معتصم أقرع: عقوبات اليانكي وتكنلوجيا صوت الموت والحياة
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
عقوبات اليانكي وتكنلوجيا صوت الموت والحياة
منعا لسوء الفهم المتعمد أو الأمين نبدأ بأسئلة ثم نجيب عليها:
هل حميدتي على قيد الحياة: لا ادري. لا يوجد دليل حاسم.
هل مات الرجل؟ لا أدرى. لا يوجد دليل.
هل الرجل مصاب؟ لا ادري لكن لو كان علي قيد الحياة احتمال الاصابة هو الأرجح بشدة ولكن أيضا لا يوجد دليل قاطع.
هل حسم التسجيل الصوتي لحميدتي الجدل؟ لا. لان التطور المذهل في استنساخ الأصوات يتيح تزوير متقن يقارب الكمال لحديث بنفس صوت ونبرة الشخص المنسوب اليه.
وقد بلغت جودة استنساخ الأصوات انه من الممكن اخذ عينة من صوت بنت وإنتاج خطاب لم تقله ولكن به كل تفاصيل صوتها بما في ذلك البكاء والنحيب بدرجة اتقان تصدقها أمها التي اخرجتها من بطنها وثرثرت معها ساعات يومية لا تعد ولا تحصي.
ورد في الميديا الغربية بما فيها الغارديان وسي ان ان قبل شهور قصة سيدة صدقت مكالمة مستنسخة من صوت ابنتها الكبرى، بريانا البالغة من العمر 15 عامًا.
ذهبت بريانا لتتدرب بعيدًا لسباق تزلج. وفي غياب البنت رن هاتف الام فاستقبلها صوت ابنتها بالصراخ والنحيب. وبعد ذلك تحدث رجل أعلن انه خطف البنت وطلب فدية مليون دولار، خفضها لاحقا لخمسين الفا.
وقالت الام لشبكة سي ان ان: “لقد بدا الصوت مثل صوت ابنتي تماماً، من ناحية نبرة الصوت، وكل شيء”.
يقول المسؤولون الفيدراليون أن مثل هذه المخططات أصبحت أكثر تعقيدًا، وأن بعض الجرائم الحديثة تشترك في شيء واحد: الأصوات المستنسخة.
لقد سمح نمو برامج الذكاء الاصطناعي الرخيصة والمتاحة للفنانين المحتالين باستنساخ الأصوات وإنشاء مقتطفات من حوار تبدو وكأنها حقيقة. وقد بلغ من شيوع هذا الاجرام ان خسر الأمريكيون 2.6 مليار دولار في عام 2022 الماضي في هكذا عمليات احتيال. اذ يمكن إنشاء استنساخ جيد إلى حد معقول بأقل من دقيقة من الصوت، ويزعم البعض أن بضع ثوانٍ قد تكون كافية كعينة تسمح باستنساخ معقد.
لاحظ أولا ان كل ما يحتاجه الاستنساخ هو عينة أقل من دقيقة من الصوت. واضف الي ذلك ان هناك ثروة من عينات يتحدث فيها الفريق دقلو بالصوت والصورة ساعات وساعات وايام.
لاحظ ثانيا ان برامج استنساخ الصوت رخيصة ومتوفرة لأي مجرم عادي كما انها تتيح استنساخ يخدع ام في صوت وبكاء ونحيب كائن خرج من رحمها وصافرها في التصاق يومي لم ينقطع ولا ينقطع.
اضف الي ذلك ان الدعم السريع وحلفائه في الخارج يملكون أموال قارون والوصول لآخر صيحات التكنولوجيا المدنية والعسكرية غير المتاحة في السوق أو هي غالية الثمن.
ولاحظ ثالثا ان المرجعية هنا ليست لإمكانيات الدعم السريع الفنية اذ ان الجنجويد مجرد واجهة لتكتل إقليمي له نفوذ سياسي ومالي وعسكري وتكنولوجي من الدرجة الاولي. تتضح هذه النقطة من حقيقة ان الدعم السريع يدير إمبراطورية – عسكرية، مالية، اقتصادية، استثمارية، سياسية، دبلوماسية، إعلامية – مترامية ومركبة ومعقدة.
ورغم التعقيد المركب لبيئة الصراع في ابعاده المحلية والإقليمية والعالمية الا ان الدعم السريع يدير كل هذه الملفات بمهارة نادرة تثير الاعجاب. ولكن تبدو المفارقة عند مقارنة البراعة في إدارة امبراطورية الدعم السريع المركبة مع السقف الفكري المتدني حد الصفر لجل كادره القيادي.
يتضح ان هذه الإدارة الحازقة تفوق إمكانيات كادر الجنجويد الفكرية والفنية ما لا يترك مجالا للشك في ان الإدارة الحقيقية لإمبراطورية الدعم السريع تقوم بها جهات خارجية علي مستوي عال وعالمي من التأهيل والتمويل والوصول.
لاحظت أيضا استخدام الفريق حميدتي لعبارات غير شائعة في السودان مثل عبارة “يا عيب الشوم” التي كررها أكثر من مرة. هذه عبارة شامية وغير متداولة واسعا في السودان.
كما استعمل أيضا مصطلح “يتشرشح” في وصف الفريق البرهان وهذه أيضا عبارة غير منتشرة أطلت برأسها في ثمانينيات القرن الماضي ثم انزوت من قاموس الشباب (الكبار يختارون لغة محافظة عادة).
اقترح ألبعض ان الفريق حميدتي أراد ان يقول ان البرهان “يتشكشك” في الكورنيش ولكن من عفة لسانه اختار يتشرشح بدلا عنها.
