عربي21:
2025-02-16@21:24:53 GMT

عُمْرة البدل.. بين رفض الدعوة وحبس صاحبها

تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية، تطبيق قام صاحبه بنشره، عما يسمى بعمرة البدل، أن يقوم هذا الشخص وهو الداعية أمير منير، بالقيام بعمرة نيابة عنك، أو عن قريب لك، مقابل مبلغ مالي، ولم تهدأ وسائل التواصل وعقبت بشكل كثيف، وكانت معظم التعليقات تميل إلى الجانب السلبي برفض التطبيق، ورفض الفكرة من أساسها، ثم في يوم الأربعاء السادس من سبتمبر، تم إلقاء القبض على أمير.



وبين دعوته أو تطبيقه لما يسمى بعمرة البدل، وبين حبسه، جرى في النهر مياه أخرى، فمع رفض الكثيرين على التواصل الاجتماعي، وصدور تعليقات على الميديا، وقبيل إلقاء القبض عليه، خرجت بعض الفتاوى ضده، منها: فتوى عن دار الإفتاء، وفتوى عن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، وكلتاهما ضد التطبيق.

أما عن الجانب الفقهي في الموضوع، فهو موجود ومنصوص عليه في الكتب، من حيث الرأي والتوجه الديني، فهنا قضيتان: قضية النيابة في العبادة، وأخذ الأجر عن النيابة في العبادة، أما عن الأولى، فقد تحدثت فيها كتب الفقه، بناء على نصوص نبوية وردت في الموضوع، وبخاصة قضية الحج والعمرة، فأما عن النيابة عن القريب، فورد فيها المرأة التي سألت عن حجها عن أبيها، وأفتاها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

وأما عن النيابة عن غير الأقارب، فورد فيه حديث الصحابي الذي لبى في الحج، فقال: لبيك اللهم عن شبرمة، فسأله صلى الله عليه وسلم: من شبرمة؟ فقال: أخ لي، فقال صلى الله عليه وسلم: هل حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: فحج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة. فأخذ من أجاز النيابة عن القريب أو عموم المسلمين بهذا الحديث.

وأما عن الأجر عن العبادة، فهي أيضا قضية مختلف فيها، وبخاصة في إهداء الأجر لغيره، فالجائز هو أن يقوم الإنسان بالعمل الصالح، ثم يهديه لإنسان، قريب أو غيره، لكن أن يقوم إنسان بالطاعة بمقابل مادي، ثم يهديه لأحد، فمعظم الفقهاء يمنعه، والبعض يجيزه إن كان من باب الجعالة، أي: العطاء غير المشروط.

هذا هو الجانب الفقهي في الموضوع، ويمكن توضيحه ببساطة كما رأينا، لكن للموضوع جوانب أخرى، تتعلق بلماذا توجد مثل هذه الظاهرة؟ وهي ظاهرة تتبع ما يحدث في الحياة من تنميط وتسليع لكل ما في حياة الناس، فإذا كان البعض يلوم على أمير منير اليوم هذا التطبيق، فإن الذي جعل من الدعوة والعبادة نمطا اقتصاديا، هو ما أدخله أهل المال للربح في عبادة روحية كالحج والعمرة، بأن ينظم رحلة للحج والعمرة، ولكي يرغب الناس، ويزيد في سعره، يعلن أن الداعية فلان، أو الشيخ فلان المشهور، سيكون في الحملة، واعظا لها أو مفتيا، وتتنافس الحملات على جلب المشايخ والدعاة.

من المنطقي والطبيعي أن يقارن الناس بين مواقف المشايخ إفتاء أو تصريحا، في موضوع يتعلق بفرد، في عبادة فردية، بينما تلوذ هذه الجهة بالصمت التام عن ممارسات تتعلق بالمجتمع، وتهدر حقه، سواء فيما يتعلق بالأموات أو الأحياء.وكذلك كثير من الفضائيات التي ظهرت، كي تشاهد، كانت تجلب مشاهير الدعاة، ويكون فيها برنامج ديني، ولا بد من البحث عن رعاة للبرنامج، ثم بعد ذلك تحولت هناك فتاوى على الهاتف بالمقابل المادي، وأول من قام بذلك كان الشيخ خالد الجندي، ثم دخلت شركات الهواتف على الخط، بأن جعلت رنات الموبايل أدعية، بمقابل مادي، فالحياة تحولت من حولنا لهذا النمط في التعامل مع التدين والطاعة، ومن هذا المجتمع وهذه الانماط خرجت فكرة عمرة البدل، وستخرج أفكار أخرى.

