أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تحليلاً جديداً سلَّط من خلاله الضوء على "الذكاء الاصطناعي"، موضحاً أنه تغلغل في حياة المواطنين بشكل تدريجي، بدءًا من الهواتف الذكية إلى القيادة الذاتية للسيارات، واستحوذت تطبيقاته، مثل ChatGPT وCopilot وStable Diffusion وغيرها، على خيال الشعوب في جميع أنحاء العالم، وذلك بفضل تطبيقاته الكثيرة، حيث يمكن لأي مستخدم تقريبًا استخدامه في التواصل والإبداع، ويمكن لأحدث تطبيقات الذكاء الاصطناعي تنفيذ مجموعة من المهام الروتينية، مثل إعادة تنظيم البيانات وتصنيفها، لكن قدرة تلك التطبيقات على كتابة النصوص وتأليف الموسيقى وغيرها هي التي تصدرت عناوين الأخبار.

نتيجة لذلك، تتنافس مجموعة أوسع من أصحاب المصلحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي للتأثير على مختلف الأعمال التجارية والمجتمع.

وذكر مركز المعلومات أن التقديرات تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إحداث تغييرات شاملة في الاقتصاد العالمي، فوفقًا لتقارير "جولدمان ساكس"، بدأت أدوات الذكاء الاصطناعي تشق طريقها إلى الأعمال التجارية والمجتمع، وقد تؤدي إلى زيادة بنسبة 7٪ (أو ما يقرب من 7 تريليونات دولار) في الناتج المحلي الإجمالي العالمي وزيادة نمو الإنتاجية بمقدار 1، 5 نقطة مئوية على مدى السنوات العشر القادمة، ووفقاً لتقرير صادر عن "ماكنزي" في يونيو 2023، يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تحقق عوائد اقتصادية إجمالية في حدود ما يقرب من 2، 6 تريليون دولار أمريكي إلى 4، 4 تريليونات دولار أمريكي سنويًّا عند تطبيقها في مختلف القطاعات.

وعلى الرغم من عدم اليقين الكبير بشأن إمكانات الذكاء الاصطناعي، فإن قدرته على إنشاء محتوى لا يمكن تمييزه عن المخرجات التي صنعها الإنسان، وكسر حواجز الاتصال بين البشر والآلات، تعكس تقدمًا كبيرًا له تأثيرات اقتصادية كلية كبيرة محتملة.

وقد أشار التحليل إلى تأثر أربعة قطاعات بالذكاء الاصطناعي، هي خدمة العملاء والتسويق والمبيعات وهندسة البرمجيات والبحث والتطوير، بنحو 75% من القيمة الناتجة عن تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك وفقا لتقرير "ماكنزي" في يونيو الماضي، كما يعد القطاع المصرفي من القطاعات التي من المتوقع أن تتأثر بشكل إيجابي باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين مهمة إدارة المخاطر، مثل إعداد التقارير المطلوبة وجمع البيانات. أما بالنسبة للعلوم الطبية، فيستعد الذكاء الاصطناعي لتقديم مساهمات كبيرة في اكتشاف الأدوية وتطويرها. وسيكون تأثير الذكاء الاصطناعي واضحا في قطاع تجارة التجزئة والسلع الاستهلاكية، وقد تصل العوائد إلى قيمة تتراوح بين 400 مليار دولار إلى 660 مليار دولار سنويًّا.

تتنافس الشركات الأمريكية على توظيف المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث إن بعضها على استعداد لدفع رواتب ضخمة لتوظيف أفضل المواهب، كما تتسابق الشركات في صناعات مثل الترفيه وغيرها للاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي من خلال استمالة علماء البيانات والمتخصصين في التعلم الآلي. ونتيجة لذلك، تؤدي زيادة الطلب على تلك النوعية من الموظفين إلى زيادة رواتبهم، ويدفع هذا الشركات إلى زيادة عروضها للمتقدمين لتجنب الخسارة أمام المنافسين، وتقوم بعض الشركات ببناء خبراتها في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال التعيينات وبرامج التدريب الداخلية.

