ماينشئه نظام يهدمه غيره.. تماثيل العراق تحاصرها السياسة وضعف خبرات الصيانة - عاجل
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
بغداد اليوم -متابعة
استعرض تقرير صحفي مصير وتاريخ التماثيل في العراق على امتداد الزمن، حيث تحاصر السياسة وضعف الخبرات في الترميم، التماثيل والنصب المختلفة التي يضمها العراق.
ويشير التقرير الذي تابعته "بغداد اليوم"، الى أن "المنحوتات والتماثيل الجزء الأساسي في ما تركته حضارة وادي الرافدين من فنون، إذ قدمت حضارات العراق القديم التي برزت في الألف الثالث قبل الميلاد تحت ظل السومريين والأكديين وبلغت أوجها في الألفين الثاني والأول قبل الميلاد أيام البابليين والآشوريين، الأسس لفنون تناقلت عبر الزمن".
ولعل جذور النحت في حضارة العراق يعود إلى أوائل الألف السادس قبل الميلاد مع بداية العمارة الدينية العراقية في تل الصوان (في سامراء) وأريدو (جنوب غربي ذي قار) لتجسد كثيراً من المنحوتات شخصيات الملوك الذين تعاقبوا على حكم هذه الحضارات.
وتربط التماثيل والنصب بالمراحل السياسية المتعاقبة، فكل نظام سياسي يرغب أن يسخر الفن ليجسد انتصاراته وأيديولوجياته عبر تماثيل تشخص في الساحات العامة، وغالباً ما تتعرض هذه التماثيل إلى الهدم بعد انتهاء كل مرحلة سياسية.
بعد عام 2003 قررت لجنة اجتثاث البعث إزالة كثير من التماثيل تحت ذريعة أنها تمثل النظام السابق، فقد أزيل تمثال الطيار (عبدالله لعيبي) الذي كان شاخصاً بالقرب من المسرح الوطني، حيث يجسد التمثال طياراً يقف على حطام طائرة، وتعود قصته إلى مرحلة الحرب العراقية – الإيرانية، فبعد نفاد عتاد هذا الطيار ومشاهدته اقتراب طائرة الخصم من هدفها في محافظة السليمانية، وجه لعيبي طائرته لتصطدم بالطائرة الإيرانية ونجح في منعها من الاقتراب إلى الأراضي العراقية.
كما أزيل نصب المسيرة وهو من تصميم الفنان خالد الرحال، ويقع في ساحة المتحف ويضم النصب مجموعة من التماثيل المتداخلة التي تتخذ في النهاية شكل ملحمة تظهر فيها بداية الحضارة في وادي الرافدين وشخوص مثل كلكامش لتختم وتجسد مرحلة حزب البعث العربي الاشتراكي.
لا يحضر الجانب السياسي في هدم التماثيل والنصب فحسب، بل إنه يصل إلى التشويه المتعمد كما هي الحال في نصب قوس النصر الذي يقع في ساحة الاحتفالات، فكان يضم على جانبيه خمسة آلاف خوذة لجنود إيرانيين، وهي خوذات حقيقية جمعت من ساحات المعارك التي دارت بين البلدين في فترة الحرب العراقية الإيرانية وبعد عام 2003 أزيلت بالكامل.
وكانت هناك محاولات لهدم نصب الشهيد الذي أنجز في ثمانينيات القرن الماضي تخليداً لذكرى الذين ارتقت أرواحهم خلال الحرب العراقية – الإيرانية، ونصب الشهيد من تصميم المهندس المعماري العراقي سامان أسعد كمال، أما القبة الخاصة به، التي بنيت على الطراز العباسي فهي من تصميم الفنان التشكيلي العراقي إسماعيل فتاح الترك، وتكمن عبقرية هذا البناء في الخداع البصري الذي يحققه النصب المقام على أرض مفتوحة مترامية الأطراف، فالنصب مشيد بأكمله وسط بحيرة صناعية واسعة ويتألف من ثلاث وحدات أساسية هي القبة والراية التي تمثل الشهيد العراقي والينبوع الذي يمثل ديمومة التضحية من أجل الأرض.
