ماذا وراء مساعي حكومة مودي لتغيير اسم الهند إلى بهارات؟
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
دعت حكومة مودي إلى عقد جلسة برلمانية لطرح مشروع قانون لتغيير اسم البلاد إلى "بهارات"
أثارت دعوة العشاء التي أرسلتها رئيسة الهند دروبادي مورمو إلى زعماء العالم المشاركين في قمة مجموعة العشرين في العاصمة نيودلهي، جدلا بعد أن وصفت الدعوة بأنها "رئيسة دولة بهارات".
مختارات بعد أسبوع من الهبوط على القمر.. الهند تبدأ مهمة لدراسة الشمس الهند تبدأ تشييد معبد هندوسي على أنقاض مسجد تاريخي الهند - لماذا أصبح الزواج المختلط بين الأديان محفوفا بالخطر؟ الهند: القبض على شاب مسلم بتهمة "جهاد الحب" مع فتاة هندوسية
ويعد مصطلح "بهارات" الاسم الأصلي للهند في اللغة السنسكريتية القديمة وتعني "ارض الجنوب"، فيما أثار استخدام هذا الاسم في الدعوات الدبلوماسية مخاوف من أن حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي القومية الهندوسية تعتزم إلغاء الاستخدام الرسمي للاسم الإنجليزي للبلاد.
وعزا مراقبون هذه المخاوف إلى دعوة حكومة مودي لعقد جلسة برلمانية خاصة في وقت لاحق من الشهر الجاري لطرح مشروع قانون لتغيير اسم البلاد إلى "بهارات".
بهارات أم الهند
الجدير بالذكر أن المادة الأولى من دستور البلاد تنص على أن "الهند - بهارات – تعد اتحادا بين الولايات" مع ذكر الاسمين الإنجليزي والهندي للبلد الآسيوي الذي حصل على استقلاله عام 1947 بعد ما يقرب من مائتي عام تحت الاستعمار البريطاني.
يشار إلى أن اسم "بهارات" ليس وليد اللحظة إذ يُجرى استخدامه بالتبادل مع الاسم الإنجليزي للبلاد التي تشتهر به. وأثارت خطوة الحكومة الأخيرة مخاوف لدى أحزاب المعارضة التي شكلت تحالفا لمنافسة حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم خلال الانتخابات التشريعية العام المقبل.
وقال شاشي ثارور القيادي في حزب الكونغرس المعارض على موقع إكس، تويتر سابقا، إنه "على الرغم من عدم وجود اعتراض دستوري على تسمية الهند باسم بهارات، إلا أني آمل ألا تكون الحكومة حمقاء إلى حد الاستغناء تماما عن مسمى الهند. يجب أن نستمر في استخدام الكلمتين بدلا من التخلي عن اسم يفوح منه عبق التاريخ، وهو الاسم المعترف به في جميع أنحاء العالم."
صور تظهر دعوة حفل العشاء مع "رئيس بهارات"على موقع "إكس"، "تويتر" سابقاً.
وانضم العديد من زعماء المعارضة إلى انتقاد مساعي حكومة مودي حيث قالت محبوبة مفتى، السياسية المعارضة والشريكة بتحالف المعارضة في جامو وكشمير، إن نفور حزب بهاراتيا جاناتا من "مبدأ الهند الأساسي المتمثل في الوحدة القائمة على التنوع قد وصل إلى مستوى جديد من التدني". وأضافت "تظهر مساعي تقليص أسماء الهند العديدة إلى اسم واحد وهو بهارات، سياسة عدم التسامح داخل حزب بهاراتيا جاناتا".
لحظة فخر للبلاد
ويصر حزب بهاراتيا جاناتا على أن استخدام بهارات بدلا من الهند سيعزز الشعور بالفخر في البلاد فضلا عن تحسين الارتباط بالتراث الثقافي للبلاد. وفي هذا الصدد، قال دارمندرا برادان، أحد وزراء حكومة مودي، إنه كان "ينبغي أن يحدث هذا الأمر منذ وقت بعيد من أجل الخروج من العقلية الاستعمارية".
وانتقد وزير الإعلام في الحكومة الأحزاب والأصوات المعارضة التي تنتقد مساعي تغيير اسم البلاد إلى "بهارات"، قائلا: "عندما يسافرون إلى الخارج، فإنهم ينتقدون بهارات. وعندما يكونون داخل الهند، يكون لديهم اعتراضات على اسم بهارات".
