الدعم السريع ولاية الخرطوم