خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf – خطبة عن حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه، باقتراب يوم الجمعة القادمة، يجد الكثيرون من الخطباء والأئمة أنفسهم مشغولين بالتحضير لخطبتهم، والتي ستتناول موضوعًا مهمًا وهو " عن حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه"، حيث ستركز هذه الخطبة على فهم معاني وأهمية هذا الاسم الإلهي الجليل في حياتنا اليومية وكيف يجب علينا أن نسعى لتجسيد رحمته في تعاملنا مع الآخرين وفي حياتنا الشخصية.

سيتم استعراض كيفية تعامل النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مع ربه، وكيف أن اسم الله الرحيم كان حاضرًا بشكل ملموس في سيرته النبوية العظيمة، سنستفيد من دروس حياته لفهم كيفية الاقتداء به في حياتنا اليومية وكيف يمكن لهذا الاسم الرباني أن يشكل تأثيرًا إيجابيًا على سلوكنا وتصرفاتنا، كما نأمل أن تكون هذه الخطبة فرصة لتوجيه أفكارنا نحو الله الرحيم ولتعزيز فهمنا لهذا الاسم العظيم وكيفية تجسيده في حياتنا.

تحميل خطبة الجمعة القادمة خالد بدير بعنوان "حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه" 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة خالد بدير بعنوان: حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه، بصيغة word.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf بعنوان "حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه".

عناصر خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf – خطبة عن حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf، تتناول خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf – خطبة عن حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه، ثلاثة عناصر رئيسية جاءت كتالي:

أولًا: حالُ النبيِّ ﷺ مع ربِّهِ قبلَ البعثةِ.

ثانيًا: حالُ النبيِّ ﷺ مع ربِّه بعدَ البعثةِ.

ثالثًا: الاقتداءُ والتأسيِّ بالنبيِّ ﷺ.

خطبة بعنوان: حالُ النبيِّ ﷺ مع ربِّهِ

بتاريخ: 23 صفر 1445هـ – 8 سبتمبر 2023م

المـــوضــــــــــوع

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة

أولًا: حالُ النبيِّ ﷺ مع ربِّه قبلَ البعثةِ.

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf ومكتوبة، لقد كانت حياةُ النبيِّ ﷺ قبلَ البعثةِ حياةً نقيةً طاهرةً محفوظةً مِن كلِّ شرٍّ وقبيحٍ، فكان ﷺ يتبعُ ما تهدِيه إليهِ الفطرةُ السليمةُ الصحيحةُ الخاليةُ مِن الأدرانِ، وما ألهمَهُ اللهُ بهِ، وهداهُ اليهِ وملأَ بهِ نفسَهُ وقلبَهُ، فكانتْ عبادتُهُ تفكرًا وتأملًا وتدبرًا في دلائلِ قدرةِ اللهِ وبديعِ صنعِهِ، واستنكارًا ورفضًا لِمَا عليهِ الناسُ مِن وثنيةٍ وشركٍ وضلالاتٍ، فقد حفظَ اللهُ تعالَى نبيَّهُ ﷺ مِن أفعالِ الجاهليةِ القبيحةِ فلم يصبْهُ منها شيءٌ، وفي ذلك يقولُ ﷺ: ” مَا هَمَمْتُ بِقَبِيحٍ مِمَّا يَهُمُّ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِنُبُوَّتِهِ ” .( ابن حبان والحاكم وصححه ).

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf ، فكان ﷺ لا يأكلُ ما ذُبِحَ على النُّصبِ، وحرّمَ شربَ الخمرِ على نفسهِ مع شيوعهِ في قومهِ شيوعًا عظيمًا، وذلك كلُّهُ مِن الصفاتِ التي يُحلِّى اللهُ بها أنبياءَهُ ليكونُوا على تمامِ الاستعدادِ لتلقِّى الوحي، فهم معصومُون مِن الأدناسِ قبلَ النبوةِ وبعدَهَا، أمَّا قبلَ النبوةِ فليتأهلُوا للأمرِ العظيمِ الذي سيُسندُ إليهم، وأمَّا بعدَهَا فليكونُوا قدوةً لأممِهِم، عليهم مِن اللهِ أفضلُ الصلواتِ وأتمُّ التسليماتِ.