وجاءت الدعوة الرسمية لقادة مجموعة العشرين والتي حملت مصطلح "بهارات" بعد يومين فقط من حث موهان باجوات، رئيس منظمة "راشتريا سوايامسيفاك سانغ" التي تعد بمثابة المرشد الأيديولوجي لحزب بهاراتيا جاناتا، سكان البلاد إلى التوقف عن استخدام اسم الهند والتحول إلى بهارات.
وقال "بلدنا هي بهارات ويجب علينا التوقف عن استخدام كلمة الهند والبدء في استخدام بهارات في جميع المجالات العملية، عندها فقط سيحدث التغيير. سيتعين علينا أن نطلق على بلدنا اسم بهارات ونشرح ذلك للآخرين".
ويأتي ذلك في إطار جهود منظمة "راشتريا سوايامسيفاك سانغ" الرامية إلى تحويل الهندوسية من مجرد طائفة دينية إلى كيان سياسي ذو توجه انتخابي، فيما تقول المعارضة إن الأمر يهدف إلى ترسيخ الهيمنة الهندوسية في دولة ذات أغلبية هندوسية مع إهمال الأقليات الدينية الأخرى.
خدعة سياسية
يقول خبراء إن الهدف من جهود حزب بهاراتيا جاناتا لتغيير اسم البلاد يتمثل في اختبار الأجواء العامة قبيل الانتخابات التشريعية العام القادم لكسب ود الناخبين المحافظين. وقالت نيرجا شودري، المحللة السياسية، إن الحزب يساوره القلق من "التنافس الفردي في الانتخابات لذا يحاول استحضار المشاعر القومية".
يشار إلى أن حكومة مودي عمدت منذ 2014 إلى تغيير أسماء المدن والأماكن التاريخية في الهند مع إعادة كتابة تاريخ البلاد بما يحمل أفكار القومية الهندوسية مثل مشروع "سنترال فيستا" الذي يهدف إلى تجديد المرافق الحكومية التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية البريطانية.
وصلت تكلفة المشروع إلى 2.1 مليار يورو فيما شمل على هدم العديد من المباني وإعادة تصميم مبنى البرلمان القديم الذي يعود للاستعمار البريطاني وصممه المهندسان المعماريان البريطانيان ادوين لوتينز وهيربرت بيكر في عشرينات القرن الماضي. وتعرض المشروع لاتتقادات من المعارضة التي تقول إن حزب بهاراتيا جاناتا يحاول تغيير ذاكرة البلاد التاريخية عن طريق التخلص التخلص من العديد من رموز الحكم الاستعماري البريطاني.
مهمة ليست سهلة
ويرى مراقبون أن إلغاء استخدام كلمة الهند واستبدالها بمصطلح "بهارات" لن يكون بالأمر السهل إذ يتطلب التعديل الدستوري الذي سوف يمهد الطريق أمام التغيير موافقة أغلبية الثلثين في مجلسي البرلمان والتصديق عليه من قبل نصف الولايات على الأقل.
وقال المحلل السياسي رشيد كيدواي إن التحالف الجديد الذي ينطوي تحت لواءه أحزاب المعارضة قد أثار قلق الحزب الحاكم قبل الانتخابات التشريعية وهو الأمر الذي تجلى في مسعى تغيير اسم البلاد إلى بهارات.
وفي مقابلة مع DW، أضافت "لم تشهد الانتخابات العامة عامي 2014 و2019، إنشاء تحالف يضم أحزاب المعارضة وهو الأمر الذي أعطى حزب بهاراتيا جاناتا أفضلية قوية. لكن الحزب يشعر بالقلق هذه المرة بسبب وجود معارضة موحدة ذات إستراتيجية انتخابية واضحة".
مورالي كريشنان – نيودلهي / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: اسم الهند تغيير اسم الهند ناريندرا مودي تغيير اسم الهند إلى بهارات اسم الهند تغيير اسم الهند ناريندرا مودي تغيير اسم الهند إلى بهارات تغییر اسم البلاد إلى حزب بهاراتیا جاناتا حکومة مودی
إقرأ أيضاً:
سياسة ترامب الخارجية ستُسرِّع مساعي الصين لقيادة العالم
ترجمة: قاسم مكي
لم يُخْفِ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نِيَّته في تَبنِّي موقف متشدد تجاه الصين بدءا بتهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% على الواردات الصينية ثم حشده صقورا متشددين ضدها في إدارته. وسيتبَّين أن ذلك سيشكل صداعا لبكين فيما يتعلق بعلاقتها الثنائية مع واشنطن.
