اختتمت فعاليات الأسبوع الثقافي لوزارة الأوقاف من مسجد بلال بالمقطم بعنوان «خطورة الشائعات الإلكترونية وطرق مواجهتها»، حاضر فيه الدكتور بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين سابقا، والدكتور رمضان عبد الرازق عضو اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، وقدم له محمد جمعة المذيع بإذاعة القرآن الكريم، وكان فيه القارئ والمبتهل الشيخ محمود صوفي قارئًا، ومبتهلا، وبحضور الدكتور سعيد حامد مدير الدعوة بمديرية أوقاف القاهرة، والدكتور أسامة إسماعيل مدير إدارة أوقاف المقطم، وجمع غفير من رواد المسجد.

الشائعات من الظواهر الخطيرة

قال الدكتور بكر زكي عوض الشكر إن الشريعة الإسلامية وضعت لنا منهجًا علميًّا واضحًا لمواجهة الشائعات ومنع خطرها عن الأفراد، والمجتمعات على النحو الذي تعجز أمامه كل الأطروحات الفكرية والاجتهادات العقلية النظرية لمحاولة حصار الشائعة، أو وأدها قبل أن تشيع بين المجتمع، وأن من الإجراءات التي تعامل بها القرآن الكريم لمنع انتشار الشائعات أنه حرم الكذب فإن كل محتويات الشائعة أو بعضها على الأقل افتراء واختلاق، قال سبحانه «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ»، كما حرم الغيبة، حيث تنطوي الشائعة على الغيبة قال سبحانه «وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ».

وأوضح الدكتور بكر زكي أنه لابد للمسلم من التثبت والتأكد من المعلومات والأخبار التي يتناقلها قال سبحانه «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»، كما حرَّم الإسلام نقل وتداول الأخبار الكاذبة بين الجماهير، وليس مجرد الكذب، بل نشر ونقل الأخبار، والمعلومات التي يعرف الشخص أنها مكذوبة، وأمر بحسن الظن قال سبحانه «لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ»، مختتما حديثه بأن كثرة الكلام تكثر من سقطات اللسان، والمسلم مأمور بالصدق في حديثه وكلامه، والتثبت من كل ما يقوله أو ينقله قال صلى الله عليه وسلم «كَفَى بالمرءِ كذِبًا أن يحدِّثَ بِكُلِّ ما سمِعَ».

الشائعات الإلكترونية من أقوى الأسلحة لهدم المجتمعات والأمم

وأشاد رمضان عبد الرازق بجهود وزارة الأوقاف وبرامجها الدعوية والقرآنية التي صيرت المساجد منارات للعلم في كل مكان، مبينا أن الشائعات من الظواهر الخطيرة، والكوارث الاجتماعية التي تنخر في المجتمعات البشرية، وتزلزل سكينة النفوس، وخاصة في هذا الزمن الذي تطورت فيه وسائل النشر، وطرق التواصل، فتمكنت الشائعات أن تبلغ الآفاق في لمح البصر عابرة كل الحدود والحواجز، مضيفا أن الشائعات الإلكترونية من أقوى الأسلحة لهدم المجتمعات والأمم، وأن الإسلام حذرنا من خطر الشائعات، والخوض بالباطل بأي وسيلة قال سبحانه «وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ».

وأوضح رمضان عبد الرازق أن هناك عقوبة على نشر هذه الشائعات التي تفسد المجتمعات وتؤثر في زعزعة النفوس، وعدم استقرارها فقال سبحانه «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».

واختتم حديثه بأن أعظم الشائعات جرما ما كان فيه انتهاك لحرمة مسلم أو تسبب في ترويعه وعدم استقراره، أو بث لأخباره الخاصة، وأسراره أو استهداف مباشر لشخصه فهذا إجرام كبير وخبث عظيم، ونار حارقة تفسد البلاد والعباد وتقضي على الأخضر واليابس.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأوقاف وزارة الأوقاف الشائعات قال سبحانه

إقرأ أيضاً:

التوبة في القرآن الكريم.. فرصة للتغيير وتحقيق السمو الروحي

إنه من رحمة الله تعالى على عباده أن يسّر لهم أبواب التوبة وطلب المغفرة، حتى يعود العاصي إلى ربه ويتوب من ذنوبه مهما كانت عظيمة، فينبغي على الإنسان العاقل أن ينظر إلى ذنوبه وأخطائه التي حددتها الشريعة الإسلامية، وأن يحاسب نفسه دائماً على جميع أقواله وأفعاله وأحواله، وألّا يستهين بالمعاصي والذنوب التي تقع منه.

وقد ذكر الله تعالى التوبة وحضّ عليها في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، فقال سبحانه: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ [الزمر: 54]، ووعدهم بقبولها منهم مهما عظُمت الذنوب: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110]. وربط المواظبة على التوبة إلى الله بالفلاح في الدارين، فقال سبحانه: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31].

