تجمعات مجهولة تسيطر على السوق السرى للتبغ وتحقق مكاسب خيالية
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
فى كل أزمة رابحون وخاسرون، وأزمة السجائر الأخيرة فى مصر حققت مكاسب لكثيرين، مثلما نتجت عنها خسائر ضخمة للبعض، وربما كان الخاسر الأكبر دائما هو المستهلك المصرى الذى يواجه غلاء هو الأعلى.
وقبل استقراء الحكاية، فإن هناك مؤشرات عديدة مهمة توضح لنا أهمية سوق التبغ فى مصر وأهمية كعكة التدخين أولها أن عدد المدخنين وفق بيانات إحصائية جرت فى 2021 تقترب من نحو 19 مليون شخص.
والمثير فى الأمر أن أعلى نسبة مدخنين فى المجتمع المصرى تقع فى الفئة العمرية بين 35 و44 سنة وتبلغ 22٪ من المدخنين، أما الفئة من 45 إلى 55 سنة فتبلغ نسبتها 21٪ من المدخنين.
وثانى المؤشرات تخص حجم الانفاق العام على السجائر فى مصر، فوفقا لبيانات العام المالى 2022 يبلغ ها الانفاق 17 مليار جنيه، وبسهولة يمكن احتسابها بقيمة مضاعفة فى العام الحالى نتيجة تحرك الأسعار.
ثالث مؤشر مهم هو أن جميع أصناف التبغ الداخل فى صناعة السجائر والمعسلات والأنواع الأخرى من وسائل التدخين مستوردة من الخارج بالعملة الصعبة.
والمثير فى الأمر أن الأزمة حدثت قبل وقت قصير من إتمام أكبر صفقة استحواذ فى مجال السجائر فى مصر، وهى استحواذ شركة «جلوبال للاستثمار المحدودة»، المملوكة لرجلى الأعمال الإماراتيين محمد العبار وأبوبكر عبدالله الحسيني، على 30% من أسهم الشركة الشرقية للدخان «إيسترن كومبانى» بقيمة 625 مليون دولار مع قيام المشترى بالتعهد بتوفير مبلغ 150 مليون دولار لشراء المواد التبغية اللازمة للتصنيع.
وبموجب الاتفاقية تحتفظ الشركة القابضة للصناعات الكيماوية بحصة قدرها 20.9% من رأسمال الشركة الشرقية، وهى شراكة استراتيجية تسهم فى تطوير هذه الصناعة وتحقيق الاستقرار للسوق والمحافظة على حقوق العاملين.
وعودة للأزمة فإن الواضح حتى الآن أن أسبابها مجهولة رغم تصريحات المهندس هانى أمان رئيس الشركة الشرقية للدخان التى حاول فيها نفى أى نقص فى الانتاج مكررا بأن هناك تجارا قاموا بافتعال الأزمة وتخزين كميات من السجائر تحت تصور تحريك أسعارها بسبب تبدلات سعر صرف الدولار.
ففى تصور هؤلاء أن كل ارتفاع فى سعر صرف الدولار فى السوق الموازية يؤدى بالضرورة إلى ارتفاع سعر السجائر لأن كافة مستلزماتها مستوردة بالعملة الصعبة من الخارج.
لكن على الجانب الآخر هناك من يشير إلى أن وجود نقص بالفعل فى سوق السجائر نتيجة عدم تدبير الدولار لاستيراد كميات من التبغ وهو ما أدى بالضرورة إلى نقص انتاج السجائر اليومى لدى الشركة والبالغ 270 مليون سيجارة يوميا. ونتيجة هذا النقص ارتفع السعر الخاص بالسجائر الكليوباترا، والسجائر الشعبية الأكثر شيوعا، وبدأ هذا الارتفاع تدريجيا من 24 جنيها إلى 30 جنيها ثم 35 جنيها ثم تواصل الارتفاع يوما بعد الآخر حتى بلغ نحو 58 جنيها للعلبة منتصف شهر أغسطس الحالي.
وبشكل واضح فإن تراجع الانتاج المحلى أدى إلى دخول وسطاء وتجار غرباء قاموا بادخال كميات كبيرة ونوعيات غريبة ومجهولة المصدر من السجائر المهربة إلى مصر، والتى لا تخضع منتجاتها لأى رقابة أو تفتيش صحى مما يشير إلى استخدام نوعيات متدنية جدا فى الجودة للتبغ، فضلا عن دخول كميات من التبغ السائب للفه فى سجائر يدوية وهو ما حمل تغيرا كبيرا فى أنماط الاستهلاك لدى المدخنين.
ويمكن القول بأن هناك فئتين من الرابحين من الأزمة الأخيرة أولهما التجار والوسطاء الذين يقومون بتخزين سجائر الشركة الشرقية ويمارسون تعطيشا للسوق لرفع أسعار مختلف النوعيات وبيعها بشكل سري، وهؤلاء حققوا خلال الأزمة مكاسب وهمية خاصة وأن نسبة الربح الفعلية تجاوزت مئة في المئة.
