سواليف:
2025-01-30@23:13:03 GMT

#لغتنا_الجميلة

تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT

#لغتنا_الجميلة

#لغتنا_الجميلة د. #هاشم_غرايبه

للقرآن الكريم فضل عظيم على اللغة العربية، فالبيان القرآني معجز لقول البشر، ولولا أن الله تعالى جعل العربية بهذه السعة والقوة، ما تمكنت من حمل كلامه، ويثبت ذلك مايراه من يتقن عدة لغات (من بينها العربية)، من فارق هائل في حمل المعاني المرادة، بين القرآن بلغته العربية، وبين الترجمات الى لغات أخرى.


وذلك لأن الله جل وعلا أراد أن يبهر قريشا بكتابه الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم، ويخرس ألسنتهم المعروفة بالفصاحة والبلاغة، فيوقنوا أنه ماكان للبشر الإتيان به، لذا فهو كلام الله حقا.
لهذا فالإعجاز البياني كان أهم إعجازات القرآن، ويلمسه من يعرف العربية في كل آية بلا استثناء، فكل من لا يراه فهو عمي القلب ولو كان بصره سليما، لذلك لا جرم أن يحشره الله يوم القيامة أعمى.
سأتناول جانبا واحدا من ذلك البيان، من خلال إطلالة على اللغة المستعملة في الحض على بر الوالدين.
أولاً: في قوله تعالى “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا” [الإسراء:23]، قرن بين عبادته وأمر محدد من الأعمال الصالحة وهي الإحسان الى الوالدين، لبيان أنها واجب مثل عبادته وليست اختيارا.
1 – الخطاب هنا عام موجه الى البشر جميعا، وليس للمؤمنين فقط، بدليل استعمال تاء المخاطب مع الفعل المضارع (تَعْبُدُوٓاْ)، والتي تفيد أيضا الاستمرارية والمداومة.
2 – واستخدامه تعالى لصيغة (ربك) في الإشارة الى ذاته العلية وليس (الله)، لأن الربوبية تفيد التربية والرعاية وتهيئة لوازم الحياة للإنسان، وفعل الوالدين الى ابنهما هو كذلك، بينما الألوهية تعني الإيجاد والقيادة والسيطرة، وهذه لا تناسب صفة الوالدين.
3 – كما أن استعمال صيغة إستثناء النفي جاءت للحصر، فلو جاءت (اعبدوا الله)، لكان من الممكن تفسيرها بعبادة الله وعبادة غيره معه.
4 – استخدام (الباء) وليس (الى) مع لفظة الوالدين، مع أن الإحسان يكون عادة الى الشخص وليس به، جاءت لتفيد الالتصاق والقرب الحميم، لكي يكون الإحسان ليس مجرد عطاء وتلبية طلبات، بل عن محبة وحنان وإشعار الوالدين بأن هذا الإحسان ليس عن تفضل ولا كرم، بل هو من الذات الى الذات.
والدليل على أن هذا المعنى مقصود، أنه جاء في كل المواضع في كتاب الله بهذه الصيغة: “قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” [الأنعام:151]، “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا” [العنكبوت:8]، “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” [النساء:36]، “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” [البقرة:83].
ثانيا: في دلالات استعمال القرآن للفظة الوالدين والأبوين، فمع أنهما يدلان على المعنى ذاته، لكن (الوالدين) لغويا هي مثنى مشترك للوالد والوالدة الأب، و(الأبوين) هي مثنى مشترك للأب والأم، وفي اللغة العربية إذا شمل المذكر والمؤنث في اللفظة، يقدم المذكر، لذلك يقال (الوالدان) وليس (الوالدتان) مع أن الأم هي التي تلد وليس الأب.
1 – من ضمن ما كرم الله به الإنسان عن سائر مخلوقاته هو ذلك الرابط القوي الدائم بين الأبناء وأبويهم، ففي الكائنات الحيوانية ليس هنالك من رابط مع الأب بل مع الأم ولفترة قصيرة، تنتهي حين يتدبر الأبناء أمورهم.
2 – نلاحظ استخدام الوالدين عندما يكون فضل الأم أسبق لأنها هي التي تحمل وتلد وترضع، وسمي الوالد والدا مع أنه لا يلد لأنه يكون اليه الانتساب ودوره في التهيئة والعناية والرعاية والتكفل بتدبير المعيشة.
3 – في القرآن كله، إذا كان الموضع فيه حض على البر جاءت الصيغة بالوالدين، لأن فضل الأم هنا أسبق، ولذلك جاء في الحديث الشريف حينما سأل رجل رسول الله ﷺ: من أحق الناس بحسن صحبتي؟، قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك”[متفق عليه].
أما في باقي المواضع مثل آيات المواريث والإخبار فجاءت بصيغة الأبوين، فقد جاء في سورة النساء قوله تعالى: “وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ”،- كما جاء في سورة الكهف: “وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ”.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: جاء فی