السياسة تتربص للفن
يبدو أن أي سلطة سياسية في العراق تضيق ذرعاً من الماضي فتحاول إلغاء الرموز الفنية التي تجسد المرحلة التي سبقتها، وسردت بلقيس شرارة، زوجة المعماري العراقي رفعة الجادرجي، في كتابها "هكذا مرت الأيام"، تفاصيل هدم النصب التذكاري للجندي المجهول في عام 1982، وقد أنشئ في عام 1959 تخليداً للجنود المجهولين الذي ضحوا بأرواحهم، فتقول "كانت خيبة رفعة الجادرجي كبيرة ومؤلمة عندما أمر الرئيس صدام حسين بهدم نصب الجندي المجهول الذي كلفه بتصميمه رئيس الوزراء عبدالكريم قاسم في عام 1958 بساحة جميلة تحيطها أبنية مهمة من جامع وفنادق، حيث أطفئت الشعلة التي كانت تنير النصب وربما رفع رفات الجندي المجهول من تحته".
يرى النحات أحمد البحراني أن "كل حكومة تحاول أن تلغي ملامح نتاج الحكومات السابقة وبخاصة في الأعمال الفنية التي تخدم فكر وسياسة الدولة، لذلك نجد أن هناك إلغاء وتدميراً متوالياً بين الحكومات، وما يبقى فقط هو بعض الأعمال الفنية المرتبطة بالفن الحقيقي".
تاريخ لمراحل مهمة
غالباً ما تؤرخ التماثيل مرحلة تاريخية مرت على العراق، فمع دخول القوات البريطانية كانت هناك تماثيل تجسد قادة بريطانيين كما هي الحال مع تمثال الجنرال مود، وهو الجنرال الإنجليزي الذي دخل مع قواته مدينة بغداد في 11 مارس (آذار) 1917 بعد هزيمة الأتراك في الحرب العالمية الأولى، وأقيم التمثال أمام السفارة البريطانية في منطقة الشواكة عام 1923 وحطم في يوم 14 يوليو (تموز) عام 1958، كما كان هناك تمثال للقائد الإنجليزي لجمن وهو يرتدي الملابس العربية وكان مقاماً أعلى منارة القشلة التاريخية وأزيل من مكانه عام 1958.
إلى ذلك يرى النحات ميخائيل ثابت أن أي إلغاء للنصب والتماثيل هو محاولة لتشويه مسيرة الفن، قائلاً "كل انقلاب سياسي يحاول أن يمحي آثار من سبقه ظناً منه أنه يمسح ذاكرة الأجيال التي قد تؤثر في مساره التاريخي، متناسياً أنه بهذا الفعل قد شوه مسيرة الفن والجمال والنتاج الفني لبلد يحمل موروثاً تاريخياً متفرداً".
أما الفنان والنحات مازن منذر فيرى أن النصب تمثل حكاية لفترة تاريخية من حياة العراقيين، فهي تؤرخ وتوثق المراحل التي مرت على العراق، ولا بد من الحفاظ عليها وليس إتلافها، ومن الأجدى نقلها للمتحف الوطني لتعرف الأجيال تاريخ البلاد من خلال هذا الفن وما جسده من مراحل تاريخية.
صيانة تفتقر للاحترافية
أغلب التماثيل والمنحوتات في العراق تقاوم عوامل البيئة وتبقى صامدة، وهي تلك المصنوعة من خام البرونز والحجر والمرمر ومنها ما تكون هشة لا تقاوم، وهي المصنوعة من المواد الجبسية والأسمنت، وتبقى التماثيل البرونزية هي التي تقاوم عوامل الزمن بسبب خاصية التأكسد التي يتمتع بها عنصر البرونز فتبقى الأعمال المنحوتة محافظة على جمالياتها، ولا تحتاج سوى لصيانة دورية بسبب المتخصصين في فن النحت.
