ما الذي يعيق الاقتصاد الصيني؟
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
أعلنت الصين الخميس تسجيل تراجع إضافي في صادراتها في أغسطس، في آخر مؤشر إلى تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في وقت لا تزال الحكومة ترفض إقرار خطة إنعاش.
وفي ما يلي أبرز العقبات التي تعيق تحسّن الوضع الاقتصادي والتدابير التي اتخذتها بكين لتسويتها ورأي خبراء الاقتصاد.
ما هو وضع الاقتصاد؟
ترافق رفع القيود الصحية المفروضة لمكافحة كوفيد في ديسمبر في الصين مع انتعاش تدريجي للنشاط الاقتصادي وعودة الصينيين إلى المطاعم والمراكز التجارية ووسائل النقل المشترك.
غير أن النهوض الاقتصادي المرجو كان أضعف من المتوقع ولم يكن معمما على كل القطاعات الاقتصادية، ولا سيما القطاع الصناعي الذي ظل يعاني مشكلات.
وتباطأ هذا الانتعاش لاحقا، وفي ظل التضخم العالمي، وتراجعت أسعار الاستهلاك في الصين خلال يوليو بنسبة 0.3 بالمئة على مدى عام، ما أدخل البلد في انكماش مالي يؤشر إلى طلب ضعيف.
أما نسبة بطالة الشباب، فارتفعت إلى مستوى حمل السلطات في يونيو على تعليق نشر الأرقام الشهرية لهذه النسبة، فيما لا تزال بيانات الصادرات والعقارات والاستهلاك، القطاعات الثلاثة التي تشكل تقليديا محرك النمو في الصين، متعثرة.
ويجعل هذا الوضع من الصعب عمليا تحقيق الهدف السنوي للنمو الذي حددته الحكومة بحوالى 5 بالمئة.
كيف يمكن تفسير الوضع؟
يشهد قطاع البناء الذي يعتبر قوام الاقتصاد الصيني ولطاما مثل ربع إجمالي الناتج المحلي في هذا البلد، أزمة غير مسبوقة طالت بصورة خاصة عملاقي التطوير العقاري "إيفرغراند" و"كانتري غاردن".
وباتت المجموعتان مهددتين بالإفلاس في ظل ديونها الطائلة.
وأي إفلاس قد تكون له انعكاسات فادحة على النظام المالي في الصين، فضلا عن عواقب متعددة مثل عدم إنجاز أعداد من المساكن وانتهاك حقوق العديد من الدائنين والمورّدين وعمليات تسريح موظفين وعدم تمكن آلاف الصينيين من استرجاع أموالهم.
وتزيد هذه الظروف من ريبة الصينيين وتثنيهم عن شراء مساكن جديدة.
من جهة أخرى، يعاني الاقتصاد الصيني من ضعف الطلب العالمي الذي يؤثر على الصادرات، ومن الصعوبات الداخلية التي تكبح إنفاق الأسر.
أي تدابير لتحريك الاقتصاد؟
تعطي بكين الأولوية لاعتماد تدابير حذرة ومحددة الأهداف عوض إقرار خطة إنعاش مكثفة ومكلفة، حرصا منها على الحفاظ على توازن ماليتها.
وكشفت السلطات في يوليو عن تدابير لتحفيز شراء الأدوات المنزلية والسيارات الكهربائية.
وأقرت بعد ذلك تسهيلات ضريبية للأسر والشركات بهدف دعم الاستهلاك.
وسعيا لتحفيز النشاط، خفض البنك المركزي نسبتي فائدة مرجعيتين على أمل حض البنوك التجارية على منح المزيد من القروض وبمعدلات فائدة أفضل.
غير أن القرارات الأبرز أعلنت الأسبوع الماضي في القطاع العقاري.
ففي سعيها لإنعاش هذا القطاع، قامت عدة مدن كبرى مثل بكين وشنغهاي وكانتون بخفض معاييرها من أجل الحصول على قرض لقاء رهن عقاري.
كما سمحت للذين يشترون أول مسكن لهم بمعاودة التفاوض على نسب الفوائد على قروضهم.
هل تكون هذه التدابير كافية؟
يشكك العديد من خبراء الاقتصاد في جدوى التدابير المتخذة.
وحذر مكتب غافيكال دراغونوميكس بأن "الاقتصاد لن ينهض إن لم تتحسن السوق العقارية".
والمشكلة برأي المحلل أرتور بوداغيان المتخصص في الاقتصاد الصيني لحساب مكتب "بي سي إيه"، أن الأسر "تتردد في الاقتراض والشراء رغم أن نسب الفوائد على القروض لقاء رهن عقاري في أدنى مستوياتها منذ 14 عاما".
وهو يرى أن خفض معدلات الفائدة لن يغير الوضع بصورة جوهرية لأن الأسر "تتوقع الآن تراجعا كبيرا في أسعار المساكن".
وبصورة عامة، يبقى الوضع الاقتصادي وعدم اليقين حياله العقبة الرئيسية بوجه انتعاش الاستهلاك.
وهذا ما يحمل الأسر بحسب المحللة ماغي وي من بنك "غولدمان ساكس" للأعمال، على إعطاء الأفضلية "للادخار على حساب الإنفاق أو الاستثمار".
أي توصيات يمكن تقديمها؟
يجمع خبراء الاقتصاد على التوصية باعتماد "خطة إنعاش" حقيقية.
وسبق أن واجهت الصين ظروفا شبيهة في أواخر العقد الأول من الألفية، حين أدت الأزمة المالية العالمية إلى إضعاف الاقتصاد الصيني، فاستثمرت اربعة آلاف مليار يوان (510 مليار يورو بسعر الصرف الالي) سعيا لتحفيز النشاط.
