لجريدة عمان:
2024-11-07@16:29:53 GMT

الإحاطة في كتاب الله

تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT

الإحاطة في كتاب الله

المبحر في كتاب الله، تمر به معان وألفاظ يتلمس جمالها ويبحث في دلالاتها ويحاول أن يفهمها من خلال سياقها واستخدام مساقاتها في حياته اليومية، ومن تلك المعاني معنى الإحاطة، التي لها مشتقات كثيرة منها الحائط الذي يكون حول المنزل أو المزرعة، ومنه أيضا القول المشهور: «أحاط به إحاطة السوار بالمعصم» وللقرآن الكريم استخداماته الخاصة من خلال سياقاته البديعة، التي تسبغ على المعنى دلالات إضافية فللكتاب الحكيم سياقاته المعجزة، وتراكيبه البيانية المبهرة.

فلو تأملنا قوله تعالى في سورة البقرة: «أَوۡ كَصَیِّبࣲ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ فِیهِ ظُلُمَـٰتࣱ وَرَعۡدࣱ وَبَرۡقࣱ یَجۡعَلُونَ أَصَـٰبِعَهُمۡ فِیۤ ءَاذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَ ٰ⁠عِقِ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِۚ وَٱللَّهُ مُحِیطُۢ بِٱلۡكَـٰفِرِینَ» لوجدنا أن الله عز وجل يصور لنا حالة عدم الاستقرار التي يعيشها المنافقون فهم عندما يستمعون إلى القرآن لفساد فطرهم واعتلال ذواتهم يخافون من القرآن الذي ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم فهم ينظرون إلى المطر ليس على أنه رحمة وخصب وطمأنينة، وإنما ينظرون إليه بتوجس وخيفة لما يحتويه من ظلمات ورعد وبرق، فهم يجعلون أصابعهم في آذانهم خوفا من الصواعق وحذرا من الموت، وهذا حالهم عندما كانوا يستمعون إلى القرآن الذي ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالقتال، فقد حكى الله عنهم هذا الأمر في سورة محمد فقال تعالى: «وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةࣱۖ فَإِذَاۤ أُنزِلَتۡ سُورَةࣱ مُّحۡكَمَةࣱ وَذُكِرَ فِیهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَیۡتَ ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یَنظُرُونَ إِلَیۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِیِّ عَلَیۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ»، ولكن الله عالم بخفايا نفوسهم محيط بهم، وإحاطته جل وعلا بعلمه بهم، وقدرته عليهم، فلا فائدة من اتقائهم الموت، ولو أراد لهم ذلك لكن من غير سبب.

وبين الله لنا أن الواحد الذي يملك العلم المطلق، فقال تعالى في آية الكرسي: «ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَیُّ ٱلۡقَیُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةࣱ وَلَا نَوۡمࣱۚ لَّهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ مَن ذَا ٱلَّذِی یَشۡفَعُ عِندَهُۥۤ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ یَعۡلَمُ مَا بَیۡنَ أَیۡدِیهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا یُحِیطُونَ بِشَیۡءࣲ مِّنۡ عِلۡمِهِۦۤ إِلَّا بِمَا شَاۤءَۚ وَسِعَ كُرۡسِیُّهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضَۖ وَلَا یَـُٔودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡعَظِیمُ» فعلمه يحيط بمستقبل الخلق، وماضيهم، ولا يحيطون أو يدركون من علمه شيء إلا بما شاء هو أن يعلمهم إياه. وقد أورد الله هذا المعنى أيضا في سورة طه فقال تعالى: «يَعلَمُ ما بَينَ أيديهِم وَما خَلفَهُم وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلمًا».

وفي موضع آخر نجد أن القرآن الكريم يستعرض أحوال المنافقين فقال في آل عمران: «إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةࣱ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَیِّئَةࣱ یَفۡرَحُوا۟ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ لَا یَضُرُّكُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا یَعۡمَلُونَ مُحِیطࣱ» فإن أنعم الله على المؤمنين بنصر أو خصب أو خير فإنهم يستاؤون بذلك ويدخلهم الحقد، وإن تصب المؤمنين مصيبة يفرحوا بها، ويظنون أن الله لا يعلم ما يعملون، ولكن الله محيط بهم وبأعمالهم عالم بها متمكن منها، وقد ذكرهم المولى عز وجل في سورة النساء أيضا فقال: «یَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا یَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ یُبَیِّتُونَ مَا لَا یَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا یَعۡمَلُونَ مُحِیطًا» فهم يخفون كفرهم وقبائحهم ولا يظهرونها أمام الناس، بينما يلا يراقبون الله الذي يطلع على سرائرهم ويعلم خفاياهم، وهو محيط بما يعملون، متمكن منهم مدرك لأحوالهم.

