توجه قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان الخميس إلى قطر وفق ما أعلنه المجلس السيادي الانتقالي، في ثالث جولة خارجية له منذ اندلاع الأزمة السودانية قبل قرابة 5 أشهر.

وأضاف المجلس الذي يتولى البرهان رئاسته، أنه خلال الزيارة "سيجري البرهان مباحثات مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تتناول مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها والقضايا ذات الاهتمام المشترك وتطورات الأوضاع في السودان".

إقرأ المزيد البرهان إلى نيويورك على رأس وفد رفيع المستوى

وغادر البرهان من مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر في شرق البلاد، حيث المطار الوحيد الذي يعمل حاليا مذ اندلعت المعارك في 15 أبريل بين الجيش بقيادته وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.

وقطر هي المحطة الخارجية الثالثة للبرهان منذ بدء النزاع. وزار مصر في 29 أغسطس وأجرى مباحثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي حول تطورات الأوضاع في السودان والعلاقات الثنائية، ثم زار دولة جنوب السودان والتقى برئيسها سلفا كير.

وتأتي زيارات البرهان في ظل تقارير عن وساطات للتفاوض بينه وبين دقلو خارج البلاد سعيا لإيجاد حل للنزاع الذي تسبب بمقتل نحو خمسة آلاف شخص وتهجير 4.8 ملايين سواء داخل البلاد أو خارجها.

وكانت وساطات سعودية أمريكية أثمرت خلال الأشهر الماضية عن اتفاقات لوقف إطلاق النار، لكنها لم تصمد.

كما قادت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) مبادرة إقليمية لم تثمر أيضا.

ولا تظهر المعارك الميدانية أي أفق للحل، مع تواصل الاشتباكات بين الطرفين في مناطق عدة من البلاد.

وسجل الأربعاء نزوح مئات العائلات من إحدى ضواحي الخرطوم غداة مقتل 19 مدنيا فيها بقصف نفذه الجيش على مواقع لقوات الدعم السريع لكّنه أخطأ هدفه، بحسب ما أفاد ناشطون وسكان.

المصدر: أ ف ب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان

إقرأ أيضاً:

لماذا يدعم بعض الوطنيين الجيش المختطف بواسطة مليشيا الحركة الإسلامية؟ وما مدى مصداقية هذه الحجج في الواقع؟

في سياق الصراع السياسي والاجتماعي المعقد في السودان، نجد أن العديد من الوطنيين لا يزالون يدعمون الجيش، على الرغم من اختطافه الواضح من قِبل مليشيا الحركة الإسلامية. هذه المفارقة السياسية تثير تساؤلات عميقة حول دوافع هذا الدعم ومدى مصداقيته في ظل الواقع الحالي. لفهم هذه الظاهرة، من الضروري أن نلقي نظرة متأنية على الحجج التي يسوقها هؤلاء الوطنيون لتبرير موقفهم، وتحليلها من منظور نقدي لتقييم مدى صمودها أمام التحديات السياسية والاجتماعية في البلاد.

الحجج الرئيسية لدعم الجيش المختطف:

1. رؤية الجيش كمؤسسة وطنية: يعتقد البعض أن الجيش، رغم اختطافه من قبل الحركة الإسلامية، لا يزال يمثل مؤسسة وطنية يمكن الحفاظ عليها وتحريرها من الداخل. يدافع هؤلاء عن فكرة أن الجيش السوداني كان، عبر التاريخ، مؤسسة وطنية ذات دور أساسي في حماية البلاد ووحدتها. هذا الدعم ينبع من الرغبة في الحفاظ على هذه المؤسسة كإرث وطني يمكن إعادة تأهيله وتوجيهه نحو مسار يخدم المصلحة الوطنية.

