المسلة:
2025-02-16@13:18:06 GMT

كركوكيات

تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT

كركوكيات

7 سبتمبر، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

محمد زكي ابراهيـم

ما حدث في كركوك في الأيام الأولى من هذا الشهر (أيلول 2023) أمر عادي جداً، وليس فيه أي غرابة. وهو قابل للتكرار كلما لاح في الأفق ما يشير إلى تحول في السياسة الداخلية أو الخارجية للعراق. أي أن الوضع في هذه المدينة لا يوحي بالاطمئنان التام في أي وقت.

وفي البدء لا بد من معرفة ما جرى باختصار، رغم أن الروايات اختلفت في التفاصيل. فقد كان تخفيض عدد الوحدات العسكرية في المحافظة، في شهر مايس الماضي، ونقل إحدى الفرق إلى بغداد وميسان، بمثابة مؤشر على الهدوء الذي نعمت به لسنوات ست. وربما كان هذا هو السبب الذي دفع برئيس الوزراء السوداني، بمشورة من بعض مساعديه، إلى حل مقر العمليات المشتركة المتقدم، والسماح بعودة البيشمركة للمكان. ولا أظن أن القصد هو المبنى كما أشاع البعض، بل الانتشار في عموم المحافظة. ولأن الأهلين يحملون ذكريات مرة عن تواجد هذه القوات قبل عام 2017، فقد رفضوا هذا القرار، وخرجوا للشوارع غاضبين ومحتجين . وهؤلاء بالطبع من العرب والتركمان. ولم يلبث (اخوتهم) الكرد أن خرجوا أيضاً. ولكن للهجوم على المتظاهرين هذه المرة.

وحينما شعرت الحكومة بحراجة الموقف، أمرت بتأجيل تنفيذ القرار. وهو تعبير ناعم ومرن. وكان أن زادت الأمور تعقيداً. فقد بات الكرد يشعرون بالهزيمة في هذا النزاع القديم – الجديد. وسرعان ما خفت وحدات جديدة من القوات الأمنية المرابطة في العاصمة لتدارك الموقف، وإعادة الاستقرار للمدينة. ثم أعقب ذلك قرار من المحكمة الاتحادية برفض إخلاء المقر أو عودة البيشمركة. أي نقض قرار مجلس الوزراء جملة وتفصيلاً.

ولا شك أن إرسال قوات جديدة من العاصمة بعد اندلاع النزاع، يعني أن هناك نقصاً كبيراً في القوات الأمنية المرابطة في كركوك. وأن سحب فرقة أو فرقتين من الجيش أو الشرطة الاتحادية منها، لم يكن قراراً مدروساً. ولم تكن كركوك تخلو في يوم من الأيام من قوة ضاربة، وقاعدة جوية، ووحدات رديفة، لأنها كانت الضامن الحقيقي للسلم الأهلي فيها.

وقد بت أعتقد أن هذه المحافظة التي كان أبناؤها في السبعينات والثمانينات يتحدثون لغات ثلاثاً، وأحياناً أربع، ولا يجدون غضاضة في أن يعيشوا جنباً إلى جنب، ويتعاملوا بمودة، كانت تنعم بالسلام بسبب وجود هذه القطعات العسكرية. وقد أثبتت هذه الحادثة التي جرى تطويقها خلال أيام قليلة أنها تجربة جديرة بالتأمل، ويجب أن تستخرج منها عبر كثيرة. وأهمها على الإطلاق أن الترسانة العسكرية التي تضم أفراداً من مختلف المحافظات، يجب أن تكون مرابطة على الدوام في المعسكرات التابعة لها في أطراف المدينة، ويوطن أفرادها في حي خاص، مثلما كانت عليه الحال في الماضي. وقد وجدنا كيف استغل محافظها السابق نجم الدين كريم انشغال الحكومة في صد هجمة الوهابية الثانية ليقوم بإعلان ضم المحافظة للإقليم الكردي، ورفع علمه على المباني الرسمية. ولو كانت كركوك في ذلك الحين تحوي قطعات مؤهلة تأهيلاً جيداً لما جرؤ على مثل هذا الفعل القبيح. ولحسن الحظ، فإن هذا التمرد لم يكن وقحاً فحسب، بل غبياً بامتياز. إذ لم يحسب للقوات الصاعدة الجديدة التي دحرت قوى السلفيين، وحررت المدن، وأعادت هيبة الدولة من جديد، حساباً.

