#لغتنا_الجميلة د. #هاشم_غرايبه
للقرآن الكريم فضل عظيم على اللغة العربية، فالبيان القرآني معجز لقول البشر، ولولا أن الله تعالى جعل العربية بهذه السعة والقوة، ما تمكنت من حمل كلامه، ويثبت ذلك مايراه من يتقن عدة لغات (من بينها العربية)، من فارق هائل في حمل المعاني المرادة، بين القرآن بلغته العربية، وبين الترجمات الى لغات أخرى.
وذلك لأن الله جل وعلا أراد أن يبهر قريشا بكتابه الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم، ويخرس ألسنتهم المعروفة بالفصاحة والبلاغة، فيوقنوا أنه ماكان للبشر الإتيان به، لذا فهو كلام الله حقا.
لهذا فالإعجاز البياني كان أهم إعجازات القرآن، ويلمسه من يعرف العربية في كل آية بلا استثناء، فكل من لا يراه فهو عمي القلب ولو كان بصره سليما، لذلك لا جرم أن يحشره الله يوم القيامة أعمى.
سأتناول جانبا واحدا من ذلك البيان، من خلال إطلالة على اللغة المستعملة في الحض على بر الوالدين.
أولاً: في قوله تعالى “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا” [الإسراء:23]، قرن بين عبادته وأمر محدد من الأعمال الصالحة وهي الإحسان الى الوالدين، لبيان أنها واجب مثل عبادته وليست اختيارا.
1 – الخطاب هنا عام موجه الى البشر جميعا، وليس للمؤمنين فقط، بدليل استعمال تاء المخاطب مع الفعل المضارع (تَعْبُدُوٓاْ)، والتي تفيد أيضا الاستمرارية والمداومة.
2 – واستخدامه تعالى لصيغة (ربك) في الإشارة الى ذاته العلية وليس (الله)، لأن الربوبية تفيد التربية والرعاية وتهيئة لوازم الحياة للإنسان، وفعل الوالدين الى ابنهما هو كذلك، بينما الألوهية تعني الإيجاد والقيادة والسيطرة، وهذه لا تناسب صفة الوالدين.
3 – كما أن استعمال صيغة إستثناء النفي جاءت للحصر، فلو جاءت (اعبدوا الله)، لكان من الممكن تفسيرها بعبادة الله وعبادة غيره معه.
4 – استخدام (الباء) وليس (الى) مع لفظة الوالدين، مع أن الإحسان يكون عادة الى الشخص وليس به، جاءت لتفيد الالتصاق والقرب الحميم، لكي يكون الإحسان ليس مجرد عطاء وتلبية طلبات، بل عن محبة وحنان وإشعار الوالدين بأن هذا الإحسان ليس عن تفضل ولا كرم، بل هو من الذات الى الذات.
والدليل على أن هذا المعنى مقصود، أنه جاء في كل المواضع في كتاب الله بهذه الصيغة: “قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” [الأنعام:151]، “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا” [العنكبوت:8]، “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” [النساء:36]، “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” [البقرة:83].
ثانيا: في دلالات استعمال القرآن للفظة الوالدين والأبوين، فمع أنهما يدلان على المعنى ذاته، لكن (الوالدين) لغويا هي مثنى مشترك للوالد والوالدة الأب، و(الأبوين) هي مثنى مشترك للأب والأم، وفي اللغة العربية إذا شمل المذكر والمؤنث في اللفظة، يقدم المذكر، لذلك يقال (الوالدان) وليس (الوالدتان) مع أن الأم هي التي تلد وليس الأب.
1 – من ضمن ما كرم الله به الإنسان عن سائر مخلوقاته هو ذلك الرابط القوي الدائم بين الأبناء وأبويهم، ففي الكائنات الحيوانية ليس هنالك من رابط مع الأب بل مع الأم ولفترة قصيرة، تنتهي حين يتدبر الأبناء أمورهم.
2 – نلاحظ استخدام الوالدين عندما يكون فضل الأم أسبق لأنها هي التي تحمل وتلد وترضع، وسمي الوالد والدا مع أنه لا يلد لأنه يكون اليه الانتساب ودوره في التهيئة والعناية والرعاية والتكفل بتدبير المعيشة.