2. الخوف من انهيار الدولة: يرى بعض الوطنيين أن الجيش، برغم كل عيوبه الحالية، هو آخر خط دفاع أمام انهيار الدولة السودانية بالكامل. تطرح هذه الحجة أن أي تفكك أو إضعاف للجيش قد يؤدي إلى انهيار كامل للدولة، على غرار ما حدث في دول أخرى كليبيا واليمن. بالتالي، يُفضل هؤلاء دعم الجيش على أمل الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار ومنع الفوضى أو تقسيم البلاد.

3. العداء للقوى المعارضة الأخرى: بعض الوطنيين لديهم عداء تاريخي مع القوى السياسية الأخرى المعارضة، مثل قوى الحرية والتغيير أو الحركات المسلحة. بالنسبة لهم، هذه القوى لا تقدم بديلاً وطنياً حقيقياً، بل يسعى بعضها إلى مكاسب سياسية أو شخصية على حساب الدولة. لذا، يتمسك هؤلاء بالجيش، حتى وهو مختطف، باعتباره المؤسسة التي يمكن أن تضمن توازناً في مواجهة هذه القوى.

4. الاعتقاد بإمكانية استعادة الجيش: يرى البعض أن الجيش السوداني، رغم سيطرة الإسلاميين عليه، يمكن تحريره واستعادته كمؤسسة وطنية إذا تلقى الدعم الكافي من الوطنيين. يُبنى هذا الاعتقاد على أمثلة تاريخية تشير إلى أن بعض الجيوش، التي اختُطفت في سياقات سياسية معينة، تمكنت لاحقاً من التخلص من هذا الاختطاف واستعادة دورها الوطني.

5. الحفاظ على وحدة البلاد: في نظر العديد من الوطنيين، يظل الجيش هو القوة الأساسية التي يمكنها ضمان وحدة البلاد. يعتقدون أن الجيش، حتى تحت السيطرة الحالية، يمثل عامل توازن يمنع تفكك السودان إلى كيانات صغيرة، وهو سيناريو يُخشى تكراره بعد تجربة انفصال جنوب السودان.

6. الضغط الإقليمي والدولي: يرتبط الجيش السوداني بقوى إقليمية ودولية توفر له الدعم المادي والسياسي. بعض الوطنيين يرون أن الحفاظ على علاقات جيدة مع هذه القوى من خلال دعم الجيش هو ضرورة استراتيجية، خصوصاً في ظل توازنات إقليمية معقدة يمكن أن تضع السودان في موقف ضعيف إذا ما سقط الجيش.

تحليل مدى مصداقية هذه الحجج في الواقع:

عند النظر في هذه الحجج من منظور نقدي، نجد أن مصداقيتها تتفاوت بشكل كبير في ظل الواقع السوداني المعقد:

1. رؤية الجيش كمؤسسة وطنية: هذه الحجة، رغم قوتها التاريخية، أصبحت تفتقر إلى المصداقية في السياق الحالي. اختطاف الجيش بواسطة الحركة الإسلامية منذ انقلاب 1989 حوّله من مؤسسة وطنية إلى أداة سياسية تعمل وفق أجندات ضيقة. الأدوار التي لعبها الجيش خلال العقود الماضية، سواء في قمع الانتفاضات الشعبية أو في التواطؤ مع الأنظمة الشمولية، جعلته بعيداً عن طموحات الشعب السوداني، مما يضعف من حجية هذه الرؤية بشكل كبير.

2. الخوف من انهيار الدولة: الخوف من انهيار الدولة قد يكون مبرراً، لكن الجيش في شكله الحالي لم يمنع حدوث الفوضى، بل في كثير من الأحيان كان جزءاً من المشكلة. دوره في تأجيج الصراعات في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان يُظهر أن وجود الجيش في هذا الشكل لم يكن ضمانة للاستقرار، بل على العكس، كان عاملاً مساهماً في عدم الاستقرار.

