عقوبات اليانكي وتكنلوجيا صوت الموت والحياة
منعا لسوء الفهم المتعمد أو الأمين نبدأ بأسئلة ثم نجيب عليها:
هل حميدتي على قيد الحياة: لا ادري. لا يوجد دليل حاسم.
هل مات الرجل؟ لا أدرى. لا يوجد دليل.

هل الرجل مصاب؟ لا ادري لكن لو كان علي قيد الحياة احتمال الاصابة هو الأرجح بشدة ولكن أيضا لا يوجد دليل قاطع.

هل حسم التسجيل الصوتي لحميدتي الجدل؟ لا. لان التطور المذهل في استنساخ الأصوات يتيح تزوير متقن يقارب الكمال لحديث بنفس صوت ونبرة الشخص المنسوب اليه.

وقد بلغت جودة استنساخ الأصوات انه من الممكن اخذ عينة من صوت بنت وإنتاج خطاب لم تقله ولكن به كل تفاصيل صوتها بما في ذلك البكاء والنحيب بدرجة اتقان تصدقها أمها التي اخرجتها من بطنها وثرثرت معها ساعات يومية لا تعد ولا تحصي.

ورد في الميديا الغربية بما فيها الغارديان وسي ان ان قبل شهور قصة سيدة صدقت مكالمة مستنسخة من صوت ابنتها الكبرى، بريانا البالغة من العمر 15 عامًا.

ذهبت بريانا لتتدرب بعيدًا لسباق تزلج. وفي غياب البنت رن هاتف الام فاستقبلها صوت ابنتها بالصراخ والنحيب. وبعد ذلك تحدث رجل أعلن انه خطف البنت وطلب فدية مليون دولار، خفضها لاحقا لخمسين الفا.

وقالت الام لشبكة سي ان ان: “لقد بدا الصوت مثل صوت ابنتي تماماً، من ناحية نبرة الصوت، وكل شيء”.

يقول المسؤولون الفيدراليون أن مثل هذه المخططات أصبحت أكثر تعقيدًا، وأن بعض الجرائم الحديثة تشترك في شيء واحد: الأصوات المستنسخة.

لقد سمح نمو برامج الذكاء الاصطناعي الرخيصة والمتاحة للفنانين المحتالين باستنساخ الأصوات وإنشاء مقتطفات من حوار تبدو وكأنها حقيقة. وقد بلغ من شيوع هذا الاجرام ان خسر الأمريكيون 2.6 مليار دولار في عام 2022 الماضي في هكذا عمليات احتيال. اذ يمكن إنشاء استنساخ جيد إلى حد معقول بأقل من دقيقة من الصوت، ويزعم البعض أن بضع ثوانٍ قد تكون كافية كعينة تسمح باستنساخ معقد.

لاحظ أولا ان كل ما يحتاجه الاستنساخ هو عينة أقل من دقيقة من الصوت. واضف الي ذلك ان هناك ثروة من عينات يتحدث فيها الفريق دقلو بالصوت والصورة ساعات وساعات وايام.

لاحظ ثانيا ان برامج استنساخ الصوت رخيصة ومتوفرة لأي مجرم عادي كما انها تتيح استنساخ يخدع ام في صوت وبكاء ونحيب كائن خرج من رحمها وصافرها في التصاق يومي لم ينقطع ولا ينقطع.

اضف الي ذلك ان الدعم السريع وحلفائه في الخارج يملكون أموال قارون والوصول لآخر صيحات التكنولوجيا المدنية والعسكرية غير المتاحة في السوق أو هي غالية الثمن.

ولاحظ ثالثا ان المرجعية هنا ليست لإمكانيات الدعم السريع الفنية اذ ان الجنجويد مجرد واجهة لتكتل إقليمي له نفوذ سياسي ومالي وعسكري وتكنولوجي من الدرجة الاولي. تتضح هذه النقطة من حقيقة ان الدعم السريع يدير إمبراطورية – عسكرية، مالية، اقتصادية، استثمارية، سياسية، دبلوماسية، إعلامية – مترامية ومركبة ومعقدة.

ورغم التعقيد المركب لبيئة الصراع في ابعاده المحلية والإقليمية والعالمية الا ان الدعم السريع يدير كل هذه الملفات بمهارة نادرة تثير الاعجاب. ولكن تبدو المفارقة عند مقارنة البراعة في إدارة امبراطورية الدعم السريع المركبة مع السقف الفكري المتدني حد الصفر لجل كادره القيادي.

يتضح ان هذه الإدارة الحازقة تفوق إمكانيات كادر الجنجويد الفكرية والفنية ما لا يترك مجالا للشك في ان الإدارة الحقيقية لإمبراطورية الدعم السريع تقوم بها جهات خارجية علي مستوي عال وعالمي من التأهيل والتمويل والوصول.

