محو الامية كهدف تنموي مستدام…ماذا يعني..؟
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
#محو_الامية كهدف تنموي مستدام…ماذا يعني..؟
ا.د #حسين_محادين*
(1)
لم تعُد الامية قراءة وكتابة اولوية قصوى في مسيرات جل بلدان هذا العالم ، وربما الشرعية الدولية التي تتغنى به اولوية للاسف، فمنذ منتصف القرن الماضي تقريبا (1946) اطلقت اليونسكو اليوم العالمي للتحصيل ومحو هذه الامية رغم انها من اولويات حقوق الإنسان في التعليم والصحة، لكن الواقع المعيش عالميا للآن يشير الى وجود تقدم بطيء جدا بهذا الخصوص كما تشير الاحصاءات الدولية “اليونسكو” والعربية الصادرة عن منظمة ألالسكو-المنظمة للعربية للتعليم والتنمية عموما.
(2)
ان المسافة الحضارية بين أبناء وبنات دول المركز العالمي الغربي وبين ابناء الدول النامية من حيث مستوى المعيشة ، فالتعليم وحده هو المنجم الانساني المستدام الذي بوسعه ان ينقل حياة فقراء ولغات التعليم في مجتمعات الهامش الدولي الى مكانة رفيعة تليق بحقوقها الانسانية المرتجاة للآن..فالتعليم الابجدي هو القاعدة الاساس لتحقيق مؤشرات العدالة، والتطور للشعوب النامية الاكثر امية وامراض حياتية بالتأكيد.
( 3)
ان ابرز تحديات التنمية البشرية التي تواجه مجتمعاتنا المهمشة بعيد ظهور سطوة العولمة، وهي المجتمعات ذات القاعدة السكانية الشابة من الجنسين هي:-
ا- ان الفىات العمرية دون سن الخامسة عشر مازالت تعاني من آفات الامية الابجدية.
ب- أن هذه الامية تصيب المرأة بشكل صارخ واقعا ونسب مئوية هي الاعلى من بين أميي العالم.
ج- الامية بدرها تعني ضمنا تدني مستويات الواعي بحقوق الذات الفردية والجماعية ترابطا مع ارتفاع نسب سوء القرارات الحياتية والانتاجية لدى هؤلاء بالترابط مع نمو التطرف وصعوبة المنافسة في سبيل الحصول على فرص كريمة لعيشهم كحق طبيعي لهم في ظل تغول سطوة المتنفذين افرادا ودول في اسواق العولمة الهادفة الى الاعتماد على قانون انتخاب الاقوياء علما وانتاجية فقط كوسيلة جشعة لجني الارباح ومراكمتها بعيدا عن الالتفات الصادق الى فقراء التعليم ومهارات التعامل مع التكنولوجيا في هذا العالم المعاصر.
د-لاشك ان تدني مخصصات التعليم الاساسي لاسيما في الدول النامية مقارنة مع ما تنفقه هذه الدول على شراء الاسلحة والحروب البينية التي تؤججها وتغذيها دول المركز الغربي المعولم انما تحرم الكثير من فقراء العالم النامي من نيل حقوقهم في التعليم والمنافسة في العمل وزيادة الانتاجية بالمجمل…وهذا ما نحن بحاجة الى تصويبه وطنيا وامميا .
فكل يوم عالمي9/9 من كل عام لمحو الامية والعالم بانتظار…فهل نطمح ان نتبنى جميعا خططا تنموية متسارعة لمحو الامية وصولا لتعديل واقع الجهل الابجدي المرّ رغم اننا في القرن الواحد والعشرون..؟ تساؤل مفتوح على العمل والحوار المؤسسي والتنموي الذي يستثمر في الانسان كقيمة عُليا باستمرار…؟؟.
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
ربيع السنوار
د. إبراهيم بن سالم السيابي
لا ندري إذا كان البعض يتذكر ما أطلق عليه الربيع العربي وثورات الربيع العربي، وهي حركات احتجاجية سلمية ضخمة انطلقت في بعض البلدان العربية خلال أواخر عام 2010 ومطلع 2011، وما تبعها من أحداث وسقوط لبعض الأنظمة العربية، وكذلك إجراء بعض الإصلاحات في بعض الدول والتي قوبلت بالاستحسان من شعوب بعض الدول، ولسنا هنا بصدد تقييم نتائج هذه الأحداث ولا حتى الخوض في أسبابها.
نحن اليوم بصدد الحديث عن ربيع آخر ولكنه ربيع سنطلق عليه ربيع السنوار، السنوار هذا القائد الفلسطيني، الذي ينسب إليه التخطيط والتفنيذ لطوفان الأقصى ، والذي قضى شهيدًا وهو يدافع لآخر رمق عمَّا أعتقد أنه لن يناله إلّا بالقوة، كما أخذ بالقوة، استشهادًا بقول الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر عندما قال "ما أحذ بالقوة لا يسترد إلّا بالقوة"، في خضم كفاحه ضد إسرائيل.
السنوار، لم يفاوض لأجل العيش مرفهًا في إحدى العواصم هو وأسرته مع حصوله على الأرصدة الضخمة من النقود في حسابه، ضامنًا لحياته وحياة أسرته؛ بل ظل على خط النار يقود المعارك في مقدمة الصفوف طالبًا للحرية والكرامة مهما كلف الأمر، ورحل عن هذه الدنيا جسدا وبقي رمزا، ليس لأبناء بلده فحسب، ولكن للعالم اجمع، خاصة عندما تناقلت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي اللحظات الأخيرة لاستشهاده وهو يرفع يديه معلناً بأن الأبطال تظل أيديهم مرفوعة مع الحق والشرف والأمانة.