وفي سياق متصل، تمتلك تقنيات الذكاء الاصطناعي الحالية -وغيرها من التقنيات- القدرة على أتمتة أنشطة العمل التي تستهلك من 60% إلى 70% من وقت الموظفين حاليًا، بالإضافة إلى زيادة إنتاجية العمل بشكل كبير في جميع مناحي الاقتصاد، فمن المتوقع أن يتسبب الذكاء الاصطناعي في نمو إنتاجية العمل بنسبة تتراوح ما بين 0، 1% و0، 6% سنويًّا حتى عام 2040، كما يمكن لأتمتة العمل أن تضيف من 0، 2 إلى 3، 3 نقاط مئوية سنويًّا لنمو الإنتاجية. ومع ذلك، سيحتاج العمال إلى الدعم لتعلم مهارات جديدة.

وعلى الجانب الآخر، أشار الاقتصاديون في جولدمان ساكس إلى أنه قد يكون للموجة الجديدة من أنظمة الذكاء الاصطناعي تأثير كبير على أسواق التوظيف حول العالم، ويمكن للتحولات في هيكل سوق العمل الناجمة عن هذه التطورات أن تعرض ما يعادل 300 مليون وظيفة بدوام كامل للأتمتة. مشيرين إلى أن نحو ثلثي المهن الأمريكية معرضة لدرجة معينة من الأتمتة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وهذا لا يعني تزايد معدلات البطالة عالميًّا، فقد وجدت دراسة حديثة أجراها الخبير الاقتصادي "ديفيد أوتور" أن 60٪ من عمال اليوم يعملون في مهن لم تكن موجودة في عام 1940، وهذا يعني أن أكثر من 85٪ من نمو العمالة وتطورها خلال الثمانين عامًا الماضية تفسره التكنولوجيا.

وذكر التحليل أنه في العالم النامي، يقدم الذكاء الاصطناعي مساهمات كبيرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، ويتم نشره لاستهداف الإغاثة الإنسانية ومعالجة آثار تغير المناخ، فبدعم من برنامج الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية في إفريقيا، نشر "ACET" (المركز الإفريقي للتحول الاقتصادي) مؤخرًا تقريرًا يستكشف إمكانات الحكومات الإفريقية لاستخدام حلول الذكاء الاصطناعي لتوجيه السياسات المالية والنقدية، وقد أشار التقرير إلى أنه بالرغم مع وجود الفرص فإن هناك حاجة ملحة لبناء المعرفة والقدرات.

وفي المقابل، فقد يواجه استخدام الذكاء الاصطناعي لصنع السياسات الاقتصادية في إفريقيا عددًا من التحديات، منها توافر البيانات والمعلومات، وبالتالي من المرجح أن يساعد القطاع الخاص في هذه المهمة من خلال توفير بيانات، مثل: الاتصالات الهاتفية، وبيانات المواقع الجغرافية، وبيانات العملاء، حيث ستكون مجموعات البيانات الكبيرة الموجودة التي يمتلكها القطاع الخاص ضرورية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في السياسات المالية والنقدية بشكل فعال.

وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى المقال الذي نشرته صحيفة "الإيكونومست" والذي يُسلِّط الضوء على الاهتمام البريطاني بتقنيات الذكاء الاصطناعي، فبحلول عام 2030 -وفقًا لرئيس الوزراء "ريشي سوناك"- ستكون بريطانيا "قوة عظمى في العلوم والتكنولوجيا"، وغرض رئيس الوزراء البريطاني هو استفادة بريطانيا من الفرص المزدهرة التي توفرها الحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي، حيث أثار الذكاء الاصطناعي اهتمام التقنيين والمستثمرين، كما يقول "سوناك": أن بريطانيا ستسخر إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحفيز الإنتاجية والنمو الاقتصادي، بالإضافة إلى ذلك فهو يرى "أن الإمكانات غير العادية للذكاء الاصطناعي تستهدف تحسين حياة الناس".

كما تمتلك بريطانيا بالفعل بعض المزايا، فهي موطن لعدة شركات ذكاء اصطناعي رائدة، معظمها في لندن، على وجه الخصوصGoogle DeepMind، ولديها جامعات متطورة، وترحب بالعمال الأجانب ذوي المهارات العالية الذين تحتاجهم شركات الذكاء الاصطناعي، ولديها وفرة في البيانات والإمكانات.

