الخرطوم- ينظر مراقبون إلى العقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن على قيادات في قوات الدعم السريع باعتبارها "عصا غليظة" في وجه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ورسالة مبطنة إلى قيادات الجيش لتحريك جمود المفاوضات بين طرفي القتال.

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أمس الأربعاء فرض عقوبات على كل من عبد الرحيم حمدان دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع وقائد القوات في ولاية غرب دارفور عبد الرحمن جمعة، في خطوة تعد الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب في السودان، والتي توشك أن تنهي شهرها الخامس.

ويأتي القرار الأميركي الجديد امتدادا لفرض واشنطن في مطلع يونيو/حزيران الماضي عقوبات على 4 شركات تابعة للجيش السوداني والدعم السريع اتهمتها بإذكاء الصراع في السودان.

وشملت الشركات الأربع المشمولة بالعقوبات شركتي "الجنيد للأنشطة المتعددة" و"تراديف للتجارة العامة" المرتبطتين بقوات الدعم السريع، وشركتي "منظومة الصناعة الدفاعية" و"سودان ماستر تكنولوجي" المرتبطتين بالجيش.

تحرك البرهان

وغير بعيد عن العقوبات الأميركية على دقلو وجمعة أصدر عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش أمس الأربعاء مرسومين دستوريين قضى الأول بحل قوات الدعم السريع، والآخر بإلغاء قانونها للعام 2017 والمعدل في 2019، والذي منحها استقلالية أكبر عن الجيش، بسبب إلغاء مادة في القانون تنص على خضوعها للقوات المسلحة.

وأوضح مجلس السيادة في بيان أن القرار يأتي استنادا إلى تداعيات تمرد هذه القوات على الدولة، والانتهاكات الجسيمة التي مارستها ضد المواطنين، والتخريب المتعمد للبنى التحتية بالبلاد، فضلا عن مخالفتها أهداف ومهام ومبادئ إنشائها الواردة في قانونها، بحسب البيان.

ويرى الخبير القانوني عبد الله السناري أن قرار البرهان حل قوات الدعم السريع يحمل صفة دستورية لأن إلغاء القانون يتم من سلطة الجهاز التشريعي، وحسب الوثيقة الدستورية فإن الجهة المخولة بذلك هي مجلس السيادة ومجلس الوزراء مجتمعين، ويمكن لرئيس المجلس إصدار مرسوم دستوري في غيابهما وعرضه خلال عام على الجهاز التشريعي المؤقت أو الأصيل في حال إنشائه لإقراره، وفي حال لم يحدث ذلك يعتبر المرسوم لاغيا.

عبد الرحمن جمعة قائد قوات الدعم السريع في ولاية غرب دارفور (مواقع التواصل)

ويوضح السناري للجزيرة نت أن قرار حل قوات الدعم السريع ينزع عنها الصبغة الدستورية والقانونية والصفة الاعتبارية، مما يدفع لنقل كل ممتلكاتها وأصولها الثابتة والمتحركة ومشروعاتها إلى الدولة.

كما يؤدي القرار -بحسب الخبير القانوني- إلى إلغاء الحصانات الجنائية والإجرائية والموضوعية عن كل المنتسبين لقوات الدعم السريع، مما يتيح ملاحقتهم قضائيا، سواء داخل البلاد أو خارجها، كما يزيل صفة التمرد عن القوات ويتيح توصيف حمل السلاح ضد الدولة إرهابا، وبالتالي تصنيفها منظمة إرهابية.

وعن أثر حل قوات الدعم السريع على المفاوضات معها، يرى السناري أن قوات الدعم السريع لم تعد كيانا قانونيا، لكن التفاوض مع قيادتها بشأن الترتيبات الأمنية لا يعني اعترافا قانونيا كما حدث مع الحركات المسلحة في إقليم دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق التي جرت معها مفاوضات توصلت إلى اتفاق سلام، فالحكومة لم تكن تعترف بها باعتبارها كيانات قانونية، ولفت إلى أن قرار الحل صار ورقة في يد البرهان يمكن استخدامها.

ويعتقد الخبير القانوني أن تزامن قرار رئيس مجلس السيادة مع العقوبات الأميركية لم يكن صدفة، وإنما أراد البرهان عدم تعرض ممتلكات وأموال وأصول قوات الدعم السريع التي ستؤول إلى الدولة للتجميد والحجز أو أي آثار مترتبة على العقوبات.


