داعية بالأوقاف: الشائعات الإلكترونية من أقوى الأسلحة لهدم المجتمعات والأمم
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
اختتمت فعاليات الأسبوع الثقافي لوزارة الأوقاف من مسجد بلال بالمقطم بعنوان «خطورة الشائعات الإلكترونية وطرق مواجهتها»، حاضر فيه الدكتور بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين سابقا، والدكتور رمضان عبد الرازق عضو اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، وقدم له محمد جمعة المذيع بإذاعة القرآن الكريم، وكان فيه القارئ والمبتهل الشيخ محمود صوفي قارئًا، ومبتهلا، وبحضور الدكتور سعيد حامد مدير الدعوة بمديرية أوقاف القاهرة، والدكتور أسامة إسماعيل مدير إدارة أوقاف المقطم، وجمع غفير من رواد المسجد.
قال الدكتور بكر زكي عوض الشكر إن الشريعة الإسلامية وضعت لنا منهجًا علميًّا واضحًا لمواجهة الشائعات ومنع خطرها عن الأفراد، والمجتمعات على النحو الذي تعجز أمامه كل الأطروحات الفكرية والاجتهادات العقلية النظرية لمحاولة حصار الشائعة، أو وأدها قبل أن تشيع بين المجتمع، وأن من الإجراءات التي تعامل بها القرآن الكريم لمنع انتشار الشائعات أنه حرم الكذب فإن كل محتويات الشائعة أو بعضها على الأقل افتراء واختلاق، قال سبحانه «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ»، كما حرم الغيبة، حيث تنطوي الشائعة على الغيبة قال سبحانه «وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ».
وأوضح الدكتور بكر زكي أنه لابد للمسلم من التثبت والتأكد من المعلومات والأخبار التي يتناقلها قال سبحانه «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»، كما حرَّم الإسلام نقل وتداول الأخبار الكاذبة بين الجماهير، وليس مجرد الكذب، بل نشر ونقل الأخبار، والمعلومات التي يعرف الشخص أنها مكذوبة، وأمر بحسن الظن قال سبحانه «لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ»، مختتما حديثه بأن كثرة الكلام تكثر من سقطات اللسان، والمسلم مأمور بالصدق في حديثه وكلامه، والتثبت من كل ما يقوله أو ينقله قال صلى الله عليه وسلم «كَفَى بالمرءِ كذِبًا أن يحدِّثَ بِكُلِّ ما سمِعَ».
الشائعات الإلكترونية من أقوى الأسلحة لهدم المجتمعات والأمموأشاد رمضان عبد الرازق بجهود وزارة الأوقاف وبرامجها الدعوية والقرآنية التي صيرت المساجد منارات للعلم في كل مكان، مبينا أن الشائعات من الظواهر الخطيرة، والكوارث الاجتماعية التي تنخر في المجتمعات البشرية، وتزلزل سكينة النفوس، وخاصة في هذا الزمن الذي تطورت فيه وسائل النشر، وطرق التواصل، فتمكنت الشائعات أن تبلغ الآفاق في لمح البصر عابرة كل الحدود والحواجز، مضيفا أن الشائعات الإلكترونية من أقوى الأسلحة لهدم المجتمعات والأمم، وأن الإسلام حذرنا من خطر الشائعات، والخوض بالباطل بأي وسيلة قال سبحانه «وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ».
وأوضح رمضان عبد الرازق أن هناك عقوبة على نشر هذه الشائعات التي تفسد المجتمعات وتؤثر في زعزعة النفوس، وعدم استقرارها فقال سبحانه «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».
واختتم حديثه بأن أعظم الشائعات جرما ما كان فيه انتهاك لحرمة مسلم أو تسبب في ترويعه وعدم استقراره، أو بث لأخباره الخاصة، وأسراره أو استهداف مباشر لشخصه فهذا إجرام كبير وخبث عظيم، ونار حارقة تفسد البلاد والعباد وتقضي على الأخضر واليابس.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأوقاف وزارة الأوقاف الشائعات قال سبحانه
إقرأ أيضاً:
ضبط البوصلة.. هل لا تزال سلميتنا أقوى من الرصاص؟
لا يمكن لأي إنسانٍ محبٍّ للحرية إلّا أن يفرح بزوال حكم الأسد، وأن يشارك الشعب السوري فرحته بحصوله على الحرية وفتح السجون، بل ندعو من أعماق قلوبنا أن تنجح الإدارة الجديدة في سوريا في إدارة المرحلة الانتقالية بنجاح. وما نراه ونسمعه من تصريحاتٍ وتطوراتٍ يبدو مبشِّرا بلا شك، ونسأل الله أن يوفقهم في تجاوز التحديات التي تواجههم.
مقارنة سوريا بمصر: وقفة ضرورية
لكن الحديث عن إسقاط ما حدث في سوريا على الملف المصري يحتاج إلى وقفة، بل إلى وقفاتٍ عميقة. هناك من يحاول تسويق فكرة أن التجربة السورية يمكن أن تُستنسخ في مصر، وأن شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص" قد انتهت صلاحيته. بل يذهب البعض إلى أن الطريق إلى الحرية يكمن في محاكاة ما فعله السوريون، معتبرين أن العمل السلمي لا جدوى منه.
هذه الأفكار، وإن بدت جذّابة لبعض الشباب المتحمّس، إلا أنها تحمل خطورة كبيرة. فهي تُغذِّي مشاعر الإحباط واليأس، وتفتح الباب أمام الفوضى التي لا تُبقي ولا تذر. وما يزيد الأمر تعقيدا هو انجرار بعض من يُفترض أنهم أصحاب خبرةٍ وحكمةٍ إلى هذه الموجة، وصولا إلى السخرية من شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص".