وأشار التحليل إلى وجود بعض التحديات التي تواجه بريطانيا في مسعاها، أبرزها الهيمنة الأمريكية في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والتي تمثل جذبًا ثابتًا لرأس المال والأشخاص والأفكار، كما تهيمن الشركات الأمريكية على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

واختتم التحليل قوله بأن السنوات القادمة ستكون بمثابة رحلة تتميز بالابتكار السريع والتطورات التكنولوجية المتلاحقة التي تجبر على إعادة ضبط الفهم بتأثير الذكاء الاصطناعي على العمل والحياة ككل، لذا من المهم فهم الظاهرة بشكل صحيح، نظرًا لسرعة انتشار الذكاء الاصطناعي، وبالتالي فإن تسريع التحول الرقمي مع استمرار تأهيل وتدريب القوى العاملة، أصبح ضرورة ملحة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: التحول الرقمي القوى العاملة بريطانيا معلومات الوزراء تقنیات الذکاء الاصطناعی إلى زیادة من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

فاطمة سعيد سالم.. متخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي

خولة علي (أبوظبي)
تسعى فاطمة سعيد سالم إلى استكشاف أحدث الاتجاهات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي، والأمن السيبراني، حيث تمثل هذه المجالات جوهر الابتكار والتطور في القرن الحادي والعشرين. بالرغم من أن مسيرتها المهنية كمهندسة معمارية، لم تتوقف عند حدود مجالها الأول، بل اتخذت خطوات جريئة نحو تطوير نفسها وتوسيع خبراتها عبر الانضمام إلى قطاعات متعددة، وقد تتميز رحلتها الأكاديمية بمثابرتها على التعلم المستمر، حيث حصلت على عدة درجات علمية في مجالات الإدارة الهندسية، القيادة الاستراتيجية، وتحليل البيانات. وتمكنت من تحقيق إنجازات بارزة، مثل إصدار أول كتاب إماراتي في مجال البيانات الضخمة، وتخصصها في مشاريع التحول الرقمي في عدة قطاعات حيوية.

عن بداية مسيرتها وخطواتها نحو التميز المهني تقول فاطمة سعيد سالم: بدأت مسيرتي المهنية مباشرة بعد تخرجي في الجامعة بتخصص بكالوريوس هندسة معمارية، حيث انضممت إلى شركات استشارة هندسية، وكنت أؤمن بأن النجاح الحقيقي يبدأ من العمل الجاد والتحدي مع الذات، فطورت عملي من مهندس معماري لمدير مشاريع هندسية، ثم التحقت بالقطاع العسكري الأمني لأعمل كمدير مشاريع التطوير، وبعدها انتقلت إلى العمل في القطاع الحكومي حيث شغلت مناصب عدة. وبعد التخصص الأكاديمي في مجالات تحليل البيانات والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي قررت أن التحق بمجالات جديدة مثل العمل في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي كمدير مشاريع الذكاء الاصطناعي.

وأثبت فاطمة جدارتها في إدارة بعض المشاريع المهمة، ولم تكتف بهذه الرحلة إنما قررت أن تضع خبرتها في مجالات وقطاعات جديدة، ومنها عملها في القطاعات المالية المهمة كمدير منتجات البيانات والذكاء الاصطناعي وعلاقات الأعمال، وهي مازالت مستمرة في رحلة التحدي والعطاء بلا حدود في كل مجال تلتحق به.

محطات علمية محفزة
أكبر تحد لها كمهندسة معمارية أن تحول ما ترسمه على الورق إلى واقع ملموس يراه البشر ويدونه التاريخ، بعدها وبسبب طبيعة عملها التي تتطلب منها المزيد من المعرفة والعلم بمجال إدارة المشاريع والإرادة الاستراتيجية، خاضت الماجستير الأول في الإدارة الهندسية والمشاريع بالإضافة إلى ماجستير الإدارة الفعالة والقيادة الاستراتيجية. وبعد إدراكها لأهمية تحليل البيانات والأعمال والذكاء الاصطناعي لمواكبة تطورات واحتياجات العصر، قررت التخصص في ماجستير العلوم في تحليل الأعمال والبيانات الضخمة لتثبت جدارتها وتؤكد على مدى قدرة المرأة الإماراتية وتميزها في المجالات الصعبة. وتذكر أن مسيرة التعليم والارتقاء الأكاديمي لا تقف عند حد معين، كما أن موجة علوم البيانات والذكاء الاصطناعي متناهية السرعة والتقدم.

