حكم إخراج زكاة المال في صورة ذبيحة للفقراء.. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
حكم إخراج زكاة المال في صورة ذبيحة للفقراء؟ حيث يوجد رجلٌ يدخر ذهبًا، وقد بلغ هذا الذهبُ النِّصاب، ويزكيه كل عام، ويريد أن يخرج زكاته هذا العام في صورة ذبيحة يوزع لحمها على الفقراء؛ فهل يجوز له ذلك شرعًا؟
حكم تغيير النية من صدقة إلى زكاة قبل إخراج المال؟.. الإفتاء توضح فتاوى تشغل الأذهان| حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.. هل يجوز شراء الحلوى للفقراء من زكاة المال؟.. وحكم من فاتته صلاة الفجر تكاسلا
قالت دار الإفتاء إن الإسلام شرع الزكاةَ وأوجَبَها على مَن مَلَك النِّصاب من الأغنياء، إذا خَلَت ذمتُه مِن الدَّين، وكان المال فائضًا عن حاجته ومَن يعول، ومضى عليه الحول -عامٌ قمريٌّ كامل-؛ قصدًا لسدِّ حاجة المصارف الثمانية المنصوص عليها في قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60.
وأضافت الدار: ذِكر الفقراء والمساكين في مَطلَع الآية يؤكد على أولويتهم في استحقاق الزكاة، وأنَّ الأصل فيها تحقيق كفايتهم في معاشهم مِن المطعمِ والمشربِ، والمسكنِ والتعليمِ والعلاجِ، وسائرِ أمورِ حياتِهم؛ تحقيقًا لحكمة الزكاة الأساسية، وهي "سَدُّ خَلَّةِ المُسلِمِينَ" -كما في "جامع البيان" للإمام الطبري (14/ 316، ط. مؤسسة الرسالة)- التي أشار إليها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «تُؤخَذُ مِن أَغنِيَائِهِم فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ.. الحديث» أخرجه الشيخان من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
وأجمع الفقهاء على وجوب الزكاة في الذهب المدخر إذا بلغ النصاب الشرعي؛ كما في "الإجماع" للإمام ابن المنذر (ص: 46، ط. دار المسلم)، وهو ما يُقَوَّمُ بخمسة وثمانين جرامًا من الذهب عيار واحد وعشرين، وذلك بمقدار ربع العشر (2.5%)، ويُستثنى مِن ذلك ما كان مُتَّخَذًا للزينة المباحة، فلا زكاة فيه حينئذٍ على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء مِن المالكية، والشافعية، والحنابلة. ينظر: "الشرح الصغير" للعلامة أبي البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي (1/ 624، ط. دار المعارف)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (6/ 35-36، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامة الحنبلي (3/ 41، ط. دار إحياء التراث)، وهو المختار للفتوى.
ذهب الحنفية -مع تقريرهم هذا الأصل- إلى جواز إخراج القيمة في الزكاة، سواء كانت عينية أو نقدية، وهو قولُ الإمام أَشْهَب وروايةٌ عن الإمام ابن القاسم مِن المالكية، وروايةٌ عن الإمام أحمد، وقال به مِن الصحابة: أميرُ المؤمنين عُمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، والحسن بن علي رضي الله عنهم أجمعين، ومِن التابعين: عمر بن عبد العزيز، وطاوس، ووافقهم الإمامان الثوري والبخاري في خصوص جواز إخراج العروض إذا كانت بقيمة الزكاة.
واستدلوا بما روي عن الصُّنَابِحِ الْأَحْمَسِيِّ رضي الله عنه قال: رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ نَاقَةً مُسِنَّةً، فَغَضِبَ وَقَالَ: «مَا هَذِهِ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي ارْتَجَعْتُهَا بِبَعِيرَيْنِ مِنْ حَاشِيَةِ الصَّدَقَةِ، فَسَكَتَ. أخرجه الأئمة: ابن أبي شيبة في "المصنف"، وأحمد -واللفظ له- وأبو يعلى في "المسند"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وبَوَّب له بـ(باب مَن أجاز أخْذ القِيَم في الزَّكَوَات).