يرى النحات ميخائيل ثابت أن عمليات الصيانة والترميم بحاجة إلى كادر متخصص في هذا المجال لإعادة العمل النحتي إلى رونقه، منوهاً بأن العراق يفتقد لهذا التخصص وإن وجد فخبرته لا تتماشى مع أساليب الصيانة التي وصلت إليها الدول المتطورة في هذا المجال، مردفاً "عندما اجتاح تنظيم داعش الموصل أزال جميع النصب والتماثيل، وعندما تحررت المدينة أعادت البلدية النصب من دون الاهتمام بها، فبدلاً من البرونز صبت بالأسمنت وبأيادي نحاتين لا خبرة لهم بسابقاتها من الأعمال فجاءت الأعمال ركيكة وهزيلة".
عمليات ارتجالية
يرى النحات أحمد البحراني أن معظم عمليات الصيانة للأنصاب والتماثيل "ارتجالية غير علمية وغير مدروسة"، معتبراً أن الدولة لم تعط مسألة الترميم والصيانة اهتماماً حقيقياً، مشيراً إلى أن هناك أعمالاً فنية لكبار فناني العراق وبخاصة الجداريات التي صنعت من مادة السيراميك والفسيفساء تكاد تكون اليوم في آخر مراحلها من الضياع.
وفي السياق نفسه يرى التشكيلي عمرو الريس أن المرممين ليسوا من أهل الحرفة، وأن أصحاب الخبرة هاجروا، ولذلك فإنه "من الأفضل الاستعانة بشركات متخصصة لأن صيانة التماثيل علم قائم بذاته"، منوها بأن هناك عمليات ترميم أدت إلى تشويه بعض النصب وتغيير الألوان الحقيقية كما هي الحال مع الترميم الذي حصل في نصب ساحة النسور ونصب كهرمانة.
يوضح الأستاذ المتمرس في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، جبار محمود العبيدي، أن بغداد تحديداً في حاجة إلى نصب فنية تليق بهذه المدينة العريقة لكن بشرط أن تكون مقترحة من نحاتين ذوي اختصاص دقيق وتجارب إبداعية متفردة. ويرى ضرورة استحداث منصب "خبير بالنصب النحتية" أو هيئة خبراء في دوائر أمانة بغداد لكي تكون لها الكلمة الفصل في مدى جودة مقترحات النصب النحتية في بغداد، وكذلك الحال تنطبق على المحافظات الأخرى.
اختفاء الساحات العامة
مع اتساع مساحات المدن بطريقة عشوائية بدأت الساحات العامة بالاختفاء وحل محلها الجسور والطرق، وفي هذا السياق يشير الفنان والنحات مازن منذر، إلى أن تمثال ساحة النسور معرض للخطر بسبب أعمال البناء القائمة حالياً، قائلاً "لا بد أن تولي الجهات القائمة على هذا المشروع الاهتمام لهذا التمثال ومحاولة نقله إلى مكان آخر خشية تعرضه للضرر".
وتمثال ساحة النسور أنشئ في عام 1969 من تصميم الفنان ميران السعدي، ويرتكز النصب على قاعدة نصف كروية يبلغ ارتفاعها مترين، تعلوها كتلة حديدية تمثل وجهاً عربياً ملثماً، أما الوجه الآخر فيمثل وجه فتاة عربية تعلوها مجموعة من النسور التي ترمز للقوة.