ولذلك جعل الله تعالى باب التوبة مفتوحاً للتوابين حتى قيام الساعة، فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل يَبسُط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار، ويسبط يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)). بل إن الله تعالى يقبل توبة العبد العبد مهما تكرر ذنبه ومهما عظم، وذلك بشرط إخلاصه في التوبة وصدقه في عدم الرجوع إلى المعصية، قال صلى الله عليه وسلم: (إن عبدًا أصاب ذنبًا فقال: رب أذنبت، وربما قال: أصبت فاغفر لي، فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ به غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أصاب ذنبًا – أو أذنب ذنبًا – فقال: رب أذنبت أو أصبت آخر، فاغفره، فقال: أعلم عبدي أن له ربًّا يغفرُ الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبًا وربما، قال: أصاب ذنبًا قال: رب أصبت، أو قال: أذنبت آخر فاغفره لي، فقال: أعلِم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ به، غفرتُ لعبدي ثلاثًا، فليعمل ما شاء).

وإن الله تعالى حرّم اليأس من رحمته ومغفرته، وبشّر عباده بقبوله للتوبة مهما عظمت الذنوب وحتى إن ارتكب عبده الكبائر، فالله تعالى يقبل التوبة عن عباده وهو التواب الرحيم، قال سبحانه: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

وللتوبة فضل عظيم ومحاسن كثيرة، فهي فوق كونها مطهّرةً للذنوب والسيئات، فإنها تبدّل السيئات إلى حسنات وترفع درجة المؤمن عند ربه، قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: 70]، وهي الطريق لنيل مرضاة الله تعالى ومحبته، قال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222].

بل إن الله تعالى يفرح بتوبة عباده التائبين، وقد ورد ذلك في حديثٍ يروي الأفئدة ويزرع في قلوب المؤمنين التفاؤل والأمل الكبير برحمة الله، ويدفعهم للإسراع إلى التوبة وطلب المغفرة في كل حين، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ، قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي، فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ). وقال الإمام ابن القيم رحمه الله معلّقاً على هذا الحديث في كتابه مدارج السالكين: (وَلَمْ يَجِئْ هَذَا الْفَرَحُ فِي شَيْءٍ مِنَ الطَّاعَاتِ سِوَى التَّوْبَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ لِهَذَا الْفَرَحِ تَأْثِيرًا عَظِيمًا فِي حَالِ التَّائِبِ وَقَلْبِهِ، وَهُوَ مِنْ أَسْرَارِ تَقْدِيرِ الذُّنُوبِ عَلَى الْعِبَادِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَنَالُ بِالتَّوْبَةِ دَرَجَةَ الْمَحْبُوبِيَّةِ، فَيَصِيرُ حَبِيبًا لِلَّهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ، وَيُحِبُّ الْعَبْدَ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ .. فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالْعَبْدِ خَيْرًا؛ أَلْقَاهُ فِي ذَنْبٍ يَكْسِرُهُ بِهِ، وَيُعَرِّفُهُ قَدْرَهُ، وَيَكْفِي بِهِ عِبَادَهُ شَرَّهُ، وَيُنَكِّسُ بِهِ رَأْسَهُ، وَيَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنْهُ دَاءَ الْعُجْبِ، وَالْكِبْرِ، وَالْمِنَّةِ عَلَيْهِ، وَعَلَى عِبَادِهِ، فَيَكُونُ هَذَا الذَّنْبُ أَنْفَعَ لَهُ مِنْ طَاعَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ شُرْبِ الدَّوَاءِ؛ لِيَسْتَخْرِجَ بِهِ الدَّاءَ الْعُضَالَ).

إن من يسمع هذه البشائر والفضائل التي تخصّ التوبة النصوح والخالصة لله تعالى حريٌّ به أن يسارع لطلبها، فيقلع عن ذنوبه ومعاصيه ويجاهد نفسه على الإقلاع عنها، كما ينبغي عليه الإكثار من الطاعات والعبادات بأداء الفروض ومختلف النوافل، لأن مجرد التوبة دون العمل المترتب عليها لا يكفي لتحقيق شروط التوبة المنشودة والتي تستجلب رضا الله تعالى ومغفرته. فقد اقترنت التوبة بأداء العمل الصالح في الكثير من الآيات القرآنية، كما في قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 146]. وقوله سبحانه: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: 70]. فالحمدلله الذي شرفنا بالعبودية ومنَّ علينا بالهداية ونعمة الإسلام، وأكرمنا بأداء العبادات والطاعات، ورحمنا بأن فتح لنا باب التوبة لكي نتوب إليه سبحانه من ذنوبنا وسيئاتنا التي لا تحصى، إنه هو التواب الرحيم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • التوبة في القرآن الكريم.. فرصة للتغيير وتحقيق السمو الروحي
  • خطيب بالأوقاف يوضح فضل قراءة آخر آيتين من سورة البقرة قبل النوم
  • أغرب الشائعات التي تعرض لها المشاهير (تقرير)
  • داعية: أنا ضد تعدد الزوجات وهو حرام في هذه الحالة
  • الرئيس الفرنسي يحث على وقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل التي تستخدم في غزة
  • ماكرون: يجب وقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل التي تستخدم في غزة
  • وصف النبي في القرآن.. صدر مشروح وقلب أقوى من الجبال
  • من هو أول نبي قال الله أكبر؟.. ذُكر 69 مرة في القرآن الكريم
  • الدكتور فتحي شمس الدين يكتب:  الإعلام الرقمي بناء الوعي المجتمعي
  • الأولمبية الجزائرية: الشائعات التي تطارد إيمان خليف لا أساس لها من الصحة