علي كل حال تراجع استعمال مصطلح يتشرشح ولكن هذا لا ينفي تداوله في جيوب محدودة. السؤال هنا ما الذي حدا بالفريق حميدتي استعمال مفردات شامية أو غير شائعة ولم اسمعها منه في الماضي.
الفريق حميدتي متحدث فصيح زرب اللسان ثري بمفردات البادية ولكن مفرداته السياسية والمدينية محدودة خارج عامية البادية.
أكون علي حذر في ما ذكرت أعلاه فانا لا ادعي اطلاعي علي كل مفردات وحوارات الفريق دقلو في الماضي ولا ربعها. فقد تكون هذه المفردات موجودة بأي سبب في قاموسه وقد يكون هناك مبرر مفهوم لورودها لا اعلمه. كل ما قصدت هنا اثارة نقاط دون اصدار أحكام.
خلاصة الامر ان التسجيل الصوتي لا يثبت وجود الفريق حميدتي على قيد الحياة وهذا لا يعني ان ادعي أو حتى ارجح أو اخمن انه مات.
كل ما قلت هو ان التطور التكنولوجي المعاصر يعني ان التسجيل الصوتي لا يمكن ان يقوم كدليل حاسم علي حياة الرجل. أنا لا ادعي موته ولا ادعي حياته ولكن غيابه عن الكاميرات يثير أسئلة عن وجوده أو علي الأقل عن وضعه الصحي.
في قضية ذات صلة، أعلنت الحكومة الأمريكية عقوبات علي السيد عبد الرحيم دقلو عن جرائم استهداف عرقي في غرب السودان. ورشح سؤال لماذا تعاقب الحكومة الأمريكية السيد عبد الرحيم وتسكت عن الفريق دقلو. هناك تفسيران محتملان.
التفسير الأول هو ان الإدارة ارادت ارسال تحذير غليظ من غير ان تحرق حميدتي لان وجوده مهم للتفاوض حول أي تسوية وتنفيذها فتوجيه ثم خطيرة ضده يصعب من التفاوض معه علي حل لان الإدارة الأمريكية وباقي الوسطاء سيصيبهم حرج من تبني صفقة مع شخص اتهمته بجرائم في فداحة الاستهداف العرقي والاستعباد الجنسي.
الاحتمال الثاني هو ان الإدارة الأمريكية لا تدري ان كان حميدتي حيا ام ميتا ام في المنزلة بين المنزلتين. لذا قررت التحوط ضد السخرية المحتملة لو اتضح لاحقا انها أصدرت عقوبات ضد جثة أو شبه جثة.
علي كل حال اختيار الفريق عبد الرحيم اعتراف من قبل الحكومة الأمريكية بالأمر الواقع وهو ان الحرب في السودان يديرها فعليا، حتى لو بدرجة منخفضة، عبد الرحيم وليس حميدتي في حين ان الإدارة السياسية في يد السيد يوسف عزت الذي يبدو ويحدث ككائن قحتي مكتمل الأركان من مخرجات جامعات دولة ستة وخمسين اكثر من كونه محارب بدوي شرس ينحدر من نصوص ابن خلدون.
معتصم أقرع
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع ان الإدارة عبد الرحیم
إقرأ أيضاً:
ناشطون: 42 قتيلا برصاص الدعم السريع في قرية وسط السودان
السودان – أعلن ناشطون سودانيون، امس الأربعاء، عن مقتل 42 شخصا رميا بالرصاص على أيدي قوات الدعم السريع بقرية ود عشيب بولاية الجزيرة وسط البلاد.
جاء ذلك في بيان لـ”مؤتمر الجزيرة” (كيان مدني يضم ناشطين)، وسط اتهامات محلية ودولية للدعم السريع بـ”ارتكاب انتهاكات وجرائم قتل جماعية” بحق المدنيين بالولاية، دون تعليق من تلك القوات حتى الساعة 18:25 تغ.
وتجددت الاشتباكات بين “الدعم السريع” والجيش السوداني بولاية الجزيرة في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على خلفية انشقاق القيادي بقوات الدعم أبو عاقلة كيكل، وهو من أبناء الولاية، وإعلان انضمامه إلى الجيش.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2023، سيطرت “الدعم السريع” بقيادة كيكل، على عدة مدن بالجزيرة بينها “ود مدني” مركز الولاية.
وتسيطر “الدعم السريع” حاليا على أجزاء واسعة من الولاية عدا مدينة المناقل والمناطق المحيطة بها حتى حدود ولاية سنار جنوبها، وغربا حتى حدود ولاية النيل الأبيض.
وقال “مؤتمر الجزيرة”: “ارتفع عداد الشهداء الذين سقطوا على أيدي الدعم السريع بقرية ود عشيب شرق الجزيرة إلى 69 شهيدا”.
وأضاف: “قتلت الدعم السريع، مساء الثلاثاء وصباح اليوم الأربعاء 42 رميا بالرصاص، بينما توفى 27 آخرون جراء الحصار وانعدام العلاج”.
وأشار إلى أن أفرادا من تلك القوات “هاجموا القرية الخميس الماضي ونهبوا وروعوا السكان وفرضوا عليهم حصارا محكما”.
وأمس الثلاثاء، أعلن ناشطون سودانيون، عن وفاة 25 شخصا جراء انتشار أوبئة ونقص الأدوية والغذاء في “ود عشيب” التي تحاصرها الدعم السريع.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش و”الدعم السريع” حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 13 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
الأناضول