والفئة الثانية هم هؤلاء المهربون الذين يقومون بادخال سجائر مهربة من الخارج ومعظمها نوعيات يونانية وقبرصية وصينية، فضلا عن سجائر مصنوعة عشوائيا فى مصانع بئر السلم حيث يتم لف التبغ الرديء المهرب بأوراق لف مستعملة، وطرحها بأسماء غريبة، مثل وينستون، ماليبو، كابيتال،كاريليا. وتوجد شبكات لهؤلاء المهربين خاصة فى الأقاليم، ويتم التعامل معهم تجاريا عبر قنوات ووسائل غير قانونية، لكنهم متواجدون فى السوق ومؤثرون.
وتشير دراسة اقتصادية حديثة إلى أن تكلفة تصنيع عبلة السجائر التى تباع بخمسة وعشرين جنيها لا تتجاوز سبعة جنيهات، وهو ما يعنى تحقيق أرباح تتجاوز الـ300٪، وهى أعلى من أرباح تجارة المخدرات، وأسرع دورنا لرأس المال، خاصة فى ظل الأزمة.
وثمة مكسب وحيد فى الأزمة يتمثل فى تصور البعض أن تؤدى الارتفاعات القياسية فى الأسعار إلى اقلاع بعض المدخنين عن التدخين.
وإذا كانت الأزمة قد بدأت فى الانحسار النسبى، نتيجة ضخ كميات أكبر من المعتاد فى الأسواق وتحرك بعض الجهات الرقابية فى محاولة السيطرة على الأسواق، فإن احتمالية تكرارها مرة أخرى أمر وارد خاصة أن الطلب على العملة الصعبة مازال قائما، وأن الفجوة بين الوارد من الدولار والمنصرف مازالت كبيرة، وهو تحدى صعب وكبير أمام الدولة المصرية بمختلف مؤسساتها خلال الشهور القادمة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ازمة السجائر صناعة السجائر الشركة الشرقية للدخان إيسترن كومباني القابضة للصناعات الكيماوية الشرکة الشرقیة فى مصر
إقرأ أيضاً:
رغم خطرها الصحي.. أعقاب السجائر تقاوم تلوث المجاري المائية
قد تكون أعقاب السجائر الخطرة على البيئة هي الحل لتنظيف مجاري المياه من الملوثات المعدنية الرئيسية، فلا تزال المعادن الثقيلة تشكل مشكلة في مجاري المياه لدينا، كما أن عواقب المعادن الثقيلة على البشر والكائنات الحية الأخرى مرتفعة للغاية أيضًا”.
توصلت الدكتورة إلسا أنتونيس، المحاضرة في الهندسة الميكانيكية في جامعة جيمس كوك وفريقها، إلى أن الفحم الناتج عن تحلل أعقاب السجائر حرارياً في غرفة خالية من الأكسجين يزيل حوالي 53% من النحاس و95% من النيكل أثناء التجارب المعملية باستخدام مياه الصرف الصحي المحاكاة.
تم توفير أعقاب السجائر من قبل مؤسسة “لا مزيد من أعقاب السجائر” الخيرية لمكافحة هدر السجائر.
إزالة المعادن الثقيلة من مجاري المياه وفقًا لدراسة جديدة أجرتها جامعة جيمس كوك ونشرت في مجلة Chemical Engineering Science . “في الوقت الحالي، يمكنك استخدام الكربون المنشط ، والذي يتم إنتاجه من الفحم، لإزالة المعادن الثقيلة من مجاري المياه لدينا، وهو ليس منتجًا صديقًا للبيئة.
ولكن إذا تمكنا من إنشاء هذا الاقتصاد الدائري حيث يمكننا جمع أعقاب السجائر هذه ، وتحويلها إلى فحم ثم استخدامها للتخفيف من التلوث، فسيكون ذلك أكثر استدامة”.
وقال الدكتور أنتونيس إنه في حين تم تحويل مجموعة من المواد الأخرى مثل الخشب والمواد الصلبة الحيوية في السابق إلى فحم حيوي لاستهداف الملوثات المختلفة في مياه الصرف الصحي، فقد أثبتت الآن فعاليتها في إزالة المعادن الثقيلة.
وقالت “كانت نتائجنا مثيرة للاهتمام للغاية ويمكن تطبيقها على نطاق صناعي”، “إن التركيب الكيميائي للفحم سيكون له تأثير في إزالة الملوثات، لذلك عندما نقوم بتصنيع الفحم، فإننا نفكر في الملوث الذي نريد إزالته ثم نختار المادة الخام الأكثر ملاءمة لذلك.
وأضافت “ولكن ما وجدناه أيضًا هو أننا قادرون على التحكم في ظروف الإنتاج للحصول على مسام مختلفة، أو مساحة سطحية، للفحم، والتي يمكن استخدامها لاستهداف ملوثات مختلفة.”
اختبار الفحم المستخرج من السجائر على ملوثات مختلفة
وقد أظهر عمل الدكتور أنتونيس باستخدام الفحم نتائج واعدة بالفعل، بعد أن عمل سابقًا مع مجلس مدينة تاونزفيل لإزالة الفوسفور والنيتروجين من المجاري المائية باستخدام الفحم المصنوع من المواد الصلبة الحيوية.
وقالت إن فريقها حريص الآن على اختبار الفحم المستخرج من السجائر على ملوثات مختلفة من أجل قياس مدى فعاليته مقارنة بأشكال أخرى من الفحم.
وقالت أحد طلابي في مرحلة الماجستير يعمل على إزالة المواد الصيدلانية من مياه الصرف الصحي، لذا يمكن أن يكون هذا استخدامًا محتملاً آخر”.