السيسي يتحدى نموذج بونجارتس ويقرر خفض خصوبة المصريين
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
"إن عدد المواليد في مصر يجب ألا يتجاوز 400 ألف مولود سنويا لتعويض العجز الموجود في الموارد"، وأضاف عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر العالمي الأول للسكان والصحة والتنمية؛ المنعقد في العاصمة الإدارية من 5 إلى 8 أيلول/ سبتمبر 2023: "أنا ضد الحرية المطلقة في الإنجاب لأن الحرية دي ممكن تمثل كارثة للبلد والمجتمع كله"، وأعلن عن منح صلاحيات أوسع للمجلس القومي للسكان.
وكان الجهاز المركزي للإحصاء قد أعلن في تقريره الرسمي عن تراجع معدل المواليد في البلاد بنسبة 30 في المائة منذ عام 2015، ليصبح 21.2 لكل ألف نسمة سنة 2021، في حين أن تصريحات السيسي تعني أن معدل المواليد يجب أن يكون في حدود 4 أطفال فقط لكل ألف نسمة سنويا خلال السنوات العشرين القادمة.
معدل الخصوبة والذي شهد تراجعا ملحوظا في مصر في السنوات الماضية، وأهميته في متابعة الحالة الديموغرافية:
معدل الخصوبة هو نسبة عدد الأطفال المولودين خلال عام إلى عدد النساء في سن الحمل والإنجاب (15 إلى 49 سنة) عند منتصف نفس العام، وهي هنا عملية حسابية حسب معادلات رياضية ديموغرافية معتمدة عالميا، وبالتالي فإن معدل الخصوبة يتأثر بعدد المواليد خلال السنة، أيضا بعدد السيدات القادرات على الإنجاب (وهو عدد التراكمي حصيلة سنوات سابقة). ويعتبر استخدام وسائل منع الحمل هو المساهم الرئيس في انخفاض الخصوبة.
ويوجد تراجع واضح لمعدل الخصوبة في مصر، من 6.8 أطفال لكل سيدة عام 1960، ليصبح 3.4 أطفال لكل سيدة عام 2015، ثم تراجع آخر ليصبح 2.8 طفل لكل سيدة عام 2021. وهذا التراجع الواضح في معدل الخصوبة يتناسب طرديا مع التراجع الواضح أيضا في معدل المواليد؛ والذي كان 35 في الألف عام 1985 عند بدء إنشاء المجلس القومي للسكان، وأصبح 21.2 في الألف فقط عام 2021.
مستهدفات المجلس القومي للسكان واستحالة التنفيذ بوحدات ومستشفيات وزارة الصحة:
في عام 1990؛ كان المجلس القومي للسكان تتم الاجتماعات فيه بحضور رئيس الجمهورية حسني مبارك، وكان للمجلس مقرر نشيط جدا وينوب عن الرئيس غالبا، هو الدكتور ماهر مهران، أستاذ النساء والتوليد والخبير السكاني، ويتبعه في كل محافظة مكتب للسكان وتنظيم الأسرة ويتم عقد اجتماعات دورية برئاسة المحافظ تحت اسم "المجلس الإقليمي للسكان"، وبحضور جميع رؤساء المصالح الحكومية، لبحث الخطط ودراسة المشاكل والمعوقات وعرض الإنجازات.
وقد تم إنشاء المجلس القومي للسكان عام 1985 برئاسة رئيس الجمهورية، وبتمويل أساسي من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أو هيئة المعونة الأمريكية (USAID_EGYPT)؛ ويهدف إلى مواجهة المشكلة السكانية من خلال ثلاثة محاور: الأول هو المسح السكاني الصحي، والثاني يشمل تنمية مهارات القائمين على العمل السكاني، في حين يختص المحور الثالث بتمويل وإجراء البحوث في مجال السكان وتنظيم الأسرة. وتم تعديل التبعية عام 1996 ليصبح المجلس برئاسة رئيس الوزراء، ثم عدلت التبعية مرة أخرى عام 2002 ليصبح تابعا لوزارة الصحة والسكان، باعتباره أحد قطاعات الوزارة وله مدير مختص.
