فنانة الزمن الجميل.. سميرة عبدالعزيز: أرفض القيام بدور أم بلطجى أو أم مستهترة

قال الفيلسوف.. لن يعود بعد رحيل سعد الغزاوىفخورة بجميع أعمالى وخاصة مسلسلات أم كلثوم وأمام الدعاة وضمير أبلة حكمتالشيخ «الشعراوى» قال لى: الفن ليس حرامًا

 

فنانة موهوبة وشاملة، وواحدة من عمالقة الفن فى مصر، وأحد أعمدة الدراما التليفزيونية، استطاعت بملامحها الهادئة وصوتها الرخيم الممزوج بالدفء، وبلاغتها فى اللغة العربية حفر اسمها فى قلوب المصريين، حتى أصبحوا عندما يرونها على الشاشة يشعرون وكأنها أم لهم، حتى لقبها الجمهور والنقاد بـ«أم العظماء»، لأنها قدمت دور الأم ببراعة ومصداقية فى كثير من الأعمال التاريخية والدرامية منها «أم كوكب الشرق أم كلثوم، الإمام المراغى، إمام الدعاة الشيخ الشعراوى، والترمذى».

ظهرت موهبتها الفنية منذ الصغر، حتى سطرت تاريخًا فنيًا طويلًا تنوع ما بين الدراما والمسرح والسينما والإذاعة، وصغت ملايين الأذان لبرنامجها الشهير «قال الفيلسوف».. إنها الفنانة القديرة سميرة عبدالعزيز.

بدأت سميرة عبدالعزيز مشوارها الفنى فى إذاعة الإسكندرية، وحصلت على بكالوريوس تجارة ثم بكالوريوس فنون مسرحية.. تزوجت من الكاتب الكبير الراحل محفوظ عبدالرحمن، وشاركت فى معظم احتفالات الليالى المحمدية واحتفالات المرأة والمكتبة.

حصلت سميرة عبدالعزيز على جائزة التمثيل الأولى من التليفزيون عن دورها فى«أم مثالية» وجائزة التفوق من اتحاد الإذاعات العربية عن برنامج عن اللغة العربية، وجائزة الالتزام فى استفتاء جريدة الجمهورية، واختيرت عام 1993 كأحسن ممثلة إذاعية، وحصلت على جائزة الإبداع مرتين من مهرجان الإذاعة والتليفزيون وعلى الميكروفون الذهبى من البرنامج العام بالإذاعة.

وإلى نص الحوار:-

- أنا لم أبتعد عن الفن ولكن لم يعرض على أى عمل الفترة الحالية، وكان آخر مسلسل إذاعى قدمته «قطاع خاص».

- توقف «قال الفيلسوف»  بعد وفاة الحاج سعد الغزاوى، حيث عرض على اختيار شخصية بديلة له ولكن حينها طلبت من المخرج اختيار شخصية بديلة لى أيضاً، وليس هناك نية لعودته مرة أخرى لأن المؤلف توقف عن الكتابة، ومن المستحيل عودة البرنامج بشكل آخر.

- أنا أحترم الفنان الكبير محمد صبحى وأقدر أعماله لأنها ذات قيمة فينة عليا ويحرص على تقديم أعمال تليق بمصر ولم يلجأ ذات مرة إلى التفاهات رغم أنه مسرح كوميدى هادف وهذا سبب مشاركتى له فى مسرحياته، فأنا عاشقة للمسرح والأعمال المسرحية.

مشهد من مسرحية خيبتنا

- الفترة الماضية قدمت مسرحيتين معه، وإذا طلب منى العمل معه سأوافق على الفور.

- أنا لا أختار المعايير الخاصة بالفنان ولكن لا بد أن يكون شخصية مناسبة لى ولثقافتى.