كما كان ﷺ يحبُّ العزلةَ والخلوةَ مِن زمنِ طفولتِه إلى أنْ بعثَهُ اللهُ تعالى رحمةً للعالمين.

وقبيلَ مبعثهِ كان لا يرَى رؤيَا إلّا جاءتْ كفلقِ الصبحِ، أي واضحةٌ وصريحةٌ كوضوحِ ضوءِ الصباحِ وإنارتِه، أي أنَّها تتحققُ في اليقظةِ مثلَ ما يراهَا في المنامِ، فكان ذلك مقدمةً لنبوتهِ ﷺ.

تابع خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf ، تصورُ لنَا السيدةُ عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ رضي اللهُ عنها حالَ الرسولِ ﷺ مع ربِّه قبلَ البعثةِ بقولِهَا:” أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلاَءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ – وَهُوَ التَّعَبُّدُ – اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»، قَالَ: ” فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: 2] ” فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ»، قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ”.(متفق عليه).

وهكذا كان حالُ الرسولِ ﷺ مع ربِّه قبلَ البعثةِ عبارةً عن تفكرٍ وفطرةٍ سليمةٍ نقيةٍ واصطفاءٍ وخلوةٍ مع ربِّهِ تعالى .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة

ثانيًا: حالُ النبيِّ ﷺ مع ربِّه بعدَ البعثةِ.

لقد كانت حياةُ النبيِّ ﷺ بعدَ البعثةِ مليئةً بالطاعةِ والعبادةِ والتعلقِ باللهِ تعالى في جميعِ المجالات:

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf ، ففِي مجالِ العبادةِ: كان ﷺ أعبدَ الناسِ لربِّهِ، حتى بلغَ مقامَ العبوديةِ، يقولُ المولَى سبحانَهُ: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ }( الإسراء: 1)، وبهذه العبوديةِ وصلَ رسولُ اللهِ ﷺ إلى مكانٍ لم يصلْ إليه ملكٌ مقرّبٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ، بل كان رسولُ اللهِ يجتهدُ أنْ يصلَ إلى هذه العبوديةِ الحقةِ بقيامِ الليلِ حتى تورمتْ أقدامُهُ، حتى أشفقتْ عليه زوجُهُ عائشةُ- رضي اللهُ عنها- وقالتْ: يا رسولَ اللهِ هوِّن على نفسِك فأنتَ الذي غفرَ اللهُ لك ما تقدَّمَ مِن ذنبِكَ وما تأخر.. فقال:” يا عائشةُ، أفلَا أكونُ عبدًا شكورًا ؟!” (متفق عليه) .

فإذا كان الرسولُ ﷺ قد غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبهِ وما تأخر، ومع ذلك كان حريصًا على مقامِ العبوديةِ، فيقومُ مِن الليلِ حتى تتورمَ قدماهُ، فحرِىٌّ بنَا ونحن أكلتنَا الذنوبُ أنْ نقومَ للهِ قانتينَ عابدين.

وفي موقفٍ آخر، تروِي لنَا أمُّ المؤمنين عائشةُ- رضي اللهُ عنها- حالَ الرسولِ ﷺ مع ربِّه فتقولُ:” لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي، قَالَ لي ﷺ: «يَا عَائِشَةُ ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي» قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ، قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ، فَجَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؟، قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا، لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ، وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ … }» الْآيَةَ كُلَّهَا [آل عمران: 190]”. (ابن حبان بسند صحيح).

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf ـ وفي مجالِ الصيامِ: كان ﷺ يواصلُ الصيامَ لربِّهِ تعالى، واتبعَهُ الصحابةُ رضي اللهُ عنهم واقتدُوا بهِ في الوصالِ، فنهاهُم رحمةً ورأفةً بهِم وشفقةً عليهم، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ” نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟! إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ؛ فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ؛ فَقَالَ: لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ ؛ كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا ” ( البخاري ).

