تنديد أمريكي وأوروبي بتصريحات جديدة لعباس حول المحرقة
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
انتقادات شديدة لتصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجديدة حول المحرقة
تعرّض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لانتقادات أوروبية وأمريكية وإسرائيلية، الخميس (السابع من سبتمبر/ أيلول 2023)، بسبب تصريح أدلى به قبل أسبوعين واعتبر فيه أنّ المحرقة التي راح ضحيّتها ملايين اليهود في أوروبا على أيدي النازيين كان سببها "دورهم الاجتماعي وليس ديانتهم".
وفي 24 أغسطس/ آب، قال عباس أمام المجلس الثوري لحركة فتح خلال اجتماع في رام الله بالضفة الغربية: "يقولون إنّ (أدولف) هتلر قتل اليهود لأنّهم يهود، وإنّ أوروبا كرهت اليهود لأنّهم يهود".
وأضاف: "هذا ليس صحيحاً"، معتبراً أنّ الأوروبيين "قاتلوا (اليهود) بسبب دورهم الاجتماعي، وبسبب الربا والمال، وليس بسبب دينهم".
وهذه ليست المرة الأولى التي يدلي بها عبّاس بمثل هكذا تصريحات مثيرة للجدل حول المحرقة. فخلال زيارة إلى ألمانيا في آب/ أغسطس 2022، قارن عبّاس المحرقة بقتل إسرائيل للفلسطينيين، متّهماً الدولة العبرية بارتكاب "50 مذبحة و50 محرقة" ضدّ الفلسطينيين منذ عام 1947.
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد نشرت أمس الأربعاء، على حسابها في منصة إكس (تويتر سابقاً) مقطع فيديو لتصريح عبّاس. وقالت تعليقاً على هذا الفيديو "نفس محمود عباس الذي اشتهرت أطروحته للدكتوراه بنفي المحرقة".
بدوره، دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان المجتمع الدولي إلى "إدانة" ما تضمّنه تصريح الرئيس الفلسطيني من "كراهية وأكاذيب خطيرة".
تنديد أمريكي وأوروبي
وقوبلت من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. إذ دعت ديبورا ليبستادت، المبعوثة الأمريكية الخاصة لشؤون مراقبة ومكافحة معاداة السامية، إلى تقديم اعتذار على الفور عما قالت إنها "تصريحات كراهية ومعاداة للسامية" من عباس.
كما أثار التصريح تنديداً أوروبياً شديد اللهجة، إذ قال متحدّث باسم الاتّحاد الأوروبي إنّ "الخطاب... يحتوي على تصريحات كاذبة ومضلّلة بشكل صارخ حول اليهود ومعاداة السامية". وأضاف في بيان أنّ "مثل هذه التشويهات التاريخية تحريضية ومسيئة للغاية".
واعتبر المتحدث في بيانه أنّ تصريحات الرئيس الفلسطيني "تقلّل من شأن المحرقة وبالتالي تغذّي معاداة السامية وتشكّل إهانة للملايين الذين راحوا ضحايا المحرقة وعائلاتهم".
وأضاف أن "مثل هذه التشوهات التاريخية مثيرة للغضب ومسيئة بشدة ولن تتمخض إلا عن تفاقم التوترات في المنطقة ولن تخدم مصالح أحد... إنها تخدم مصلحة الذين لا يريدون حل قيام دولتين الذي دافع عنه الرئيس عباس مرارا".
والاتحاد الأوروبي هو أحد المانحين الرئيسيين للسلطة الفلسطينية.
الخارجية الألمانية: تصريحات "فظيعة ومروعة"
ووصفت وزارة الخارجية الألمانية تصريحات عباس بـ"الفظيعة والمروّعة". وقال مسؤول في الوزارة إنّ التصريحات تساهم في "نشر نظريات المؤامرة وتشويه التاريخ، ويتعارض مع كلّ الجهود المبذولة لقول الحقيقة".