هذه الأفكار، وإن بدت جذّابة لبعض الشباب المتحمّس، إلا أنها تحمل خطورة كبيرة. فهي تُغذِّي مشاعر الإحباط واليأس، وتفتح الباب أمام الفوضى التي لا تُبقي ولا تذر. وما يزيد الأمر تعقيدا هو انجرار بعض من يُفترض أنهم أصحاب خبرةٍ وحكمةٍ إلى هذه الموجة، وصولا إلى السخرية من شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص"
الخوف من السوشيال ميديا: عائق جديد
لقد أصبح الخوف من تعليقات السوشيال ميديا وتياراتها الجارفة عائقا أمام تحكيم العقل والحكمة، وأضحى من يتصدى لهذه الأفكار مُتَّهَما بالضعف والهوان. لكن مسؤولية الكلمة وأمانة الفكر تحتم علينا أن نواجه الحقائق بشجاعة، وأن نطرح الأمور بموضوعية بعيدا عن الشعبوية أو المزايدات.
محاور لضبط البوصلة
لإعادة ضبط البوصلة، يجب تسليط الضوء على النقاط التالية:
أولا: اختلاف الواقعين السوري والمصري
الواقع السوري والواقع المصري مختلفان تماما. فالثورة السورية تحولت إلى مسلحة بعد أشهر من بدايتها، والنظام الحاكم كان طائفيا. ومع إخفاقاتٍ كثيرة، اكتسبت المعارضة السورية خبراتٍ متراكمة على مدار سنوات. وبعد ترتيب الصفوف ومحاولة إيجاد حلٍّ سياسي، رفض النظام السوري هذا الحل، وأدخل أطرافا خارجية طائفية مثل إيران، وأخرى دولية مثل روسيا. كل ذلك جعل الثوار في سوريا أمام خيارٍ وحيدٍ لإسقاط النظام.
أما في مصر فالمشهد مختلف، ولا تزال الأغلبية الساحقة من الشعب ترفض اللجوء إلى أي خياراتٍ غير سلمية، إدراكا منهم أن أي خيارٍ غير سلمي سيؤدي إلى فوضى مدمّرة. بالإضافة إلى ذلك، المجتمع المصري، رغم معاناته الاقتصادية ورغم رغبته في الحرية والكرامة والتغيير إلى الافضل، إلا انه لا يزال يتمسك بضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة ويرفض المغامرات التي قد تهدمها.
فهل يدرك أصحاب نظرية إسقاط التجارب الأجنبية هذا الفارق الجوهري؟
ثانيا: الدور الحاسم للدبلوماسية في سوريا
في سوريا، ورغم القوة العسكرية لهيئة تحرير الشام ودعمها الخارجي، لم تكن القوة المسلحة وحدها هي التي حسمت الأمور، بل لعبت الدبلوماسية التركية دورا محوريا. فقد نجحت تركيا في تحييد روسيا وإيران، وأقنعت هذه القوى بأن مصلحتها ليست مع استمرار نظام الأسد. هذه الحكمة الدبلوماسية غابت عن أذهان الكثير من المنظرين الذين يروِّجون لأفكار غير سلمية.
البديل لا يكمن في خياراتٍ غير سلمية، بل في بناء رؤيةٍ تشاركيةٍ تجمع مختلف أطياف المعارضة، وتفتح قنواتٍ للحوار مع كافة الأطراف، بما في ذلك مؤسسات الدولة. هذه الرؤية يجب أن تركز على وحدة المجتمع وتماسكه، مع السعي لتحقيق مطالب الشعب في الحرية والعدالة والكرامة
ثالثا: الظهير الشعبي
لا يمكن تجاهل أن الظهير الشعبي في سوريا كان داعما بقوةٍ لما حدث. أما في مصر، فإن الشعب يعارض بشكلٍ واضحٍ أي خياراتٍ قد تجرُّ البلاد إلى الفوضى، حتى في ظل الأزمة الاقتصادية والمطالبة بالحرية والكرامة، فإن أي حراكٍ لا يحظى بدعمٍ شعبيٍّ كاسحٍ محكومٌ عليه بالفشل.
رؤية مستقبلية: التمسك بالسلمية
بعد استعراض هذه المحاور، يتضح أن خيار "سلميتنا أقوى من الرصاص" ليس مجرد شعار، بل هو استراتيجيةٌ واقعيةٌ تتناسب مع الظروف المصرية. النضال السلمي والدستوري هو الطريق الأكثر أمانا، حتى لو بدا طويل الأمد.
ماذا لو لم يستجب النظام؟
البديل لا يكمن في خياراتٍ غير سلمية، بل في بناء رؤيةٍ تشاركيةٍ تجمع مختلف أطياف المعارضة، وتفتح قنواتٍ للحوار مع كافة الأطراف، بما في ذلك مؤسسات الدولة. هذه الرؤية يجب أن تركز على وحدة المجتمع وتماسكه، مع السعي لتحقيق مطالب الشعب في الحرية والعدالة والكرامة، دون المساس بمؤسسات البلاد واستقرارها.
ختاما
قد يغضب هذا الطرح البعض، خصوصا أصحاب النظرة الصفرية الذين يرون أن الأمور إمّا أن تكون انتصارا كاملا أو هزيمة كاملة. لكن المسؤولية تحتم علينا أن ننظر إلى المشهد بموضوعية، وأن نسعى لإعادة ضبط البوصلة بعيدا عن الانفعالات. الطريق طويل، لكنه الوحيد الذي يمكن أن يحقق الحرية دون أن يهدم الوطن.