رغم منحها صفة أمنية مستقلة خلال السنوات الست الماضية، أعلن رئيس مجلس السيادة في السودان، عبدالفتاح البرهان، الأربعاء، حلّ قوات الدعم السريع التي تواجه الجيش السوداني في أزمة اندلعت منذ منتصف أبريل الماضي.

وأصدر البرهان مرسوما دستوريا قضى بإلغاء قانون قوات الدعم السريع لسنة 2017، وتعديلاته لسنة 2019.

وتزامن قرار البرهان مع عقوبات أميركية، صدرت الأربعاء، بحق عبد الرحيم، شقيق قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف باسم “حميدتي”.

وتقاتل المجموعة شبه العسكرية الرئيسية في السودان الجيش السوداني منذ منتصف أبريل في صراع أدى لحرب مفتوحة في العاصمة، الخرطوم، وعمليات قتل لأسباب عرقية في دارفور ونزوح الملايين عن ديارهم.

يقدّر محللون قبل بدء الحرب عدد القوات بنحو 100 ألف فرد لهم قواعد وينتشرون في أنحاء البلاد، بحسب ما ذكرته رويترز.

كانت بداية ظهور قوات الدعم السريع، في 2013، وهي مليشيات شبه عسكرية مكونة من قوى الجنجويد، كانت تقاتل نيابة عن الحكومة السودانية في عهد الرئيس الأسبق، عمر البشير، خلال الحرب في دارفور. وتتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في تلك الفترة، ناهيك عن استخدامها في قمع المعارضين واضطهادهم.

وخرجت قوات الدعم السريع من رحم ميليشيا الجنجويد العربية التي قاتلت في الصراع بدارفور في العقد الأول من الألفية واستخدمها نظام عمر البشير الحاكم آنذاك لمساعدة الجيش في إخماد تمرد.

وشرّد الصراع حينها ما يربو على مليوني شخص وأدى لمقتل 300 ألفا في الفترة بين عامي 2003 و2008. واتهم مدعو المحكمة الجنائية الدولية مسؤولين حكوميين وقادة في ميليشيا “الجنجويد” بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.

ونمت القوات بمرور الوقت واستُخدمت كحرس حدود على وجه الخصوص لتضييق الخناق على الهجرة غير النظامية. وبالتوازي مع ذلك، توسعت المصالح التجارية لحميدتي بمساعدة البشير، حيث استحوذت عائلته على أنشطة كبيرة في مجالات تعدين الذهب وتربية الماشية والبنية التحتية.

وبدءا من عام 2015، شرعت قوات الدعم السريع مع الجيش السوداني في إرسال قوات للمشاركة في الحرب باليمن إلى جانب القوات السعودية والإماراتية، مما سمح لحميدتي بإقامة علاقات مع القوتين الخليجيتين.

وفي عام 2017، أقر السودان قانونا يمنح قوات الدعم السريع صفة قوة أمنية مستقلة. وقالت مصادر عسكرية إن قيادة الجيش عبرت على مدى فترة طويلة عن قلقها إزاء تمدد نفوذ قوات حميدتي، بحسب ما نقلته رويترز.

وتُعرّف قوات الدعم السريع نفسها على أنها “قوات عسكرية قومية التكوين تعمل تحت إمرة القائد العام، بهدف إعلاء قيم الولاء لله والوطن، وتتقيد بمبادئ القوات المسلحة”، مشيرة إلى أنها تعمل بموجب “قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017”.

في أبريل من عام 2019، شاركت قوات الدعم السريع في الانقلاب العسكري الذي أطاح بالبشير. وفي وقت لاحق من ذلك العام، وقع حميدتي اتفاقا لتقاسم السلطة منحه منصب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم الذي يرأسه قائد الجيش، البرهان.

وقبل التوقيع في عام 2019، اتهم نشطاء قوات الدعم السريع بالمشاركة في قتل عشرات المحتجين المطالبين بالديمقراطية. واتهمت جماعات حقوقية أيضا أفرادا من قوات الدعم السريع بممارسة العنف القبلي. ورفع حميدتي الحصانة عن بعضهم للسماح بمحاكمتهم.

واعتذر حميدتي، عام 2022، عن الجرائم التي ارتكبتها الدولة بحق الشعب السوداني دون الخوض في تفاصيل.

