ياسمين فؤاد: التوافق والظروف الوطنية الخاصة هى أساس الموقف الوزاري الأفريقي
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة والمنسق الوزاري ومبعوث مؤتمر المناخ COP27، في الجلسة المغلقة في إطار انتهاء أعمال القمة الأفريقية للمناخ، للتوافق على الموقف الأفريقي فيما يخص البيان السياسي الختامي، مع وزيرات البيئة لكل من جنوب أفريقيا، وكينيا، ووزير البيئة بزامبيا، ومفوضية الاتحاد الأفريقي للبيئة، والبنية التحتية، تمهيدًا للتوقيع على إعلان نيروبي بالقمة الأفريقية للمناخ، والتي عُقدت خلال الفترة من 4 إلى 6 سبتمبر الجاري، بالعاصمة الكينية نيروبي.
وأوضحت وزيرة البيئة أن الجلسة تناولت مناقشات للتوافق حول الموقف الأفريقي فيما يخص البيان السياسي الختامي للقمة، عن أهمية دعم الموضوعات الخاصة بتمويل تغير المناخ ودعم الاستثمارات فى أفريقيا، وكذلك بحث آليات جديدة خاصة بتخفيض الدين عن الدول النامية.
وقالت الدكتورة ياسمين فؤاد إن ملامح البيان السياسى للقمة تضمن الثناء على استضافة مصر لمؤتمر المناخ COP27، وعلى الحدث التاريخى بإنشاء صندوق الخسائر والأضرار، كما حث على أهمية الانتهاء من إنشاء الصندوق، والخروج بالهدف العالمى للتكيف على أن يكون قابلًا للقياس.
وأضافت وزيرة البيئة أن البيان أوصى بإنشاء نظام جديد لتمويل المناخ والذى يأخذ فى الاعتبار الوضع فى أفريقيا، والترحيب بالتمويل الذى تم إطلاقه للتكيف من قبل شركاء التنمية فى جلسة التكيف مع المناخ.
وأشارت إلى تقدير البيان السياسي الختامي للقمة للجهود المبذولة من قبل دولة الإمارات حول الترتيبات الخاصة بمؤتمر المناخ COP28، والتأكيد على دعم أفريقيا للخروج بمخرجات طموحة وناجحة للمؤتمر.
كما طالب البيان السياسى المنبثق من القمة الأفريقية بتحقيق جميع توصيات ومخرجات مؤتمر المناخ COP27.
فى سياق متصل، أشارت الدكتورة ياسمين فؤاد إلى التحديات التي تواجه أفريقيا بسبب تغير المناخ والفرص المتاحة من العمل المناخي، حيث تشهد أفريقيا تحولات واضحة في أنماط الطقس، بما في ذلك التغيرات في توزيع هطول الأمطار وكثافته، وتكرار الظواهر المناخية الحادة، وتظهر آثار تغير المناخ في العديد من القطاعات، والتي تؤثر بشكل مباشر على مسارات التنمية في الدول الأفريقية، وتهدد استدامة سبل الحياة بشكلها المعهود.
وأوضحت وزيرة البيئة أن قطاع الزراعة يعد من القطاعات الحيوية فى أفريقيا، فهو يعد أساسا لتوفير الأمن الغذائي للقارة، حيث يؤثر تغير المناخ على تقليل إنتاجية المحاصيل وإنتاجية الماشية وتكاثرها، وزيادة الآفات والأمراض، والجفاف الشديد والفيضانات، وتلك الآثار تمس بشكل مباشر صغار المزارعين ، ولضمان الأمن الغذائي، تحتاج أفريقيا إلى تبني ممارسات زراعية ذكية مناخيا، مثل تحسين الري، وتنويع المحاصيل، وإدارة التربة، وأنظمة الإنذار المبكر، حيث تتمتع أفريقيا أيضاً بالقدرة على زيادة إنتاجيتها الزراعية وتجارتها من خلال تسخير أراضيها الصالحة للزراعة ومواردها المائية الشاسعة.