وكذلك الله محيط بأعمال المشركين عالم بها، فقال الله تعالى في سورة الأنفال: «وَلا تَكونوا كَالَّذِينَ خَرَجوا مِن دِيارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبيل اللهِ وَاللهُ بما يَعمَلونَ مُحيط» وقد نزلت هذه الآية في مشركي بدر الذين نجت قافلتهم، ولكنهم كبرا وبطرا ولأجل أن تسمع بهم العرب، قالوا بأنهم سيقيمون ببدر ثلاثة أيام ينحرون فيها الجزون ويشربون الخمر، وتغني لهم القيان، حتى تسمع العرب بهم فلا يزالون يهابونهم، ولأجل محاربة الدين الحق، ولكن الله محيط بهم متمكن منهم، وقد مكن منهم أولياءه من المؤمنين فهزموهم في معركة بدر.

وأوضح الله مصير المنافقين والمشركين، فإنهم وإن أمهلهم في هذه الحياة الدنيا فإن مصيرهم ومستقرهم في نار جهنم، فقال تعالى في سورة التوبة: «وَمِنهُم مَن يَقول ائذَن لِي وَلَا تَفتِنِّي أَلَا فِي الفتنة سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالكَافِرِينَ» بعد أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتجهز إلى غزوة تبوك، أراد المنافقون أن يعتذروا عن الذهاب، فلم تكن لهم حيلة إلا أن يعتذروا بأنهم مفتونون بنساء الروم، فلا يريدون أن يعرضوا أنفسهم لهذه الفتنة، فطلبوا أن يأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمكثوا في المدينة، فهم مفتونون بنفاقهم وكفرهم ومصيرهم نار جهنم فهي محيطة بهم متمكنة منهم لا يخرجون منها.

ونجد أن المشركين كانوا يطلبون من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعجل لهم العذاب، فقال تعالى في سورة العنكبوت: «یَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِیطَةُۢ بِٱلۡكَـٰفِرِینَ» ولكن الله أمهلهم ليقيم عليهم الحجة، وسوف يأتيهم عذاب جهنم يحيط بهم ويتمكن منهم فلا يستطيعون إلى الخروج سبيلا.

وبين الله في كتابه العزيز صفة النار وإحاطتها بالكافرين فقال تعالى في سورة الكهف: «وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَاۤءَ فَلۡیُؤۡمِن وَمَن شَاۤءَ فَلۡیَكۡفُرۡۚ إِنَّاۤ أَعۡتَدۡنَا لِلظَّـٰلِمِینَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَاۚ وَإِن یَسۡتَغِیثُوا۟ یُغَاثُوا۟ بِمَاۤءࣲ كَٱلۡمُهۡلِ یَشۡوِی ٱلۡوُجُوهَۚ بِئۡسَ ٱلشَّرَابُ وَسَاۤءَتۡ مُرۡتَفَقًا» فقد أعد الله للكافرين نارا أحاط بمن يدخل فيها سرادقها أي حائطها فلا يخرجون منها، يصلون فيها أنواعا مختلفة من العذاب.

ومن زاوية أخرى نجد الله عز وجل يتحدث عن المكذبين الذين لم يحيطوا بآيات الله علما، فقال في سورة يونس: «بَلۡ كَذَّبُوا۟ بِمَا لَمۡ یُحِیطُوا۟ بِعِلۡمِهِۦ وَلَمَّا یَأۡتِهِمۡ تَأۡوِیلُهُۥۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَٱنظُرۡ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِینَ» وقال في سورة النمل: «حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءُو قَالَ أَكَذَّبۡتُم بِـَٔایَـٰتِی وَلَمۡ تُحِیطُوا۟ بِهَا عِلۡمًا أَمَّاذَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ» فصفة التكذيب عندهم ليست ناتجة عن تفحص وتدبر للآيات والمعجزات، وإنما إعراضا وكبرا وجحودا، فكان عاقبة ذلك النار.