- أنا لا تربطنى أى صلة بالفنان محمد رمضان ولكن عرض على دور فى أحد الأعمال من بطولته وعندما قرأت النص وجدت أن الشخصية «أم بلطجى» فاعتذرت لمؤلف العمل عن الدور، لأنهم يطلقون على أم العظماء بعد تجسيد دور أم الإمام الشعراوى والترمذى وأم أم كلثوم، والنتيجة كانت أن رمضان أرسل لى رسالة سيئة أهاننى فيها فلجأت للدكتور أشرف زكى نقيب المهن التمثيلية للحصول على حقى، وبالفعل تواصل معه ولكنه نفى ذلك، وأكد أن الرسالة أرسلها أحد معجبينه واعتذر حينها محمد رمضان وانتهى بذلك الخلاف، أما عن العمل معه فأنا ليس لى علاقة بالأشخاص ولكن علاقتى تكون بالنص المكتوب فقط، حيث إننى أقرأ النص أولًا وإذا رأيته مناسبًا لى ولثقافتى وتربيتى وللأعمال التى أحب أن أقدمها للجمهور وتليق به ومكتوبًا بشكل جيد أوافق على الفور ولكن إذا كان هناك عمل ضد شخصيتى ومبادئى أعتذر عنه.

مشهد من مسلسل أم كلثوم

- فى مصر هناك زميلات قدمن دور الأم بشكل جيد ويراعى فيه أن الأم تكون رائدة ولابد أن تقدم نموذج صح بما يجب أن تكون عليه الأم المصرية، ولكن إذا عرض على دور أم مستهترة أو لا تقوم بتربية أولادها بشكل صحيح أرفض بالفعل.

- بعد أدائك لدور الأم العظيمة الحنونة..هل فكرت فى كسر هذا التابوه وتقديم أدوار الشر؟

- لا يمكن أن أقدم أدوار شر ولا أتمنى لأى من الفنانات المصريات أن يقدمن دور الأم الشريرة، لأن الأم هى منبع الحنان، وأنا أرى أن الأم المصرية أروع أم فى العالم، حيث إننى سافرت دول أوروبا بأكملها لم أر أمًا مخلصة لبيتها وأسرتها مثل الأم المصرية، الأمهات هناك يعتنين بأنفسهن فقط ولكن الأم فى مصر تجعل اعتناءها بأولادها وبيتها من أهم أولوياتها، وأنا أرى أنها نموذج كما يجب أن تكون عليه الأم، فأنا أقدر هذا الدور جيدًا لأننى تربيت على يد الأم المخلصة التى لا يمكن أن تقصر تجاه أولادها.

- لا يفرق معى حجم الدور، خاصة إذا كان يقدم رسالة هادفة، فأنا أنظر للنوعية والكتابة وشكل النص المكتوب، وهل سيؤثر على الناس أم لا ومن هنا أوافق أو أرفض.

- نعم عرض على أعمال لم أر فيها سميرة عبدالعزيز، ففى إحدى المرات عرض على عمل لأم تطلب منها ابنتها أن تستقبل صديقًا لها فى منزلهما والأم تريد أن تزوجهما ولكن تصرفاتهما كانت غريبة فرفضت على الفور واعتذرت.

الشيخ الشعراوي

- كنت مرعوبة من دور أم الإمام الشعراوى، لأنه فى ذاك الوقت كان يتم تصوير المسلسل فقررت زيارته فى منزله، ولكن كان لى صديقة تحضر الدروس الذى يقدمها الشيخ الشعراوى- رحمه الله- فذهبت معها وبعد انتهاء الدرس طلبت مقابلته، وعندما شاهدته قلت له حضرتك هو الفن حرام؟ قال لى مين قال إن الفن حرام، بالعكس الفن حلال طالما فى صالح المجتمع فقلت له إننى أقدم إحدى المسرحيات الوطنية التى تدافع عن فلسطين وحقوقها وهى مسرحية «وطنى عكة»، وطلبت منه الحضور، فرد قائلًا: «بكل سرور سوف أحضر»، وبالفعل حضر المسرحية وجلس فى الصفوف الأولى، وبعد انتهاء المسرحية أبدى إعجابه بها، فالشيخ الشعراوى كان يشجع الفن المحترم الهادف.

- الحمد لله أنا راضية جدًا على جميع أدوارى حتى الأدوار الصغيرة منها التى تتكون من حلقتين أو ثلاث فقط، فأنا لا أسعى للكسب المادى ولا الشهرة، ولكن أسعى لتقديم ما يليق بمصر، حيث إننى عاشقة لمصر ومؤمنة بها وبشعبها وأحب أن اقدم له كل ما يفيده.