فما هو ربيع السنوار؟
1- وضع للعالم أجمع معادلات جديدة للعلاقات بين الشعوب، فلم يعد ينطوى على أحد كلام العلاقات المنمق عن العلاقات التاريخية والمصالح المشتركة بين البلدان، فجميع العلاقات تبنى من أجل مصالح الشريك الأساسي والمصلحة معه ولتترك العلاقات والمصالح المشتركة جانبا فلم يعد لها قيمة في هذه المعادلات.
2- أسقط كبرياء بعض الدول التي كانت تتغنى بقيادة العالم، وأن كلامها هو الفصل في العالم وأنها تهيمن بقوتها وجبروتها على هذا العالم، فالأحداث والعدوان على غزة بعد طوفان الأقصى، فضح هذه الدول ومن في صفها، فا هي دولة العدوان تمضي في غيها وجرائمها التي لم يسبق لها مثيل وعلى مرأى من العالم أجمع، دون حتى الاكتراث برأيها؛ بل إنه ألزمها بتقديم كافة وسائل الإسناد والمساعدة بالتالي المشاركة مع هذا الكيان في جرائم حرب الإبادة التي تتنهج قتل المدنين العزل من الأطفال والنساء العزل.
3- اظهر حالة الانفصام بين القيادة والشعوب الذي يعيشه هذا العالم الذي يدعى التقدم والديمقرطية، والذي طالما اتهم بلدان العرب بهذه التهم، حيث تتظاهر شعوب هذه الدول ضد حرب الإبادة وتتطالب بإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المتمثلة في إقامة دولة مستقلة على أراضيه، بينما تقف قيادات هذه الشعوب مع هذا الكيان رغما عن إرادة هذه الشعوب.
4- وأد حلم التطبيع مع هذا الكيان الغاصب بدون حداد، فهذه الرغبة كانت لا تخص الشعوب بل كانت بعض القيادات السياسية، وحتى في رغبة هذه القيادات الآن في المضي في هذا الأمر فإنهم لن يجدوا أي متطبع من هذه الشعوب فقد قضي الأمر والشعوب العربية مع فرقتها مع تنوع أفكارها وأختلاف توجهاتها لن تضع يدها مرة أخرى مع هؤلا القتلة المجرمين.
5- أعاد للشعوب العربية روح القومية العربية التي ربما، قد كانت نائمة في قلب كل عربي ولكنه لم يمت بالرغم الفرقة بالرغم التشرد، بالرغم ما يحاط به من مؤامرات من الداخل والخارج، ولكن يبقى العربي الأصيل ودمه ووجدانه يثور، عندما يتعرض أخوانه إلى الظلم أو تتعرض مقدساته للتدنيس، فيعود ثائرا، فلمدة عام كامل وهو يتسمرون أمام شاشات التلفاز يتابعون الأحداث في كل وسيلة، ولسان حالهم يلهج بالدعاء بأن ينصر الله المقاومة ويخفف عن أهل غزة معاناتهم.
6- أطلق آخر رصاصة في نعش، من كان يروج لاختلاف المذاهب والفرقة وفضح أمر أولئك الذين كانوا يعزفزن على وتر التفرقة، فظهرت لأول مرة أقوال المشايخ وقادة هذه المذاهب وهم ينبذون الفرقة ويدعون الى توحيد الصف والجماعة، وأن صراع هذه الأمة صراع الحق ضد الباطل وهو صراع وجود وصراع عقيدة.
7- أعاد اسم دولة فلسطين إلى العالم أجمع، وليس اعترافاً بدولة فلسطين في الأمم الممتحدة وكذلك اعتراف عدة دول أخرى بدولة فلسطين إلا نتائج هذا الربيع، حيث كان اسم هذه الدولة وقضيتها العادلة ليست في طي النسيان.
8- السنوار وهو يرفع في آخر لحظات حياته يده اليسرى يقاوم ويرمي طائرة العدو، بينما اليد الأخرى مضرجة بدماء طلبِ الحرية، أعاد صياغة مفاهيم هذا العالم وذكر شعوبها، بقيمة الأوطان وتراب الأوطان وأن لاقيمة لحياة الإنسان دون وطنه واستعادة أرضه المحتلة من الغير.
9- نبه السنوار في ربيعه بضررورة مراجعة الموسسات الدولية، وإعادة قراءة القانون الدولي مرة أخرى؛ بل إعادة تدريسه في المؤسسات الأكاديمة بصيغة مختلفة وإعادة صياغة بنوده من جديد.
10- أخيرًا كتب السنوار آخر رسائله للعالم العربي، بأن العربي مهما بلغ من الضعف، ومهما بلغ من قلة الحيلة، فإنه قد يسترجع أيامه وتاريخه عندما يتذكر بأنه يدافع عن شرفه وعن كرامته وأن التاريخ لا يسجل في صفحاته ولا يتذكر إلا من يدافع عن أمته وشعبه ووطنه، فعليكم قراءة التاريخ من جديد.
في الختام.. نكتب، وأقلامنا تقطر دمًا على الشهداء في غزة ولبنان، شهداء هذا العدوان الوحشي الغادر، وتنفطر قلوبنا على أولئك المشردين والمحاصرين في غزة بلا طعام أو شراب أو مأوى أو علاج.
ندعو الله أن يكون في عونهم ويشد من أزر أولئك المقاتلين الذين يقاتلون من أجل الشرف والحرية وضد قوى البغي والعدوان، ويؤيدهم بنصره وليس ذلك على الله بعزيز.