ثمة عامل آخر، سيحفظ لكركوك هويتها العراقية، مثلما فعل طوال هذه السنين، وهو اللغة. وربما كانت التجربة الهندية مثالاً جديراً بالاعتبار. فقد حفظت الانكليزية للهند وحدتها وتماسكها، بعد الاستقلال عام 1947،على الرغم من وجود عشرات اللغات الفرعية فيها، وبعضها لغات مليونية يتحدث بها مئات الملايين من البشر، ولم يحتج أحد بأنها لغة المستعمر. بل أنها فتحت الأبواب للهنود للتواصل والدراسة والعمل في شتى بقاع المعمورة. ولأن العربية هي لغة السواد الأعظم من العراقيين، فإنها هي دون غيرها التي تضمن السلم الأهلي في كركوك. ويجب أن تكون لغة الإدارة والتعليم والدراسة والإعلام والاقتصاد، وليس من الصحيح إطلاق العنان للأقليات بالتطاول على اللغة الأم. فلذلك نتيجة واحدة لا غير: هي الانفصال.

إن الذكرى تعود بي إلى تلك الحقبة، ونحن في أول سني الشباب، حينما كنا نعيش هناك. فلم نلمس أي احتكاك أو تدافع بين المكونات الثلاث أو الأربع، إذا ما أضفنا المجموعة الآثورية، التي باتت تدعى الآن الآشورية. وكان العرب يعيشون في بعض الأقضية والنواحي، ويمارسون مهنة الزراعة، عدا عن تجمعات متناثرة في مركز المدينة. قبل أن يتعزز وجودهم هناك بالمهاجرين من المحافظات الجنوبية. وتظهر للوجود أحياء واسعة وجميلة .

ولا شك أن من مصلحة العرب والكرد والتركمان أن يعم الأمن ربوع المدينة، فلا تتعرض لهزات مثل هذه. ولا يسمح للقوى الانفصالية بالعودة إليها مرة أخرى. لأن وجودها هناك يعني تمزيق النسيج الاجتماعي المتآلف والمترابط والمتجانس. وهذا أمر لا يمكن السماح به بأي حال من الأحوال.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

هآرتس: إذا كان هناك من يجب ألا ينسى ولا يسامح فهم الفلسطينيون

وصف جدعون ليفي -في عموده بصحيفة هآرتس- كيف خرج مئات المعتقلين والسجناء الفلسطينيين، بعد أن شوهدوا على ركبهم في السجن، وهم يرتدون قمصانا بيضاء تحمل نجمة داود الزرقاء والكلمات "لن ننسى ولن نسامح"، وقد أجبرتهم إسرائيل على أن يصبحوا لافتات متحركة للصهيونية في أكثر أشكالها دناءة.

وذكر الكاتب أن الأساور التي ألبست الفلسطينيين الأسبوع الماضي، كانت تحمل رسالة مماثلة "الشعب الأبدي لا ينسى أبدا. سألاحق أعدائي وأجدهم"، مشيرا إلى أنه لا يوجد شيء مثل هذه الصور السخيفة التي تعكس مدى انحطاط الدعاية للدولة الحديثة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2التحديات والملفات العاجلة على طاولة الرئيس الجديد لمفوضية الاتحاد الأفريقيlist 2 of 2موقع روسي: هذا هو الهدف الحقيقي من فكرة تهجير سكان غزةend of list

وإذا كانت مصلحة السجون تريد أن تكون مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فإن حماس كانت أكثر منها نجاحا في هذه المعركة في كسب العقول، ويمكن القول إنها أكثر إنسانية أيضا، إذ بدا المحتجزون الذين أطلقتهم يوم السبت أفضل من بعض هؤلاء السجناء الذين كانوا يرتدون القمصان الزرقاء والبيضاء.