المرفوض في الفكرة، هو تحويل العبادة التي أساسها ترقيق القلوب، والارتقاء الأرواح، إلى نمط وشكل، وفقدان ما فيها من قيمة سلوكية وتعبدية، تقرب القائم بها من الله تعالى، إلى أشياء روتينية، رغم حسن نوايا بعض القائمين على هذه الأمور، أو دافعهم إن كانت مقبولة أو مرفوضة.

إننا نرفض دعوة صاحب عمرة البدل، لأسباب علمية وموضوعية، والرفض أشد لإلقاء القبض عليه، فالرجل لم يقترف جرما، بل فعل ما اعتقد صحته، وعندما غضب الناس، قام بالاعتذار عن فعله، فالعجيب سرعة تحرك الأجهزة الأمنية في موضوعه، بينما الصمت والتباطؤ في قضايا أخرى تتعلق بالمواطنين.

بين دعوة عمرة البدل، وإلقاء القبض على صاحبها، خرجت الفتوى سريعة من دار الإفتاء، وهو ما جعل الناس تتعجب، إن على مسافة قصيرة من الدار مقابر تاريخية تهدم، والناس منذ شهور تصرخ فيما يفعل، ولا صوت للدار، ولها فتوى سابقة في الموضوع، حكم فيها مفتي مصر الدكتور شوقي علام، يتوعد من يقوم بذلك بحرب من الله، وكانت فتوى علام عن أشخاص عاديين يهدمون مقابر صالحين، فلما قام النظام بالهدم، سرعان ما سحبوا فتواه، رغم وجودها في سلسلة الكتب التي صدرت عن الدار فيها فتاوى دار الإفتاء المصرية.

وإذا كان الأزهر قد أصدر فتوى في موضوع عمرة البدل، إلا أن اللوم عليه في عدم تعرضه لهدم المقابر التاريخية، قد نجا منها، فإن تصريحا على لسان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، عن أهمية مثل هذه المقابر والواجب نحوها، قد رفع عنه الحرج، في هذه المسألة تحديدا.

من المنطقي والطبيعي أن يقارن الناس بين مواقف المشايخ إفتاء أو تصريحا، في موضوع يتعلق بفرد، في عبادة فردية، بينما تلوذ هذه الجهة بالصمت التام عن ممارسات تتعلق بالمجتمع، وتهدر حقه، سواء فيما يتعلق بالأموات أو الأحياء.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الديني دين موقف عبادات الحج البدل رياضة رياضة سياسة سياسة مقالات رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الموضوع عمرة البدل

إقرأ أيضاً:

الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: جاه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم (1)

اعتاد الناس أن يسألوا الله تبارك وتعالى متوسلين إليه بجاه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول أحدهم مثلاً: اللهم أسألك أن تقضى لى كذا بجاه النبى صلى الله عليه وسلم.فهل هذا الدعاء شرك كما يقول البعض؟! وما وجه الشرك فيه؟ وهل الأوْلى تركه؟ وهل يكفى لتركه أن نعلم أنه لم يرد عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟

لا بد أولاً من الوقوف على معنى (جاه النبى) صلى الله عليه وسلم، الجاه فى اللغة هو المنزلة والقَدر، يقال: لفلان جاه؛ أى: له منزلة وقَدر بين الناس، وجاه النبى صلى الله عليه وسلم منزلته وقدره عند الله تبارك وتعالى.

هذا هو المعنى اللغوى، ولا يوجد بين المسلمين أحد يمارى فى أن لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاهاً عظيماً عند الله تعالى.ولكن هل يجوز التوسل بجاه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى دعاء الله تبارك وتعالى؟ وهل ورد هذا عنه صلى الله عليه وسلم؟

أما عن السؤال الأول، فلا بد من الوقوف على المراد من قول الداعين: (بجاه النبى صلى الله عليه وسلم)، والمراد بهذا أمر جلى واضح، فالمعنى المباشر: أسألك اللهم وأتوسل إليك بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم لديك وقدره العظيم عندك.