- فى الحقيقة هى ساعدتنى فى التصدى لأحد الأشخاص طلب إلغاء قصور الثقافة خلال إحدى جلسات مجلس الشيوخ، بحجة أنها أموال ليس لها أصحاب، وأن هناك أشخاصًا يستفيدون منها دون وجه حق، حينها رفعت ايدى قلت أنا مثال حى لقصور الثقافة، حيث إننى بدأت الفن فى قصر ثقافة الحرية بالإسكندرية، ومن هناك قابلت المخرجين الذين اكتشفوا موهبتى الفنية وطلب منى أحدهم الذهاب إلى القاهرة لاستكمال مسيرتى الفنية، فأين يمارس طلبة المدارس الفن إذا لم يتلقوه فى قصور الثقافة؟، فهى مهمة جدا للشعب المصرى لكى يجد الثقاقة التى لا يجدها فى المدارس.

- هناك أعمال جيدة وذات رسالة هادفة، وليس لدى اعتراض على أى عمل منها، فهناك رقابة على التليفزيون وهى التى تقوم بالموافقة على الأعمال ومعظمها تليق بنا.

- لا لم يتغير دور الرقابة فهو ليس شخصًا واحدًا ولكن هناك لجنة تتكون من عدة أشخاص تقوم بقراءة النص جيدًا قبل الموافقة عليه، لذلك التليفزيون المصرى لا يقدم إلا الأعمال المحترمة.

- برأيك ما الذى يميز الوسط الفنى زمان عن الفترة الحالية؟ 

- يمكن أن يرجع ذلك لقلة الجودة، وبسبب أن معظم المؤلفين والمخرجين ليسوا جادين مثل المخرجين فى زمن الفن الجميل، ولكن هذا لا يمنع أن هناك أعمالًا جيدة، ويرجع ذلك لدور الرقابة حتى لو كانت الأعمال المعروضة قطاع خاص، فلابد أن توافق عليها الرقابة قبل عرضها على المشاهدين.

- على الرغم من أننى أرتدى الأسود منذ وفاته وأضع صوره فى جميع غرف المنزل، إلا أننى لم أشعر أنه فارق الحياة وأنه لم يتركنى حتى الآن، فأنا أشعر دائمًا أنه يشاركنى فى كل شىء، ودائمًا أراعى آراءه فى كل أعمالى، لأنه رجل محترم ومؤلف عظيم، وكان يراعى كل شىء يهم مصر، ومن شدة حبى لبلدى أحب أى شخص يعمل لها أعمالًا جيدة.

وعن وصيته الأخيرة، فقد طلب منى عدم الموافقة على عمل يرفضه عقلى فهو كان يعلم جيدًا من هى سميرة عبدالعزيز الفنانة، كما طلب منى عدم قبول أى عمل من أجل المادة فقط ولا بد أن يكون عملًا ذا رسالة هادفة.

مشهد من مسلسل إمام الدعاة

- نعم بالفعل قد حصل على حقه فى التكريم، فقد حظى بالتكريم فى كل مكان وحتى اليوم الكتاب يكتبون عنه وعن أعماله الرائعة، وأخذ جائزة الدولة التقديرية وكان يأخذ أعلى أجر.

- لا لم أستخدمها، إلا فى حالة أن أحد الكتاب كتب مقالًا جيدًا عن مشوارى الفنى.

- نعم أنا أم حنونة جدً على احفادى، ولكن فى بعض الأحيان كنت أقسو عليهم عندما يخطئون حتى اتمكن من تربيتهم تربية سليمة مثل والدتهم، ومثلما تربيت على يد والدى ووالدتى، فأنا أتذكر على الرغم من حب والدى الشديد لى إلا أنه قام بمعاقبتى فى إحدى المرات بسبب أنه حضر ذات مرة إلى الجامعة التى كنت أدرس بها فوجدنى فى كافتيريا الجامعة، ومنذ ذلك الوقت وأنا لم أترك محاضرة قط.

- أرجوكم لا تقبلوا بأى عمل من أجل المادة أو الشهرة فقط، ولكن لابد أن تختاروا الأعمال التى تليق ببلدنا الحبيبة، لأن مصر عظيمة بين دول العالم، ولا بد أن تكونوا على قدر من المسئولية حتى نستطيع تقديم أعمال جادة ومحترمة، لأن لدينا نسبة جهل كبيرة وهناك فئة كبيرة من الجمهور يعتمدون على التليفزيون فى تلقى معلوماتهم، فيجب أن نقدم لهم ما يساعدهم على الارتقاء بمصر.

المصدر: بوابة الوفد