وفي مجالِ الاستغفارِ: كان ﷺ يستغفرُ ربَّهُ في اليومِ أكثرَ مِن سبعينَ مرةً، وقد غُفِرَ لهُ ذنبهُ المتقدمُ منه والمتأخرُ!! ونحن أكلتنَا الذنوبُ ولم نستغفرْ اللهَ بالمرةِ، يقولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:” وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً” (البخاري)، وفي رواية مسلمٍ مائة مرةٍ، فعن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ”.

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf ،وفي مجالِ الدعاءِ والتضرعِ لربِّهِ: كان ﷺ دائمَ الدعاءِ والتضرعِ إلى اللهِ تعالى ولا سيَّمَا في الحروبِ والغزواتِ، ففي غزوةِ بدرٍ وهي أعظمُ المعاركِ، يتركُ حبيبُنَا ﷺ الصفوفَ ويتوجَّهُ إلى ربِّهِ متضرعًا مبتهلًا داعيًا سائلًا واقفًا على أعتابِهِ لائذًا ببابِهِ!!! فعَن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ»، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [ الأنفال: 9] فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ، يقول ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ، فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ، كَضَرْبَةِ السَّوْطِ؛ فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ، فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «صَدَقْتَ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ»، فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ ”. (مسلم).

تابع / خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf

وحين رأىَ رسولُ اللهِ جندَ قريشٍ قالَ: ” اللّهُمّ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرِهَا ، تُحَادّك وَتُكَذّبُ رَسُولَك ، اللّهُمّ فَنَصْرَك الّذِي وَعَدْتنِي ، اللّهُمَّ أَحِنْهُمْ الْغَدَاةَ . ” (سيرة ابن هشام). فكانَ النصرُ حليفَ المسلمين.

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf ، وهكذا كان حالُ الرسولِ ﷺ مع ربِّهِ بعدَ البعثةِ عبادةً وصلاةً وصيامًا واستغفارًا وتضرعًا إلى اللهِ تعالى في كلِّ وقتٍ وحينٍ، ولقد بلغتْ رحمةُ الرسولِ ﷺ بأمتِهِ حدًّا لا يتخيلُهُ عقلٌ، حتى إنَّ الأمرَ وصلَ إلى خوفِهِ عليهِم مِن كثرةِ العبادةِ!! ومع أنَّ التقربَ إلى اللهِ والتبتلَ إليهِ أمرٌ محمودٌ مرغوبٌ، بل هو مأمورٌ بهٍ، لكنَّهُ ﷺ كان يخشَى على أمتِهِ مِن المبالغةِ في الأمرِ فيفتقدُون التوازنَ في حياتِهِم، أو يصلُ بهم الأمرُ إلى المَللِ والكسلِ، أو يصلُ بهم الحدُّ إلى الإرهاقِ الزائدِ عن طاقةِ الإنسانِ، لذلك رأيناهُ كثيرًا ما يُعرِضُ عن عملٍ مِن الأعمالِ، مُقرَّبٍ إلى قلبِهِ، محببٍ إلى نفسِه، لا لشيءٍ إلّا لخوفِهِ أنْ يُفرَضَ على أمتِه فيعنتهُم ويشقّ عليه؛ تقولُ أمُّ المؤمنينَ عائشةُ: “إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ”[البخاري ومسلم]، ولذلك كان كثيرًا ما يقولُ كلمةً: “لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي”، دلالةً على أنَّهُ يحبُّ الأمرَ، ولكنَّهُ يخشَى الفتنةَ على الأمةِ، فانظرْ كيف كان لا يخرجُ في كلِّ المعاركِ لكي لا يتحرَّجَ الناسٌ في الخروجِ في كلِّ مرةٍ، وكيف كان لا يؤخرُ صلاةَ العشاءِ إلى منتصفِ الليلِ، وكيف رفضَ الخروجَ إلى قيامِ الليلِ جماعةً في رمضانَ خشيةَ أنْ يُفرَضَ على المسلمين، وكيف تأخرَ في الردِّ على مَن سألَ عن تكرارِ الحجِّ في كلِّ عامٍ خشيةَ فرضِهِ بهذه الصورةِ على المسلمين، وهكذا….