وفيما يخص التنوع البيولوجي بالقارة، أشارت الدكتورة ياسمين فؤاد إلى أن تغير المناخ يهدد التنوع البيولوجي لأفريقيا كموطن لنباتات وحيوانات غنية ومتنوعة، بما يؤثر على العديد من الأنواع والنظم البيئية، ووفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، قد تفقد أفريقيا ما يصل إلى (50%) من أنواع الطيور والثدييات بحلول عام 2100 إذا تجاوزت ظاهرة الاحتباس الحراري 3 درجات مئوية، ما يتطلب تعزيز الاستثمار في أفريقيا في جهود الحفاظ على البيئة، والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، وتعزيز التعاون بين البلدان والمناطق في هذا المجال.
وعلى مستوى الصحة؛ تحتاج أفريقيا إلى تعزيز أنظمتها الصحية، وتحسين القدرة على الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، وتعزيز مراقبة الأمراض والوقاية منها، وتعزيز الوعي المجتمعي والتعليم.
وأضافت وزيرة البيئة أن تغير المناخ يعد أحد العوامل المحفزة للتنقل البشري والهجرة داخل الحدود وعبرها، للبحث عن فرص أفضل أو للتكيف مع الظروف المتغيرة، أو الهروب الكوارث أو التدهور البيئي، حيث بلغ عدد النازحين داخليًا في أفريقيا 16.1 مليون نازح حتى نهاية عام 2020، الكثير منهم بسبب المخاطر المرتبطة بالطقس؛ ما يتطلب احترام حقوق وكرامة المهاجرين والنازحين، وتوفير المساعدة الإنسانية والحماية، وتسهيل الاندماج أو العودة، ومعالجة الأسباب الجذرية للضعف.
وأشارت وزيرة البيئة إلى أن العواقب الاقتصادية لتغير المناخ في أفريقيا كبيرة، وتتعرض الزراعة والسياحة والصناعات المعتمدة على الموارد الطبيعية للخطر بشكل خاص، كما أن انخفاض الإنتاجية الزراعية، وزيادة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الظواهر الجوية المتطرفة، يمكن أن تعيق النمو الاقتصادي وجهود التنمية.
ووفقا للبنك الدولي، قد يكلف تغير المناخ أفريقيا ما يصل إلى 3% من ناتجها المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.
من ناحية أخرى، يمكن أن يوفر تغير المناخ أيضًا فرصًا للابتكار والتنويع والتحول.
ولتحقيق التنمية المستدامة، تحتاج أفريقيا إلى اتباع مسارات منخفضة الكربون وقادرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، وتعمل على إيجاد التوازن بين الأهداف الاجتماعية والبيئية والاقتصادية.
كما تحتاج أفريقيا أيضًا إلى حشد التمويل الكافي والتكنولوجيا ودعم بناء القدرات من المجتمع الدولي.
وفيما يخص تدابير التكيف في أفريقيا، أكدت ياسمين فؤاد ضرورة اتخاذ تدابير استباقية للحد من نقاط الضعف وبناء المرونة في مختلف القطاعات لتحقيق التكيف مع الآثار الفعلية أو المتوقعة لتغير المناخ، بما يساعد في الحد من الآثار السلبية لتغير المناخ والاستفادة من الفرص المحتملة، لافتة لأهمية اتباع نهج التكيف المناسب لكل دولة؛ يضع في الاعتبار الاحتياجات والقدرات والفرص والتحديات المحلية، إلى جانب ضرورة توفير التمويل الكافي والتكنولوجيا والمعرفة والحوكمة والتعاون من جميع أصحاب المصلحة.
وتحدثت الوزيرة عن بعض المجالات الرئيسية لتدابير التكيف في أفريقيا، ومنها تعزيز الزراعة المستدامة والأمن الغذائي، من خلال انتهاج البلدان الأفريقية ممارسات زراعية ذكية مناخيا للتكيف مع الظروف المتغيرة، كاستخدام أصناف المحاصيل القادرة على التكيف مع الظروف المناخية، وتحسين تقنيات إدارة المياه، واعتماد أساليب الزراعة المستدامة، إلى جانب تعزيز البنية التحتية للري ودعم تعليم المزارعين وتدريبهم لبناء القدرة على الصمود في قطاع الزراعة.