وأتاحت خطة الإنعاش الواسعة النطاق في ذلك الحين تطوير البنى التحتية من طرقات ومطارات وخطوط قطار سريع وغيرها، لكنها أدت كذلك إلى إقرار مشاريع غير مفيدة وزادت المديونية.
وتبدي السلطات حاليا تحفظا على اتباع نهج مماثل في ظل تدهور مالية الحكومات المحلية بعد ثلاث سنوات من الأزمة الصحية والإنفاق الطائل في إطار خطة "صفر كوفيد".
والرئيس الصيني شي جينبينغ الذي جعل من خفض المديونية إحدى أولوياته منذ وصوله إلى السلطة، هو من أشد معارضي الإنفاق الطائل.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات بكين الصين التضخم الاقتصاد الصيني الاقتصاد القطاع العقاري الاقتصاد العقارية الاستثمار الصين الاقتصاد الصيني نمو الاقتصاد الصيني تباطؤ النمو تباطؤ النمو العالمي بكين الصين التضخم الاقتصاد الصيني الاقتصاد القطاع العقاري الاقتصاد العقارية الاستثمار الصين أخبار الصين فی الصین
إقرأ أيضاً:
ترامب يهدد بالسيطرة على قناة بنما للحد من النفوذ الصيني
هدد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، خلال عطلة نهاية الأسبوع بإعادة السيطرة الأمريكية على قناة بنما، مشددًا على أن عقود تمويل التجارة الأمريكية لنمو الصين ونفوذها الاستراتيجي في الأمريكتين قد انتهت، وفقًا لتصريحات أحد المسؤولين المعينين حديثًا في إدارته.
وبحسب ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست قال ماوريسيو كلافر-كارون، الذي اختاره ترامب مبعوثًا خاصًا لأمريكا اللاتينية، إن الإدارات الأمريكية السابقة تركت “فراغًا في السيطرة والنفوذ في النصف الغربي من الكرة الأرضية".
إدارة ترامب السابقة وفتح الباب للصينعلى الرغم من الانتقادات للإدارات السابقة، لم تكن إدارة ترامب الأولى بعيدة عن هذه السياسات في عهده الأول، ركزت إدارته بشكل أساسي على قضايا الهجرة والعقوبات على فنزويلا، بينما قامت بنما بقطع علاقاتها مع تايوان وإقامة علاقات دبلوماسية مع الصين عام 2017، مما أتاح للصين دخولًا أكبر إلى مشاريع البنية التحتية في المنطقة.
تصريحات ترامب عن القناة و”الضرورة الأمنية”خلال منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وصف ترامب القناة بأنها “أصل وطني حيوي” للولايات المتحدة، وادعى أن “ملكية الولايات المتحدة وسيطرتها على غرينلاند” أيضًا ضرورية للأمن القومي الأمريكي ولـ”الحرية في جميع أنحاء العالم”.
وأعاد ترامب في تصريحات لاحقة الادعاء بأن الصين “تتحكم” في قناة بنما، ووعد بإجبارها على الخروج منها إذا عاد للرئاسة. وأضاف: “لا يمكننا السماح لهم بإدارة قناة بنما، نحن من بنى القناة، وكان يجب ألا تُسلم أبدًا إلى بنما”.
ردود أفعال بنما والصينفي خطاب متلفز، أكد الرئيس البنمي، خوسيه راؤول مولينو، أن “كل متر مربع من قناة بنما والمنطقة المجاورة لها ملك لبنما وسيظل كذلك”، كما أشار إلى معاهدات عام 1977 التي تنص على السيادة الكاملة لبنما على القناة.
من جانبها، نفت وزارة الخارجية الصينية أي سيطرة مباشرة أو غير مباشرة من قبل الصين على القناة، مؤكدة احترامها لسيادة بنما.
استثمارات الصين المتزايدة في البنية التحتية بأمريكا اللاتينيةمنذ 2017، فازت الشركات الصينية بعقود ضخمة لتنفيذ مشاريع بنية تحتية رئيسية في بنما، بما في ذلك محطات طاقة وسكك حديدية. وفي عام 2018، زار الرئيس الصيني شي جين بينغ بنما، بعد انضمامها إلى مبادرة الحزام والطريق.
الاتفاقيات الأمريكية البنمية: حيادية القناة تحت التهديد؟تاريخيًا، كانت القناة تحت السيطرة الأمريكية بموجب معاهدات أعطت الولايات المتحدة حقوقًا دائمة في المنطقة. لكن معاهدة الحياد الدائم لعام 1977، التي وقعتها الولايات المتحدة وبنما، تضمن بقاء القناة حيادية تحت ملكية بنما.
وفقًا لبعض النقاد، إذا تعرضت عمليات القناة لأي تدخل، فإن الولايات المتحدة وبنما لهما الحق “بشكل مستقل” باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة العمليات، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية.
تصعيد جديد أم تكتيك تفاوضي؟يرى بعض الخبراء أن تهديدات ترامب قد تكون مجرد تكتيك للتفاوض مع بنما على رسوم عبور السفن، والتي ارتفعت مؤخرًا بسبب الجفاف ونظام حجز جديد.
لكن هذه التصريحات تأتي في سياق أوسع من التوترات مع الصين، حيث زادت استثماراتها في البنية التحتية الحساسة في أمريكا اللاتينية.
على ما يبدو أن قناة بنما تعود لتكون محورًا في التنافس الجيوسياسي بين القوى الكبرى، مما يثير تساؤلات حول الاستقرار المستقبلي في المنطقة.