(ضلك على الدرب) عنوان رواية للمبدع أحمد أبو خنيجر، أطلق عليها ديوان الحكى، والراحل الكبير محمد مستجاب من أوائل الذين ابتكروا فى أشكال القصة القصيرة والرواية بعد يوسف إدريس ويوسف الشارونى، ولكن أبو خنيجر فى كتابه الصادر منذ شهور قليلة عن هيئه الكتاب، أراد أن يخطو خطوات كثيرة نحو تغليف إنتاجه الأدبى برداء الرواية وروح القصة القصيرة، فمجموعته الأحدث هى عبارة عن رواية مكثفة الأحداث، سريعة النبض، لاهثة لشكل يحملك بسرعة إلى نمط إبداعى يقترب من القصيدة حينًا ومن الرؤية المسرحية حينًا آخر، على أن الراوى هنا هو امتداد لصوت أبو خنيجر نفسه حين عالج أفكارا وقضايا كنا لا نقترب منها، أغلبها حول الموروث الصعيدى الأصيل.
إلا أن ديوانه الأحدث «محاولة لإنقاذ جيفارا» الذى صدر عن هيئة الكتاب ٢٠٢١، يحمل فى طياته حسا فلسفيا تضافر بوعى مع بعض رموز المتصوفة، مؤكدا أن كسر السلسلة الصوفية هو الرد الفلسفى المناسب لتطور الكيان التقليدى الطامح نحو راديكالية جديدة.
يقول كريم عبدالسلام: حذار من العابرين آخر الليل–أولئك الذين يحملون العصى والمطارق _ يدقون بها على الأبواب–ومن صوتك يزنون قوتك–ما إذا كانوا سيهدمون البيت على رأسك–أم يبتعدون وهم يلقون تهديداتهم–الأفضل أن تقتنى كلبًا شرسًا–لينبح بقوة–عندما يمر العابرون آخر الليل–فيعرفون أن الوحوش استولت على البيت.
لقد كان بإمكان هذه الشاعرية أن تؤسس من خلال جوهرية الفعل والحق. لقد تجاوز عبدالسلام مجموعة من الأسلاك الشائكة التى تعرقل غيره عن قصد أو بقصد؛ ولهذا يمكن اعتبار هذا الاستثناء فى اختيار مفرداته وأحداث قصائده –وربما كانت القيمة الفنية لشعر كريم عبدالسلام التى تستعصى على التقليد أو الهروب من سجونها بأشكال مختلفة. لقد ارتضى صراعه اليومى أن يسبق الشكل التقليدى ويتلاءم مع استمرار الأزمات الحيوانية التى تشغل بال الشاعر سواء مع بداية أحلامه أو حتى إحساسه أنه كتب ما أراد.
كريم عبدالسلام شاعر استثنائى فى زمن القصائد المتشابهة الممسوخة، إلا قليلا.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كاريزما قضايا هيئة الكتاب
إقرأ أيضاً:
كريم خالد عبد العزيز يكتب: العشم وتحديات الحفاظ على الخصوصية في العلاقات
العشم كلمة قد تُساء فهمها أحيانًا من البعض، فتتحول من مساحة للود والتقدير إلى توقعات غير واقعية وتجاوز للحدود الطبيعية، وإلى تصورات أبعد من المتعارف عليها.... ومن ثم تصدر عن البعض الذي يسيء فهم العشم تصرفات سلبية ناتجة عن هذا الفهم الخاطئ قد تخلق ضغوطًا وعلاقات مشحونة بالتوتر.
من ضمن التصرفات الناتجة عن إساءة فهم العشم، اختراق الخصوصية. عندما نتحدث مع أحد عن جانب من جوانب حياتنا الشخصية قاصدين المشاركة أو الاستفسار عن شيء، وكل هذا من باب العشم.... يُساء فهم هذا العشم ويتحول الأمر إلى اختراق لخصوصيتنا من خلال كسر حدود مساحتنا الخاصة.... معظم الناس لا تفهم أن سماحنا بإظهار جزء أو جانب من حياتنا الشخصية لا يعني أبدًا السماح لهم بالتطفل والاختراق.
ليس الجميع يستحق أن يكون في دائرة الثقة، فمن الحكمة أن نحاط بمن يفهمون قيمة الخصوصية ويحترمونها، ومن يحافظون على الثقة المتبادلة بيننا وبينهم.... ومن الناس الذين لا يستحقون أن يكونوا في دائرة الثقة أولئك الذين يعطون لأنفسهم حق التدخل في جوانبنا الشخصية من خلال سؤالنا بحكم العشم، وعندما نسأل نحن أو نتدخل لتبادل الثقة، يضعون لنا حدودًا.... أشخاص يأخذون منا ما يريدون من معلومات عن حياتنا الشخصية ولا يسمحون لنا أن نسأل أو نأخذ منهم ولو جزءًا.... يضعون الحدود لنا ويسمحون لأنفسهم بكسر الحدود معنا.
دائرة علاقاتنا مع الناس يجب أن يتم استحداثها كل فترة.... فليس غريبًا أن يتحول أصدقاء الأمس إلى أعداء اليوم، والعكس صحيح. وليس غريبًا أن نسحب الثقة ممن منحناهم إياها ونعطيها لمن لم نثق بهم في الماضي.... مواقف الناس وتصرفاتهم هي ما ترتب محبتهم في القلب وتحدد من المستحق ومن غير المستحق لثقتنا.... في كثير من الأحيان تكون العلاقات السطحية أكثر استقرارًا واستمرارًا من العلاقات العميقة، خاصة عندما يمنح العمق حق اختراق الخصوصية واهتزاز الثقة.
علينا أن نكون حذرين في التعامل مع البشر، خاصة الغرباء، وألا نمنحهم الثقة بسهولة إلا بعد اختبارات عديدة.... أما عن القريبين منا، فعلينا ألا نستبعد التغيرات المفاجئة التي قد تجعلنا نضطر لوضع حدود جديدة أو كسر حدود سابقة.... كل شيء قابل للتغيير، خاصة في العلاقات.... وبالتأكيد هناك علاقات عميقة وثابتة منذ زمن ومستمرة بكل حب وثقة حتى الآن، علينا أن نعزز هذه العلاقات وننميها لأنها نادرة في هذا الزمان.