ورغم أن الصور تبدو سخيفة -والصورة تساوي ألف كلمة- فإنه لا يمكن تجاهل الرسالة التي اختارت إسرائيل إرفاقها بأجساد السجناء المفرج عنهم، "لن ننسى، لن نسامح، سنلاحقكم"، في حين كانت رسالة حماس "الوقت ينفد"، ودعايتهم تتحدث عن إنهاء الحرب، فدعايتنا تتحدث عن المطاردة والحرب التي لا نهاية لها، والتي يشنها "الشعب الأبدي" الذي لا ينسى ولا يسامح.

إعلان

نسي العالم بما فيه إسرائيل ألمانيا النازية، ونسي الفيتناميون الولايات المتحدة، ونسي الجزائريون فرنسا، والهنود بريطانيا، أما "الشعب الأبدي" وحده فلن ينسى، كما يقول الكاتب ساخرا، قبل أن يوضح أنه إذا كان هناك من يجب ألّا ينسى ولا يسامح فهم الفلسطينيون، إنهم لن ينسوا ظروف احتجازهم، وبعضهم لن يغفر احتجازه ظلما دون محاكمة.

وقد ركزت كاميرات وسائل الإعلام الأجنبية أقل على الفلسطينيين، وتجاهلتهم الكاميرات الإسرائيلية تجاهلا شبه كامل، وكأنهم جميعا "قتلة"، وأُبعد بعض منهم فورا إلى خارج بلاده، رغم أنه اُختطف من خان يونس، تماما كما اختطف الإسرائيليون من نير عوز، كما يقول الكاتب.

ومع أنه سُمح لأسرانا -كما يقول ليفي- بالاحتفال مع الأمة بأكملها، بقيادة البث الدعائي الإسرائيلي الذي يحول كل احتفال إلى مهرجان للتلقين على غرار كوريا الشمالية، فقد مُنع الفلسطينيون من الابتهاج، ومنعت أي مظاهر للفرح في القدس الشرقية والضفة الغربية، "إن طغياننا قاسٍ للغاية، ويمتد إلى التحكم في عواطفهم".

وإذا حكمنا من خلال معاملة السجناء فمن الصعب -حسب الكاتب- أن نعرف أي مجتمع أكثر إنسانية، إذ لم تعد إسرائيل بعد الآن، تستطيع أن تدعي أنها أكثر التزاما باتفاقية جنيف من حماس، ولم يعد من الممكن تصحيح هذا الانطباع القاسي، حتى بالقمصان "المزينة" بنجمة داود الزرقاء.

مقالات مشابهة

  • هآرتس: إذا كان هناك من يجب ألا ينسى ولا يسامح فهم الفلسطينيون
  • بحوزته اجهزة اتصال محظورة.. القبض على زعيم عصابات التسول في كركوك
  • اعتقال رئيس شبكة تسول في كركوك
  • المجلس العربي في كركوك يطالب بتطبيق العفو العام بكردستان: القانون اتحادي
  • دفن 20 جثة من قادة وعناصر داعش في كركوك
  • وسائل إعلام مصرية: مصر وقطر نجحتا في تذليل العقبات التي كانت تواجه استكمال تنفيذ وقف إطلاق النار
  • إصابات بانقلاب شاحنة على طريق كركوك-بغداد
  • وفق قانون العفو.. إطلاق سراح امرأة في كركوك
  • سموتريتش: لن يكون هناك خطر من غزة تجاه إسرائيل والمستوطنات المحيطة بها
  • في كركوك.. القبض على سائق وزراء داعش