عالم التكنولوجيا
ترى المهندسة فاطمة أن الذكاء الاصطناعي كان ولا يزال يشكل خريطة جديدة في عالم التحول الرقمي والتكنولوجيا المتقدمة والحلول الذكية، فهي مجموعة من التقنيات والأنظمة التي تمكن الآلات من التعلم والتفكير واتخاذ القرارات بشكل مستقل وبدون تدخل الإنسان، وبالتالي فهي تمثل طفرة كبيرة في العالم والتكنولوجيا. وتحقق إنجازات ونجاحات هائلة في مجال الطب والتعليم والصناعة والتجارة والأمن السيبراني و الفلك و البيئة، وذلك من خلال، قوة الإبداع وتوفر الدقة المتناهية في البيانات والتحليلات ودعم عملية صنع القرار إلى جانب تقليل الخطأ البشري. وهذا ما دفعها للمساهمة، وترك بصمتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات والأعمال وأمن البيانات.

أخبار ذات صلة الإمارات تشارك في اجتماع «لجنة متابعة تنفيذ قرارات العمل الخليجي» سفير الإمارات في بروكسل يلتقي نائب رئيس الوزراء وزير العدل في بلجيكا

الروبوتات
وتقول فاطمة: إن الذكاء الاصطناعي من أهم التكنولوجيات التي تحدث تحولات جذرية في حياتنا اليومية والمجتمعية، وهو من الأدوات التي ستؤثر بشكل كبير على المستقبل القريب والبعيد، وفي الكثير من القطاعات والمجالات. وأجد أن أكثر التطبيقات ذات أثر كبير في المستقبل القريب، هي في القطاعات الطبية والصحية حيث استخدام الروبوتات والأنظمة في بعض الإجراءات لتحسين التجربة الطبية والصناعية، حيث بعض الأنظمة المتخصصة بأعمال التقارير الدقيقة والتنبؤات والتحليلات والرقابة والجودة، وتأثيره في القطاع التعليمي والتربوي من خلال تسهيل العملية التعليمية وإثراء التعليم بإمكانات وأدوات ذات تأثير إيجابي وفعال.

تشكل ملامح المستقبل
وترى فاطمة أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر على نحو 64% من الوظائف حول العالم، فيحل محل بعضها ويكمل بعضها الآخر، حيث يرسم ملامح جديدة مبتكرة متنوعة تتميز بالديناميكية العالية والتجدد المستمر في تمكين الأدوات المستخدمة لرفع مستوى الإنتاجية في كل مجال، و تحسين الأداء في كل مهام، و تعزيز الكوادر لرفع استعداديتها لمواكبة التطورات السريعة و الحاجة الملحة لموجات التكنولوجيات المتقدمة.

إنجازات ومشاريع
من أبرز المشاريع والإنجازات التي حققتها المهندسة فاطمة إصدارها أول كتاب إماراتي في مجال البيانات الضخمة وهو "فضاءات البيانات الضخمة" 2020، وسجِّل من ضمن الكتب العلمية الأكثر مبيعاً في عام 2021. وهي عالمة مستقبل ومحلل طويل الأمد إماراتية معتمدة من معهد المستقبل في أميركا عام 2022، ومتخصصة في مشاريع التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في قطاعات حيوية مختلفة، منها: المالية والأكاديمية والصناعية والطبية، بالإضافة إلى البيئة والمناخ، حيث بلغ عددها نحو 35 مشروعاً.

 

مقالات مشابهة

  • تقنين الذكاء الاصطناعي في الطب على مائدة قمة ويش بقطر
  • فاطمة سعيد سالم.. متخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي
  • باورسكول تصدر دراسة حول تأثير الذكاء الاصطناعي في التعليم ومستقبل سوق العمل
  • جامعة خورفكان تناقش دور الذكاء الاصطناعي لتطوير الأداء
  • 25 مليار دولار حجم تمويلات الذكاء الاصطناعي بالربع الثاني
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يناقش دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل
  • الذكاء الاصطناعي: محور الإبداع في العصر الرقمي
  • ‏«عبد الغفار» يترأس مجموعة العمل المختصة بدراسة فرص ‏وتحديات الذكاء الاصطناعي
  • 4 وزراء يناقشون كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لمواكبة التطور العالمي
  • هل تقدم الطاقة النووية حلًا لإحدى أزمات الذكاء الاصطناعي؟