وهو حديثٌ "صَرِيحٌ فِي البَابِ"؛ كما قال العلامة مجد الدين ابن مَوْدُود المَوْصِلِي في "الاختيار لتعليل المختار" (1/ 102، ط. الحلبي).
قال كمال الدين ابن الهُمَام في "فتح القدير" (2/ 193، ط. دار الفكر) بعد سَوْق الحديث: [فعَلِمْنَا أنَّ التَّنْصيص على الأسنان المخصوصة والشاة؛ لبيان قَدْر المالية، وتَخصيصها في التعبير؛ لأنها أسهل على أرباب المواشي] اهـ.
ووجَّهوا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خُذِ الْحَبَّ مِنَ الْحَبِّ.. الحديث»، بأنه "محمولٌ على التيسير؛ لأنَّ أداءَ هذه الأجناس على أصحابها أسهَلُ وأيسَرُ مِن غيرها مِن الأجناس، والفقه فيه: أنَّ المقصودَ إيصالُ الرِّزق الموعود إلى الفقير، وقد حَصَل"؛ كما قال العلامة مجد الدين ابن مَوْدُود المَوْصِلِي في "الاختيار لتعليل المختار" (1/ 103).
قال بدر الدين العَيْنِي الحنفي في "البناية" (3/ 348، ط. دار الكتب العلمية): [(ويجوز دَفْع القِيمة في الزكاة عندنا) ش: وهو قول عُمر رضي الله عنه، وابنه، وابن مسعود، وابن عباس، ومعاذ، وطاوس رضي الله عنهم، وقال الثوري: يجوز إخراج العروض في الزكاة إذا كانت بقيمتها، وهو مذهب البخاري] اهـ.
وقال الإمام ابن ناجي التَّنُوخِي المالكي في "شرح متن الرسالة" (1/ 327، ط. دار الكتب العلمية): [وقيل: إن إخراج القيمة مطلقًا جائز؛ قاله أشهب، وبه قال ابن القاسم في "العتبية"، وقيل بعكسه، وفي سماع ابن أبي زيد عن ابن القاسم له: أن يخرج العين عن الحَب، بخلاف العكس، ولم يحفظه خليلٌ إلا لأشهب فقط] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: زكاة المال دار الإفتاء رضی الله الله ع
إقرأ أيضاً:
«الإفتاء» توضح كيفية حساب الثلث الأخير من الليل.. يستجاب فيه الدعاء
أجابت دار الإفتاء المصرية، على تساؤل ما أوقات إجابة الدعاء، وكيف أجعل يومي مباركًا، وكيفية حساب الثلث الأخير من الليل الذي يستجاب فيه الدعاء، حيث يعتاد المسلمون في كثر من الأوقات والمناسبات على ترديد الأدعية، خاصة وأنها عبادة مستحبة.
ما أوقات إجابة الدعاء وكيف أجعل يومي مباركًا؟وعن أوقات استجابة الدعاء، قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن هناك أوقات أخبر الشرع أنها أوقات فاضلة واستجابة، منها ليلة القدر، يوم عرفة، ليلة النصف من شعبان.
أوقات إجابة الدعاءواستشهد شلبي، في توضيحه أوقات إجابة الدعاء، بما جاء عن الإمام الشافعي في «الأم» (1/ 264، ط. دار المعرفة): [بلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليالٍ: في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان] اهـ.
وتابع أمين الفتوى، أنه من مواطن استجابة الدعاء، الثلث الأخير من الليل، من المغرب إلى الفجر، أحسب عدد الساعات وأقسمها على 3 ويكون الثلث الأخير هو وقت استجابة الدعاء، كذلك لحظة أذان المغرب والشخص صائم، مستشهدًا بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، حينما قال: «ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم الصَّائمُ حتَّى يُفطرَ والإمامُ العادلُ ودعوةُ المظلومِ يرفعُها اللهُ فوق الغمامِ وتُفتَّحُ لها أبوابُ السَّماءِ ويقولُ الرَّبُّ وعزَّتي لأنصُرنَّك ولو بعد حينٍ».