وفي يوليو من عام 2019، تم تعديل قانون قوات الدعم السريع بحذف مادة منه تلغي خضوعه لأحكام قانون القوات المسلحة، وهو ما عزز من استقلاليتها عن الجيش.

شاركت قوات الدعم السريع في انقلاب عام 2021 الذي عطل العملية الانتقالية نحو إجراء انتخابات. وقال حميدتي في وقت لاحق إنه يأسف لحدوث الانقلاب وعبر عن تأييده لاتفاق لاقى دعما دوليا لإجراء انتخابات في ظل حكومة مدنية.

طالب الجيش السوداني والقوى المؤيدة للديمقراطية بدمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش النظامي، مما أثار التوتر بشأن الخطة الانتقالية وأشعل فتيل اشتباكات عنيفة في الخرطوم في منتصف أبريل من عام 2023.

ومنذ اندلاع الحرب، يتهم السكان وجماعات حقوق الإنسان ومراقبو الصراع قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بارتكاب هجمات ذات دوافع عرقية في دارفور. كما اتهموا قوات الدعم السريع بنشر العنف الجنسي والقيام بعمليات نهب جماعية في الخرطوم.

من جهتها، نفت قوات الدعم السريع الاتهامات بأنها تقف وراء أعمال العنف في دارفور، وقالت إن خصومها يروجون لاتهامات بالاغتصاب. وتقول إنها ستحاسب أي قوات يتبين تورطها في الانتهاكات.

قناة الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الجیش السودانی فی دارفور من عام

إقرأ أيضاً:

مقتل أربعة مدنيين وإصابة آخرين بجروح في الفاشر جراء قصف الدعم السريع

أعلن الجيش السوداني، الخميس،  مقتل أربعة مدنيين وإصابة تسعة آخرين بجروح متفاوتة جراء قصف مدفعي مكثف نفذته قوات "الدعم السريع" على أحياء بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، غربي البلاد. 

وأوضحت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش، في بيان رسمي، أن القصف الذي وقع مساء أمس الأربعاء، استهدف مناطق سكنية مأهولة، ما أسفر عن سقوط ضحايا من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، وتم نقل المصابين منهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج اللازم.

وأشار البيان إلى أن قوات الجيش تمكنت، خلال العمليات العسكرية الأخيرة، من قطع خطوط إمداد لقوات "الدعم السريع"، وتدمير خمس مركبات قتالية، والاستيلاء على ثلاث أخرى، بالإضافة إلى تدمير مدفع هاون وقتل عشرة من عناصر القوات المهاجمة. 

ولم تصدر "الدعم السريع" حتى الساعة أي تعليق رسمي على بيان الجيش.


غوتيريش يعرب عن انزعاجه
وفي تطور متصل، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن "انزعاجه البالغ" إزاء التدهور المستمر في الأوضاع الإنسانية والأمنية في ولاية شمال دارفور، لا سيما مع تواصل الهجمات المسلحة على مدينة الفاشر. 

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، في بيان مساء أمس الأربعاء، إن الهجمات الأخيرة تأتي بعد أيام من استهداف مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين، واللذين يعاني قاطنوهما من الجوع وسوء التغذية، مشيرا إلى تقارير تفيد بمقتل مئات المدنيين، بينهم عاملون في المجال الإنساني.

وعبّر البيان الأممي، عن "قلق بالغ" إزاء الانتهاكات المتزايدة، بما في ذلك عمليات مضايقة واحتجاز تعسفي للنازحين عند نقاط التفتيش، مؤكداً أن أكثر من 400 ألف شخص اضطروا للنزوح من مخيم زمزم وحده خلال الأسابيع الماضية. 

وعلى الرغم من التحديات الأمنية ونقص التمويل الحاد، أكد المتحدث أن الأمم المتحدة وشركاءها يواصلون بذل الجهود لتقديم الدعم الإنساني العاجل، خصوصا في منطقة "طويلة" التي تستقبل الغالبية العظمى من نازحي زمزم.

في المقابل، أعلنت قوات "الدعم السريع" عبر تسجيلات مصورة بثتها عبر وسائل إعلامها أنها سيطرت على عدد من الأحياء جنوب مدينة الفاشر، وتواصل التقدم في المحور الشمالي للمدينة، مؤكدة عزمها على "تحقيق النصر" في معارك دارفور.