يقول أستاذ علم الجمال إتيين سوريو، إن لكل زاوية من زوايا التمثال هناك جوانب جمالية تستند إلى زاوية النظر، فلا بد أن يكون النحات قد تنبأ بهذه الجوانب المختلفة وأنشأ بينهما رباطاً قوامه علاقات من نوع خاص، وأداتها ووسيلتها المادية هي كتلة المرمر أو البرونز، فالمتفرج لا يستطيع أن يرى هذه الجوانب المختلفة إلا من خلال تتبع كل جانب تلو الآخر، فحركة المتفرج حول التمثال من شأنها أن تجعل التمثال يتبدى كما يتبدى اللحن الموسيقي.
بهذا الرأي الفني يرى سوريو فكرة كيفية تجسيد جمالية العمل النحتي وبخلافه لن ينتمي المنحوت إلى المكان بل ربما يشكل ظاهرة للتلوث البصري. وقد ازدادت في الآونة الأخيرة في العراق ظاهرة إنشاء نصب وتماثيل بعيدة عن روح الفن والإبداع فكانت محلاً للسخرية والتهكم، وفي هذا السياق يرى النحات (مجيد الصباغ) أن هذه التماثيل نفذت من قبل أياد غير أكاديمية ومن جهات لا تعرف معنى الفن.
وفي السياق نفسه يرى النحات أحمد البحراني أن هذه الظاهرة هي طبيعية كونها تمثل نتاجاً للوضع العام الذي نعيشه اليوم، لأن الفن هو نتيجة ما يدور حوله من نشاط إنساني وكذلك عندما يكون صاحب القرار الذي يتحكم بالفن لا يمتلك الأساسات التي تؤهله لأخذ القرارات تكون النتائج وخيمة وتسيء للفن التشكيلي والمشهد العام.
غياب الدعم المالي
يرى التشكيلي عمرو الريس أن أسباب كثرة الأعمال النحتية التي كانت مدعاة للسخرية هي قلة الدعم المالي المقدم للنحات وهذا بدوره يؤدي إلى عدم استخدام مواد للنحت تمنح العمل الفني جمالية، إضافة إلى أن معظم الأعمال تمنح لشباب هواة لا يحملون التخصص العلمي
المصدر: اندبندنت عربية
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: فی العراق من تصمیم فی هذا فی عام
إقرأ أيضاً:
هكذا سيتم إسقاط الحوثيين عسكريا في اليمن .. تقرير أمريكي يكشف عن ثلاث تطورات ستنهي سيطرتهم نهائيا ...كلها باتت جاهزة .. عاجل
بعد الإطاحة بنظام الأسد في سوريا، تحول الاهتمام الدولي بالحوثيين في اليمن. وتساءل تقرير أمريكي، كيف يمكن أن يحدث سقوط الحوثيين؟ ولفت إلى "إن التغيير الحقيقي في اليمن يتطلب ثلاثة تطورات رئيسية".
ومع سقوط نظام الأسد في سوريا وهزيمة حزب الله في لبنان وعزلته المتزايدة، يتحول الاهتمام إلى الحوثيين في اليمن. ولعل الحوثيين هم القوة الوكيلة الإيرانية الأقوى المتبقية في المنطقة، وهم الأكثر نشاطا من حيث هجماتهم على إسرائيل وأيضا على الشحن الدولي في البحر الأحمر.
ووفق تقرير مجلة ناشيونال انترست «National Interest» الأمريكية - ترجمة "يمن شباب نت"- "مع تصاعد المواجهة بين الحوثيين وإسرائيل، وربما أميركا أيضاً، فمن المرجح أن يثير هذا تساؤلات حول ما إذا كان الحوثيين في صنعاء سوف يثبت أنه ضعيف مثل شريكه السابق في دمشق".
وعلى غرار نظام الأسد، فإن الحوثيين منظمة فاسدة تمثل شريحة ضيقة من السكان، وتترك الأغلبية غارقة في الفقر، ولا ينبع هذا الفقر من الحرب أو العقوبات بقدر ما ينبع من الفساد الممنهج والمحسوبية والعزلة المتعمدة. بحسب المجلة.