مستقبل "الدعم السريع"

من جهته، يرى المحلل السياسي عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار أن العقوبات الأميركية على نائب حميدتي تمتد لتشمل البنية الاقتصادية للقوات، مما يحجّم قدرتها على التسليح ونفقات الضباط والجنود وجلب مقاتلين من غرب أفريقيا.

ويقول ميرغني للجزيرة نت إن الأثر الأكبر للقرار هو إشهار عدم الاعتراف بقوات الدعم السريع وتجريم التعامل معها على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية، مما يقطع التفاوض بشأن مستقبلها في السياقات الثلاثة.

ويعتبر ميرغني أن العقوبات الأميركية رسالة واضحة لطرفي الصراع في السودان، لكن آلية العقوبات تكمن في أنها تصدر عن وزارة الخزانة ثم ترسل إلى وزارة الخارجية لتقدير الظرف السياسي قبل إعلانها.

ويضيف أن استخدام سلاح العقوبات الأميركية سيكون له تأثير مباشر وقوي على منبر جدة للمفاوضات بين الجيش والدعم السريع، وتوقع إما استمرارها بوتيرة أسرع أو وقفها وطرح خريطة طريق دولية وإقليمية على طرفي القتال تشمل مواقيت زمنية لإجراءات تؤدي إلى إنهاء الحرب تدريجيا.

ولم تصدر قوات الدعم السريع موقفا رسميا بشأن حلها أو فرض عقوبات أميركية على نائب قائدها، وقال مسؤول في المكتب الإعلامي لقائد الدعم السريع للجزيرة نت إن موقفا سيصدر عبر بيان في هذا الشأن بعد دراسة الأمر من جوانبه كافة.

ويقول مصطفى محمد إبراهيم مستشار قائد قوات الدعم السريع إن البرهان لا يملك سلطة دستورية لحل القوات التي صدر قانونها عن البرلمان في عام 2017، ويؤكد أن القرار لا يعنيهم في شيء واعتبره "حبرا على ورق" لا يؤثر على الأوضاع القانونية والسياسية والعسكرية والعلاقات الخارجية لقواتهم.

ويرى إبراهيم أن القرار لن يؤثر على الروح المعنوية لقواتهم، بل سيزيدها تماسكا لمواصلة القتال حتى تحقق أهدافها.

وبشأن العقوبات الأميركية على نائب قائد الدعم السريع اعتبر إبراهيم القرار الأميركي غير منصف، مؤكدا أن قواتهم لم ترتكب أي انتهاكات، وأن من أجرم في حق الشعب هو قائد الجيش الذي يتحمل مسؤولية قصف المدنيين بالطيران والمدافع، مما أدى إلى مقتل المئات في الخرطوم ودارفور.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قائد قوات الدعم السریع العقوبات الأمیرکیة مجلس السیادة فی السودان

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يتقدم بالفاشر والدعم السريع يقتل 8 مدنيين بالخرطوم

تقدم الجيش السوداني في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، كما استعاد بلدة التروس ين ولايتي النيل الأبيض وسنار، في حين، قتلت قوات الدعم السريع 8 مدنيين شرقي العاصمة السودانية الخرطوم.

وقال مصدر ميداني للجزيرة إن الجيش السوداني استعاد بلدة التروس الواقعة بين ولايتي النيل الأبيض وسنار، وقال الجيش السوداني في بيان فجر اليوم إنه يتقدم بمحور منطقة التروس بعد هزيمة الدعم السريع.

وأشار مصدر ميداني للجزيرة إلى أن قوات الدعم السريع كانت تتخذ من بلدة التروس الحدودية مع دولة جنوب السودان، منطلقا لشن هجماتها على الجيش في سنار والنيل الأبيض.

وقالت مصادر محلية للجزيرة إن قوات الدعم السريع قصفت مساء الجمعة مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان لليوم السادس على التوالي.

وذكرت المصادر ذاتها أن القصف تزامن مع وقت الإفطار واستهدف وسط المدينة حيث وقعت نحو 5 قذائف في حي الدرجة من دون أن تحدد حجم الخسائر.

وكان مصدر طبي بمستشفى الأبيض قد أبلغ الجزيرة في وقت سابق أن قصف قوات الدعم السريع لمدينة الأبيض ليلة أمس أدى لمقتل سيدة وإصابة 4 آخرين.

الجيش يتقدم بالفاشر

في الأثناء، أفاد إعلام الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بأن الجيش يستمر في التقدم بالميدان بجميع المحاور القتال بالفاشر.

