هل تخلع الولايات المتحدة قفازاتها في الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
اتخذت الولايات المتحدة منعطفًا تصالحيًا، وتوسطت في صفقة تبادل السجناء مع إيران وأطلقت سراح المليارات من الأصول المجمدة، وهي الصفقة التي لا تساعد في إعادة تأهيل صورة أمريكا الضعيفة عسكريا في الشرق الأوسط.
وعززت الولايات المتحدة وجودها البحري في الخليج العربي والبحر الأحمر، ويعمل الآن 3000 جندي إضافي على حماية حركة الملاحة البحرية، في وقت تشير معلومات تراكمية إلى أن المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة على طول الحدود العراقية السورية أصبحت خطة عمل حقيقية.
ويطرح موقع "ذا هيل" في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، هذا الانقسام، متسائلا: "هل تستعرض إدارة بايدن عضلاتها حقا؟، أم أن هذه مجرد استراتيجية علاقات عامة لمواجهة المظاهر السلبية لصفقة المبادلة مع إيران؟".
ويقول التقرير: "أحد الأسباب المحتملة لزيادة المشاركة الأمريكية هو تورط الصين العميق في المنطقة، وبينما بدا أن الولايات المتحدة مترددة في التزامها بمواجهة التهديد الإيراني، شعر حلفاء مثل السعودية والإمارات بخيبة أمل متزايدة إزاء سياسة الاحتواء التي تنتهجها الإدارة الأمريكية".
ويضيف: "بينما أصبحت القوى الإقليمية محبطة ومتشككة على نحو متزايد بشأن موثوقية حليفتها الأمريكية، نشأ فراغ في السلطة، حتى أن الصين أدركت بطموحاتها العالمية الواسعة، هذه الفجوة، فتدخلت بسرعة لتعميق بصمتها الإقليمية".
وإذا كانت الولايات المتحدة تتخذ إجراءات قوية حقًا، وليس فقط المواقف، فإن الخطوة الأبرز هي خطتها لإنشاء منطقة عازلة بين العراق وسوريا.
اقرأ أيضاً
مراوغة بايدن في الشرق الأوسط قبل الانتخابات الرئاسية.. هل تنجح؟
ولتحقيق طموحاتها في الهيمنة، رسخت إيران نفسها استراتيجيًا في العراق وسوريا ولبنان، وتسعى جاهدة لإنشاء ممر بري مستمر من حدودها إلى البحر الأبيض المتوسط.
وفي العراق، تؤثر الميليشيات الشيعية الموالية لإيران بشكل كبير على سياسة بغداد، وتسيطر هذه الميليشيات على معبر البوكمال/القائم الحدودي بين العراق وسوريا.
وتسمح هذه الهيمنة لإيران بنقل الأسلحة والمقاتلين من العراق إلى سوريا.
وعلى الجانب السوري من هذه الحدود، أنشأت إيران مجمع الإمام علي العسكري لقسم اللوجستيات والأسلحة.
ساعدت الميليشيات الشيعية التي أنشأتها إيران والتي تسيطر عليها من أفغانستان والعراق ولبنان وباكستان وغيرها، إيران، على السيطرة على شرق وغرب وجنوب غرب سوريا.
وبالانتقال إلى الحافة الغربية للممر، تسيطر إيران عبر وكيلها الأقوى "حزب الله"، بشكل كامل على "الحدود" السورية اللبنانية، والتي في الواقع غير موجودة على الإطلاق.
ومسلحاً بأسلحة إيرانية وممولاً من طهران، استولى حزب الله بالقوة على النظامين السياسي والاقتصادي في لبنان، محولاً البلاد إلى امتداد لإيران، وفق التقرير.
اقرأ أيضاً
سياسة خيالية.. هكذا يتعامل بايدن مع الشرق الأوسط
ويعد المعبر الحدودي العراقي السوري عنصرًا حاسمًا في الممر الذي تسيطر عليه إيران.
ومن شأن المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة عند هذا المعبر أن تعرض أهداف إيران للخطر.
كما أن لدى الولايات المتحدة أصولا وقوات في 3 مناطق استراتيجية قريبة، ولديها عدة قواعد عسكرية في العراق، وأصول في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا.
كما تقع قاعدتها العسكرية "التنف" في سوريا، على مقربة من حدود المثلث العراق والأردن وسوريا.
بالنسبة لإيران، يعتبر هذا الوجود الأمريكي إهانة، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، نفذ وكلاء إيران هجمات متكررة ضد هذه القواعد الأمريكية في كل من سوريا والعراق.
ومؤخرًا، وكجزء من موقفها الأكثر حزمًا، أبلغت الولايات المتحدة الحكومة العراقية بأنها سترد على الهجمات المستمرة على قواعدها، من خلال استهداف الميليشيات وقادتها.