كما يعد تحسين إدارة المياه أحد تدابير التكيف، من خلال تركيز البلدان الأفريقية على تحسين أنظمة إدارة المياه لمواجهة التحديات المناخية، لما فيها تطوير وتنفيذ خطط الإدارة المتكاملة للموارد المائية؛ والاستثمار في البنية التحتية للمياه مثل السدود والخزانات وشبكات الري وتجميع مياه الأمطار؛ وتعزيز الحفاظ على المياه وكفاءتها؛ وتحسين نوعية المياه والصرف الصحي، ما يساعد في تحقيق أقصى قدر من توافر المياه والحد من تأثير الجفاف.
ولفتت المنسق الوزارى أيضا إلى دعم التكيف القائم على النظام البيئي، كأحد تدابير التكيف في أفريقيا، من خلال حماية واستعادة النظم البيئية، بالحفاظ على الموائل الطبيعية واستعادتها مثل الغابات والأراضي الرطبة وأشجار المانجروف والشعاب المرجانية؛ وتعزيز الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية مثل الحياة البرية ومصايد الأسماك والمنتجات الحرجية غير الخشبية؛ وإشراك المجتمعات المحلية والشعوب الأصلية في إدارة النظام البيئي؛ وتقييم خدمات النظام البيئي في عملية صنع القرار.
كما تساعد استعادة الأراضي المتدهورة من خلال برامج إعادة التشجير على عزل الكربون والتخفيف من تغير المناخ، وأيضا تتضمن التدابير تعزيز التنمية منخفضة الكربون كاستراتيجية إنمائية تهدف إلى تقليل انبعاثات غازات الدفيئة مع تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية، بما يساهم التكيف مع تغير المناخ من خلال تعزيز أمن الطاقة، والحد من تلوث الهواء، وخلق فرص عمل خضراء، وتحفيز الإبداع.
وأشارت إلى بعض الأمثلة لخيارات التنمية منخفضة الكربون في أفريقيا، كالتوسع في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية والطاقة الحرارية الأرضية؛ وتحسين كفاءة الطاقة في المباني والنقل والصناعة والأجهزة؛ وتعزيز التحضر الأخضر والنقل العام؛ والحد من إزالة الغابات وتدهورها.
ولفتت مبعوث مؤتمر المناخ cop27 أيضا إلى أن بناء بنية تحتية قادرة على الصمود في مواجهة المناخ يعد أمرًا بالغ الأهمية لتقليل آثاره، حيث تعمل البلدان الأفريقية على دمج الاعتبارات المناخية في تخطيط البنية التحتية والاستثمار في أنظمة النقل المرنة، والبنية التحتية للطاقة، والتخطيط الحضري.
ويشمل ذلك بناء طرق مقاومة للفيضانات، وتعزيز المباني لتحمل الأعاصير والعواصف، ودمج مصادر الطاقة المتجددة.
هذا إلى جانب ضرورة تكيف النظم الصحية مع تغير المناخ من خلال تعزيز مراقبة الأمراض، وأنظمة الإنذار المبكر، وآليات الاستجابة، وتعزيز قدرة البلدان الأفريقية على إدارة المخاطر الصحية الحساسة للمناخ، مثل الأمراض المنقولة والأمراض المرتبطة بالحرارة، وتحسين البنية التحتية للرعاية الصحية، وتدريب العاملين في مجال الصحة، ورفع مستوى الوعي العام حول المخاطر الصحية المرتبطة بالمناخ.