إعلان

وذكر في بيان أن الجيش نصب كمينا محكما بالمحور الشرقي للمدينة، تمكن خلاله من قتل 30 عنصرا من المليشيات، حسب البيان.

وقال إن الجيش دمر 4 مركبات للعدو وقتل عناصره التي كانت بها، وفقا للبيان.

وأضاف أن الجيش بالتنسيق مع القوات المشتركة والشرطة والمخابرات وقوات العمل الخاص، واصلوا عمليات التمشيط والهجوم المباغت على أوكار العدو في المحاور الجنوبية الشرقية والغربية للفاشر، أسفرت عن الاستيلاء على كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر.

وقال البيان إن طيران الجيش شن غارات استهدفت مطار نِيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وعدة مواقع إستراتيجية للعدو مكبدا إياه خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وفق البيان.

وذكر البيان أن المليشيا أطلقت أعيرة نارية عشوائية خلال نهار أمس، وهذا أدى إلى إصابة 5 مواطنين بجروح متفاوتة.

الجيش يستمر في التقدم بالميدان في جميع محاور القتال بالفاشر (الفرنسية) قتلى على يد الدعم السريع

في المقابل، قالت مجموعة "محامو الطوارئ" إن قوات الدعم السريع قتلت 8 مدنيين بينهم سيدتان في أحياء بري اللاماب والجريف غرب، شرقي العاصمة السودانية الخرطوم.

وأضافت المجموعة الحقوقية في بيان اليوم الجمعة أن قوات الدعم السريع نفذت خلال الأسبوع الماضي مداهمات واسعة لمنازل المدنيين في هذه الأحياء، كما فرضت حصارا خانقا على أحياء البراري وامتداد ناصر ومنعت المدنيين من الخروج وسط نقص حاد في الغذاء والدواء وانقطاع الاتصالات، وهذا أدى لوفاة عدد من الأطفال جراء الجوع وانعدام الرعاية الصحية.

وأدانت مجموعة "محامو الطوارئ" هذه الجرائم وطالبت بمحاسبة المسؤولين عنها وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال الغذاء والدواء للمدنيين المحاصرين.

الجوع يفتك بالأطفال

ومن جانب آخر، قالت مديرة برامج الطوارئ باليونيسيف لوشيا المي إن أطفال السودان يمثلون واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية على وجه الأرض، حيث دمر الصراع والنزوح والجوع حياة الكثيرين.

إعلان

وأضافت أن 16 مليون طفل في السودان في حاجة للمساعدات، وأن 17 مليون خارج مقاعد الدراسة لعامين، في حين يعاني 3.2 ملايين طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد هذا العام، من بينهم 770 ألفا من الأطفال يواجهون سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أشد أشكال الجوع فتكا.

وأشارت المي إلى أن الفتيات يعانين من العنف الجنسي وزواج الإكراه والزواج المبكر.

وأضافت أن الكثير من الأطفال تم تجنيدهم في صفوف المجموعات المسلحة.

وطلبت المي بتسهيل حركة العاملين في مجال المساعدات الإنسانية وحمايتهم بجانب زيادة التمويل لمواجهة الحاجة المتصاعدة.

وشددت المسؤولة الأممية على ضرورة إنهاء الصراع في السودان مشيرة إلى أن أطفال السودان ليس في وسعهم الانتظار وعلى العالم أن يتحرك الآن.

مقالات مشابهة

  • خطاب قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي”: استمعوا إليه بدلًا من الردح والشتائم
  • السودان.. الجيش يقترب من القصر الرئاسي وهروب لقوات الدعم السريع
  • الدعم السريع يتوغل في جنوب السودان ويسيطر على حامية عسكرية بعد مقتل قائدها 
  • السودان.. «الدعم السريع» يهدد بالتصعيد ويحدد خريطة عملياته
  • قائد قوات الدعم السريع: سنبقى في الخرطوم ولن نخرج من القصر الجمهوري
  • الجيش السوداني يتقدم بالفاشر والدعم السريع يقتل 8 مدنيين بالخرطوم
  • هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
  • ستة قتلى في قصف قوات الدعم السريع لمدينة استراتيجية  
  • السفير الحارث: الحرب لن تتوقف إلا حين توقِف الإمارات دعمها لمليشيا الدعم السريع
  • هدوء حذر في العاصمة السودانية بعد تضييق الخناق على الدعم السريع وسط الخرطوم