عربي21:
2025-03-16@07:05:33 GMT

عُمْرة البدل.. بين رفض الدعوة وحبس صاحبها

تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية، تطبيق قام صاحبه بنشره، عما يسمى بعمرة البدل، أن يقوم هذا الشخص وهو الداعية أمير منير، بالقيام بعمرة نيابة عنك، أو عن قريب لك، مقابل مبلغ مالي، ولم تهدأ وسائل التواصل وعقبت بشكل كثيف، وكانت معظم التعليقات تميل إلى الجانب السلبي برفض التطبيق، ورفض الفكرة من أساسها، ثم في يوم الأربعاء السادس من سبتمبر، تم إلقاء القبض على أمير.



وبين دعوته أو تطبيقه لما يسمى بعمرة البدل، وبين حبسه، جرى في النهر مياه أخرى، فمع رفض الكثيرين على التواصل الاجتماعي، وصدور تعليقات على الميديا، وقبيل إلقاء القبض عليه، خرجت بعض الفتاوى ضده، منها: فتوى عن دار الإفتاء، وفتوى عن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، وكلتاهما ضد التطبيق.

أما عن الجانب الفقهي في الموضوع، فهو موجود ومنصوص عليه في الكتب، من حيث الرأي والتوجه الديني، فهنا قضيتان: قضية النيابة في العبادة، وأخذ الأجر عن النيابة في العبادة، أما عن الأولى، فقد تحدثت فيها كتب الفقه، بناء على نصوص نبوية وردت في الموضوع، وبخاصة قضية الحج والعمرة، فأما عن النيابة عن القريب، فورد فيها المرأة التي سألت عن حجها عن أبيها، وأفتاها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

وأما عن النيابة عن غير الأقارب، فورد فيه حديث الصحابي الذي لبى في الحج، فقال: لبيك اللهم عن شبرمة، فسأله صلى الله عليه وسلم: من شبرمة؟ فقال: أخ لي، فقال صلى الله عليه وسلم: هل حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: فحج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة. فأخذ من أجاز النيابة عن القريب أو عموم المسلمين بهذا الحديث.

وأما عن الأجر عن العبادة، فهي أيضا قضية مختلف فيها، وبخاصة في إهداء الأجر لغيره، فالجائز هو أن يقوم الإنسان بالعمل الصالح، ثم يهديه لإنسان، قريب أو غيره، لكن أن يقوم إنسان بالطاعة بمقابل مادي، ثم يهديه لأحد، فمعظم الفقهاء يمنعه، والبعض يجيزه إن كان من باب الجعالة، أي: العطاء غير المشروط.

هذا هو الجانب الفقهي في الموضوع، ويمكن توضيحه ببساطة كما رأينا، لكن للموضوع جوانب أخرى، تتعلق بلماذا توجد مثل هذه الظاهرة؟ وهي ظاهرة تتبع ما يحدث في الحياة من تنميط وتسليع لكل ما في حياة الناس، فإذا كان البعض يلوم على أمير منير اليوم هذا التطبيق، فإن الذي جعل من الدعوة والعبادة نمطا اقتصاديا، هو ما أدخله أهل المال للربح في عبادة روحية كالحج والعمرة، بأن ينظم رحلة للحج والعمرة، ولكي يرغب الناس، ويزيد في سعره، يعلن أن الداعية فلان، أو الشيخ فلان المشهور، سيكون في الحملة، واعظا لها أو مفتيا، وتتنافس الحملات على جلب المشايخ والدعاة.

من المنطقي والطبيعي أن يقارن الناس بين مواقف المشايخ إفتاء أو تصريحا، في موضوع يتعلق بفرد، في عبادة فردية، بينما تلوذ هذه الجهة بالصمت التام عن ممارسات تتعلق بالمجتمع، وتهدر حقه، سواء فيما يتعلق بالأموات أو الأحياء.وكذلك كثير من الفضائيات التي ظهرت، كي تشاهد، كانت تجلب مشاهير الدعاة، ويكون فيها برنامج ديني، ولا بد من البحث عن رعاة للبرنامج، ثم بعد ذلك تحولت هناك فتاوى على الهاتف بالمقابل المادي، وأول من قام بذلك كان الشيخ خالد الجندي، ثم دخلت شركات الهواتف على الخط، بأن جعلت رنات الموبايل أدعية، بمقابل مادي، فالحياة تحولت من حولنا لهذا النمط في التعامل مع التدين والطاعة، ومن هذا المجتمع وهذه الانماط خرجت فكرة عمرة البدل، وستخرج أفكار أخرى.