لكن إدارة ترامب الجديدة ستقدِّم للصين فرصة كبرى لتوسيع نفوذها أيضا. فسياسة ترامب الخارجية المسمَّاة «أمريكا أولا» ستشهد في الغالب انسحابا جزئيا أو كليا للولايات المتحدة من المنظمات والمبادرات الدولية التي ظلت تمثل أحجار الزاوية لهيمنتها. وستوجد بذلك فراغا ستحرص بكين على استغلاله. ستأمل الصين في الحصول على مساحة أكبر لتأسيس دور قيادي عالمي لها وتشكيل ما يتحول باطراد إى عالم متعدد الأطراف وفقا لمصالحها الخاصة بها.
رؤية الرئيس الصيني شي جينبينج تنطوي على بسط نظام عالمي وليس الفوضى. لكن هذا النظام سيتحاشى الأعراف وأنظمة التحالف التي ترتكز على القيم العامة لصالح شراكات غير ملزِمة ترتكز على المصالح المشتركة. عمليا، من شأن ذلك أن يمنح الصين نفوذا مُهمِّا بسبب حجم اقتصادها وقيادتها التقنيَّة وقوتها العسكرية المتنامية.
تسعى الصين إلى تحقيق هذه الرؤية بإعادة تشكيل الأمم المتحدة والدفع بالمبادرات العالمية الخاصة بها وتحديد الشروط والظروف المادية التي تحكم سلاسل الإمداد والتقنيات الصاعدة.
منذ عام 2021 كشفت بكين عن ثلاث مبادرات عالمية مرتبطة بنفوذها في الأمم المتحدة وهي مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية.
يُستَشهَد في ورقة مفهوم الأمن العالمي بميثاق الأمم المتحدة باعتباره «جوهر» النظام العالمي. والمبادرات المرتبطة بمبادرة الحضارة العالمية التي تروِّج للحوار بين الحضارات أجيزت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة اليونيسكو (التي سحب ترامب الولايات المتحدة منها.)
أصبحت الأمم المتحدة أداة رئيسية حاولت الصين وتحاول من خلالها بناء دورها كوسيط دولي بما في ذلك ترويجها لخطة سلام لأوكرانيا إلى جانب البرازيل.
مبادرة التنمية العالمية تمثل تطويرا لمقاربة التنمية العالمية عبر مبادرة الحزام والطريق والتي أرست دور الصين كشريك تنمية أساسي لبلدان جنوب العالم. والمبادرتان اللتان يجب متابعتهما ستكونان مبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية.
تقدم مبادرة الأمن العالمي إطارا للتعاون الأمني الدولي في معارضة للتحالفات العسكرية الأمريكية. وفي حين لا تقترب الصين بأي حال من مضاهاة الانتشار العسكري للولايات المتحدة إلا أن المبادرة يتم تفصيلها وفقا لعناصر قوتها مع التركيز على التعاون في مجالات تشمل الأمن الداخلي وأمن البيانات. تقليص تعهدات الولايات المتحدة يمكن أن يساعد بكين على توظيف المبادرة لنشر المعايير الأمنية الصينية وفي ذات الوقت حماية المصالح الاقتصادية الصينية.
أثبتت الصين أنها شريك أمني جذاب لشركاء الولايات المتحدة في مجال الدفاع. فباكستان وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة خارج الناتو تعزز التعاون العسكري مع الصين لحماية المواطنين الصينيين الذي يعملون في مشروعات مبادرة الحزام والطريق. ويشاع أن مصر لديها خطط لإحلال طائرات إف-16 الأمريكية بطائرات جيه -20 الصينية.
بالمقارنة يتم إعداد مبادرة الحضارة العالمية لتقديم بديل لقيم حقوق الإنسان العالمية التي يدفع بها الغرب. فبدلا عنها تروِّج المبادرة لنظام عالمي يرتكز على حضارات متميزة لكل منها قيمها الخاصة وأنظمتها السياسية التي يجب احترام سيادتها وسلطتها.