لاحظت أيضا استخدام الفريق حميدتي لعبارات غير شائعة في السودان مثل عبارة “يا عيب الشوم” التي كررها أكثر من مرة. هذه عبارة شامية وغير متداولة واسعا في السودان.
كما استعمل أيضا مصطلح “يتشرشح” في وصف الفريق البرهان وهذه أيضا عبارة غير منتشرة أطلت برأسها في ثمانينيات القرن الماضي ثم انزوت من قاموس الشباب (الكبار يختارون لغة محافظة عادة).

اقترح ألبعض ان الفريق حميدتي أراد ان يقول ان البرهان “يتشكشك” في الكورنيش ولكن من عفة لسانه اختار يتشرشح بدلا عنها.

علي كل حال تراجع استعمال مصطلح يتشرشح ولكن هذا لا ينفي تداوله في جيوب محدودة. السؤال هنا ما الذي حدا بالفريق حميدتي استعمال مفردات شامية أو غير شائعة ولم اسمعها منه في الماضي.

الفريق حميدتي متحدث فصيح زرب اللسان ثري بمفردات البادية ولكن مفرداته السياسية والمدينية محدودة خارج عامية البادية.

أكون علي حذر في ما ذكرت أعلاه فانا لا ادعي اطلاعي علي كل مفردات وحوارات الفريق دقلو في الماضي ولا ربعها. فقد تكون هذه المفردات موجودة بأي سبب في قاموسه وقد يكون هناك مبرر مفهوم لورودها لا اعلمه. كل ما قصدت هنا اثارة نقاط دون اصدار أحكام.

خلاصة الامر ان التسجيل الصوتي لا يثبت وجود الفريق حميدتي على قيد الحياة وهذا لا يعني ان ادعي أو حتى ارجح أو اخمن انه مات.

كل ما قلت هو ان التطور التكنولوجي المعاصر يعني ان التسجيل الصوتي لا يمكن ان يقوم كدليل حاسم علي حياة الرجل. أنا لا ادعي موته ولا ادعي حياته ولكن غيابه عن الكاميرات يثير أسئلة عن وجوده أو علي الأقل عن وضعه الصحي.

في قضية ذات صلة، أعلنت الحكومة الأمريكية عقوبات علي السيد عبد الرحيم دقلو عن جرائم استهداف عرقي في غرب السودان. ورشح سؤال لماذا تعاقب الحكومة الأمريكية السيد عبد الرحيم وتسكت عن الفريق دقلو. هناك تفسيران محتملان.

التفسير الأول هو ان الإدارة ارادت ارسال تحذير غليظ من غير ان تحرق حميدتي لان وجوده مهم للتفاوض حول أي تسوية وتنفيذها فتوجيه ثم خطيرة ضده يصعب من التفاوض معه علي حل لان الإدارة الأمريكية وباقي الوسطاء سيصيبهم حرج من تبني صفقة مع شخص اتهمته بجرائم في فداحة الاستهداف العرقي والاستعباد الجنسي.

الاحتمال الثاني هو ان الإدارة الأمريكية لا تدري ان كان حميدتي حيا ام ميتا ام في المنزلة بين المنزلتين. لذا قررت التحوط ضد السخرية المحتملة لو اتضح لاحقا انها أصدرت عقوبات ضد جثة أو شبه جثة.

علي كل حال اختيار الفريق عبد الرحيم اعتراف من قبل الحكومة الأمريكية بالأمر الواقع وهو ان الحرب في السودان يديرها فعليا، حتى لو بدرجة منخفضة، عبد الرحيم وليس حميدتي في حين ان الإدارة السياسية في يد السيد يوسف عزت الذي يبدو ويحدث ككائن قحتي مكتمل الأركان من مخرجات جامعات دولة ستة وخمسين اكثر من كونه محارب بدوي شرس ينحدر من نصوص ابن خلدون.

معتصم أقرع

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع ان الإدارة عبد الرحیم

إقرأ أيضاً:

وفاة كل نصف ساعة بمدينة الهلالية تحت حصار الدعم السريع

الخرطوم- تدهورت الأوضاع الإنسانية والصحية في مدينة الهلالية شرقي ولاية الجزيرة وسط السودان إثر حصار تفرضه قوات الدعم السريع منذ أيام على المواطنين فيها.

وكشفت منصة "مؤتمر الجزيرة" -المختصة بأخبار الولاية- عن طحن الدعم السريع قمحا مُسمدا (يحتوي على أسمدة) وتوزيعه على المحتجزين في الهلالية مما أدى إلى وفيات على رأس كل نصف ساعة، ويتم تحديث قوائم الوفاة على مدار الساعة.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال الأمين العام للمنصة المُبر محمود إن حالات الوفاة بالتسمم بلغت حوالي 97 حالة، وأكثر من 13 قتيلا رميا برصاص الدعم السريع، إلى جانب تدمير القوات أكثر من 10 آبار مياه تدميرا كُليا وقطع أسلاك الكهرباء والمحولات، حيث يعيش سكان الهلالية الآن في ظلام دامس دون ماء وكهرباء.