وبصفتي كنت مديرا لإدارة السكان وتنظيم الأسرة بالصحة في محافظة دمياط بشمال الدلتا وقتها؛ فقد وصلتني الخطة السنوية من المجلس القومي للسكان في القاهرة، وفيها المستهدفات السكانية مثل عدد المستخدمات لوسائل منع الحمل، وأعداد ونوعيات الوسائل المستهدف توزيعها، إضافة إلى عدد من المؤشرات المستهدفة، مثل خفض معدل المواليد وزيادة عدد سنوات الحماية (وتعني فترة فعالية كل وسيلة في منع الإنجاب)، إضافة إلى معدلات الخصوبة والزيادة السكانية.
وكانت آلية وضع الخطط وتحديد مستهدفات النشاط في مشروع السكان وتنظيم الأسرة في الصحة تتم تحت إشراف وتمويل هيئة المعونة الأمريكية، وكانت ترتكز على عدد الوسائل المقدمة فعليا للسيدات بالوحدات ولهن سجلات ومتابعات، ويتم فيها تحديد نوعية وسيلة منع الحمل كمّا وكيفا حسب الظروف المجتمعية في كل محافظة، مع تفاوت الظروف بين الريف والحضر وبصورة واقعية ميدانيا، لتحقيق المستهدف القومي لتنظيم الأسرة وهو خفض عدد المواليد بنسبة واحد في الألف سنويا، وهي نسبة ممكنة التنفيذ واقعيا.
وذلك بخلاف آليات النشاط في المراكز والجمعيات الأهلية التابعة للمجلس القومي للسكان أو لوزارة الشؤون الاجتماعية؛ والتي كانت تعتمد على التسويق أو التوزيع المجتمعي للوسائل وحملات طرق الأبواب، دون تسجيل حقيقي للسيدات المنتفعات مثلما يحدث بوحدات الصحة، لهذا فقد كان من المستحيل عمليا تحقيق المستهدفات الواردة إلينا والتي كانت تعني خفض المواليد بنسبة تصل إلى عشرة في الألف سنويا!!
واجتمعتُ فورا مع فريق العمل في مديرية الصحة، وتم إعداد دراسة ميدانية تشمل رفع الواقع وتحديد نقاط القوة والضعف، وعرض الفرص المتاحة والتهديدات المحيطة، مع المطالبة بتعديل الخطة المركزية بحيث تكون واضحة المعالم ومحددة الأهداف وقابلة للتنفيذ. وتم عرض دراسة المديرية خلال اجتماع المجلس الإقليمي للسكان برئاسة الدكتور أحمد جويلي، محافظ دمياط والخبير في الاقتصاد الزراعي، وله علاقات علمية بالكثير من الهيئات والمنظمات العالمية، وكان شديد الاهتمام بالأرقام والإحصائيات والنسب والمعدلات، فتناول الأمر بمنتهى الجدية، وبعد مناقشات علمية وإحصائية؛ اقتنع د. جويلي بمحتوى الدراسة، وقرر الاتصال فورا بصديقه الدكتور ماهر مهران، مقرر المجلس القومي للسكان في القاهرة، والذي اهتم بدوره بتقرير مديرية الصحة في دمياط.
السيسي يكرر إشكالية تطبيق نموذج بونجارتس العالمي عند وضع المستهدفات السكانية في مصر:
وقامت الدنيا ولم تقعد، وجاء الرد حاسما بأن الخطة وضعت حسب "نموذج بونجارتس" العالمي Bongaarts 1978))، ويشمل عددا من المحددات الديموغرافية لتحديد المستهدفات السكانية نتيجة بحوث ميدانية في عدد كبير من دول العالم في مختلف القارات، ثم حضر إلينا مدير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار على رأس وفد من القاهرة لدراسة واقع المحافظة، وبعد جهود استمرت لفترة طويلة، وشارك فيها خبراء من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تم تعديل المستهدفات لتناسب الواقع المصري بصورة عامة وبالتالي يمكن تنفيذها بدقة وفعالية لتحقيق المستهدف العام وقتها، وهو خفض معدل المواليد بنسبة واحد في الألف سنويا. وهذا يؤكد على أهميتها الإحصائية في عملية الاستدلال الإحصائي في الحياة العملية في جميع مجالات العلوم المختلفة، ونظرا لهذا الدور تحظى دراسة النماذج الإحصائية بالاهتمام والتطوير المستمر كي تصبح أكثر مصداقية.