وذكرت الدكتورة ياسمين فؤاد أن تعزيز الحد من مخاطر الكوارث من أهم تدابير التكيف، حيث يمكن أن تتسبب الكوارث مثل الفيضانات والجفاف والانهيارات الأرضية والعواصف في خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، خاصة بالنسبة للفقراء والضعفاء، لذا لا بد أن تعطي البلدان الأفريقية الأولوية للحد من مخاطر الكوارث لتقليل آثار الكوارث المرتبطة بالمناخ، بتطوير إنشاء وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر؛ وتحسين قدرات التأهب والاستجابة؛ وبناء قدرة المجتمعات المحلية والبنية التحتية على الصمود؛ ودمج الحد من مخاطر الكوارث في تخطيط وسياسات التنمية.
كما يساعد الاستثمار في البنية التحتية القادرة على الصمود في مواجهة المناخ وتعزيز التخطيط التنموي الواعي بالمخاطر في الحد من تعرض المجتمعات للكوارث.
وشددت على أهمية بناء القدرات المحلية وتبادل المعرفة واتباع أفضل الممارسات لتحقيق التكيف الفعال مع تغير المناخ، من خلال استثمار البلدان الأفريقية في برامج التدريب والبحوث ونشر المعلومات لتمكين المجتمعات وصناع السياسات والممارسين. وتسهل عمليات التعاون والشراكات الدولية تبادل المعرفة ودعم تنفيذ استراتيجيات التكيف.
أما فيما يتعلق بإجراءات التخفيف في أفريقيا، أوضحت وزيرة البيئة أن هناك العديد من المسارات ومنها؛ تطوير قطاع الطاقة المتجددة باستثمار البلدان الأفريقية بشكل متزايد في مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية والطاقة الحرارية الأرضية، بما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويساهم في أمن الطاقة والتنمية المستدامة، حيث يتم حاليا تنفيذ مبادرات مثل مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح واسعة النطاق، والشبكات الصغيرة، والحلول خارج الشبكة في جميع أنحاء القارة.
وأيضا مسار كفاءة استخدام الطاقة كأحد تدابير التخفيف المهمة في أفريقيا، باعتماد تكنولوجيات موفرة للطاقة، وتعزيز ممارسات الحفاظ على الطاقة، وتنفيذ معايير كفاءة الطاقة وبرامج وضع العلامات، وذلك في المباني ووسائل النقل والعمليات الصناعية، بما يقلل بشكل كبير من استهلاك الطاقة والانبعاثات المرتبطة بها.
وأشارت الوزيرة إلى تشجيع استخدام خيارات النقل المنخفضة الكربون كأحد إجراءات التخفيف المهمة، حيث تستثمر البلدان الأفريقية في أنظمة النقل العام، وتشجع وسائل النقل غير الآلية مثل ركوب الدراجات والمشي، وتعتمد أنواع وقود أنظف وتكنولوجيات المركبات، بالإضافة إلى تحسين التخطيط الحضري للحد من الازدحام المروري ودعم التنقل الكهربائي.
كما يلعب التشجير وإعادة التشجير دوراً مهما في التخفيف من تغير المناخ عن طريق امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وتقوم البلدان الأفريقية بتنفيذ برامج التشجير وإعادة التحريج لزيادة الغطاء الحرجي وتعزيز احتجاز الكربون، كما يتم متابعة الإدارة المجتمعية للغابات، وممارسات قطع الأشجار المستدامة، والمبادرات الرامية إلى الحد من إزالة الغابات وتدهورها.
وقالت الوزيرة إن تعزيز الممارسات الزراعية الذكية مناخيا يقلل من الانبعاثات الصادرة عن قطاع الزراعة مع تعزيز الإنتاجية والقدرة على الصمود، حيث من المهم أن تتبنى البلدان الأفريقية ممارسات مثل الزراعة المستدامة، وتحسين إدارة الثروة الحيوانية، حيث يمكن لهذه الممارسات أن تعزل الكربون في التربة، وتقلل من الانبعاثات الناجمة عن الثروة الحيوانية، وتعزز الإنتاجية الزراعية.