فساد ووحشية الحوثيين مثل نظام الأسد
وحول ما إذا كان بالحوثيين الاستفادة من عدم الاستقرار الإقليمي واستغلال ذلك لصالح. رأى التقرير "إن إصلاح مؤسسات الدولة أمر غير معقول، لأن اختلال وظائفها هو خيار متعمد لضمان تمتع أنصار الجماعة الأساسيين بالتفوق الاقتصادي والاجتماعي".
وتسهل هذه الأنظمة نهب السكان من خلال مجموعة أدوات مشتركة: الرشاوى التي يطلبها المسؤولون الذين يتقاضون أجوراً زهيدة، والقطاعات الاحتكارية التي يستفيد منها المقربون، والأنظمة المزورة لاستيراد السلع، حيث تلعب الصادرات دوراً ضئيلاً في الاقتصادات المدمرة للدول التابعة لإيران. بحسب التقرير.
إن المستويات المرتفعة من الفساد والاستغلال جعل نظام الأسد وجماعة الحوثي مرفوضين، مما أجبرهما على الاعتماد على أجهزة أمنية وحشية للحفاظ على السلطة - وفق المجلة الأمريكية - من خلال التلقين عبر وسائل الإعلام والتعليم، بتصوير أنها تدافع عن الاستقلال الوطني وتناهض للاستعمار. وأعتبر التقرير أن هذا "أصبح أقل إقناعًا مع تفاقم المعاناة وتزايد الاعتماد على الرعاة الأجانب، وخاصة إيران".
ورغم أوجه التشابه في الفساد والوحشية. قدمت المجلة الأمريكية الاختلافات الرئيسية بين نظام الأسد والحوثيين، مشيرة " أن القيادة الحوثية أصغر سنا وأكثر نشاطا من الكادر المتقدم في السن في عهد الأسد. ورغم مرور 10 سنوات على الاستيلاء على صنعاء، لا يزال الحوثيون في المراحل الأولى من حركة التمرد المتطرفة، وعلى النقيض من ذلك، تحول نظام الأسد إلى سلالة راكدة فارغة أيديولوجياً بعد خمسين عاماً في السلطة".
وعن الاستجابة المحتملة للتحدي بعد سقوط السيطرة. رأت المجلة الأمريكية "أن زعماء الحوثيين قد يتحولون إلى تكتيكات حرب العصابات في المناطق الجبلية بدلاً من المنفى" ولفتت "ونادراً ما غادر العديد من كبار قادة الحوثيين اليمن، وهذا ربما يجعلهم أكثر ميلاً إلى المقاومة حتى النهاية بدلاً من البحث عن ملجأ في الخارج".
هل يبقى الحوثيين طويلا؟
ورغم ذلك يظل بقاء الحوثيين على المدى الطويل غير مؤكد – وفق المجلة الأمريكية – حيث أن نظامهم يواجه أزمة شرعية متزايدة، فالشروخ في أسسه تتسع، وتعتمد القيادة بشكل متزايد على العنف الوحشي للقمع المعارضة، ويبدو الانهيار في نهاية المطاف محتملاً، لكنه ليس وشيكاً بالضرورة.
إن اتخاذ إجراءات حاسمة من جانب الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية المعارضة للإرهاب الحوثي من شأنه أن يعجل بسقوطهم. وفق تقرير المجلة الأمريكية التي قالت "يتعين تكثيف الضغوط السياسية والمالية والعسكرية على الحوثيين، وذلك بقطع قدرتهم على استخدام المساعدات الإنسانية من شأنه أن يضعف موقفهم المالي بشكل كبير".
وبدلاً من دعم نظام يديم الإرهاب ويزعزع استقرار المنطقة - أي الحوثيين بحسب التقرير - ينبغي للمجتمع الدولي أن يخصص الموارد لمساعدة ضحاياه وأولئك الذين يحاولون مقاومته، بما في ذلك اليمنيون في الخارج والقوات اليمنية التي تقاتل الحوثيين.