وتلك الواقعة توضح أهمية وضع مستهدفات واقعية وقابلة للتنفيذ وتخضع للحوكمة، لأنه عندما يتم خفض معدل المواليد فعليا من 35 في الألف عام 1985 ليصبح 21 في الألف عام 2021؛ فإن هذا التراجع يعتبر إنجازا حقيقيا ويتناسب إلى حد كبير مع المستهدف العام بخفض معدل المواليد بنسبة واحد في الألف سنويا خلال تلك الفترة الطويلة مع مراعاة التذبذب المتوقع في نسبة الإنجاز حسب المتغيرات السياسية والاقتصادية والمجتمعية التي مرت بها مصر.
ولهذا السبب فإن من غير المنطقي أن يعلن السيسي عن توجيهاته بخفض عدد المواليد من 2.2 مليون مولود سنويا هذا العام ليصبح 400 ألف مولود فقط سنويا، بما يعني خفض معدل المواليد من 21 في الألف حاليا ليصبح 4 في الألف فقط سنويا، بقرار سيادي وبجرة قلم، وذلك لأن التحول الديموغرافي في المؤشرات السكانية يخضع لعوامل مختلفة تماما عن عالم إنشاء الطرق والكباري، من أهمها ظاهرة الزخم السكاني (Population Momentum)، وتعني طبيعة التغير البطيء والتراكمي ومتعدد التداخلات في التطور السكاني.
واجب الدولة هو فهم قضية السكان والعمل الجاد في جميع المحاور بالتوازي وبنفس القدر من الاهتمام والجدية
إن اختزال المشكلة السكانية في مصر باعتبارها زيادة سكانية فقط يعد تهوينا للقضية، فقضية السكان يجب النظر لها بصورة أشمل تتضمن أبعادها الثلاثة، وهي تراجع خصائص السكان (والتي تشمل التعليم والصحة والمشاركة في قوة العمل ومتوسط دخل الفرد)، وسوء توزيع السكان وتركزهم في مساحة ضيقة لا تتجاوز 7 في المئة من إجمالي مساحة مصر، بالإضافة إلى عدم التوازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي.
ومن ثم فإن الاستمرار في اعتبار القضية السكانية هي مسؤولية وزارة الصحة والسكان أو المجلس القومي للسكان الذي يتبع الوزارة منفردين يصل بقضية السكان إلى طريق مسدود، وبالتالي فإنه من الضروري الاهتمام بجميع محاور المشكلة بالتوازي وبنفس القدر من الاهتمام، مع التركيز على مواجهة ثلاثية الفقر والجهل والمرض، وبناء مواطن سليم معافى عنده القدرة على دخول سوق العمل والإنتاج باعتباره ثروة بشرية قادرة على دفع عجلة النمو الاقتصادي، ومن ثم نشر التنمية على جميع أرجاء أرض الوطن.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر السيسي الإنجاب الصحة السكاني مصر السيسي الصحة السكان الإنجاب مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات رياضة صحة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجلس القومی للسکان وتنظیم الأسرة عدد الموالید معدل الخصوبة فی مصر
إقرأ أيضاً:
"القومي لحقوق الإنسان"يرصد ويوثق حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وكيفية تعزيزها
أطلق المجلس القومي لحقوق الإنسان، اليوم، تقريرًا عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واستراتيجية المجلس لرفع الإشكاليات التي تواجه إنفاذ هذه الحقوق، وذلك بالتزامن مع اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يحتفل به المجلس اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024.
حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على رأس أولويات المجلس
ورصد المجلس القومي لحقوق الإنسان، وتابع ووثق العديد من حقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية للأشخاص ذوي الإعاقة علي مدار الثلاث سنوات الماضية، مؤكدًا اهتمامه في تشكيله الجديد بدءًا من ديسمبر 2021م، بجميع ملفات حقوق الإنسان، وخصوصًا ملف الفئات الأولى بالرعاية وعلى رأسهم الأشخاص ذوي الإعاقة، وأعد نشاط وحدة الأشخاص ذوي الإعاقة داخل المجلس، بعد أعوام من التهميش للملف.