كما أشارت إلى دور إدارة المخلفات بشكل فعال في خفض الانبعاثات، من خلال تنفيذ البلدان الأفريقية استراتيجيات لإدارة المخلفات تشمل الحد من توليدها، وتشجيع إعادة التدوير والتسميد، وتحسين ممارسات معالجة المخلفات والتخلص منها، كما يتم حاليا استكشاف احتجاز غاز الميثان من مدافن المخلفات واستخدام الغاز الحيوي من المخلفات العضوية.
وشددت الوزيرة على دور الشراكات والتمويل الدولي في تعزيز قدرات القارة لتنفيذ إجراءات التخفيف الفعالة، من خلال الشراكات مع المنظمات الدولية ووكالات التنمية والقطاع الخاص لتنفيذ مشروعات ومبادرات التخفيف، حيث يعد الوصول إلى تمويل المناخ، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات أمرًا بالغ الأهمية لتوسيع نطاق جهود التخفيف. هذا إلى جانب مواجهة التحديات الأخرى مثل توفير التكنولوجيا، وسد الفجوات في القدرات المؤسسية، ووضع أطر سياسات داعمة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدکتورة یاسمین فؤاد البلدان الأفریقیة الطاقة المتجددة البنیة التحتیة تحتاج أفریقیا على الصمود فی تغیر المناخ فی أفریقیا التکیف مع إلى جانب من خلال الحد من
إقرأ أيضاً:
الانقسامات حول تمويل المناخ تتكشف مع اقتراب كوب29 من نهايته
باكو"وكالات": خرج الانقسام والسخط إلى العلن اليوم الخميس في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب29) في باكو بعد أن طرح مقترح لاتفاق مالي عالمي جديد خيارين مختلفين بينهما هوة واسعة دون أن يرضي أحدا.
والهدف الرئيسي لكوب29 هو الاتفاق على قيمة الأموال التي يجب على الدول المتقدمة الغنية أن تقدمها للدول النامية الفقيرة لمساعدتها في التصدي لتغير المناخ والجوع والفقر، وهو ما يمثل ركيزة أساسية في جهود الحد من الأضرار الناجمة عن ارتفاع درجات حرارة الكوكب.
لكن جهود التوصل إلى اتفاق للتمويل شهدت تحركا بطيئا في المؤتمر الذي تستضيفه عاصمة أذربيجان، وظهرت المسودة الأحدث للنص التفاوضي متأخرة بضع ساعات عن الموعد المحدد مع دخول المندوبين، نظريا، الساعات الثماني والأربعين الختامية.
ومع اقتراب الموعد المقرر لنهاية المؤتمر غداً الجمعة، أظهرت الوثيقة الجديدة أن نقاطا كثيرة تتعلق بقضايا رئيسية لم يتم حسمها، مثل ما هو المبلغ السنوي ومن الذي سيدفع وكم.
وقال مفوض المناخ بالاتحاد الأوروبي فوبكي هوكسترا "من الواضح أن الوضع الحالي غير مقبول".
وقال كبير المفاوضين عن بنما خوان كارلوس مونتيري جوميث لرويترز "كل هذا يتحول إلى مشهد مأساوي، عرض مهرج، لأنه حين نصل إلى اللحظة الأخيرة نحصل دائما على نص شديد الضعف".
وقال خبراء اقتصاد في المحادثات الأسبوع الماضي إن الدول النامية تحتاج إلى تريليون دولار سنويا على الأقل بحلول نهاية العقد للتصدي لتغير المناخ.
وتقلصت الوثيقة المؤلفة من عشر صفحات إلى أقل من نصف حجم النسخة السابقة بعد حذف بعض الخيارات، لكنها عكست المواقف المتعارضة والقائمة سلفا قبل المؤتمر لتكتلات الدول المتقدمة والنامية.
وركز أحد الخيارين على ضمان أن تكون الأموال في صورة منح أو ما يعادلها شكلا، وأن مساهمات البلدان النامية لبعضها البعض، في إشارة إلى مانحين محتملين كبار مثل الصين، لا تشكل رسميا جزءا من الهدف.