إقرأ أيضاً:

عضو كبار العلماء: القرآن معجزة علمية تُدرك بالبصيرة

نظم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان "البلاغة القرآنية.. الإعجاز ورد الشبهات"، شارك فيها كل من فضيلة الأستاذ الدكتور محمود توفيق سعد، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، والدكتور عبدالحميد مدكور، أمين عام مجمع اللغة العربية، وأدارها الإعلامي عاصم بكري، وسط حضور لافت من رواد المعرض.


أكد الدكتور محمود توفيق سعد، أن معجزة القرآن الكريم تختلف جوهريًّا عن معجزات الرسل السابقين، التي اقتصرت على أحداث حسية مؤقتة، بينما جاء القرآن معجزةً علميةً معنويةً خالدةً، تُدرك بالبصيرة لا البصر، قائلاً: "من تشريف الله لهذه الأمة أن جعل معجزة نبيها كتابًا باقيًا إلى قيام الساعة، يُؤخذ علمه بالتفكر والتدبر، لا بمجرد المشاهدة".  

وأوضح أن العرب – وهم أهل الفصاحة – كانوا الأقدر على إدراك بلاغة القرآن، الذي نزل بلغتهم في عصر ذروة بيانهم، مشيرًا إلى أن دراسة بلاغة القرآن تنقسم إلى نوعين: دراسة للاقتناع بأنه كلام الله، ودراسة بعد الإيمان به لاستشراف معانيه والترقي في مدارج الإيمان، التي تبدأ بــ"الذين آمنوا" وتصل إلى "المؤمنين" عبر الجهاد الروحي والعلمي.

 
من جانبه، سلّط الدكتور عبدالحميد مدكور الضوء على العلاقة الفريدة بين القرآن واللغة العربية، مؤكدًا أن الله أعدَّ العربية عبر عدة قرون لتكون قادرةً على حمل أعظم النصوص بلاغةً وعمقًا، قائلاً: "تهيأت اللغة بثرائها ومرونتها عبر العصور لتعبِّر بدقة عن مكنونات النفس الإنسانية وجمال الكون، وتحمل أنوار القرآن التي لا تُسعها لغة أخرى".  


وأشار أمين مجمع اللغة العربية إلى أن العربية ظلت – بفضل القرآن – لغةً حيةً قادرةً على استيعاب كل جديد، مع الحفاظ على رصانتها، ما يجعلها جسرًا بين الأصالة والمعاصرة، ووعاءً لحضارة إسلامية امتدت لأكثر من ألف عام.


ويشارك الأزهر الشريف – للعام التاسع على التوالي – بجناح خاص في الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ضمن قاعة التراث رقم (4)، على مساحة ألف متر، تشمل أقسامًا متنوعة: قاعة ندوات، ركن للفتوى، ركن الخط العربي، وآخر للمخطوطات النادرة وورش عمل للأطفال، في إطار استراتيجيته لنشر الفكر الوسطي وتعزيز الحوار الحضاري.

مقالات مشابهة

  • ” الحِكمة ” في مشروع الشهيد القائد
  • عباس شومان: الفتوى صناعة صعبة وخطرة.. وليس كل من تخرج في الأزهر قادر على الإفتاء
  • الشهيد القائد وسيكولوجية الجماهير
  • عبدالحميد مدكور: العربية ظلت بفضل القرآن لغةً حيةً قادرةً على استيعاب كل جديد مع الحفاظ على رصانتها
  • أحمد الشاكر: بحري نظيفة وما تنسو تشغلو القرآن♥️
  • عضو «كبار العلماء»: اللغة العربية تهيأت على مدى قرون لتحمل أنوار القرآن
  • الأزهر في معرض الكتاب: القرآن معجزة خالدة تُدرك بالبصيرة.. واللغة العربية مُهَّدت قرونًا لحمل رسالته
  • عضو كبار العلماء: القرآن معجزة علمية تُدرك بالبصيرة
  • شهيدُ القرآن
  • أقوال الأسوياء.. ماذا قال مصطفى حسني عن شكر نعمة الستر