وفي ضوء عمل المجلس القومي لحقوق الإنسان، لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة سياسيًّا، ومن خلال تشكيل المجلس لغرفة عمليات مراقبة الانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر 2023م، قام المجلس بتلقي شكاوى ذوي الإعاقة والعمل علي حلها من خلال الهيئة الوطنية للانتخابات، وكذا رصد المجلس عددًا من المشكلات التي واجهتهم مثل: عدم قدرة بعض ذوي الإعاقة البصرية من استخدام بطاقة الاقتراع بطريقة برايل وتفضيل استخدام بطاقة الاقتراع العادية وبمساعدة القاضي رئيس اللجنة، وكذا وجود اللجان الانتخابية بأماكن بعيدة نسبيًّا عن مسكن الغالبية من الناخبين من ذوي الإعاقة، وأيضًا تواجد بعض اللجان الانتخابية بالأدوار العليا وذلك بالمخالفة لتعليمات الهيئة الوطنية للانتخابات.
الحقوق المدنية للأشخاص ذوي الإعاقة:
تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بخدمات غير مسبوقة في تاريخهم خلال العشر سنوات الماضية، بما يعكس اهتمام الجمهورية بالفئات الأولى بالرعاية عمومًا، وبهذه الفئة التي عانت التهميش لعقود علي وجه الخصوص.
وقد تم تجسيد تلك الحقوق في القانون 10 لسنة 2018 والخاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ولائحته التنفيذية، وأحد أبرز المزايا التي تضمنها القانون هي إصدار بطاقة خدمات متكاملة للتعريف بالشخص ذي الإعاقة ولتكون بمثابة التصريح الخاص له للتمتع بحقوقه المنصوص عليها بالقانون.
ونصت الفقرة الأولي من المادة (5) من القانون 10 لسنة 2018 والخاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة علي أن: "تُصدر الوزارة المختصة بالتضامن الاجتماعي بالتنسيق مع الوزارة المختصة بالصحة لكل شخص ذى إعاقة بطاقة لإثبات الإعاقة والخدمات المتكاملة، وتُعدّ له ملفًا صحيًا بناءً على تشخيص طبى معتمد. ويُعتد بالبيانات التى تتضمنها هذه البطاقة فى إثبات الإعاقة ونوعها ودرجتها أمام جميع الجهات التى يتعامل معها الشخص ذو الإعاقة سواء كانت جهات حكومية أو غير حكومية بما فى ذلك جهات التحقيق والمحاكمة، وتجدد تلك البطاقة كل سبع سنوات، إلا إذا حدث تغير فى حالة إعاقته يقتضى إدراجه".
ورصد المجلس القومي لحقوق الإنسان عددًا من الإشكاليات التي تواجه ذوي الإعاقة للحصول علي بطاقة الخدمات المتكاملة اللازمة للتمتع بالمزايا المنصوص عليها بالقانون 10 لسنة 2018م، وهو ما دعا المجلس لتنظيم ورشة عمل بعنوان مع منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وذلك في 28 /6/ 2022م، للوصول لرؤية متكاملة عما يواجه ذوي الإعاقة من مشكلات في هذا الإطار، وبحث التوصيات والمقترحات بما يلائم هذه الفئة من المجتمع.
وقد تم تكوين رؤية تشاركية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المعنية، وذلك وفقًا للتفصيل الآتي:
الإشكاليات التي تواجه ذوي الإعاقة قبل الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة
1. تكلفة الكشوفات الطبية وحجز موعد بالمجالس الطبية المتخصصة: تخطت تكلفة بعض الكشوفات الطبية المطلوبة قبل توقيع الكشف الطبي ما يزيد عن الألف جنيهًا، وهو ما صعب لبعض من ذوي الإعاقة التقدم للحصول علي البطاقة، وذلك بخلاف رسوم التقديم للعرض علي القومسيون الطبي.
2. طول مدة الانتظار حتى تحديد موعد الكشف بالقومسيون الطبي للتأكد من ثبوت الإعاقة: حيث ينتظر بعضًا من ذوي الإعاقة لبضعة أشهر لحين تحديد موعد للكشف الطبي، ويطالب أخرين بكشوف طبية إضافية تطيل من مدة استخراج البطاقة.