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf ، ولذلك نهاهُم ﷺ عن صيامِ الدهرِ أبدًا أو قيامِ الليلِ أبدًا أو التبتلِ، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ ﷺ ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».(البخاري).

العنصر الثالث من خطبة الجمعة

ثالثًا: الاقتداءُ والتأسِّي بالنبيِّ ﷺ.

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf ، إنَّ الرسولَ ﷺ هو قدوتُنَا وأسوتُنَا في كلِّ أمورِنَا، مصداقًا لقولِهِ تعالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا } (الأحزاب: 21)، وهذه الآيةُ الكريمةُ أصلٌ كبيرٌ في التأسِّي برسولِ اللهِ ﷺ في أقوالِهِ وأفعالِهِ وأحوالِهِ، ولقد أرشدَ النبيُّ ﷺ صحابَتَهُ إلى أنْ يقتدُوا بهِ في أقوالِهِ وأفعالِهِ، ولا سيَّمَا في العباداتِ، فلم يُعِدْ مجلسًا لشرحِ أركانِ الصلاةِ وسنَنِهَا ومبطلاتِهَا كما نفعلُ الآن، وإنَّما قالَ: ” صلُّوا كمَا رأيتُمونِي أُصلِّي ” ( البخاري)، وفي الحجِّ قال ”خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ” ( مسلم).

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf ، ولذلك كان عمرُ – رضي اللهُ عنه- يقبلُ الحجرَ الأسودَ ويقولُ: «إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ»!! ( متفق عليه ).

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf ، ولشدةِ اقتداءِ الصحابةِ بهِ ﷺ اتبعُوهُ في خلعِ نعلِهِ أثناءَ الصلاةِ، مع أنَّ هذا الأمرَ خاصٌ بهِ– لعارضٍ- دونَ غيرِهِ. فقد أخرجَ أبو داودَ والحاكمُ والببهقيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي إِذْ وَضَعَ نَعْلَيْهِ عَلَى يَسَارِهِ فَأَلْقَى النَّاسُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الصَّلاةَ ، قَالَ: ” مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ ؟ “، قَالُوا : رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ فَأَلْقَيْنَا، فَقَالَ: ” إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ أَذًى فَمَنْ رَأَى – يَعْنِي – فِي نَعْلِهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُمَا ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا .”

أختمُ هذه الصورَ والمواقفَ في شدةِ التأسِّي والاقتداءِ بهِ ﷺ بموقفٍ رائعٍ لسيدِنَا عبدِاللهِ بنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما، فقد روي أنَّ الرسولَ ﷺ مرَّ على طريقٍ يومًا ثُم نزلَ مِن فوقِ ظهرِ ناقتِه، وصلَّى ركعتين، فصنعَ ابنُ عمرَ ذلك إذا جمعَهُ السفرُ بنفسِ البقعةِ والمكانِ، فَسُئلَ عن ذلك؟ فقال: رأيتُ الرسولَ ﷺ يفعلُ ذلك ففعلت!! بل إنَّه ليذكرُ أنَّ ناقةَ الرسولِ دارتْ بهِ دورتين في هذا المكانِ بمكةَ، قبلَ أنْ ينزلَ الرسولُ مِن فوقِ ظهرِهَا، ويصلِّي ركعتين، وقد تكونُ الناقةُ فعلتْ ذلك تلقائيًّا لتهيئَ لنفسِهَا مناخَهَا، لكنَّ عبدَاللهِ بنَ عمرَ لا يكادُ يبلغُ ها المكانَ يومًا حتى يدورَ بناقتِه، ثم ينيخَهَا، ثم يُصلِّي ركعتينِ للهِ.. تمامًا كما رأى المشهدَ مِن قبل مع رسولِ اللهِ ﷺ.

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf وهكذا يجبُ علينَا أنْ نتأسَّى بالرسولِ ﷺ في العبادةِ والطاعةِ، في الأخلاقِ والتعاملِ مع الآخرين، في الثقةِ باللهِ والتوكلِ عليهِ، في التضرعِ واللجوءِ إلى اللهِ تعالى، وبالجملةِ: في كلِّ حياتِنَا لنفوزَ بسعادةِ العاجلِ والآجلِ.