هذا التأطير والذي أصبح روتينيا في البيانات الدبلوماسية الصينية جذاب بطبعه للقوى الصاعدة وغير الراضية عن النظام العالمي الذي تقوده واشنطن.
فك الإدارة الأمريكية ارتباطها بالساحة الدولية يمكن جدا أن يسمح لخطاب بكين عن القيم الحضارية بأن يتحول إلى التأطير المفضل للدبلوماسية الدولية خصوصا مع تزايد النفوذ الصيني في الأمم المتحدة.
في نهاية المطاف سيظل النفوذ القوى للصين متجذرا في التجارة والتقنية خصوصا في المجالات التي أسس له فيها دورا قياديا. فمقاربة الصين المنهجية لتطوير التقنية الخضراء بداية من إنتاج الطاقة والى السيارات الكهربائية حققت لها الهيمنة على سلاسل التوريد هذه. وقدراتها الفنية المتقدمة إلى جانب مكانتها كشريك تنمية وتقنية رئيسي حول جنوب العالم تعني أن باقي العالم سيصبح باطراد معتمدا على الصين في سلاسل توريد التقنية الخضراء. وبالتالي مع تحول التقنية الصينية إلى التقنية المفضلة من المرجح أن تسود المعايير التي تحكم استخدامها. وإدارة ترامب التي لا ترغب في أن تكون طرفا في التعاون الدولي حول المناخ ستترك الصين اللاعب الأكبر في مجال التقنية والسلع التي يحتاجها باقي العالم للانتقال إلى الطاقة المتجددة.
يجب عدم التقليل من النفوذ العالمي الذي تحصل عليه الصين من هذا الوضع. لقد شهد منتدى هذا العام حول التعاون الصيني الإفريقي حزمة من التعهدات لزيادة التعاون في الموارد المتجددة والتقنية الخضراء. كما شهد أيضا تعهدات بمزيد من التعاون حول تقنية المعلومات والتي يمكن أن تحدث تحولا جذريا.
حرص الصين على أن تلعب دورا قياديا في الحوكمة الدولية للذكاء الاصطناعي يشكل تحديا شبيها للولايات المتحدة حين تنطوي على نفسها. الصين حريصة على اقتسام خبرتها والتعاون مع بلدان جنوب العالم حول التطبيق المباشر لأنظمة الذكاء الاصطناعي كما في مشروعات المدينة الذكية على سبيل المثال. وفي غياب الولايات المتحدة وهي المنافس الوحيد الجاد سيكون بمقدور الصين وضع المعايير العالمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي وتأسيس اعتمادٍ طويل الأجل على المعايير والأنظمة الصينية. وفي آخر الأمر لا يعتمد توازن النفوذ الدولي للولايات المتحدة والصين على العلاقات الثنائية الأمريكية الصينية ولكن على علاقة كل منهما مع باقي العالم.
نفوذ الصين المتزايد في الأمم المتحدة في اقترانه مع مبادراتها الدولية وقيادتها التقنية يجعلها في موضع جيد للاستفادة من ميزة الغياب المحتمل لإدارة ترامب عن المسرح الدولي وتشكيل المعايير العالمية الجديدة على نحو أوسع نطاقا. ولن يكون لدى حلفاء الولايات المتحدة الذين يسعون للتصدي لذلك الوضع خيارات تذكر في ظل ضآلة اهتمام البيت الأبيض بالقيادة الدولية.
قد تقوض الحرب التجارية أجندة ترامب الداخلية لكن يمكن القول إن أجندة «أمريكا أولا» في الخارج أكثر اتساقا مع تعددية الأطراف من النظام الذي يرتكز على قواعد.
الإستراتيجية الأفضل لحلفاء الولايات المتحدة ستكون التخطيط للتكيف مع حقائق عالمٍ يزداد فيه النفوذ الصيني في الأجل الطويل. وهذا يعني تطوير روابط فيما بين هؤلاء الحلفاء ترتكز على مصالح وقيم مشتركة ليس بهدف الحفاظ على النظام الذي تقوده الولايات المتحدة (فقد فات الأوان) ولكن حماية الأعراف والمعايير الأكثر أهمية لهم ما أمكنهم ذلك.
وهذا يتطلب الارتباط مع بلدان جنوب العالم كبلدان شريكة لديها مصلحة في النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب وعبر الارتباط الثنائي ومتعدد الأطراف للتأثير على الاتجاه الذي يتطور فيه ذلك النظام.