3. طول مدة الانتظار بعد الكشف الطبي وحتى إصدار بطاقة الخدمات المتكاملة: بعد الانتهاء من الكشف الطبي، ينتظر بعضًا من ذوي الإعاقة بالشهور لحين الإعلان عن قبولهم طلبهم واستخراج بطاقة الخدمات المتكاملة.
4. صعوبات في شحن وتسليم بطاقة الخدمات المتكاملة وتكلفة الاستلام: وبعد الإعلان عن إصدار البطاقة، تطول مدة الشحن، وأحيانًا لا يعرف بعضًا من ذوي الإعاقة مكان الاستلام (حيث لا يتم إرسالها علي بيوتهم)، وكذلك أيضًا يتحملون تكلفة الشحن بالبريد.
5. اشتراط التقديم الإلكتروني علي موقع وزارة الصحة: وهو ما يمثل إشكالية كبرى لقطاع من ذوي الإعاقة خصوصًا بالمناطق النائية والريفية، واعتادوا على التعامل المباشر مع الموظفين المختصين.
الإشكاليات التي تواجه ذوي الإعاقة بعد استلام بطاقة الخدمات المتكاملة
1. طول إجراءات بدل الفاقد: يعاني ذوي الإعاقة من إجراءات إصدار بدل فاقد بطاقة الخدمات المتكاملة وتكلفتها الجديدة.
2. تكرار إجراءات إصدار بطاقة الخدمات المتكاملة عند تجديدها بذات التكلفة القديمة مرة أخرى: وتتكرر معاناة ذوي الإعاقة المادية والنفسية والصحية مع تجديد البطاقة، حيث يستلزم إعادة ذات الإجراءات والكشوفات وتحمل ذات التكاليف وانتظار الوقت، وذلك مهما بلغت شدة الإعاقة واستحالة الشفاء بمرور السنين.
3. مدة صلاحية بطاقة الخدمات المتكاملة: نص القانون 10 لسنة 2018 علي أن تسري بطاقة الخدمات المتكاملة لمدة 7 سنوات، ولكن كانت المفاجأة بقصر مدتها لبعضهم لخمس سنوات، وقصرها لثلاث سنوات للبعض الآخر، وذلك بالمخالفة لصريح نص القانون.
4. طول مدة تجديد بطاقة الخدمات المتكاملة: يضطر ذوي الإعاقة للانتظار لبضعة أشهر لحين تجديد بطاقة الخدمات المتكاملة نظرًا لتكرار الإجراءات مرة أخرى، وهو ما يسبب ضغطًا علي المجالس الطبية المتخصصة ما بين الكشف لأول مرة، والكشف لتجديد البطاقة.
5. اشتراط كشوف طبية إضافية بعد الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة: حيث يشترط الخضوع لكشف طبي لاستحقاق المعاش وكذا يستلزم القيام بكشف طبي آخر للحصول على إعفاء سيارة مجهزة، وذلك رغم سبق القيام بذات الكشوف الطبية للحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة.
6. توقف الخدمات المقدمة لذوي الإعاقة بعد انتهاء مدة بطاقة الخدمات المتكاملة ولحين صدور البطاقة الجديدة: ورغم طول الإجراءات والتكلفة لتجديد بطاقة الخدمات المتكاملة، فإنه يتم وقف جميع الخدمات المقدمة لهم وأهمهما الحق في الحصول على الجمع بين معاشين بمجرد انتهاء البطاقة ودون إعطائهم فترة سماح للتجديد رغم أن هناك قطاعًا من ذوي الإعاقة يعتمد في قوت يومه على المعاش.
مساعي المجلس لحل الإشكاليات التي تواجه ذوي الإعاقة
وفي ضوء ما سبق، رفع المجلس القومي لحقوق الإنسان الإشكاليات التي تواجه ذوي الإعاقة في سبيل الحصول علي بطاقة الخدمات المتكاملة مع التوصيات المقترحة، شارك المجلس في الاجتماع التنسيقي بالأمانة العامة لمجلس الوزراء لمناقشة التحديات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك في 18 /7 /2022م.
اهم التوصيات:
- الموافقة علي تلقي طلبات الحصول علي بطاقة الخدمات المتكاملة إلكترونيًّا أو شخصيًّا من خلال مكاتب الصحة التابعة لوزارة الصحة ومكاتب التأهيل الاجتماعي التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي في جميع أنحاء الجمهورية مع تفعيل الرقم الساخن بالوزارتين مع ربط بوابة مصر الرقمية بالموقع الإلكتروني.