كما أن في قصص الأنبياء في الكتاب العزيز ذكرا للإحاطة: فهذا شعيب عليه السلام عندما حذر قومه بأن ينقصوا المكيال والميزان فقال في سورة هود: « وَإِلَىٰ مَدۡیَنَ أَخَاهُمۡ شُعَیۡبࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۖ وَلَا تَنقُصُوا۟ ٱلۡمِكۡیَالَ وَٱلۡمِیزَانَۖ إِنِّیۤ أَرَىٰكُم بِخَیۡرࣲ وَإِنِّیۤ أَخَافُ عَلَیۡكُمۡ عَذَابَ یَوۡمࣲ مُّحِیطࣲ» فحذرهم من عذاب يوم محيط، فقال المفسرون هو عذاب القحط وغلاء الأسعار.

وقال لهم أيضا: «قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَرَهۡطِیۤ أَعَزُّ عَلَیۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذۡتُمُوهُ وَرَاۤءَكُمۡ ظِهۡرِیًّاۖ إِنَّ رَبِّی بِمَا تَعۡمَلُونَ مُحِیطࣱ» فقد قالوا له إنه لولا عشيرتك لقتلناك، فقال لهم أعشيرتي أعز عليكم من الله، ولم تراعوا الله في رسوله، وإنما جعلتموه وراء وظهوركم غير آبهين به، فالله عالم بما تعملون محيط بكم ولو شاء لأخذكم بالعذاب.

أما في سورة يوسف عليه السلام وفي قصته مع أبيه وإخوته موضع لذكر الإحاطة، فقال تعالى: «قَالَ لَنۡ أُرۡسِلَهُۥ مَعَكُمۡ حَتَّىٰ تُؤۡتُونِ مَوۡثِقࣰا مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأۡتُنَّنِی بِهِۦۤ إِلَّاۤ أَن یُحَاطَ بِكُمۡۖ فَلَمَّاۤ ءَاتَوۡهُ مَوۡثِقَهُمۡ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِیلࣱ» فقد اشترط يعقوب عليه السلام على أبنائه أنه لن يرسل معهم ابنه الصغير شقيق يوسف عليه السلام إلا أن آخذ العهود والمواثيق بأنكم سترجعونه إلا أن يحاط بكم، أي إلا بأن يغلب على أمركم أو يتمكن منكم بالموت أو نحوه».

ويذكر الله لنا قصة صاحب المزرعة الذي دخل جنته أي مزرعته وهو ظالم لنفسه وقال بأنه لا يظن أن تبيد هذه المزرعة أبدا، تشكيكا في يوم القيامة، وكبرا وتفاخرا على صاحبه الذي كان يحاوره، فقال الله في عاقبة هذا الأمر في سورة الكهف: «وَأُحِیطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصۡبَحَ یُقَلِّبُ كَفَّیۡهِ عَلَىٰ مَاۤ أَنفَقَ فِیهَا وَهِیَ خَاوِیَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَیَقُولُ یَـٰلَیۡتَنِی لَمۡ أُشۡرِكۡ بِرَبِّیۤ أَحَدࣰا» أي أحاط الهلاك والفساد بثمره، فأصبح متحسرا يقلب كفيه من الندم والحسرة على الأموال والجهد الذي أنفقه فيها لأجل تثميرها والعناية بها.