بدورها، ندّدت الممثّلية الألمانية في رام لله "بشدّة" بتصريحات عباس. كما قال شتيفن زايبرت، سفير ألمانيا في إسرائيل، في تغريدة على موقع إكس للتواصل الاجتماعي "يستحق الفلسطينيون سماع الحقيقة التاريخية من زعيمهم، وليس مثل هذه التشويه".
وأصدر داني ديان، رئيس مؤسسة "ياد فاشيم" لتخليد ذكرى المحرقة، بياناً ندّد فيه بما تضمّنه تصريح الرئيس الفلسطيني من "أفكار نمطية معادية للسامية". وأضاف في بيان "لا يمكننا أن نبقى صامتين".
ولم يصدر تعليق بعد من عباس. ولم يرد أعضاء في حركة فتح على الفور على طلبات رويترز للتعليق.
ف.ي/ أ.ح/ ع.غ (أ ف ب، رويترز)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الهولوكوست إسرائيل دويتشه فيله الهولوكوست إسرائيل دويتشه فيله الرئیس الفلسطینی محمود عباس
إقرأ أيضاً:
وزراء وبرلمانيون إسرائيليون يطالبون الكونغرس الأميركي بإعلان حق اليهود الديني بالأقصى
"الحق الديني القومي اليهودي في جبل الهيكل"؛ تحت هذا العنوان وقّع مجموعة من الوزراء وأعضاء الكنيست الحاليين والسابقين رسالتهم التي وجهوها قبل أيام للكونغرس الأميركي بمجلسيه "الشيوخ والنواب" من أجل المضي قدما لإعلان في الكونغرس "للاعتراف بالحق الأبدي وغير القابل للجدل للشعب اليهودي" في المسجد الأقصى.
وفي رسالتهم يدّعي الموقعون أنه تقع في هذا المسجد معابدهم التي دمرتها الإمبراطوريتان البابلية والرومانية منذ حوالي 2500 و1900 عام، ويزعمون أنه "بينما تضمن دولة إسرائيل ذات السيادة الوصول إلى الأماكن المقدسة لجميع الأديان، فإن الشعب اليهودي على وجه التحديد هو الذي يُحرم من الوصول الحر الكامل إلى مكانه المقدس بسبب الضغوطات الدولية الشديدة".
وبالتالي -وفق نص الرسالة- فإن "الاعتراف الرسمي من جانب الدولة الرائدة في العالم والصديقة الكبرى لإسرائيل من الممكن أن يساعد في تحييد هذه الضغوط".
وفي ذيل الرسالة وقّع 16 شخصا من المطالبين بهذا الإعلان الرسمي، بينهم وزير الاتصالات الإسرائيلي ووزير الثقافة والرياضة وكلاهما من حزب الليكود، بالإضافة لأعضاء كنيست حاليين بينهم يهودا غليك، وعضو الكنيست السابق موشيه فيغلين، كما وقع على العريضة نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس أرييه كينغ.
يقول خالد العويسي، الأستاذ المشارك بدراسات بيت المقدس ورئيس قسم التاريخ الإسلامي جامعة أنقرة للعلوم الاجتماعية إن ما تصبو إليه هذه الجماعات هو اتخاذ خطوات عملية لتغيير الوضع في المسجد الأقصى، والمباركة الأميركية حجر أساس للتقدم في إنجاح هذه التغييرات.
إعلانوأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن صفقة القرن التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى نصت على جعل الأقصى مكان عبادة لجميع الأديان، وكان ذلك نقطة تحول في سياسة الاحتلال للسماح لليهود بالقيام بطقوس داخل المسجد كالسجود الملحمي، بعد أن كان ممنوعا ويتم إخراج من يحاول القيام بأي طقوس يهودية.
"والآن بعد عودة ترامب وتشكيلته الصهيومسيحية وسياسة الكاوبوي، تحاول جماعات الهيكل الاستفادة قدر المستطاع لتحقيق أهدافها بالأقصى والتي تتقاطع مع الصهيونية المسيحية في فكرة بناء هيكل يهودي على أنقاض المسجد" وفق الأكاديمي العويسي.