تمثل إيران ووكلاؤها التهديد الأكثر خطورة لإسرائيل، وتعتمد خطة المعركة الإيرانية للقضاء على إسرائيل على إنشاء وترسيخ شبكة ضخمة من الجيوش الوكيلة بمئات الآلاف من الصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات بدون طيار الهجومية، الأمر الذي سيخلق حلقة من النار حول عنق إسرائيل من ثلاثة اتجاهات – غزة، والضفة، ولبنان وسوريا.
اقرأ أيضاً
كاتب أمريكي لبايدن: حان الوقت لإنهاء حروب الشرق الأوسط القبيحة
يأتي ذلك في وقت يشكل الممر البري الإيراني حجر الزاوية في الخطة الإيرانية.
وتعمل إسرائيل باستمرار على إحباط خطة حلقة النار الإيرانية من خلال هجمات دقيقة على مستودعات الأسلحة ومخزونات الصواريخ، ونظام مضاد للطائرات تحاول إيران إقامته في سوريا، وبالقرب من الحدود العراقية السورية.
ويعد إنشاء منطقة عازلة تحت سيطرة الولايات المتحدة على طول الحدود السورية العراقية طبقة مهمة أخرى في الجهود المبذولة لإحباط خطة إيران، حتى بات إحباط هذا الهدف يصب في المصلحة الاستراتيجية لإسرائيل والولايات المتحدة، لأنه سيقلل من خطر نشوب حرب واسعة بين إسرائيل وإيران ووكلائها.
وفي ظل الرقصة المعقدة للجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، تحمل خطوات أمريكا المقبلة الوعد والمخاطر، وفق تقرير "ذا هيل".
فمن ناحية، من خلال اتخاذ موقف أكثر حزما، ستعيد الولايات المتحدة تأكيد التزامها تجاه حلفائها الإقليميين، وإظهار نفوذها غير المنقوص في الشرق الأوسط، وربما ردع العدوان الإيراني.
ومن ناحية أخرى، قد يؤدي مثل هذا الحزم إلى تأجيج نيران الصراع مع الميليشيات المدعومة من إيران.
اقرأ أيضاً
عقيدة ترامب وبايدن السياسية.. ماذا فعلت بالشرق الأوسط؟
ويطرح هذا، السؤال حول ما إذا كان رفع القفاز الأمريكي يمكن أن يؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران.
تاريخياً، اعتقدت إيران أن الولايات المتحدة مترددة بشأن العمل العسكري، وكان الاستثناء الملحوظ في يناير/كانون الثاني 2020، عندما استهدفت الولايات المتحدة وقتلت اللواء قاسم سليماني، وهو شخصية رئيسية في التسلسل الهرمي العسكري الإيراني.
وبينما ردت إيران بمهاجمة قاعدة أمريكية في العراق، فإنها كانت حريصة على تجنب وقوع خسائر أمريكية.
ويشير هذا النهج الحذر إلى أن إيران تريد تجنب حرب شاملة مع الولايات المتحدة.
ومع استمرار تحرك الرمال في الشرق الأوسط، فإن إزالة قفاز واحد في بعض الأحيان قد يؤدي إلى إحباط الحاجة إلى "إزالة قفازين"، وبالتالي تجنب نتيجة أكثر كارثية.
اقرأ أيضاً
أزمات الشرق الأوسط تتصدر أجندة بايدن في 2023!
المصدر | ذا هيل - ترجمة وتحرير الخلجي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيران أمريكا بايدن الشرق الأوسط الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط اقرأ أیضا فی العراق
إقرأ أيضاً:
هل تتنهي حروب إسرائيل في 2025؟
منذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، انخرطت إسرائيل في سلسلة من النزاعات ضد إيران ووكلائها، قائلة إنها تريد استئصال التهديدات الأمنية التي يشكلونها، بحيث لا يتكرر مثل هذا الهجوم.
نتانياهو يحتاج إلى إطالة أمد الحرب المروعة في غزة لتجنب المحاكمة
وكتب المحرر الرئيسي في مجلة "نيوزويك" الأمريكية شاين كروتشر، أن إسرائيل سعت إلى تدمير حماس في غزة وحزب الله في لبنان، ووجدت نفسها في نزاع مباشر مع إيران، الممول الرئيسي لهذه المجموعات، حيث تبادل الجانبان إطلاق الصواريخ، دون أن تندلع حرب شاملة بينهما، حتى الآن.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، قصفت إسرائيل عدداً من الأهداف هناك، على غرار مخازن للأسلحة الكيميائية.
وبحلول العام المقبل الذي سيجلب بعداً جديداً لسياسة الشرق الأوسط -مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض- سألت نيوزويك عدداً من الخبراء: هل ستنتهي حروب إسرائيل في الشرق الأوسط في عام 2025؟.
Will Israel's wars in the Middle East end in 2025? https://t.co/lSi1nN13HP via @Newsweek
— Nino Brodin (@Orgetorix) December 26, 2024
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن للاقتصاد فواز جرجس، قال إن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي الذي مر عليه 100 عام، لن ينتهي إلا عندما تنهي إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية، وتمنح جيرانها حق تقرير المصير.