والمتأمل في قوله تعالى في سورة يونس: «هُوَ ٱلَّذِی یُسَیِّرُكُمۡ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا كُنتُمۡ فِی ٱلۡفُلۡكِ وَجَرَیۡنَ بِهِم بِرِیحࣲ طَیِّبَةࣲ وَفَرِحُوا۟ بِهَا جَاۤءَتۡهَا رِیحٌ عَاصِفࣱ وَجَاۤءَهُمُ ٱلۡمَوۡجُ مِن كُلِّ مَكَانࣲ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُمۡ أُحِیطَ بِهِمۡ دَعَوُا۟ ٱللَّهَ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَ لَىِٕنۡ أَنجَیۡتَنَا مِنۡ هَـٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِینَ» يعلم أن الإنسان بطبيعته ينسى نعم الله ويغفل عنها ولا يذكر الله إلا وقت الشدة والعسر، فإذا ركب في السفينة وعصفت به الريح وهاج الموج وتقاذف تلك السفينة، وأحيط به أي أنه علم أنه لا نجاة إلا باللجوء إلى الله، دعا الله مخلصا، فإذا أنجاه مر كأن لم يدعُ الله إلى ضر مسه فنجاه منه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرسول صلى الله علیه وسلم تعالى فی سورة علیه السلام ولکن الله ع م ل ون

إقرأ أيضاً:

هذا إيمَـانُنا ويقينُنا المطلق

محمد حسين فايع

لدينا إيمَـان ويقين مطلق أنه في حالة أقدمت أمريكا وبريطانيا وأدواتهم وعملاؤهم ومرتزِقتهم على المستوى المحلي والإقليمي على شن حرب شاملة جديدة على اليمن فَــإنَّ نتيجتَها ستكون هزيمة وخسارة كارثية مطلقة تلحق بكل قوى وكيانات وأنظمة التحالف الصهيو أمريكي وستعجل ليس فقط بزوال الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين كُـلّ فلسطين بل ستؤسس تلك الهزيمة والخسارة الكارثية لقوى العدوان لرسم مسار عملي حقيقي لتحرير المنطقة كُـلّ المنطقة من كُـلّ الوجود الأمريكي والغربي ومن كُـلّ أنظمة وكيانات وقوى النفاق والعمالة والتطبيع وعلى راسها الكيان السعوديّ.

على ذلك المسار الآتي المحتوم سيهيئ الله لليمن كُـلّ أسباب التمكّن الذي يحقّق الله على يد شعبه وقيادته وقوته الضاربة صناعة المتغيرات والتحولات الاستراتيجية الشاملة التي تحدّد مصير ليس فقط المنطقة والعالم الإسلامي بل والوضع العالمي والإنساني، حَيثُ تحل قوى وأنظمة وشعوب محور المشروع القرآني التحرّري على أنقاض قوى وأنظمة وكيانات ومؤسّسات المشروع الصهيوأمريكي الغربي وذلك وعد الهي لن يتخلف تحقيق على الواقع أكّـده وسطره وبشر به الله جل شأنه بقوله ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾[ الأنبياء: 105]، وبوعد الله جل شانه القائل ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شيئًا، وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

ذلك وعد الله المحتوم الذي بشر به الله في سورة المائدة بدءا من قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أولياء ۘ بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ، وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَو أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أنفسهِمْ نَادِمِينَ﴾ مُرورًا بقوله تعالى في نفس السورة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ، وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} وانتهاءً بقوله تعالى ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ ءَامَنُوا۟ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوٰةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَوٰةَ وَهُمْ راكعون﴾ [المائدة ٥٥]

ذلك وعد الله الذي بشر به الله في سورة الاسراء من بداية السورة إلى قول الله تعالى: (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأنفسكُمْ، وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أول مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا)، ﴿عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ، وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا، وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾ والذي ختمه سبحانه وتعالى ﴿إِنَّ هَٰذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ صدق الله العلي العظيم.

مقالات مشابهة

  • فضل دعاء سورة يس لقضاء الحاجة
  • أؤدي جميع الصلوات بالفاتحة وسورة الإخلاص فهل هذا جائز.. رد الإفتاء
  • سر تكرار «فبأي آلاء ربكما تكذبان» في سورة الرحمن؟
  • حكم بيع الأدوية المخدرة بالصيدليات.. الإفتاء توضح
  • كيفية الرُّقية الشرعية من آيات القرآن الكريم
  • ظهور نادر لنرمين الفقي مع والدها الذي تعرفت عليه وهي شابة!
  • هذا إيمَـانُنا ويقينُنا المطلق
  • دعاء سورة الواقعة للرزق والتيسير وفك الكرب
  • فضل قراءة سورة الواقعة.. تجلب الرزق وتمنح الطمأنينة
  • طريق التكامل والتعاون والسيادة (2)