المرفوض في الفكرة، هو تحويل العبادة التي أساسها ترقيق القلوب، والارتقاء الأرواح، إلى نمط وشكل، وفقدان ما فيها من قيمة سلوكية وتعبدية، تقرب القائم بها من الله تعالى، إلى أشياء روتينية، رغم حسن نوايا بعض القائمين على هذه الأمور، أو دافعهم إن كانت مقبولة أو مرفوضة.

إننا نرفض دعوة صاحب عمرة البدل، لأسباب علمية وموضوعية، والرفض أشد لإلقاء القبض عليه، فالرجل لم يقترف جرما، بل فعل ما اعتقد صحته، وعندما غضب الناس، قام بالاعتذار عن فعله، فالعجيب سرعة تحرك الأجهزة الأمنية في موضوعه، بينما الصمت والتباطؤ في قضايا أخرى تتعلق بالمواطنين.

بين دعوة عمرة البدل، وإلقاء القبض على صاحبها، خرجت الفتوى سريعة من دار الإفتاء، وهو ما جعل الناس تتعجب، إن على مسافة قصيرة من الدار مقابر تاريخية تهدم، والناس منذ شهور تصرخ فيما يفعل، ولا صوت للدار، ولها فتوى سابقة في الموضوع، حكم فيها مفتي مصر الدكتور شوقي علام، يتوعد من يقوم بذلك بحرب من الله، وكانت فتوى علام عن أشخاص عاديين يهدمون مقابر صالحين، فلما قام النظام بالهدم، سرعان ما سحبوا فتواه، رغم وجودها في سلسلة الكتب التي صدرت عن الدار فيها فتاوى دار الإفتاء المصرية.

وإذا كان الأزهر قد أصدر فتوى في موضوع عمرة البدل، إلا أن اللوم عليه في عدم تعرضه لهدم المقابر التاريخية، قد نجا منها، فإن تصريحا على لسان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، عن أهمية مثل هذه المقابر والواجب نحوها، قد رفع عنه الحرج، في هذه المسألة تحديدا.

من المنطقي والطبيعي أن يقارن الناس بين مواقف المشايخ إفتاء أو تصريحا، في موضوع يتعلق بفرد، في عبادة فردية، بينما تلوذ هذه الجهة بالصمت التام عن ممارسات تتعلق بالمجتمع، وتهدر حقه، سواء فيما يتعلق بالأموات أو الأحياء.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الديني دين موقف عبادات الحج البدل رياضة رياضة سياسة سياسة مقالات رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الموضوع عمرة البدل

إقرأ أيضاً:

قرأ كتابين.. وأفتى!

 

 

 

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

 

 

"الوصية لطلبة العلم أن يتفقَّهوا في الدين، وأن يتعاونوا على البِرِّ والتقوى، وأن يتواصوا بالحق والصبر عليه، وأن ينشروا العلم بين الناس، أينما كانوا" الشيخ ابن باز.

 

*****

لا شك أن طلب العلم أمر مفيد للإنسان، والتفكر بالتعلم والدراية والمعرفة، ولعل أهم العلوم التي يحسن البدء بها والتفكر بها ودراستها هي العلوم الشرعية، من خلال الدراسة والقراءة لطلبة العلم ومشايخه الثقات، وفي ذلك خير كثير للمسلم، إذ قال تعالى: "وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" (الأنعام: 155)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (مُتفق عليه).

وطالب العلم الشرعي من ذوي الثقة يرجع إليه العديد من الناس للسؤال عما يجهلون من أمور دينهم، وفي هذا فضل عظيم ففيه تيسير للناس ونشر للعلم بطريقة عملية، وبالطبع لن يأتي الناس إلا الموثوق به أخلاقيا و علميا ولا نزكي على الله أحدا، وهنا أركز على المكانة العالية التي يفترض أن يتبوأها طالب العلم الشرعي اجتماعيًا بين عامة الناس، وبما يكلفه ذلك من مسئولية جسيمة؛ حيث العديد من الناس يربط بعض أمورهم الهامة من أحوال خاصة وما يتعلق بالعبادات و كذلك في مسائل المواريث ومصالحهم الدنيوية كأعمال التجارة والتعاملات وفقا لأجوبة الشيخ طالب العلم حول الحلال والحرام في هذه الأمور، وحتى مع تطور وسائل الاتصالات ما تزال مكانة طالب العلم الشرعي راسخة.

إنما وبناءً على ما سبق ونظرًا لأهمية الفتوى أو المشورة الشرعية، فهنا يفترض وجود شيخ أو طالب علم على كفاءة في تقدير الموقف ذو الصلة ببعض الأمور، حتى تكون الفكرة لديه واضحة ومن خلال هذا الوضوح بإمكانه تحديد الصح والخطأ والحلال والحرام، أي يتحرى الصحة فيما يقول، ويقوم بقياس الوضع بشكل دقيق، حتى يتيقن من الإجابة عن أي سؤال أو طلب فتوى، أو يلجأ للاعتذار على طريقة كفى الله المؤمنين القتال، ويقول المثل الشائع: من قال لا أدري فقد أفتى!