إن الأزمات الحالية التي تواجه حزب الله اللبناني وفيلق القدس الإيراني تجعل من هذه اللحظة فرصة مناسبة للضغط على الحوثيين ورغم أنهم ربما استمدوا الثقة من دعم طهران لهم ذات يوم، فإنهم ربما يعيدون تقييم ذلك في ضوء الأحداث الأخيرة في سوريا.
وقد يوفر هذا فرصة للضغط على الحوثيين لحملهم على وقف هجماتهم في البحر الأحمر - ووفق المجلة الأمريكية - لكن حتى هذا لن يكون سوى هدنة مؤقتة، وليس حلاً حقيقياً للتهديد الطويل الأمد الذي يشكله الحوثيون على دول أخرى في المنطقة، ناهيك عن رعاياهم.
كيف سيحدث سقوط الحوثيين
وهذا يطرح السؤال: كيف يمكن أن يحدث سقوط الحوثيين؟ - ورأت المجلة الأمريكية - إن التغيير الحقيقي في اليمن يتطلب ثلاثة تطورات رئيسية كالتالي: -
أولا، يتطلب التغيير تصاعد الغضب العام بسبب المظالم التي يشعر بها الشعب اليمني، والتي ربما كانت مرتبطة في المقام الأول بالظروف الاقتصادية، ولكن ربما أيضا بالغضب إزاء فرض آرائهم الطائفية التي تتعارض مع معتقدات غالبية السكان.
ثانيا، هناك حاجة إلى فقدان التأييد أو الدعم من الدوائر النخبوية الرئيسية، والتي قد تتكون من البيروقراطيين الحوثيين أو القبائل المتحالفة معهم والتي يعتمد عليها النظام الحوثيين لقمع أي معارضين لهم.
ثالثا، سيؤدي عدم الاستقرار إلى إحداث شرخ داخل الطبقة القيادية، مدفوعا بضغوط خارجية على الجماعة أو صراعات داخلية على السلطة؛ وقد تنشأ صراعات السلطة بشكل عضوي داخل النظام المهيمن والسري، ولكنها قد تتسارع بفعل أحداث مفاجئة ومهمة، مثل وفاة أو اغتيال شخصيات رئيسية داخل قيادته.
هذه العوامل مجتمعة من شأنها أن تجعل الحوثيين في حالة من الفوضى، عاجزين عن الحفاظ على قبضته القاسية على ملايين اليمنيين، وهذا بدوره من شأنه أن يخلق زخماً قد يجد النظام الحوثي صعوبة متزايدة في عكس مساره. وفق المجلة الأمريكية.
إن كيفية تطور هذه العملية لا تخضع لسيطرة أحد، وبالتأكيد لا تخضع لسيطرة أي قوة خارج اليمن. – بحسب تقرير المجلة الأمريكية - ومع ذلك، تشير التجربة السورية إلى أن الضغط المستمر والتنسيق مع جميع القوى سيكون أكثر فعالية من محاولة التفاوض مع نظام الجماعة المكرس للقمع الداخلي والعدوان الخارجي.
إن الحوثيين، مثلهم كمثل الأسد، سوف يفقدون سيطرتهم ذات يوم، وسوف يتذكر اليمنيون من ساعدهم في وقت حاجتهم ومن لم يساعدهم، ومن الأهمية بمكان مواصلة الضغط العسكري والسياسي والاقتصادي. ويشكل حرمان الحوثيين من الشرعية وفرص تحويل المساعدات الأجنبية عنصراً أساسياً في هذا الجهد. وفق المجلة الأمريكية.
واختتمت التقرير بالقول "تُظهِر تجربة الأسد أن هؤلاء الطغاة لا يدومون إلى الأبد وأن الاستثمار في علاقات دبلوماسية طويلة الأجل معهم هو رهان خاسر