نسألُ اللهَ أنْ يجعلنَا رفقاءَ النبيِّ ﷺ في الجنةِ؛ وأن يحفظ مصرنا من كل مكروه وسوء؛؛

الدعاء،،،،،،، وأقم الصلاة،،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

قد يهمك: خطبة الجمعة القادمة خالد بدير – خطبة عن اسم الله الرحيم صوت الدعاة

وفي الختام ثقدمنا لكم خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf، خطبة الجمعة القادمة خالد بدير مكتوبة، خطبة الجمعة القادمة خالد بدير.

المصدر : وكالة سوا- وكالات

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم فی حیاتنا إلى الله رضی الله ا ر س ول ی الله ی مجال

إقرأ أيضاً:

ين عام "الأعلى للشئون الإسلامية" يلقى خطبة الجمعة من المسجد الكبير بمدينة خاسفيورت

ألقى الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خطبة الجمعة اليوم بعنوان : "أنت عند الله غال" من المسجد الكبير بمدينة خاسفيورت بجمهورية داغستان، في ضوء خطة وزارة الأوقاف وجهود الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف في مد جسور التعاون، وعلى هامش مشاركته في فعاليات المؤتمر والمنتدى الدولي العلمي بعنوان: "آليات تعزيز التعاون الدولي للحفاظ على القيم الروحية والأخلاقية التقليدية وتعزيزها"، الذي يُعقد في مدينة محاج قلعة، عاصمة جمهورية داغستان الروسية، في الفترة من 20 إلى 23 نوفمبر 2024.

أهالي شمال سيناء يهدون وزير الأوقاف لوحة فنية وعباءة سيناوية وزير الأوقاف من شمال سيناء يدعوا المصريين إلى التكاتف والوحدة وهذا نص خطبته : 

الجمع الكريم : ما وقفت في هذا المكان المبارك إلا محملا برسالة مباركة من الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف المصري تحوي في مبناها ومعناها قبسات من التكريم الأزلي للإنسان وأبجديات بنائه، تتوجه إليه في خطابها وندائها وعرفها وشذاها أيها الإنسان : ( أنتَ غال عند الله ) وهي عبارة نسجت خيوطها من إشراقات النور التي لا تُحدُّ بزمان،ولا تنتهى بمكان، ولا تََختصُّ بإنسان، وإنما قوام الحال إطلاق الخطاب ليتعلق بكينونات دين الله، وجوهر التشريع من خلال سمو العلاقة بين خالق ومخلوق، ورب ومربوب، وعابد ومعبود.

إن الإنسان إذا تنكر لمقتضيات الربوبية والألوهية حينًا من الدهر فهذا لا يُخرِجُه من كونه غال عند ربه وخالقه، هذا حديث النفس لمطلق النفس، لأجلها هبَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- واقفا حينما انتقلت إلى خالقها وباريها، وعندما سُئل -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك أحال إلى الإنسان مطلق الإنسان وكفى من الإنسانية معانى التكريم في مفاهيم دلالاتها: 
( أليست نفسًا ).. هذه ليست أيدولوجية قاصرةً وإنما مطلقيةٌ معبرة، ولعل المرجعيةَ هنا تكمنُ في أمرين :
الأول : قضية الاستخلاف والنيابة عن الله (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)
الثاني : مطلوب الحق من الخلق، وهو: عمارة الكون والحياة.(هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها)
أما الاستخلافُ فهو لإنسان غالٍ عند الله له قدمُ صدق عند خالقه ومولاه، خلقه بيده ثم نفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، و ألهمه رشده في حواريةٍ عجيبةٍ انتهت بأن ألقت الملائكةُ زمامَ العلم والعرفان في بحار التسليم: ( سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).