طالب العلم الشرعي الموثوق والذي يجتهد لخدمة دينه وخدمة الناس من خلال إبداء المشورة الشرعية، تجده ينفتح على طل جديد من متطورات العلم والتكنولوجيا ووسائل العصر المعاصر، حتى تكون لديه نبذة و فكرة تامة عما يجري من تطورات وذلك من خلال تواصله مع المختصين حتى يستطيع ربط ما يحصل مع مسائل الشرع ويتتبع مُستحداث العلم أيضا من خلال المختصين الثقات، وهذا ديدن طالب العلم الشرعي، حتى تكون الأمور في محلها ومتثبتة وواضحة للجميع وحتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود عبر البحث العلمي البحث.

يتذكر المتابعون ما حصل عندما تم تحريم "الستالايت" في بداية ظهوره؛ بل ووصم من يضع الستالايت بمنزله بأبشع الصفات، وكذلك الهاتف النقال الذي به الكاميرا، وما حصل بشأنه، وأيضا ما حدث حول قيادة المرأة للسيارة وتبعات ذلك، لك أن تتصور طالب علم يحرم كل ما سبق ثم تجده يحللها بعد ذلك، ليس بسبب فتوى علمية شرعية، إنما بسبب قرارات حكومية أتاحت هذه الأمور للناس وأهمها قيادة المرأة للسيارة!

القصة ليست هكذا فقط؛ بل عندنا في الكويت هناك من يُحرِّم "القرقيعان" وهي عادة تتجدد في رمضان تتعلق بالأطفال؛ حيث يقوم الأطفال بالتجول عبر البيوت القريبة بأهازيج يغنونها حاملين أكياسا حيث يأخذون القرقيعان من أهل البيوت والقرقيعان عبارة عن حلويات ومكسرات متنوعة، وتوقيت هذه العادة في منتصف الشهر الكريم بعد صلاة التراويح. وحدث أنه في السنوات الماضية وحتى الآن على ما اظن أن بعض طلبة العلم الشرعي حرَّموا هذه العادة لأسباب عديدة، وأيضا العديد من طلبة العلم الشرعي اعتبروا الموضوع لا يخرج عن اللهو المباح، وما تزال الاختلافات حول ذلك!

طالب العلم الشرعي يفترض فيه سعة الأفق، وفهم الأمر الواقع وتطورات الحياة، و التيقن من أي مسألة بسؤال المختصين بها علميا حتى تتكون الصورة أمامه كاملة، لأن هناك الكثير من المسائل المعقدة التي تحتاج البحث من خلال مختصيها وعلمائها الثقات الذين يعينون طالب العلم الشرعي بإعطاء نبذة وفكرة واضحة لا لبس فيها، حتى يتمكن من خدمة دينه و تنوير الناس السائلين، ليس معقولا أن يأتي حديث عهد بالعلم الشرعي ويجيب عن المسائل الشرعية ذات الجدل، وبدون أساس علمي فقط بناء على قاعدة سد الذرائع ودرء المفاسد!

لا أن شك بلادنا تفتخر بطلبة العلم الشرعي الثقات، الذين كانوا وما يزالون هم شمعة الأمة ونبراسها، وهم القدوة للذين يقومون بخدمة الناس بمسائل دينهم، ويتعبون على التعامل مع المسائل المعاصرة لخدمة الدين والناس، نفع الله بهم وزادهم علما.

قال العلامة السعدي رحمه الله: "من تعلم علمًا، فعليه نشره وبثه في العباد، ونصيحتهم فيه، فإن انتشار العلم عن العالم من بركته، وأجره الذي ينمى".

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • هل هذا هو إسلامكم ؟
  • لماذا نصوم .. حسام موافي يوضح مفهوم العبادة في الإسلام
  • قرأ كتابين.. وأفتى!
  • أمير طعيمة: أضع ضوابط خاصة لاختيار الأعمال التي أشارك فيها .. فيديو
  • مشهد صادم.. كلبة تعض صاحبها 70 مرة في هجوم دام 45 دقيقة
  • شهر رمضان شهر العبادة والنضال
  • شاهد| لماذا اختار نبي الله إبراهيم عليه السلام بالتحديد عبارة {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي}[الشعراء:77]؟
  • من مقامات نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهو يسعى لهداية قومه.. الموقف الحاسم
  • من مقامات نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهو يسعى لهداية قومه.. التنوع في أساليب الإقناع
  • علماء يحددون “السن الحرجة” التي يبدأ فيها الدماغ بالتراجع