3. العداء للقوى المعارضة الأخرى: دعم الجيش بسبب العداء للقوى المعارضة الأخرى يعكس استقطاباً سياسياً حاداً، لكن هذا الدعم غالباً ما يكون قصير الأمد ويؤدي إلى تعميق الأزمة. الجيش، في حالته الراهنة، لا يمكن أن يكون بديلاً لأي قوى سياسية ديمقراطية، وأي دعم له على هذا الأساس يُعتبر هروباً من مواجهة التحديات الحقيقية التي تتطلب حواراً وطنياً شاملاً.

4. الاعتقاد بإمكانية استعادة الجيش: استعادة الجيش كمؤسسة وطنية يُعد من الناحية النظرية خياراً محتملاً، لكنه بعيد عن الواقع. تجربة العقود الثلاثة الماضية أظهرت أن الجيش السوداني لم يتمكن من التخلص من قبضة الإسلاميين، بل أصبح أكثر ارتباطاً بهم مع مرور الوقت. أي محاولة لتحرير الجيش دون تغييرات جذرية في هيكلته ستكون محكومة بالفشل، مما يجعل هذه الحجة ضعيفة من الناحية العملية.

5. الحفاظ على وحدة البلاد: الجيش، في حالته الحالية، لم ينجح في الحفاظ على وحدة البلاد، بل كان جزءاً من عوامل تأجيج الصراعات والانقسامات الداخلية. انفصال جنوب السودان مثال حي على أن الجيش السوداني، حتى وهو في أوج قوته، لم يتمكن من منع تقسيم البلاد، مما يشكك في قدرة الجيش الراهن على الحفاظ على وحدة ما تبقى من السودان.

6. الضغط الإقليمي والدولي: دعم الجيش من قِبل قوى إقليمية ودولية يُبنى على مصالح تلك القوى وليس على مصلحة السودان. أي اعتماد على هذا الدعم يجعل الجيش أداة لتحقيق أهداف خارجية وليس لتحقيق الاستقرار الداخلي، مما يُضعف من مصداقية هذا المبرر ويجعله رهيناً للتوازنات الإقليمية التي قد تتغير في أي لحظة.

يمكن القول إن دعم بعض الوطنيين للجيش، رغم اختطافه من قبل الحركة الإسلامية، يعكس حالة من التخبط السياسي والاستقطاب الحاد في السودان. الحجج التي يسوقها هؤلاء لدعم الجيش تفتقر في مجملها إلى المصداقية والواقعية، حيث أن الجيش لم يعد مؤسسة وطنية تمثل الشعب السوداني، بل تحول إلى أداة بيد قوى سياسية ضيقة. استمرار هذا الدعم سيعزز من حالة الجمود السياسي ويزيد من تعقيد الأزمة، مما يتطلب مراجعة شاملة للمواقف الوطنية تجاه الجيش في سياقه الراهن، والتركيز على إيجاد حل شامل ينهي حالة اختطاف الدولة بواسطة قوى سياسية وعسكرية تعمل ضد تطلعات الشعب السوداني.

hishamosman315@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • المبعوث الأمريكي إلى السودان يوجه دعوة لقوات الدعم السريع والجيش
  • لماذا يدعم بعض الوطنيين الجيش المختطف بواسطة مليشيا الحركة الإسلامية؟ وما مدى مصداقية هذه الحجج في الواقع؟
  • شاهد بالصور.. لماذا تحولت جسور الخرطوم إلى مفتاح للحسم العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؟
  • بالفيديو: الجيش السوداني يسيطر على شوارع بحري بعد معارك ضارية مع قوات الدعم السريع
  • رئيس حركة تحرير السودان يعلق على إرسال قوة أفريقية الى البلاد
  • البرهان لوفد مجلس السلم والأمن الإفريقي: السودان يواجه “استعمارا جديدا”
  • البرهان لوفد إفريقي: السودان يواجه “استعمارا جديدا”
  • تحرك أفريقي وأميركي لتسريع احتواء الأزمة السودانية
  • الجيش السوداني يتقدم وسط الخرطوم وقوات متحالفة معه تحقق انتصارات بدارفور
  • إنهيار مليشيا الدعم السريع في الخرطوم ودارفور