إبادة ومذبحة

ووصف محمود ما يحدث في المدينة بالإبادة الجماعية وفقا لتعريف القانون الدولي الإنساني. وأضاف أن "مليشيا" الدعم السريع دمرت مستشفى الهلالية الذي كان يضم مركزا لغسل الكلى ويغطي حاجة أكثر من 31 قرية بالمنطقة، إلى جانب نهب وتدمير 10 صيدليات.

من جانبها، ذكرت شبكة أطباء السودان (غير حكومية) أن قوات الدعم السريع منعت الكوادر الطبية من إسعاف المصابين وهددت الممرضين بالقتل إذا لم يستجيبوا لتوجيهاتها، مع فرض حصار كامل على المنطقة. وطالبت المنظمات الأممية بفتح جسر إنساني لإنقاذ المدنيين من الحصار وإجلائهم من المنطقة.

من جهتها، نددت الخارجية السودانية بما وصفته بالمذبحة في مدينة الهلالية حيث بلغ عدد القتلى 120 بالرصاص، أو بسبب التسمم الغذائي.

تصعيد ممنهج

وقالت الخارجية -في بيان صحفي- إن "التصعيد الممنهج للمذابح والفظائع من الدعم السريع ضد المدنيين يهدف لاستدعاء التدخل العسكري الدولي في السودان تحت ذريعة حماية المدنيين، بما يمكن هذه القوات من تجنب الهزيمة العسكرية، والاحتفاظ بالمواقع التي تحتلها، بما فيها مئات الآلاف من منازل المواطنين بالعاصمة الخرطوم وعدد من المدن الأخرى".

بدورها، أفادت منصة "مؤتمر الجزيرة" بأن أكثر من 30 ألف مدني محاصرون في الهلالية من بين 100 ألف من سكانها والنازحين إليها.

وقال الأمين العام للمنصة إنه تم تسجيل أكثر من حالة عنف جنسي ضد الفتيات في الهلالية بعضهن ما زلن محتجزات في المدينة، كما نهبت قوات الدعم السريع أكثر من 18 طاحونة دقيق ورحلتها إلى أماكن أخرى.

ووفقا له، تفرض "الدعم السريع" رسوما تبلغ مليون جنيه (500 دولار) نظير الخروج من الهلالية إلى منطقة أم ضوابان بولاية الخرطوم التي تقع أيضا تحت سيطرتها، و"تبتز" ماليا النازحين الذين تجاوز عددهم 20 ألفا بطلب فدية مقابل المغادرة، في ظل عدم وجود تدخل لأي منظمات إنسانية في مناطق سيطرتها.

تهجير قسري

من ناحيته، قال شاهد عيان من أبناء شرق الجزيرة -للجزيرة نت- إن "الدعم السريع" تمنع المواطنين من دخول منازلهم في الهلالية وإن ما يحدث إبادة جماعية في ظل منعهم من الطعام واحتجازهم في "المسيد" (المصلى وخلوات تحفيظ القرآن الكريم والضيافة).

ومنذ 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تشن قوات الدعم السريع هجوما على قرى الجزيرة إثر إعلان قائدها بالولاية أبو عاقلة كيكل انشقاقه عنها وانضمامه للجيش السوداني.

وتحدث وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد عن وجود ما بين 300 و400 نازح يوميا منهم من يستقر بمحلية البطانة وآخرون يتجهون إلى حلفا بولاية كسلا، وهناك مصابون بالكوليرا حيث استقبل مستشفى الصباغ الريفي 150 حالة مصابة بهذا الداء.

وكشفت منصة "مؤتمر الجزيرة" عن تهجير سكان أكثر من 400 قرية من شرق الجزيرة، بينها 115 تم تهجيرها جُـزئيا، بينما بلغ أعداد النازحين الذين تم رصدهم أكثر من 400 ألف نازح.

مقالات مشابهة

  • وفاة كل نصف ساعة بمدينة الهلالية تحت حصار الدعم السريع
  • النازيون السمر” .. “الدعم السريع” و”هولوكوست” التوحش في السودان
  • الدعم السريع يستعد لهجوم كبير على شمال دارفور
  • «القاهرة الإخبارية»: الدعم السريع يستهدف قرى شرق جزيرة السودان
  • اتهامات للدعم السريع بالتحضير لهجوم على شمال دارفور
  • النازيون السمر.. الدعم السريع وهولوكوست التوحش في السودان
  • بعد فوز ترامب.. حركة الأمر 9 المتطرفة تطالب الإدارة الجديدة برفع الحظر عليها
  • قائد لواء البراء بن مالك يكشف عن طلب من قوات الدعم السريع
  • الحكومة السودانية تلاحق وتقاضي دول جديدة متورطة في دعم قوات الدعم السريع
  • ياسر العطا يكشف تفاصيل عن مخطط حميدتي لحكم السودان وحجم قواته والانقلاب على البشير وينقل بشريات بشأن القتال