أما الخيار الآخر الذي كرر موقف البلدان الأكثر ثراء، فقد استهدف توسيع أنواع التمويل التي تحتسب في الهدف السنوي النهائي، وليس فقط المنح من البلدان المتقدمة، بل يشمل مساهمات دول أخرى.
وتجنب الخياران تحديد إجمالي الأموال التي تسعى البلدان إلى استثمارها كل عام، وترك مكان الرقم علامة "إكس".
وقال لي شو الخبير في دبلوماسية المناخ "نحن بعيدون عن خط النهاية... نص التمويل الجديد يقدم موقفين متباعدين لا يوجد تقارب كبير بينهما".
وأضاف "الأمر المحوري هو أن النص يفتقر إلى رقم يحدد حجم تمويل المناخ في المستقبل، وهو شرط أساسي للتفاوض بحسن نية".
ولعل هذا لم يكن مفاجئا لأن الدول المانحة الرئيسية ومنها دول من الاتحاد الأوروبي قالت إنها تريد وضوحا أكبر لهيكل وقاعدة المساهمين قبل المناقشة المعلنة للمبلغ الذي يمكنها المساهمة به.
من جهتهم، قال بعض المفاوضين أيضا إن مقترحات اليوم الخميس لم تحافظ على تعهد ظهر في قمة دبي العام الماضي للاستغناء تدريجيا عن الوقود الأحفوري الذي قوبل بحفاوة حينذاك ووصف بأنه لحظة فاصلة.
وساهمت الأنشطة البشرية، وحرق الوقود الأحفوري بشكل خاص، في زيادة متوسط درجة حرارة الكوكب على الأجل البعيد بنحو 1.3 درجة مئوية منذ ما قبل عصر الصناعة، مما تسبب في حدوث ظواهر كارثية من فيضانات وأعاصير وجفاف وموجات حر شديدة.
وتسعى البلدان إلى الحصول على تمويل أكبر لتحقيق هدف اتفاقية باريس لعام 2015 المتمثل في تقييد ارتفاع درجة حرارة الكوكب عند أقل بكثير من درجتين مئويتين، ويستحسن ألا تتجاوز هذه الزيادة 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.
ويقول علماء المناخ الآن إن العالم سيتخطى على الأرجح هذا الحد الأكثر طموحا الذي قد تحدث بعده تأثيرات مناخية أوخم في العواقب، في أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، إن لم يكن قبل ذلك.
وإلى جانب التمويل، شغل مستقبل الوقود الأحفوري الاهتمام في مؤتمر كوب29 وأثار الشقاق منذ اليوم الأول.
فقد هاجم الرئيس الأذربيجاني الهام علييف في الجلسة الافتتاحية المنتقدين الغربيين لصناعة النفط والغاز في بلاده، ووصف هذه الموارد بأنها هبة من الله.
وأشارت المسودة الأحدث لاتفاق دبي إلى "الابتعاد عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة" لكنها لم تحدد خطوات تالية واضحة.
وقال أحد المفاوضين الأوروبيين لرويترز إن العمل على تخفيف أو خفض انبعاثات الكربون والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري "تراجع" عما حدث في دبي.
ولمحت وثيقة اتفاق تمويل المناخ إلى مستقبل الوقود الأحفوري، مع صياغة تتحدث عن التخلص التدريجي "من الدعم غير الفعال للوقود الأحفوري... في أقرب وقت ممكن".
وحثت الوثيقة أيضا الشركات على "المساهمة في العمل المناخي واتساق العمليات مع اتفاقية باريس"، عبر جهود مثل الاستثمار في البلدان النامية ودعم نقل التكنولوجيا.
وقال ثريق إبراهيم وزير البيئة في جزر المالديف لرويترز "يتبقى يومان فقط. يتعين علينا الكدح في العمل حتى يكلل هذا المؤتمر بالنجاح".