وأضاف أن الجولة الحالية من الأعمال العدائية المكثفة ستنتهي عام 2025، ولكن ستكون هناك جولات أخرى عاجلاً أم آجلاً. وكما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مراراً وتكراراً، فإن وقف النار بين إسرائيل وحزب الله ووقف النار (المحتمل) بين إسرائيل وحماس، لا يعني نهاية حروب إسرائيل. ويعارض كل من الائتلاف الذي يقوده نتانياهو والمعارضة بشدة إقامة دولة فلسطينية مستقلة. إذا كان الأمر كذلك، فإن إسرائيل تواجه خطر حرب إلى الأبد.
ورأى نائب رئيس كرسي "يونا ودينا إيتنغر" للتاريخ المعاصر للشرق الأوسط، بجامعة تل أبيب إيال زيسر، أن إسرائيل حققت خلال العام الماضي معظم أهدافها في الحرب، التي شنتها حماس وحزب الله ضدها مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وأضاف أن حماس هُزمت كقوة عسكرية وحكومية في غزة، وتلقى حزب الله ضربة موجعة حرمته من القدرة على ردع إسرائيل وتهديدها. وفي سوريا، سقط نظام بشار الأسد، وتم صد إيران وإضعافها وردعها. وهذه ظروف مواتية لإنهاء حروب إسرائيل خلال عام 2025، وترجمة الإنجازات العسكرية إلى تحرك سياسي مع الدول العربية المعتدلة، وربما أيضاً مع الفلسطينيين. وليس من الواضح ما إذا كان هذا يخدم المصالح السياسية لنتانياهو، أو ما إذا كان قادراً على القيام بمثل هذه الخطوة، بسبب ضغوط من شركائه السياسيين.
وقال أستاذ العلوم الحكومية بجامعة جورج تاون في قطر مهران كامرافا، إنه في عام 2022، شبه رئيس الوزراء وقتها، نفتالي بينيت، إيران بالأخطبوط الذي تحاول مخالبه – حزب الله وحماس والحوثيون وما إلى ذلك – خنق الشرق الأوسط، ودعا بينيت إلى قطع رأس الأخطبوط، وهذا لم يحدث بعد.
Netanyahu: The war is expected to continue until 2025. pic.twitter.com/jz59TBGLQy
— Warfare Analysis (@warfareanalysis) January 16, 2024
وأضاف أنه باستخدام استعارة بينيت، فإن معظم مخالب الأخطبوط قد تم إضعافها بشدة، إن لم يتم القضاء عليها تماماً. ومتشجعة بنجاحاتها العسكرية منذ أواخر عام 2023، وبقيادة رئيس وزراء محاصر سياسياً مع الكثير من القضايا القضائية المعلقة فوق رأسه، من غير المرجح أن توقف الحكومة الإسرائيلية حملتها القائمة على استعداء الأخطبوط الإيراني. لكن ترامب الحليف الأكبر لنتانياهو، لا يحب الحروب - فهي ليست جيدة للأعمال – وتالياً، فإن سعي إسرائيل إلى شن حرب واسعة النطاق أمر غير مرجح.
وقال مدير برنامج إيران معهد الشرق الأوسط أليكس فاتانكا، إنه من الصعب جداً تصوير سقوط نظام الأسد بأي شكل من الأشكال، سوى بأنه خسارة لإيران و"محور المقاومة".
وأضاف أن جميع المحللين الإيرانيين يتفقون على ذلك، ويتفق معظمهم أيضاً على أن الأشهر الأربعة عشر الماضية - منذ هجمات 7 أكتوبر التي شنتها حماس على إسرائيل - كانت أسوأ عام بالنسبة لمحور المقاومة. وكما نعلم، كان الموقف الدفاعي الإيراني في العقود الماضية مبنياً على 3 ركائز: البرنامج النووي، والصواريخ، واستخدام الوكلاء الموالين لإيران في أنحاء المنطقة. وفي قلب هذه الاستراتيجية تكمن فكرة أن على إيران أن تقاتل الأمريكيين للخروج من الشرق الأوسط. وبمجرد خروج أمريكا من المنطقة، ستسقط إسرائيل، وهكذا كان تفكير المرشد الإيراني علي خامنئي.
وبحسب الأستاذ الفخري للعلاقات الدولية في كلية سانت أنطوني بجامعة أكسفورد آفي شلايم، فإنه من غير المرجح أن تنتهي حروب إسرائيل في الشرق الأوسط عام 2025 أو في أي وقت، في المستقبل المنظور.
ورأى أن السبب المباشر لذلك هو أن نتانياهو يحتاج إلى إطالة أمد الحرب المروعة في غزة لتجنب المحاكمة في الداخل، بتهم الفساد التي تنطوي على عقوبة السجن. والسبب الأعمق هو أن إسرائيل دولة استعمارية استيطانية مدمنة على الاحتلال والتطهير العرقي والتوسع الإقليمي. وتطالب الحكومة الحالية بالسيادة اليهودية على كامل أرض إسرائيل التي تشمل الضفة الغربية، وتالياً تمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة. وهذه وصفة للصراع الدائم.