من أجل هذا كانت نوعيةُ التكريم بمفرداته وتفرداته: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، واختصاصُ التقويم: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) لتنتقل سامقُ المنزلة من معقولات المعاني إلى تمثلات السلوك مشاهدة وعيانا، والذي بموجبه كان خليفةُ الله في كونه، منشغلًا برسالته الأزلية عمارة الكون والحياة، ولأجل أنه غالٍ في مطلق إنسانيته كانت عمومية الخطاب: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ) ؛ التأصيل لوحدة النشأة والتكوين: ( خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى )؛ ولأنه غالٍ عند الله كان التنوعُ في الملكات والمواهب تكاملًا لا تناقضًا :( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا )،ولكي لا يُنتقص ممن استخلفه اللهُ في كونه لعمارته كانت العنديةُ الإلهيةُ في الأحكام لا تنصرف إلا لله : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) وما قصر العندية في الآية إلا لتحقق الصفاتٍ التي لا تليق إلا بجلاله وجماله فهو سبحانه العليم الخبير .. من أجل ذلك ليس للإنسان في خطاب العقول إلا التذكير والبلاغ : (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ) ( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ)، وإن قد تعلقَ الأمر يوما بأهداب قدرياتٍ في الخلقة تتقاصرُ دونها الإرادات، فليتساءل الإنسانُ بينه وبين نفسه: أتعيبُ الصنعة ؟ أم تعيبُ الصانع ؟! ومن ثم يكون الكمال الذي لا نقصان فيه:" وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون".

فلنتذكر تكريم الله لأفضل الخلق لديه.. الإنسان ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ )..تكريم لكل إنسان؛ فلا تخصيص ببقعة بعينها، أو جنس بعينه، أو طائفة بعينها.

وإنما سلام ؛ يحوى التعارف بين البشرية جمعاء، سلام أخبر به عن صحيح ديني تحمله نسائم الرحمة والإحسان من أرض الكنانة والمكانة إلى أرض داغستان، وأهتف مفاخرا به في أرض الله أنْ: (هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) نداءً كونيًّا يمتد إلى الطبيعة في شتى مجاليها؛ لأنها في مفهوم أهل الله كائنٌ له من حقيقة التسبيح ما يجعله ينتظم في سلك الأحياء، فما من شيء إلا يسبح بحمده، دالٌ بالحال والمقال على لمن خلقه وسواه، بيدَ أنَّ تنوعَ الأجناسِ يُورِثُ العجزَ في فقه التسبيحِ مع وجودِ حقيقته(وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).. أنت عند الله غالٍ نداءٌ للمحبة والتعارف يسري عبر الزمان من القاهرة إلى داغستان، يُحلِّقُ في سماءِ الإنسانيةِ بحديثٍ عن إنسانٍ هو مطلقُ الإنسان.. صُنعَ على عين الله في جوهر تكوينه.. فهو بنيانُ الله وملعون من هدم بنيان الله؛ ولأنه غال عند الله حمى عقله وحفظ عرضه وصان ماله وحفظ حياته، ومن قبلُ حفظ دينَهُ في أصل الاعتقاد؛ :( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ومن بعدِ الاعتقادِ الذى يخلوا من شوائب الجبر والإكراه أصبحَ كل عابد لله في خندقٍ واحدٍ لمواجهةِ الإلحاد.

مقالات مشابهة

  • ين عام "الأعلى للشئون الإسلامية" يلقى خطبة الجمعة من المسجد الكبير بمدينة خاسفيورت
  • خطبة الجمعة اليوم من شمال سيناء: الدكتور محمود مرزوق يكشف عن كلمات غالية قالها النبي لـ صحابي جليل.. ذوي الهمم مكرمون من الله ويتولى الدفاع عنهم
  • موضوع خطبة الجمعة اليوم.. «أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَال»
  • سنن يوم الجمعة.. من الاغتسال إلى الصلاة على النبي
  • حكم أكل البصل يوم الجمعة.. هل نهى النبي عن تناوله؟
  • لأئمة المساجد.. نص خطبة الجمعة مكتوبة اليوم بالأوقاف
  • نص خطبة الجمعة اليوم 22 نوفمبر 2024
  • صيغ الصلاة على النبي ﷺ يوم الجمعة
  • «أنت عند الله غالٍ».. نص خطبة الجمعة غدا 22 نوفمبر 2024
  • "أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ" موضوع خطبة الجمعة.. غداً