- مخاطبة وزارات الدفاع والداخلية والتعليم العالي ليوجهوا المستشفيات التابعة لهم لتحديد مواعيد عاجلة للأشخاص ذوي الإعاقة الموجودين حاليًا بقوائم الانتظار لإجراء الكشف الطبي اللازم للحصول علي بطاقة الخدمات المتكاملة.
وهو ما ساهم في زيادة أعداد الحاصلين على بطاقة الخدمات المتكاملة من أقل من مليون شخص من ذوي الإعاقة إلي ما يقارب المليوني شخص حاليًا، مع مراعاة أن تعدادهم يزيد على 13 مليون شخص، وهو ما يستوجب المزيد من العمل والجهد من الوزارات المعنية لتمكين كامل الأشخاص ذوي من الإعاقة في جميع أنحاء الجمهورية من الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة.
الحقوق السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة
يجوز التمكين السياسي والمشاركة في الشأن العام للأشخاص ذوي الإعاقة مكانة هامة باعتباره آلية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة للقوة والإمكانيات التي تساهم في الرقي بعموم أوضاعهم. فالنهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة لا يتم إلا عن طريق إدماجهم في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة، إذ أن هذا الادماج لا يرتبط بفتح باب المشاركة بكل مؤسسات الدولة فقط، بل وبقدر ما يرتبط بإشراكهم الفعلي في الشأن العام واتخاذ القرارات.
مشاركة ذوي الإعاقة
ورصد المجلس القومي لحقوق الإنسان تطور مشاركة ذوي الإعاقة في الحياة السياسية في العقد الأخير، حيث إنه لأول مرة يتم انتخاب 8 من ذوي الإعاقة وتعيين عضو آخر بمجلسي النواب 2015م وكذا 2020م، بما يعكس التطور الكبير لمشاركة ذوي الإعاقة في الحياة السياسية.
ووثق المجلس القومي لحقوق الإنسان قام بتوثيق عدد من التحديات التي تواجه ذوي الإعاقة في سبيل تمتعهم بحقوقهم السياسية، وذلك علي النحو الآتي:
1- قلة نسبة تمثيل ذوي الإعاقة بمجلس النواب، والتي تقارب 1.5% من إجمالي مقاعد المجلس.
2- ضعف تمثيل لذوي الإعاقة بمجلس الشيوخ (نائب واحد فقط بنسبة 1%).
3- عدم تقلد ذوي الإعاقة للمناصب القيادية أو التنفيذية.
4- ضعف مشاركة ذوي الإعاقة في مراكز صنع القرار بالأحزاب.
5- عزوف ذوي الإعاقة عن المشاركة في الشأن العام.
ونظم المجلس القومي لحقوق الإنسان بتنظيم مائدة مستديرة بمشاركة رؤساء وممثلين لعدد 22 حزبًا في 8 /10 /2024م، وانتهي بالعديد من التوصيات الهامة، وأبرزها:
1- تخصيص حصص وتمثيل لذوي الإعاقة في الهيئات الحزبية.
2- توفير الدعم المالي والتقني للمرشحين من ذوي الإعاقة.
3- إتاحة الوصول إلى الأنشطة الحزبية.
4- تشجيع الأحزاب علي تبني أجندة حقوق ذوي الإعاقة ضمن البرامج الانتخابية.
5- المطالبة بزيادة تمثيل ذوي الإعاقة بمجلسي النواب والشيوخ بما يناسب نسبتهم داخل المجتمع.
6- التأكيد علي أهمية تقلد الأشخاص ذوي الإعاقة للمناصب القيادية والحزبية.
7- ضمان مشاركة ذوي الإعاقة في الشأن العام.
وفي ضوء ما سبق، شكلت عدد من الأحزاب لجانا لذوي الإعاقة برئاسة شخص من ذوي الإعاقة، كما يعمل المجلس على تنفيذ باقي التوصيات، وأخصها المطالبة بزيادة تمثيل ذوي الإعاقة بمجلسي النواب والشيوخ، والعمل على تقلد ذوي الإعاقة للوظائف القيادية والحزبية، وضمان مشاركة ذوي الإعاقة في الشأن العام.