"أسوأ أزمة جوع في العالم"
من جانبه، كشف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في تقرير صدر أمس الأربعاء، أن الحرب المستمرة في السودان منذ عامين دفعت البلاد إلى ما وصفه بـ"أسوأ أزمة جوع في العالم"، حيث يعاني نحو 24.6 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم 638 ألفاً يواجهون مستويات كارثية من الجوع، وهي النسبة الأعلى عالمياً. 

As thousands of families in #Sudan flee areas where fighting is escalating, WFP assistance is following them.

Listen as WFP's Shaun Hughes explains what's at risk now for families caught up in the crisis. ⤵️ pic.twitter.com/IhDUvUR4ld — World Food Programme (@WFP) April 30, 2025
????شاهد: وصول شحنات إضافية من مساعدات برنامج الأغذية العالمي إلى طويلة، شمال دارفور.

يرسل برنامج الأغذية العالمي بسرعة المساعدات الغذائية والتغذوية التي تشتد الحاجة إليها لآلاف العائلات التي عانت من مستويات مروعة من العنف في مخيم الفاشر وزمزم في #السودان. pic.twitter.com/Y8T8AAg1FC — برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (@WFP_Arabic) May 1, 2025
وحذر البرنامج من أن موسم الأمطار القادم قد يعرقل عمليات الإغاثة بسبب تعذر الوصول إلى المناطق المتضررة، ما يهدد التقدم المُحرز في التصدي لخطر المجاعة.

وتشهد مدينة الفاشر منذ العاشر من أيار/مايو 2024 اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني و"الدعم السريع"، رغم التحذيرات الإقليمية والدولية من خطورة التصعيد، خصوصاً أن المدينة تُعد المركز الرئيسي لعمليات الإغاثة الإنسانية في ولايات دارفور الخمس. 


وكان الهجوم المتواصل على مخيم زمزم قد أسفر، بحسب الأمم المتحدة، عن مقتل نحو 400 مدني ونزوح أكثر من 400 ألف شخص، بعدما أعلنت "الدعم السريع" سيطرتها على المخيم منتصف نيسان/ أبريل الماضي.

ويستمر القتال بين الجيش و"الدعم السريع" منذ اندلاع النزاع في نيسان/ أبريل 2023، ما أدى إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح نحو 15 مليون شخص داخلياً وخارجياً، وفق تقديرات الأمم المتحدة، بينما تشير دراسات جامعات أمريكية إلى أن العدد الحقيقي للضحايا قد يناهز 130 ألف قتيل.

وفي سياق ميداني متصل، أحرز الجيش السوداني تقدماً في عدد من محاور القتال، وحقق مكاسب استراتيجية في العاصمة الخرطوم، شملت استعادة السيطرة على القصر الجمهوري ومقار حكومية وأمنية، فضلاً عن تقدمه في بعض الولايات. 

وبحسب مراقبين، فإن "الدعم السريع" باتت تسيطر على مناطق محدودة في شمال وغرب كردفان، وأجزاء من جنوب كردفان والنيل الأزرق، إلى جانب أربع ولايات في إقليم دارفور.

مقالات مشابهة

  • اغتيال مراسل إذاعي في معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
  • معارك ضارية وقصف بالطيران الحربي وجريمة متكاملة الأركان.. الجيش السوداني يوضح تفاصيل استعادة مدينة من الدعم السريع
  • الدعم السريع تهاجم كردفان والنيل الأبيض وتقتل مدنيين في الفاشر
  • مقتل أربعة مدنيين وإصابة آخرين بجروح في الفاشر جراء قصف الدعم السريع
  • ???? من أشعل الحرب في السودان ؟ الجيش السوداني أم الدعم السريع؟
  • شهادات ميدانية تتحدث عن مجزرة دموية للدعم السريع بحق سكان الفاشر
  • هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع
  • الجيش السوداني: مقتل 41 مدنيا بقصف مدفعي للدعم السريع على الفاشر
  • طيران الجيش ينفذ ضربات جوية استهدفت مواقع قوات الدعم السريع في مدينة الدبيبات
  • الجيش السوداني: سقوط 41 مدنيا وإصابة عشرات بقصف مدفعي للدعم السريع في الفاشر