الحرب والنزوح يهددان بيوت الطين التقليدية في شمال سوريا
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
أتت سنوات من نزاع دامٍ على بيوت الطين التقليدية التي لطالما ضجت بالسكان قرب مدينة حلب شمالي سوريا، وقد باتت اليوم مهددة بالاندثار.
بعد معارك دفعته إلى النزوح في 2013 عاد محمود المحيلج (50 عاما) في عام 2021 إلى قريته أم عامودا الكبيرة في ريف حلب الشرقي ليجد بيوتها الطينية التي تعود هندستها المعمارية إلى آلاف السنين غير قابلة للسكن.
ويقول المحيلج أثناء تجوله بين الأزقة الضيقة والبيوت الصغيرة "كان عدد سكان القرية يتراوح بين ثلاثة وخمسة آلاف نسمة، لكن (…) الناس هاجروا، ولا يتجاوز عدد العائدين منا اليوم مئتي شخص".
المنازل التقليدية المبنية من الطوب والمعروفة أيضا باسم "بيت خلية النحل" (الفرنسية)وتضم القرية المحاذية لسبخات الملح الأكبر في سوريا أكثر من 150 منزلا طينيا شبه متلاصقة، سقطت جدران بعض منها، وتعلو بعضها قبة أو اثنتان أو أكثر، وباتت معظمها متصدعة.
وبُنيت هذه المنازل من خليط من التراب والتبن والقش والمياه، ويقول المحيلج إنها "دافئة في فصل الشتاء وتمنح البرودة خلال الصيف"، كما أن تكلفتها قليلة.
وحين وجد أن منزله الطيني لم يعد قابلا للسكن اختار المحيلج أن يقطن في منزل صغير بناه من حجر وإسمنت مسلح.
ويقول "البيوت الطينية تندثر، باتت اليوم خرابا"، في وقت تحتاج إلى صيانة دائمة وإعادة ترميم بالطين كل سنتين على الأقل لتصمد في وجه العواصف والأمطار، لكن اليوم "ليس هناك من يصونها".
المواطن السوري محمود المحيلج (50 عاما) يتفقد البيوت التقليدية المبنية من الطوب (الفرنسية)وقرية أم عامودا الكبيرة واحدة من عدة قرى معروفة ببيوت الطين في محافظة حلب، والتي نالت نصيبها من النزاع الدامي في سوريا بسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية عليها لفترة قبل أن تستعيدها القوات الحكومية.
وجراء موجات النزوح الضخمة فقدت البيوت الطينية حتى معمارييها.
وقد أتى النزاع المستمر منذ العام 2011 على البنية التحتية في سوريا، وأودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.
في قرية حقلة المجاورة يتحسر جمال العلي (66 عاما) على منازل طينية نشأ فيها لكن باتت اليوم تخلو من أي متطلبات العيش، ولا تصلها إمدادات الكهرباء والمياه.
ويقول "نشأنا في بيوت الطين وعشنا فيها"، مضيفا "هذه البيوت أفضل ألف مرة من منازل الحجر" التي انتقل للسكن في أحدها اليوم.
وقبل سنوات نزح عيسى خضر (58 عاما) الخبير في بناء تلك البيوت والمتحدر من محافظة حلب إلى لبنان بحثا عن ملجأ بعيدا عن القصف والدمار.
عائلة تجلس خارج منزلها التقليدي المبني من الطوب (الفرنسية)ويقول خضر "تعلمت الصنعة منذ أن كنت في الـ14 من العمر في قريتي حيث كان أهالي القرية يتجمعون لمساعدة كل من أراد أن يبني بيوتا مع قباب".
ويضيف اللاجئ -الذي بنى منزل أهله الطيني في سوريا- "اليوم وبسبب الحرب (…) انقرضت الصنعة لأن الأجيال الجديدة لم تتعلمها"، ويتابع "هذه البيوت باتت على وشك الاختفاء".
منظر للمنازل التقليدية المبنية من الطوب في قرية أم عامودا الكبيرة بريف حلب الشرقي (الفرنسية)وفي منطقة البقاع شرقي لبنان -التي يقطنها خضر ولجأ إليها عشرات آلاف اللاجئين السوريين- أطلقت منظمة آركنسيال غير الحكومية اللبنانية مبادرة تهدف إلى الحفاظ على هذا الطراز المعماري.
ويقول المهندس فضل الله داغر -وهو أحد المشرفين على المبادرة- "تعد هذه الهندسة صديقة للبيئة، وتعتمد على قوالب قابلة لإعادة التدوير".
ويُعتقد -بحسب قوله- أن هذه العمارة تعود إلى "حوالي ثمانية آلاف سنة، وقد انتشرت (بشكل رئيسي) في شمال شرقي سوريا ومنطقة الأناضول".
وضمن المشروع درّب خضر لاجئين سوريين على بناء تلك المنازل لعلهم يحتاجون -وفق المهندس- تلك الصنعة ذات التكلفة البسيطة "في حال عودتهم إلى بلادهم المدمرة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من الطوب فی سوریا
إقرأ أيضاً:
تطورات الحرب على غزة في يومها الـ 442.. تصعيد مستمر ومعاناة إنسانية متفاقمة
تواصلت العمليات العسكرية في قطاع غزة لليوم الـ 442 على التوالي، حيث صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي من هجماتها الجوية والبرية، مستهدفة مناطق متفرقة في القطاع المكتظ بالسكان.
وأسفرت هذه العمليات عن سقوط مزيد من الشهداء والجرحى، بينما تستمر الجهود الدولية لتحقيق هدنة أو التوصل إلى صفقة تبادل أسرى.
استمرار القصف وسقوط الشهداءنفّذت طائرات الاحتلال غارات مكثفة على أحياء عدة في شمال ووسط القطاع، وأسفرت هذه الغارات عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين وإصابة العشرات في قصف استهدف مدرسة تؤوي نازحين في شمال شرق غزة، بالإضافة إلى استهداف خيام للنازحين في خان يونس جنوب القطاع.
كما أفادت مصادر طبية بارتفاع حصيلة الشهداء في غارة أخرى استهدفت مدرسة الماجدة وسيلة غرب غزة إلى خمسة شهداء، بينهم أطفال ونساء.
تفاقم الأزمة الإنسانيةشهدت الأوضاع الإنسانية في غزة مزيدًا من التدهور مع استمرار الحصار الإسرائيلي وقطع الإمدادات الأساسية، ونفدت المواد الغذائية والطبية في العديد من المرافق الصحية، بينما يعاني النازحون في المخيمات من نقص حاد في المياه والكهرباء.
تصعيد عسكري متبادلأعلنت “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عن استهداف عسقلان وعدد من مستوطنات غلاف غزة برشقات صاروخية، ردًا على العدوان الإسرائيلي.
وأكدت المقاومة الفلسطينية استعدادها لمواصلة التصدي للعدوان، مشيرة إلى أن الاحتلال يتحمل المسؤولية الكاملة عن التصعيد.
جهود دولية للتوصل إلى هدنةأعرب مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة تبادل أسرى بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية.
وأكد أن هناك تقدمًا ملموسًا في المفاوضات، مشيرًا إلى دور الوساطة الإقليمية والدولية في تقريب وجهات النظر بين الطرفين.
آفاق المرحلة المقبلةتستمر المعاناة في قطاع غزة وسط غياب أفق واضح لإنهاء العدوان، ومع استمرار التصعيد، تبقى الأنظار متجهة نحو الجهود الدولية لوقف إطلاق النار، وسط دعوات حقوقية لتدخل عاجل لحماية المدنيين وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.