أحمد يحيى الديلمي
هاهي الأيام تتسارع وتمضي إلى الأمام لنعيش أعظم فرحة في التاريخ الإنساني وما يمكن أن نُسميه عيد الأعياد المتمثل في مولد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، هذا العيد الذي كان قد اختفى حقبة من الزمن وحاول أدعياء الإسلام المزيف أن يغيبوه من أذهان الناس بأفكار سوداء وعقول خاوية كلها تدعي الإسلام وتحاول أن تنهشه من داخله عبر لَيّ أعناق النصوص وتسخيرها لخدمة رغبات مقيتة تمعن في التأويل وإلباس النصوص مفاهيم بعيدة كل البُعد عن منهجه الصحيح ، وهكذا ظل أعضاء هذا الفريق يعتلون المنابر ويسيئون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ويقذفون الوجوه الحاضرة بأفكار ومواعظ مريبة تستفز المشاعر وتشوه الدين لتستدرج الجميع وخاصة الحائرين منهم إلى مدارج الغواية وغرس أسوار خفية تفصل كل مسلم عن ذاته ومجتمعه وهويته ، وهكذا كان المسار للأسف الشديد وظل عقوداً من الزمن على نفس الشاكلة حتى تحول الاحتفال بمولد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى نكرة وفعل مُجرم باعتباره بدعة وضلالة كما قال أولئك البشر الذين ألهتهم الدنيا عن فهم معاني الدين .
في هذه الأجواء المعتمة تعالت هامات وبرزت كرامات لأشخاص جذورهم الاعتقادية مغلوطة وأفكارهم عنكبوتية خادعة لا تزال حتى اليوم تنضح بالخيانة وتؤصل للعمالة بأسانيد شرعية .
كل هذه الخطايا والغوايات البشعة للأسف عمقت الانحرافات السلوكية وجعلت الدين مجرد مظلة للتغطية على الأعمال غير السوية، وهي التي أهلت الواقع لسجالات العنف والصراعات العبثية الجوفاء ، بعد أن فصلت المسلمين عن بعضهم وشجعت كل مسلم لأن يختزل الدين في المذهب الذي يعتنقه ، ويرى في الآخر المسلم المعتنق لمذهب آخر عدواً يوزع عليه التهم بين كافر أو فاسق أو مرتد ، وكلها تؤدي إلى استباحة الدم والعرض والمال ، وهي في نظرهم جهاد في سبيل الله .
عذراً أيها الرسول الأعظم ، رسول الحرية والمحبة والسلام ، من أنقذتنا من براثن الظلم ، إن كان قد وجد في المسلمين من هذه الأشكال وهذه العقول الخاوية التي أمنت بالآخر غير المسلم خفية ، وذهبت للتطبيع مع إسرائيل رغم أنف الشعوب العربية والإسلامية التي تتطلع إلى اليوم الذي يعود للإسلام ألقه ونوره الساطع ويمكن المسلمين من تحرير أعظم المقدسات ممثلة في الجامع الأقصى الشريف والحرم المكي ومسجد المدينة المنورة ، فكل هذه المساجد أصبحت تحت أقدام الصهاينة المجرمين أو تخضع لوصاية أمريكا كما هو الحال في الأرضي المقدسة في نجد والحجاز .
أكرر .. عذراً يا رسول الله.. نرجو السماح والغفران من الله سبحانه وتعالى ونتقرب بك إليه كي تسامح هؤلاء الناس وتُنزل عليهم شآبيب الإيمان على قلوبهم لتلين ويعودوا إلى رشدهم ، أو أن تأخذهم من بين أدينا أخذ عزيز مقتدر ، فقد تعبنا من نزواتهم وشياطينهم التي لم تستثن شيئاً إلا وأتت عليه وأصبح حالُنا اليوم ونحن نحتفل بيوم مولدك العظيم ، نشكو إليك ظلم قومنا لأنهم عجزوا عن فهم شموخ وعظمة وعنفوان الدين ومكنوا الآخر من القدح فيه وفي منهجه ، تارة اتهموه بالتخلف وعدم القدرة على التعاطي مع آليات الحداثة الجديدة ، وأخرى بأنه موئل للتطرف ومصدر للإرهاب بما ترتب على هذه الانحرافات من تداعيات خطيرة وسعت الجراح ومزقت النسيج الاجتماعي ، بالذات مع استمرار الأدعياء المولعين بالكذب في الواجهة ، وحتى لا نغوص كثيراً في الوهم والمتاجرة بالمشاعر والعقول ، نقول يا رسول الله نحن فداك ، نفديك بأموالنا ونفوسنا وأهلينا ، وستظل شامخاً فينا وتعلمنا أحكام الشريعة الغراء وسنظل نحتفل بهذا اليوم العظيم ، عيد الأعياد مهما تآمر الآخرون ، فلك منا السلام ، وسلام على رسول الله وعلى آله وعلى أصحابه أجمعين ، والله من وراء القصد ..