وهذا شبيه بأن يسأل شخص أحد أقاربه أن يقضى له حاجة فيسأله بحق قرابته وما بينهما مِن رحِمٍ استعطافاً واستدراراً لإحسانه، وهذا قد ورد فى القرآن الكريم، قال الله تبارك وتعالى: «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ»، فقد قُرئت هذه الآية بجر كلمة (الأرحام)، والمعنى على قراءة الجر: اتقوا الله الذى تتساءلون به وبالرحِم فيما بينكم، فيقول بعضكم لبعض مستعطفاً: أسألك بالله وبالرحم أن تفعل كذا. وقد كان من عادة العرب أن يقرنوا الأرحام بالله تعالى عند الطلب، فيقول بعضهم لبعض: أسألك بالله وبالرحم.

ومعنى السؤال بالرحم أن السائل يُذكّر المسئول بشىءٍ له منزلة عنده يحمله على الجود والإحسان والرحمة والشفقة، والسائل هنا لا يتوجه للرحم بالسؤال، وإنما توجهه للمسئول، وليس ذِكر الرحم سوى وسيلة يستدرّ بها رحمة المسئول وإحسانه حتى يعطيه ما أراد.

والقرآن الكريم ذكر هذا ولم يبطله. ولو كان فى هذا أدنى غضاضة لأبطله القرآن الكريم.وإذا عدنا لما نحن بصدده، فسنجد أن الداعى هنا يتوجه لله تبارك وتعالى متوسلاً بمنزلة الحبيب، صلى الله عليه وسلم وقدره العظيم عنده سبحانه، وليس فى هذا توجه لغير الله سبحانه وتعالى بالدعاء، بل التوجه إليه وحدَه، فأين الشرك هنا؟!

البعض هنا يقول: التوسل يجوز بأن يتوسل الداعي بإيمانه بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بذاته أو جاهه!والحق أن المتوجه لله تبارك وتعالى بالدعاء متوسلاً بسيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هو مؤمن بالله رباً وبسيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، نبياً ورسولاً وبالإسلام ديناً، بدليل إقباله على الله تعالى، وإدراكه لعظم منزلة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولكن فى توجه الداعي بجاه النبي أدب ليس فى الدعاء بالإيمان!

نعم.. فالداعي بالإيمان يعتدّ بإيمانه ويرى أنه يستحق به الإجابة، فهو ناظر لنفسه، أما الداعي بالجاه فهو لا يرى نفسه أهلاً للإجابة، لذا فهو يدعو بجاه مَن هو أهل لها، فهو يتوسل بمن سيقبل الله تبارك وتعالى شفاعته فى الخَلق جميعاً يوم القيامة، وهذا أرجى للقبول، وفيه تواضع أكثر.

هذا أمر، وثَم أمر آخر، هو أن الدعاء بسيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أوْلى من الدعاء بمجرد الإيمان به صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن (الإيمان) معناه التصديق، والمؤمن بأي شيء مصدق به، فالمؤمن بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدق، والمؤمن بعدم إرسال رسول مصدق بذلك، كلاهما مُصدّق.

ولكن إيمان المؤمن بالله تعالى فضيلته أنه تصديق بنبي الله، صلى الله عليه وسلم، وهو الحق، فالفضل فى المؤمن به وليس فى مجرد الإيمان، فالدعاء إذن بالمؤمن به، صلى الله عليه وسلم، أولى من الدعاء بمجرد الإيمان، لأن هذا الإيمان لم يكتسب وجاهته إلا بكونه متعلقاً بسيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

مقالات مشابهة

  • هل يجوز الصيام بعد نصف شعبان لمن عليه قضاء الفائت من رمضان؟
  • داعية إسلامي: الحياة بكل ما فيها من اختبارات تحتاج إلى الصبر
  • الديمقراطي الكوردستاني: الدعوة للانتخابات إذا استمر الوضع على ما هو عليه
  • نصائح مهمة لدوام الصلاة والتغلب على التقصير فيها .. الإفتاء توضح
  • رسالة مفاجئة من مرتضى منصور لرئيس النادي الأهلي.. ماذا جاء فيها؟
  • على نهج الحوثي.. الإخوان يفرضون خطيباً بالقوة في جامع السنة في مدينة التربة بتعز
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: جاه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم (1)
  • إمام الحرم: الأعمال الحميدة تبارك حياة صاحبها وتخلد ذكره
  • حكم صيام يوم الجمعة منفردًا.. حالات يجوز فيها
  • ما هي التلال الاستراتيجية التي تنوي اسرائيل البقاء فيها؟