كريمة أبو العينين تكتب: مولد يا جامعة!
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
فى مذكراته عن مصر وكيف رآها قديمًا وحديثًا جاءت مؤلفاته التى جال فيها وصال عمرًا، فقد كتب الأستاذ الجليل حاتم زعلان واصفًا مصر التى جاءها شابا وظل فيها كهلا، عن شوارعها، قائلاً: كانت قديمًا تملأها أخلاق وقيم؛ لم يكن مسموحًا إطلاقًا أن يعاكس الشاب ابنة منطقته، ولم تكن تقام الأفراح إذا ما حل بالمنطقة وفاة، فحينها تُلغى الأفراح أو يتم عملها بصمت تام أو تنقل لمكان بعيد عن المنطقة كلها.
وعن شوارع مصر القديمة، قال: إن أفراحها سيمفونية اجتماعية متكاملة، كل البيوت سعيدة متعاونة وكل الجيران خلية نحل متحابة مجتمعة بقلب واحد وفرحة مقسمة عليهم جميعًا، الأحزان أيضًا كانت لها طقوس خاصة، أهمها أن أهل المتوفى يمدهم جيرانهم طوال أيام العزاء - التى قد تمتد حتى الأربعين - بالوجبات الثلاثة فى كل يوم، وبالتفاوض مع كل جار على حدة يكلف بهذا العمل الطيب لأنهم على قناعة بأن حزن جارهم لن يمكنه هو وأهله من الوقوف لإعداد الطعام واستقبال المعزين والقيام بواجبات الضيافة تجاههم، خاصة أنه فى الزمن الماضى كان المعزيون يأتون من كل صوب وحدب ويقيمون بالأيام مع أهلهم وجيرانهم أصحاب المصاب الأليم.
فى القديم أيضًا كانت روح المحبة تجمع الجيران فى كافة المناسبات الدينية والاجتماعية، وعلى رأسها شهر رمضان الفضيل وفيه ترى قلوب تمد أياديها بكل ما لذ وطاب من إفطار وسحور للجيران والمارين والعائدين، فى الأعياد حدث ولا حرج عن طعم هذه الأيام الجميل العبق، فالأعياد كانت فعلا أعيادًا موصولة بالمحبة والولاء والبهجة.
ويستكمل قائلاً: عشت فى مصر عمرًا طويلاً رأيتها شابة عفية جميلة وما زلت أرى فيها تلك الروح التى تجعلك على يقين بأنها قادرة على مواصلة التحدى والمضى قدمًا رغم كثرة الأعباء وقلة الموارد وكثرة الإنجاب، كل شىء من الممكن أن يجعلك تقوم صبرًا فكل مر سيمر ولكن أن ترى الثوابت تتزحزح والقيم تحمل معنيين والصح خطأ والخطأ قديم متعفن، فى هذه الحالة لابد أن نسترجع بقوة ماضينا الرافض لسلبيات هذه المرحلة التى أصبح فيها رقص الطالبات فى الجامعة تعبيرًا عن فرحتهن بالتخرج أصبح لغة عصر وطريقة تعبير تقودك إلى ركوب التريند وحصد الأموال، لا بد أن تتحسر على الزمان القديم والأخلاق الراسخة فيه والقيم المتغلغلة فى أعماق هذا الزمان وناسه، لابد أن ترفض رفضا تاما سلبيات عصرنا هذا وعلى رأسها ما وصل إليه الناس من تراجع فى كل شىء، خاصة لغة التعامل والحياة بصفة عامة.
الرقص فى حفلات التخرج مرفوض ومكروه، لغة الأغانى الهابطة والتى تندرج تحت معايشة العصر والاندماج فى تكنولوجياته والترحيب بالجنون الذى فيه من أغانى تسمى نفسها "راب" وأخرى مهرجانات لابد أن يقف أمامها أصحاب القرار والشأن وقفة حازمة رادعة، أن يترك الحبل على غاربه لنصل لأن يُغنى القرآن الكريم على العود وتتلوى الراقصات وهى تتلو آية من آيات الذكر الحكيم عن الجنة ونعيمها لابد أن يُعاقب من يفعلون ذلك بشدة حتى لا يتبعهم آخرون مارقون.
البيت المصرى أصبح بحاجة ملحة إلى تجميل وجهه الخارجى حتى يتم الالتفات إلى ترتيبه من التداخل وإعادته إلى رونقه وبهاءه الذى عشناه وعايشناه ومن لم يعش ذلك فقد شاهده فى الأفلام القديمة واللقاءات التلفزيونية الأصيلة.. مصر بحاجة إلى عجب العجاب كى تصبح مصرنا التى نعيشها وتعيش فينا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: لابد أن
إقرأ أيضاً:
برمة ومريم
ألسنة اللهب التي اشتعلت مؤخرًا في حزب الأمة القومي مازالت متصاعدة ومتمددة، وحتى كتابة هذه السطور لم تتحرك فرق الإطفاء لإحتواء الموقف. رباح (طردت) برمة من حزب والدها بمباركة مريم، واستبدلت البرمة بالدومة. برمة انتفض ورد الصاع صاعين بعزل نوابه ومساعديه، القيادي المفتي يودع الحزب في عملية هروب للأمام، رئيس المكتب السياسي (الغائب دومًا) موقفه خجول وإن كان في صف برمة كما نراه في بيانٍ له أصدره بعد خراب سوبا. وهذا ما كنا نحذر منه، فقد وصلت الأمور كما صورناها للشارع بالضبط، ولنكن أكثر جرأة في هذا الموضوع، وبدون رتوش الآن الصراع داخل الحزب ما بين البقارة والجلابة (خليفة المهدي والأشراف)، ربما يتعامى كثير من القادة عن هذه الحقيقة بالرغم من صِدقِيتها، وحلاً لهذا الخلاف لابد من طرد (ترلة) اليسار معًا (برمة ومريم) من كابينة القيادة (المساواة في الظلم عدل)، ومن ثم عقد مؤتمر عام للحزب ليختار قيادته الجديدة، وفوق هذا وذاك لابد من وضع النقاط على الحروف لبنات الصادق بأن الحزب ملك للشعب السوداني وليس لأسرة الصادق، وقبل ذلك لابد من توضيح حقيقة (سرقة) الإمام عبد الرحمن للحزب من مؤسسيه الأوائل حتى يرعوي آل المهدي عامة ويحترموا قيادات الحزب من خارج الأسرة، وخلاصة الأمر نرى بأن القيادة الحالية للحزب أوهن من بيت العنكبوت، وهروبًا من تحملها للمسؤولية سوف تنقسم ما بين (برمة مريم) (ودومة رباح)، ونؤكد بأن حسنات هذا الخلاف أكثر من مساويه، وعلى أقل تقدير يعرف الذين ولدوا وفي فمهم ملعقة من ذهب بأن الشارع قد عبر للضفة الأخرى من الحياة وهم في غفلتهم يعمهون.
د. أحمد عيسى محمود
عيساوي
الخميس ٢٠٢٥/٢/٢٧