وقطعت إدارة ترامب الجديدة -وفقا للأكاديمي عويسي- شوطا في تغيير المصطلحات، كاستخدام "يهودا والسامرة" بدل الضفة الغربية، وهذا أغرى الجماعات المتطرفة ودفعها للتقدم بمثل هذه العريضة لمطالبة مجلس الشيوخ الأميركي للاعتراف بالحق اليهودي في أولى القبلتين.
ورجّح العويسي أنه مع إدارة ترامب وسياساته غير المتوقعة تستطيع هذه الجماعات الحصول على أكثر مما تسعى إليه، "وبما أن إسرائيل مرتبطة بالغرب ارتباطا عضويا من بداية تاريخها إلى اليوم لا تستطيع أن تأخذ أي قرار بمفردها باعتبارها ممثل الغرب في المنطقة، رغم أنهم يحاولون الخروج من هذه البوتقة.
"إذا أخذوا اعترافا رسميا من أميركا بخصوص الحق اليهودي في الأقصى فسيلقون بالضغوطات الدولية الأخرى في سلة المهملات، وسيشرعون بتحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه حتى الآن كحلم بناء كنيس داخل المسجد والهيكل الثالث".
أما الأكاديمي ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى عبد الله معروف فاستهل حديثه للجزيرة نت بالقول إنه رغم ما يظهر فعليا على السطح بأن جماعات المعبد المتطرفة وحكومة الاحتلال تملك سيطرة من نوع ما على الأقصى والأراضي المحتلة، فإن الحقيقة أنها تشعر بعدم إحكام سيطرتها بالكامل حتى اللحظة، وبالتالي تسعى لتحصيل الحماية الأميركية لأي تحرك دراماتيكي متطرف يتعلق بمسألة في غاية الحساسية مثل قضية الأقصى.
إعلان"تشعر الجماعات المتطرفة بأنها بحاجة لدعم غير مشروط من الإدارة الأميركية الحالية في الملفات الحيوية والحساسة كضم الضفة الغربية وتحقيق مشروع القدس الكبرى، بالإضافة للاعتراف بحقوق الصلاة والعبادة لليهود داخل الأقصى وهو الأمر الذي يوصلها إلى تحقيق هدفها المرحلي الأساسي بإقامة كنيس داخل المسجد".
وتخشى هذه الجماعات -وفقا لمعروف- من تبعات هذا التحرك في حال قامت به من دون غطاء أميركي، لأنها ترى فيها غطاء دوليا باعتبار أن الإدارة الحالية يمكن أن تفرض إرادتها على المجتمع الدولي، وأن تسكت أي أصوات دولية معارضة لأي تحركات إسرائيلية تتعلق بهذه القضية الحساسة.
وأضاف: "تسعى الجماعات المتطرفة الآن للحصول على اعتراف التيار المسيحي الصهيوني المحافظ الذي يسيطر على الحزب الجمهوري والكونغرس الأميركي بغرفتيه النواب الشيوخ، ومن خلال هذا الاعتراف تريد الحصول على الدعم الكامل من إدارة ترامب، فهي تظن أنها بذلك تستطيع تجاوز الرفض الدولي المتوقع".
وفي قراءته لهذه الخطوة الجديدة يرى معروف أن هذه الجماعات مخطئة بشكل كبير في تقديراتها لقوة إدارة ترامب وقدرته على فرض رؤيتها على العالم كله، وأكبر دليل على ذلك أنه عندما اعترف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال عام 2017 فشل في إقناع دول العالم الأخرى بذلك وبنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس كما فعل.
ولم يتعد الأمر مجموعة صغيرة جدا من الدول غير المؤثرة، وهذ الأمر يدل على ضيق الأفق والفشل الإستراتيجي بالنظر إلى الحراك والتغيرات العالمية التي أنتجتها الأحداث الأخيرة في قطاع غزة من تأثير على الرأي العام العالمي، وبالمقابل "ما تزال هذه الجماعات تظن أن إدارة ترامب بأسلوبها الاعتباطي يمكنها أن تفرض على المجتمع الدولي بالقوة ما لا تستطيع أن تفرضه بسلطة القانون" يضيف معروف.