3 – في القرآن كله، إذا كان الموضع فيه حض على البر جاءت الصيغة بالوالدين، لأن فضل الأم هنا أسبق، ولذلك جاء في الحديث الشريف حينما سأل رجل رسول الله ﷺ: من أحق الناس بحسن صحبتي؟، قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك”[متفق عليه].
أما في باقي المواضع مثل آيات المواريث والإخبار فجاءت بصيغة الأبوين، فقد جاء في سورة النساء قوله تعالى: “وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ”،- كما جاء في سورة الكهف: “وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ”.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: جاء فی
إقرأ أيضاً:
كيف نختم القرآن الكريم في شهر رمضان المُبارك
قراءة القرآن في رمضان من أجلّ الأعمال وأفضلها، فرمضان هو شهر القرآن، قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) البقرة/185.
وكان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن. رواه البخاري (5) ومسلم (4268).
وروى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن جبريل (كان يعْرضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعرضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ).
وشهر رمضان هو من أفضل الشهور في العام، لأنه الشهر الذي تتضاعف فيه الحسنات والثواب، لهذا يقوم المسلمين بالإكثار من قراءة القرآن الكريم وحفظه في شهر رمضان بشكل خاص.
وتتمثل أفضل طريقة لختم القرآن الكريم في أقصر وقت خلال الشهر الكريم في اتباع الخطوات الآتية:
لختم القرآن مرة واحدة فقط خلال شهر رمضان يجب قراءة 4 صفحات فقط من المصحف بعد كل صلاة. لختم القرآن مرتين خلال شهر رمضان الكريم يجب قراءة 4 صفحات قبل كل صلاة و4 صفحات بعد الصلاة. لختم القرآن 3 مرات خلال شهر رمضان الكريم يجب قراءة 6 صفحات قبل الصلاة و6 صفحات بعد الصلاة.وبطريقة حسابية، فإن عدد صفحات المصحف تبلغ 604 صفحات، وإذا قسمنا عدد الصفحات على عدد أيام شهر رمضان وهي 30 يوما، ثم تقوم بقسمة الناتج على 5 وهو عدد الصلوات اليومية، فتحصل على عدد الصفحات، كما بإمكانك ختم القرآن الكريم أكثر من مرة خلال شهر رمضان الكريم.
هذا ومن أحب الأعمال التي يجب أن يسعى إليها كل مسلم هي حفظ القرآن الكريم لأن حفظ القرآن له عظيم الآجر والثواب والفضل والنعمة التي تعم على حافظ القرآن الكريم سواء في حياته أو في آخرته.
وقد وضع علماء الفقه والشريعة نصائح تعين الشخص على حفظ القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك، تتلخص في:
يجب أن يكون حفظ القرآن الكريم هو الهدف الأول الذي يسعى إليه المسلم في شهر رمضان بجانب الصلاة والصوم. إخلاص النية لله تعالى والدعاء لله بالمساعدة والعون على حفظ القرآن الكريم. الحرص على ذكر الله تعالى في كل وقت وفي كل حين والإكثار من الاستغفار حتى يعين الله الإنسان على حفظ القرآن الكريم. عدم تحمل الإنسان فوق طاقته، لأنه لو ضغط الإنسان على نفسه في حفظ القرآن الكريم في وقت لا يستطيع فيه الحفظ فقد يأتي ذلك بنتيجة عكسية في حفظ القرآن الكريم. لا يجب اجتياز صفحة والدخول على الصفحة التي تليها إلا بعد التأكد من الحفظ الجيد الكامل لهذه الصفحة. عندما يقوم الإنسان بحفظ كتاب الله ننصحه بأن يتبع الترتيب في السورة الواحدة خاصة إن هناك الكثير من الآيات المتشابهة التي قد تؤدي إلى الخلط، لكن لو حفظ الشخص السورة كاملة بالترتيب سوف يسهل عليه التفرقة بين الآيات المتشابهة. يمكن للشخص أن يقوم بالاشتراك في حلقات تحفيظ القرآن الكريم التي تشجع الشخص وتعينه على الحفظ بشكل جيد. القيام بتجديد الوضوء كل ساعتين، لأن الوضوء يعمل على إنعاش الجسم وتجديد نشاط الجسم وبالتالي المساعدة على إعادة التركيز وإكمال الحفظ مرة أخرى. يجب الحصول على قدر كافي من النوم كل يوم في شهر رمضان حتى يستطيع الإنسان التركيز في الحفظ في الوقت الذي يكون مستيقظ فيه.