حي الخرطوم 2.. أحد أرقى الأحياء السكنية بالعاصمة السودانية، ويقع على مقربة من القيادة العامة للجيش السوداني ويفصله خط سكك الحديد عن وسط العاصمة، حيث مباني القصر الجمهوري ومقرات الوزارات السيادية

انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان طوال الساعات الماضية بمشاهد محزنة لحجم الدمار والخراب بحي الخرطوم 2، أحد الأحياء السكنية الشهيرة في العاصمة السودانية.

وفي التفاصيل، كشفت صور متداولة بكثافة على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، بوضوح شديد، الحالة المأساوية للمباني والمتاجر والمرافق الخدمية بحي الخرطوم 2 العريق، جرّاء احتدام المعارك والقصف المدفعي والصاروخي والجوي العنيف منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالخرطوم منتصف أبريل الماضي.

ويُعد حي الخرطوم 2، واحداً من أرقى الأحياء السكنية بالعاصمة السودانية، ويقع على مقربةٍ من القيادة العامة للجيش السوداني، ويحده شرقاً شارع إفريقيا المؤدي إلى مطار الخرطوم الدولي، وغرباً حي الخرطوم 3، وجنوباً حي العمارات، ويفصله خط سكك الحديد عن وسط العاصمة، حيث مباني القصر الجمهوري ومقرات الوزارات السيادية.

ويُؤكِّد أحد مواطني الحي لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”، عدم وجود أرقام دقيقة عن حجم الدمار، إلا أن عدد المنازل التي تعرّضت للهدم بسبب القصف ليست قليلة، هذا بالإضافة لاحتراق وتدمير جزءٍ كبيرٍ من سوق الحي، وذكر أن الحي المتاخم للقيادة العامة للجيش تعرّض لاحتلال كامل من قوات الدعم السريع منذ بدء الحرب وحتى الآن، وأشار إلى أن الغالبية العُظمى من المحال التجارية والشركات والمنازل تعرّضت للنهب والسرقة.

بدوره، يقول مواطن ثان لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” بكلمات مُـؤثِّرة تبكي الحجر، قد تبدو تلك الصور عادية بالنسبة للعالم، لكنها ليست كذلك بالنسبة للسودانيين، لأنها الواقع الجديد وسط الخرطوم، ورغم مرور أشهر، لا تزال تلك المشاهد رمزاً لهذه الحرب اللعينة، وشاهداً على أقسى معاركها التي دمّـرت العاصمة، وهجّرت سكانها.

ما يجدره ذكره أن الحي السكني العريق أُنشئ إبان الاستعمار البريطاني للسودان وبالتحديد في أربعينيات القرن الماضي، وظل لزمان طويل سكناً لكبار رجالات الدولة وأشهر القادة السياسيين والاقتصاديين ورجال الأعمال ورجال السلك الدبلوماسي.

كما ضم الحي ولا يزال العديد من المقرات الدبلوماسية كالسفارة الهولندية، النرويجية، الإيطالية، بالإضافة إلى مقر إقامة السفير الأميركي بالخرطوم، وتخلل الحي عدة حدائق وميادين عامة.

ومن أشهر سكان الحي المذكور رئيس الوزراء الأسبق، وأحد رموز الاستقلال، السياسي والمحامي والأديب ذائع الصيت محمد أحمد المحجوب (1908 – 1976)، ويعتبر منزل المحجوب الكائن هناك، قيمة أثرية وتاريخية، إذ شهد أحداثاً شهيرة، منها المصالحة التاريخية بين أكبر زعيمين في المنطقة العربية حينها، الراحليْن الرئيس المصري جمال عبد الناصر والعاهل السعودي الملك فيصل بن عبد العزيز عام 1967.

كما حظي المنزل في ذات التوقيت، بزوار وضيوف القمة العربية الشهيرة بـ”قمة اللاءات الثلاثة”. واستضاف كوكب الشرق أم كلثوم إبان زيارتها للخرطوم العام 1968.

ومن مشاهير الحي أيضاً، القطب السياسي والرياضي الدكتور عبد الحليم محمد أحد مُؤسِّسي الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، ورجل الأعمال داؤود عبد اللطيف، كما كان مقراً لزعيم الحزب الاتحادي ومرشد السجادة الختمية محمد عثمان الميرغني حتى مغادرته البلاد بعد استيلاء تنظيم الإسلاميين على السلطة بالسودان عبر انقلاب عسكري بقيادة البشير في 30 يونيو 1989، بالإضافة إلى الصحافي أحمد يوسف هاشم المُكنى بـ”أبو الصحف”.

العربية نت

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: حی الخرطوم 2

إقرأ أيضاً:

حصاد عامين من حرب السودان بالأرقام

الخرطوم- بعد عامين من الحرب في السودان، تبرز الخسائر البشرية والمادية التي ضربت مجالات الحياة وألقت بظلالها على الشعب السوداني ودفعت ملايين للنزوح من منطقة لأخرى أو مغادرة بلادهم.

ترصد الجزيرة نت بالأرقام تداعيات الحرب المستمرة التي اندلعت في منتصف أبريل/نيسان 2023، في العاصمة الخرطوم قبل أن تتمدد في ولايات الجزيرة وسنار وشمال النيل الأبيض وجنوب النيل الأزرق، ثم تتراجع نحو ولايات شمال كردفان وغربها وجنوبها وإقليم دارفور.

أرقام متضاربة

وثّقت وزارة الصحة السودانية مقتل 12 ألف مدني وصلوا إلى مستشفيات البلاد، وهو ما يمثل 10% فقط من إجمالي عدد القتلى في الحرب.

بينما تقول لجنة الإنقاذ الدولية إن عدد الضحايا جراء الحرب وصل إلى 150 ألف شخص، وهو رقم أعلى من الحصيلة المعلنة للأمم المتحدة التي تتراوح حول 20 ألف قتيل.

وأصدرت كلية لندن للصحة العامة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تقريرا كشف عن وفاة أكثر من 61 ألف شخص في الخرطوم وحدها منذ بداية الصراع في السودان وحتى يونيو/حزيران الماضي بزيادة بلغت نحو 50% عن معدل الوفيات قبل الحرب. ومن هؤلاء 26 ألف حالة وفاة نتيجة عنف مباشر متعلق بالحرب.

فتاة سودانية تطالب بوقف الحرب في احتجاج بأحد مخيمات النازحين شمال البلاد (الأوروبية) نزوح ولجوء

بمرور عامين على الحرب، قالت المنظمة الدولية للهجرة، الأسبوع الماضي، إن النزاع المسلح في البلاد أدى إلى نزوح أكثر من 11.3 مليون شخص.

إعلان

وشهدت البلاد نزوحا داخليا واسعا، حيث اضطر 8.6 ملايين شخص إلى مغادرة منازلهم داخل السودان، في حين فر 3.9 ملايين آخرين غالبيتهم عبر الحدود إلى الدول المجاورة.

وتوقع محمد رفعت، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، في حديثه للصحفيين عودة نحو 2.1 مليون شخص إلى الخرطوم في الأشهر الستة المقبلة، ويمثل النازحون من الخرطوم 31% من الذين غادروا مناطقهم في ولايات البلاد.

250 مستشفى خرجت عن الخدمة بعد أن طالها القصف أو الاشتباكات أو النهب (الأناضول) أضرار الخدمات

أعلنت وزارة الصحة أن الخسائر التي تكبدها القطاع الصحي نتيجة الحرب وصلت إلى نحو 11 مليار دولار.

وخرجت 250 مستشفى من أصل 750 مستشفى عن الخدمة بسبب الدمار الذي لحق بها، ونهب أجهزتها ومعداتها، مما حرم الملايين من الرعاية الصحية الأساسية.

وأورد تقرير رسمي أن 70% من المستشفيات والمراكز الصحية في ولايات الخرطوم ودارفور وكردفان، خرجت عن الخدمة، كما أدى القتال إلى خروج أكثر من 60% من الصيدليات والمخازن عن الخدمة، إما بالنهب أو التلف.

جامعة الخرطوم التي هجرها آلاف الطلاب بسبب الحرب (الجزيرة) التعليم

وفي مجال التعليم العالي، كشف تقرير رسمي اطلعت عليه الجزيرة نت أن نحو 120 جامعة وكلية حكومية وخاصة خصوصا في ولاية الخرطوم ينتسب إليها نحو نصف مليون طالب، خسرت بنيتها التحتية بصورة شبه كاملة. كما تعرضت 6 جامعات في الولايات للتخريب والتدمير منها 4 جامعات في دارفور.

أما في التعليم العام، فإن الحرب أخرجت أكثر من 17 مليون طفل من المدارس، وألقت بهم في مناطق النزوح واللجوء، ليضافوا إلى 6.9 ملايين طفل غادروا صفوف الدراسة قبل الحرب. قبل أن تستأنف المدارس نشاطها في الولايات الآمنة والتي أعاد الجيش السيطرة عليها في الخرطوم والجزيرة وسنار ومحليات في شمال كردفان والنيل الأبيض.

إعلان

عنف ومفقودون

خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر، يقول إن الإحصائيات الدقيقة حول أعداد المفقودين في السودان لا تزال غير متوفرة، لتباين الأرقام بين المصادر المختلفة.

بينما تقدّر المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات العدد بنحو 50 ألف مفقود، وثّقت منظمات حقوقية سودانية محلية ما لا يقل عن 3177 حالة، بينهم أكثر من 500 امرأة و300 طفل.

وبشأن العنف الجنسي، كشفت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة في السودان (حكومية) عن تسجيل 1138 حالة اغتصاب في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب وحتى فبراير/شباط الماضي من بينها 193 حالة بحق طفلات قاصرات.

وفي مارس/آذار الماضي أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" بأنها وثقت 221 حالة اغتصاب ضد الأطفال منذ مطلع العام الماضي، منهم 4 أطفال يبلغون عاما واحدا.

خسائر اقتصادية

حسب دراسة حديثة أعدتها جهات رسمية، فإن الدمار والخسائر التي تكبدها الاقتصاد السوداني جراء الحرب يُقدر بنحو 108 مليارات دولار.

وقدرت وزارة الزراعة والغابات خسائر القطاع الزراعي خلال عامي الحرب، بأكثر من 10 مليارات دولار. وتم تدمير ونهب الأصول الرأسمالية من معدات ميكانيكية وحركية وتخريب كل محطات البحوث الزراعية.

وكشف تقرير رسمي أن الدمار بسبب الحرب، والتدمير الممنهج والنهب من قوات الدعم السريع طال 90% من القطاع الصناعي؛ إذ تضررت 3493 منشأة صناعية موزعة ما بين منشآت متوسطة وكبيرة بولاية الخرطوم، بجانب ولايتي جنوب كردفان والجزيرة، ويعمل بالقطاع أكثر من 250 ألف عامل، وتقدر خسائر القطاع بحوالي 30 مليار دولار.

كما تم تقدير خسائر البنى التحتية العامة في قطاع الطيران المدني التي تشمل الأضرار الجسيمة في المطارات والطائرات الرابضة، وتدمير آليات الإسناد الأرضي، وأبراج المراقبة، وصالات الركاب، ومخازن البضائع، بحوالي 3 مليارات دولار.

إعلان

أما في قطاع الكهرباء والمياه، فقد تم تدمير ونهب محطات المياه في العاصمة والولايات، وتدمير عدد كبير من محطات توليد الكهرباء ومنشآت التحويل وأبراج الضغط العالي والمنخفض. وتقدر خسائر قطاع الكهرباء والمياه بنحو 10 مليارات دولار.

وبخصوص خسائر البنى التحتية العامة في قطاع الوزارات والمؤسسات تشمل إحراق وتدمير الوزارات والمصالح والمرافق الحكومية، والجسور والطرق فتقدر هذه الخسائر بنحو 10 مليارات دولار أيضا.

دمار واسع في الممتلكات الخاصة والعامة نتيجة الاشتباكات في الخرطوم (غيتي) القطاع الخاص

على مستوى خسائر القطاع الخاص والأهلي، فحسب الدراسة الحديثة نفسها، فقد تم تدمير ونهب كل الأسواق الرئيسية بولاية الخرطوم، وحرق الشركات الكبرى والصغرى ورئاسات وأفرع كل المصارف بالخرطوم والجزيرة وسنار ودارفور. وكذلك نهب وحرق وتدمير الفنادق الكبرى والمنشآت. وتقدر خسائر القطاع التجاري وقطاع السياحة والفنادق بنحو 15 مليار دولار.

وفيما يتعلق بمساكن المواطنين وممتلكاتهم الخاصة وسياراتهم، فيقدر أن حوالي 10 آلاف مسكن بولاية الخرطوم وحدها قد تم نهبها بالكامل بما فيها من أموال وذهب. وتدمير آلاف المنازل كليا أو جزئيا.

بينما يقدر عدد السيارات الخاصة التي استولت عليها قوات الدعم السريع بأكثر من 40 ألف مركبة مختلفة، وتقدر خسائر المواطنين الخاصة بنحو 10 مليارات دولار.

مقالات مشابهة

  • وزير الداخلية السوداني: نجحنا في تشغيل 91% من أقسام الشرطة بالخرطوم
  • وزير الداخلية يعلن تشغيل أقسام الشرطة بالخرطوم بنسبة 91%
  • اختفاء نيزك من متحف بالخرطوم في ظروف غامضة
  • السودان.. إعادة تشغيل 91% من أقسام الشرطة بالخرطوم
  • الانتشار الفوري| إعلان عاجل للداخلية السودانية يخص ميليشيات الدعم السريع
  • بالفيديو.. ملامح الغدر كانت واضحة.. شاهد ماذا كان يدور داخل منزل قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو بالخرطوم قبل يوم واحد من الحرب
  • حصاد عامين من حرب السودان بالأرقام
  • ما أفدح النصيحة عندما تصبح في كنف لائحة “فات الأوان”
  • شرطة حماية الحياة البرية تتأهب للإسهام بتطبيع الحياة في الخرطوم
  • وزير الداخلية يتفقد رئاسة قوات حماية الحياة البرية بالخرطوم