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: رسول الله
إقرأ أيضاً:
سوريا تتنفس الحرية
محمد بن رامس الرواس
لطالما كان الشعب السوري ينتظر هذه اللحظات التي يتنفس فيها الحرية وعودة حياة الكرامة التي يتطلع لها بعد حكم دكتاتوري جائر كان يرزح تحت وطأته، واليوم يلوح السوريون بعلم الثورة الجديد بكل فخر وسعادة وابتهاج، ولقد ظهر لنا جلياً هذا الفرح من خلال عودة مظاهر الحياة تدريجيا لدمشق وباقي المحافظات، ومنها عودة طلبة الجامعات لجامعاتهم وطلبة المدارس لحياتهم الدراسية وهم فرحون بما انتقلوا إليه من مرحلة جديدة في الحياة هذا بجانب فتح الأسواق وغيرها من مظاهر الحياة العامة.
بعد هذه العقود من السنين تنفس الشعب السوري وذاق طعم الحرية برغم ما لحق به من قتل وتشريد ودمار، كان النظام البائد وجيشه قد قام بها وأعمل بكل ما أوتي من قوة في هذا الشعب المسالم وشرد سكانه من خلال الكثير من الجرائم البشرية التي يندى لها الجبين وتفوق الوصف.
يحاول اليوم الشعب السوري بكل ما أوتي من قوة أن يحافظ على رياح الحرية التي تنفسها من خلال محافظته على الاستقرار والانضباط المجتمعي بالإضافة إلى الحفاظ على مكتسبات الدولة الموجودة كي تستطيع النهوض بسرعة، فأعد العدة لتشكيل اللجان، والمجالس البلدية وكافة مظاهر الحياة المدنية، والاستعداد لوضع دستور دولة جديدة وقيام انتخابات نزيهة.
لقد تنفس الشعب السوري، الحرية على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وهو اليوم يشعر بوحدة سوريا كبلد واحد وتمثل ذلك من خلال معاونة المحافظات لبعضها البعض في توفير الأساسيات من الوقود، خاصة في هذه المرحلة الصعبة حيث تحركت القطارات، تحمل الشحنات من الوقود وتنقلها إلى محطات الكهرباء بالمحافظات التي تحتاجها.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أعلن البنك المركزي عودة العمل في البنوك، وبدأت الممارسات المالية تأخذ منحى في التعامل بكافة العملات وأولها الدولار والغريب أن الليرة السورية بدأت تتعافى وتتحسن، وهذا قد يكون مخالفا للمعتاد بعد سقوط حكومة ما، لكن يبدو أن هناك رجال أعمال واقتصاديون سوريون بالداخل والخارج لديهم تلك الخبرات التي تستطيع أن ترفد وضعهم الاقتصادي، ولقد استعد ميناء اللاذقية لاستقبال السفن من كافة أنحاء المعمورة، فلقد استطاع السوريون أن يعبروا بكل أوتوا من قوة عن حقيقة فرحتهم من خلال مسابقتهم للزمن للنهوض مجددا متعافين من جور لحق بهم لما يزيد عن خمسين عاما.
لقد عجبتُ كثيرًا لأولئك الذين كانوا بالأمس أصدقاء المرحلة البائدة من تاريخ سوريا يتدخلون اليوم في تقرير مصير الشعب السوري ويضعون له الخطط والمسارات والاجتماعات وغير ذلك، أليس هناك الشعب السوري يستطيع أن يقرر مصيره ويختار مرحلته؟ بل هؤلاء يفوضون أنفسهم بدلا عنه وهذا والله لشيء عجاب.
إنَّ الشعب السوري شعب حي يتوق للمستقبل والتغيير إلى الأفضل وهو أحرص على قيام دولته وقيام العدالة والقانون والمحاسبة بداخله، وهو أدرى بكافة شؤونه، ففي سوريا من الرجال والعلماء والساسة والمثقفين أناس لديهم الخبرات الكبيرة التي قد تفوق بعض أولئك الذين يقومون بتوجيهات لم تطلبها منهم سوريا، ويفوضون أنفسهم كمسؤولين عن التغيير السياسي.
لذلك نقول.. دعوا سوريا للسوريين؛ فهُم أدرى بها وأحرص منكم على مصيرها، ولقد سرَّني قول المبعوث الأممي إلى سوريا جير بيدرسون عندما قال: إن التغيير القادم سيصنعه السوريون بأنفسهم.. خالص التهاني بالحرية أيها الشعب الحر الحي.
وللحديث بقية.
رابط مختصر