لقد مَرَّتْ مصر كما مَرَّتْ بعض البلاد العربية بفترة عصيبة من الإرهاب الأسود اللعين تحولت فيها طاقات العنف فى الرأس المطموس إلى عداء دموى، واختلط الرأى إزاءها مع الدم فى لغة شريرة مُنَفِّرة إلى أن أصبحت دماراً ينسف صاحبه نسفاً، تماماً كما ينسف الأبرياء ممّن لا ذنب لهم ولا قوة على ملاقاة هذا الإثم الطائش والفجور الغشيم.
والإرهاب أشكالٌ وألوان؛ يبدأ باللفظة النابية والنظرة القاسية والإحساس المتبلد والكلمة الجافة والشعور المجدب والجلافة الفكرية والتسلط على خلق الله فى البيت والشارع والمسجد والعمل والحارة والأسواق؛ وينتهى باللعنة الغاضبة على الآدميين وغير الآدميين، لتكون اللعنة تدميراً للناس والأشياء والأحياء, وتفجيراً لطاقات العنف البغيض كيما تنال دماء الأبرياء، فيختلط الفجور الآثم مع الأشياء المتناثرة مع الدم البريء فى صورة مفزعة مهولة تقشعر لها أبدان الجلاميد!
إنما الإرهاب قصة نفس ملوثة؛ إذْ الإرهاب هو الإرهاب سواء فى الشرق أو فى الغرب: الشرقيون إرهابيون بالدين؛ والغربيون إرهابيون بالعلم. لو لم يكن الإرهاب بالدين لكان الإرهاب بأى فكر سواه. الإرهاب «قصة نفس» مُلوَّثة، قد لا تكون لها علاقة بالدين ولا بالأفكار، هذا إذا نحن نظرنا إلى المستوى الاجتماعى من حيث إن الدافع للإرهاب تربية وبيئة غير سوية بامتياز. صحيح أن الأفكار تنبت فى بيئة قابلة بحكم طبيعتها أن تغذى الإرهاب وتنميه. وصحيح كذلك أن هنالك أفكاراً عنيفة متطرفة فى الدين إلى درجة الإرهاب، لكن المشكلة ليست فى الفكرة بمقدار ما هى فى حاملها وهو العقل المفكر.
فالعقل هو الذى يفرز الفكرة يقبلها أو يرفضها، ينقدها أو يتركها، تعمل فى وعيه بغير نقد حتى تصبح جزءاً من مكوناته الأساسية. والأفكار التى تعمل فى طبع الإرهابى إنما هى أفكار تمر على عقل معطل ـ أو يكاد ـ عن الوعى والتفكير؛ تنشط فيه الأفكار الهَدَّامة فتعمل عملها السلبى فلا ينقدها بل يتركها بغير نقد ولا تفنيد. فالملاحظ أن دعوات العنف تُفرَّغ من مضمونها الدينى لتُعبأ بمضمون فكرى آخر غير الدين، ولا يزال العنف والجنوح التدميرى وفكرة السيطرة والاستحواذ أموراً باقية كما هى لا تتغير، سواء فى الذين رفعوا لواء الدين أو الذين رفعوا لواء العلم. فلئن كان الشرقيَّون إرهابيين بالدين والغربيون إرهابيين بالعلم؛ فإن التسامح الخالص هو أيضاً «قصة نفس» سَوِّية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإرهابي
إقرأ أيضاً:
إطلاق مبادرة «حماية الفتيات من العنف الرقمي والابتزاز الإلكتروني» بالغربية
أطلق مركز الدلتا لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة بمحافظة الغربية مبادرة حماية الفتيات والنساء من العنف الرقمي والابتزاز الالكتروني والذي يعد من أخطر أنواع العنف التي باتت تواجه الفتيات والنساء مؤخرا والذي تقع ضحيته الفتيات والنساء المستخدمات لمواقع التواصل الاجتماعي حيث أصبح هذا النوع من العنف يمثل تهديدا للاستقرار المجتمعي بشكل عام.
أكد محمد شفيق المحامي بالنقض والدستورية العليا ورئيس مركز الدلتا لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة على أن إطلاق هذه المبادرة يأتي تماشيا مع أهداف المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان المصري» والتي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية وانعكاسا لرؤية القيادة السياسية نحو بناء مجتمع متقدم ومتكامل تتشارك فيه مؤسسات الدولة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص بهدف تنفيذ برامج وأنشطه وخدمات متنوعة تهدف إلي تنمية الإنسان المصري والعمل علي ترسيخ الهوية المصرية.
وأكد شفيق أن هذه المبادرة جاءت نظرا لتنامي هذا الشكل من العنف وتداعياته الخطيرة علي المجتمع وإيمانا منا بمسئوليتنا المجتمعية ودورنا الأساسي كأحد منظمات المجتمع المدني الوطنية في دعم جهود الدولة المصرية في مواجهة أي ظاهرة تؤثر علي الأمن والسلم المجتمعي وأعلن شفيق عن تدشين وإنشاء وحدة دعم خاصة بالمعنفات وضحايا العنف الرقمي والابتزاز الالكتروني للعمل علي إثارة الوعي بحقوق الفتيات والنساء وتوفير الدعم القانوني والدعم النفسي والاجتماعي والدعم من خلال الوساطة القانونية.
وقد أدار الندوة والحوار علاء شبل الكاتب الصحفي عضو مركز الدلتا لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة والذي قام بتقديم نبذة مختصرة عن جمعية مركز الدلتا والأنشطة والمبادرات التي تتبناها مؤكدا علي إهتمام جمعية مركز الدلتا بالدور التوعوي في كافة المجالات وخاصة التوعية بالقضايا المجتمعية المتعلقة بفئة الشباب والمرأة والذي يأتي تماشيا مع أهداف الجمهورية الجديدة.
وأشارت الدكتورة بسمه مبروك الاستشاري النفسي الإكلينكي وعضو مركز الدلتا إلي الدور الهام الذي تلعبه وحدة الدعم النفسي بمركز الدلتا في مساعدة الفتيات والنساء المعنفات واللاتي تتعرضن لنوع أو أكثر من أشكال العنف الالكتروني كما تحدثت عن تداعيات العنف الرقمي علي الفتيات والتي تؤدي إلي نتائج تفوق في تأثيراتها السلبية أنواع العنف التقليدية.
وأشارت الدكتورة وسام خليفه دكتوراه في علم النفس الاكلينكي وعضو مركز الدلتا لحقوق الإنسان إلي أن هذه المبادرة تعد بمثاىة طوق النجاه لضحايا هذا النوع من العنف وأكدت علي أنه سوف يتم التعامل مع كافة الحالات التي سوف تتوجه لوحدة الدعم الخاصة بالمعنفات والضحايا في إطار من السرية والخصوصية وتوفير كافة وسائل الدعم النفسي لهن كما قامت بعمل محاكاة وسرد قصص واقعية.
جاء ذلك بحضور أحمد فوزي مدير وحدة حقوق الإنسان بمجلس مدينة كفر الزيات نائبا عن عادل داود رئيس مجلس مدينة كفر الزيات والدكتورة إيناس مصطفي رئيس لجنة الموهوبين والمخترعين بالتحالف المدني والعفو المصرية وحقوق الإنسان بمحافظة الغربية و محروس ماهر رئيس وحدة البندر والسكنية بالتضامن الاجتماعي و محمد سمير رئيس اللجنة الإعلامية بمركز الدلتا ومجموعة كبيرة من أعضاء مركز الدلتا لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة.