موقع 24:
2024-07-08@10:39:03 GMT

كيف حسّن الجيش الروسي أداءه في حرب أوكرانيا؟

تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT

كيف حسّن الجيش الروسي أداءه في حرب أوكرانيا؟

بات واضحاً أن الهجوم الأوكراني المضاد الذي شنته أوكرانيا في الصيف تحرك بشكل أبطأ مما كان يأمله العديد من حلفاء البلاد وداعميها. وبعد 3 أشهر من القتال العنيف، بدأت أوكرانيا إحراز المزيد من التقدم، حيث اخترقت بعض الخطوط الدفاعية الروسية الراسخة في جنوب شرق البلاد، مستعيدة بعض الأراضي في زابوريجيا ودونيتسك.

لا يزال الجيش الروسي قادراً على التعلم والتكيف





أرجع بعض المحللين بطء وتيرة الهجوم المضاد إلى التحديات التي تواجه التنفيذ الناجح للمناورات العسكرية المشتركة. وتساءل آخرون عما إذا كان التدريب الذي قدمته الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي مناسباً تماماً لنوع العدو والحرب التي يخوضها الأوكرانيون.
وقال آخرون إن حلفاء كييف الغربيين كانوا بطيئين للغاية في توفير الأسلحة والمعدات. إلى جانب كل هذه التفسيرات، يضيف المحللان في مركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة مارغاريتا كوناييف وأوين دانيالز  في مقال مشترك بمجلة "فورين أفيرز" بعداً آخر لما يجري في الحرب: سلوك روسيا المتغير فوق الميدان.


تعلم بطيء ومؤلم


خلال الأشهر الستة إلى التسعة الأولى من النزاع، بدا أن الكرملين لم يتعلم من أخطائه. لكن منذ ذلك الحين، كانت القوات المسلحة الروسية تعمل على تحسين تكتيكاتها في ساحة المعركة – ولو ببطء وبكلفة كبيرة في الأرواح والموارد.
وبعد مرور عام ونصف العام على الحرب، يعاني الجيش الروسي من الكدمات والإرهاق. لقد اختفى ما لا يقل عن نصف، وربما ثلثا الدبابات الجاهزة للقتال التي خصصتها روسيا للحرب، مما اضطر الكرملين إلى استخدام احتياطاته من الحقبة السوفيتية. والكثير من المعدات الروسية الأخرى كالعربات المدرعة والأنظمة المدفعية والإلكترونية تضررت أو تدمرت أو أصبحت بحيازة الأوكرانيين.

 

“As battered and inefficient as it is, Russia’s military is still capable of learning and adapting. This process has been slow, painful, expensive, and cumbersome—but it is happening, and it is showing results.”https://t.co/9ArHLcGBD9

— Foreign Affairs (@ForeignAffairs) September 6, 2023


من ناحية أخرى، تلقت القوات الروسية تدريباً سيئاً ومعنوياتها منخفضة كما يتم إجبارها في بعض الأحيان على القتال. بعضها خرج حديثاً من السجن، والبعض الآخر يتعاطى المخدرات. ولكن بالرغم من كل ذلك، لا يزال الجيش الروسي قادراً على التعلم والتكيف. لقد كانت هذه العملية بطيئة ومؤلمة ومكلفة ومرهقة؛ ولكنها تحدث الآن، وتثمر نتائج.


القدرات الإلكترونية: قيمة هائلة


ليس من الواضح بالضبط، وفق الكاتبين، سبب فشل روسيا في الاستفادة من هذه الميزة الظاهرة التي طورتها طوال أكثر من 10 أعوام واستخدمتها بفاعلية كبيرة في سوريا وفي الغزو الأول لأوكرانيا سنة 2014. لكن الخبراء أعادوا ذلك إلى فشل موسكو الأوسع في التخطيط للغزو وضعف التنسيق العسكري الروسي، وواقع أن روسيا ستعطل بشدة اتصالاتها من خلال استخدام أجهزة التشويش الإلكترونية. لكن عندما انتقلت الحرب إلى دونباس في أواخر ربيع 2022، بدأت روسيا في تكثيف استخدامها لأنظمة الحرب الإلكترونية.
نشرت موسكو نحو عشرة مجمعات للحرب الإلكترونية – وهي مجموعات من الأنظمة المستخدمة للتشويش على اتصالات العدو وتعطيل أنظمة الملاحة التابعة له وتدمير أجهزة الرادار الخاصة به – لكل 12.4 ميلاً من خط المواجهة. لكن وبمرور الوقت، انخفضت هذه النسبة، حيث يغطي نظام رئيسي واحد كل ستة كيلومترات من الجبهة تقريباً، مع نشر أصول حربية إلكترونية إضافية حسب الحاجة، لتعزيز وحداتها.
لا تزال هذه الأنظمة تعاني من مشاكل، بما فيها التغطية المحدودة نسبياً وعدم القدرة على تجنب التأثير على بعضها البعض. لكن في الإجمال، أثبتت هذه الأسلحة أنها ذات قيمة هائلة، إذ ساعدت روسيا على إضعاف قدرات أوكرانيا في مجال الاتصالات والملاحة وجمع المعلومات الاستخبارية؛ وأسقطت مقاتلات وطائرات أوكرانية بدون طيار، ومنعت وصول ذخائر أوكرانية موجهة بدقة إلى أهدافها.
واستخدمتها روسيا أيضاً لمنع المسيّرات الأوكرانية من نقل معلومات الاستهداف، ولتعزيز شبكات وقدرات الدفاع الجوي الروسية، ولاعتراض وفك تشفير الاتصالات العسكرية الأوكرانية. وحتى الآن، لم تحقق أوكرانيا سوى نجاح محدود في مواجهة هذه القدرات الروسية المعززة.


تعديل البنية التحتية للقيادة والتحكم


كما أعاد الجيش الروسي إحياء أصوله الحربية الإلكترونية، كذلك أعاد تشكيل عملياته وبنيته التحتية للقيادة والتحكم، والتي دمرتها أنظمة هيمارس الصاروخية التي زودتها بها الولايات المتحدة وغيرها من الصواريخ الأوكرانية الدقيقة والطويلة المدى خلال صيف 2022. وخلال هذه العملية، أجرت روسيا عدداً من التغييرات العامة البدائية نسبياً لكن الناجحة على العموم، بما فيها سحب مقر قيادتها خارج نطاق صواريخ أرض-جو الأوكرانية، ووضع مراكز قيادتها الأمامية في مناطق أعمق تحت الأرض، وخلف مواقع شديدة الدفاع، إلى جانب تحصينها بالخرسانة.
ووجدت روسيا طرقاً لضمان أن تكون الاتصالات بين مراكز القيادة والوحدات العسكرية أكثر كفاءة وأماناً، من خلال مد كابلات ميدانية واستخدام اتصالات لاسلكية أكثر أمناً. لكن الاتصالات على مستوى الكتيبة وما دون لا تزال في كثير من الأحيان غير مشفرة، وبالنظر إلى تدريبهم المحدود، كثيراً ما ينقل الجنود الروس معلومات حساسة عبر قنوات غير آمنة.


نهج وحشي.. لكن ناجح


منذ بداية الحرب وحتى الصيف الماضي، تم تنظيم الجيش الروسي في ما يسمى بمجموعات الكتائب التكتيكية، وهي في الأساس تشكيلات من المدفعية والدبابات والمشاة تم تجميعها لتحسين الاستعداد والتماسك. في أوكرانيا، ثبت هيكل القوة هذا أنه كارثي. كانت معظم مجموعات الكتائب التكتيكية تعاني من نقص في العدد وخصوصاً وحدات المشاة المهمة للقتال في المناطق الحضرية، حيث جرت بعض المعارك الحاسمة خلال الفترة المبكرة من الحرب. تم تمكين التحول في تكتيكات المشاة بشكل جزئي من خلال وصول مجندين من داخل روسيا، ومن داخل ما يسمى جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، ومن السجناء الذين جندتهم شركة فاغنر شبه العسكرية.
بالرغم من وحشيته، مكّن هذا النهج روسيا من الدفاع بشكل أفضل عن مواقعها المحصنة والصمود في وجه الهجوم الأوكراني المضاد حتى مع تكبدها آلاف الضحايا. كما أجبرت القوات الأوكرانية المدافعة على الكشف عن مواقعها واستنفاد ذخيرتها وأفرادها. وسمح النهج للوحدات الروسية الأكثر تخصصاً مثل قوات المشاة المحمولة جواً والقوات البحرية بالقتال من مواقع محمية جيداً بمعدات وأسلحة محدثة.
وبنتيجة ذلك، تمكنت هذه القوات المدربة والمجهزة بشكل أفضل من التناوب داخل وخارج الميدان، وتم تجنب خسائر كبيرة في الأشهر الأخيرة، بعد أن تحملت تكاليف باهظة في المراحل الأولى من الحرب.


تعزيز الفاعلية النارية والدعائية


مع تحول الحرب إلى منطقة دونباس، أجبرت الطبيعة الثابتة للقتال القيادة العسكرية الروسية على دمج المدفعية ضمن ألوية. ساعدت هذه الخطوة على تحسين التنسيق وتركيز القوة النارية بطريقة تتماشى بشكل أفضل مع العقيدة الروسية التقليدية. لكن الجيش الروسي لا يزال يستهلك الذخيرة بشكل أسرع من قدرة المصانع الروسية على إنتاجها. تفاقم هذا النقص بسبب الضربات الأوكرانية الناجحة على مخزونات الذخيرة الروسية، عبر منطقة دونباس في الجزء الثاني من 2022.
كان أحد الإجراءات المتبعة تشديد الرابط بين أنظمة الاستطلاع والجنود الذين ينفذون الهجمات، مما سمح للجيش الروسي بضرب القوات الأوكرانية ومراكز القيادة والمعدات والذخيرة بشكل أسرع وأدق. وتستخدم روسيا على نحو متزايد ذخائر لانسيت المتسكعة الرخيصة نسبياً أو المسيرات المتفجرة لإحباط التقدم الأوكراني، من خلال تدمير المعدات العسكرية الباهظة الثمن مثل أنظمة الدفاع الجوي. توفر هذه الضربات في بعض الأحيان قيمة دعائية لروسيا، حيث تنتج مقاطع فيديو تظهر تدمير الأصول الأوكرانية القيّمة، التي يمكن بثها على التلفزيون أو على وسائل التواصل الاجتماعي.


الحمض النووي للجيش الروسي


لا يزال هناك العديد من المجالات التي يواصل فيها الجيش الروسي أداءه الضعيف أو يفشل تماماً. تظل القوات المسلحة الروسية غير قادرة على تحقيق التكامل الأفقي على مستوى القيادة والتحكم، كما لا يمكنها إيصال قرارات القادة وتبادل المعلومات عبر الوحدات المختلفة في الوقت الفعلي.
نتيجة ذلك، فإن الوحدات الروسية المنتشرة على مقربة من خط المواجهة عاجزة عن التواصل بشكل فعال مع بعضها البعض، إذا كانت تنتمي إلى تشكيلات مختلفة. وفي كثير من الأحيان، لا يمكنها دعم بعضها البعض لأن لديها سلاسل قيادية منفصلة. وهذا ليس خللاً فنياً أو عائقاً بيروقراطياً. إنها مشكلة عميقة من غير المرجح أن يتم حلها، دون إصلاح شامل للمؤسسة العسكرية في روسيا، بل ربما حتى لنظامها السياسي.
تشكل أوجه القصور الهيكلية هذه جزءاً من "الحمض النووي" للجيش الروسي. فهي تساعد في تفسير سبب أن بعض أصعب الدروس التي تعلمتها روسيا خلال صراعات أخرى – في الشيشان مثلاً عن صعوبات حرب المدن، وفي سوريا عن فوائد القيادة والسيطرة المرنة – تعيد تعلمها في أوكرانيا من جديد، بعد خسائر مذهلة في الأرواح والعتاد.


ماذا يعني ذلك على مستوى الحرب؟


إن المؤسسة العسكرية الروسية تتعلم وتتكيف بطريقتها الخاصة، لكن تتبقى رؤية ما إذا كانت قادرة على إحداث تغيير تحويلي حقيقي. وختم الكاتبان بالإشارة إلى أن هذه التحديات والتعديلات لا تعني أن الهجوم المضاد الذي تشنه أوكرانيا قد فشل، ومن المؤكد أنها لا تعني أن روسيا مهيأة حتماً للفوز. عوضاً عن ذلك، هي تعني أن أوكرانيا سوف تحتاج إلى صبر شركائها في محاولتها إنهاك عدوها. وسوف يحتاج الغرب إلى إعادة ضبط توقعاته لتتناسب مع الواقع، وهو أن هذه هي حرب استنزاف.


المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية الجیش الروسی لا یزال من خلال

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا: عدد قتلى الجيش الروسي يصل إلى 550 ألفا و990 جنديا منذ بدء العملية العسكرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن الجيش الأوكراني، اليوم /الأحد/، ارتفاع عدد قتلى الجنود الروس إلى 550 ألفا و990 جنديًا، وذلك منذ بدء العملية العسكرية الروسية.

وذكرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، أن الجيش الروسي تكبد خلال الساعات الـ24 الماضية، 1150 جنديًا ما بين قتيل وجريح.. حسبما ذكرت وكالة أنباء /يوكرين فورم/ الأوكرانية.

وبحسب هيئة الأركان الأوكرانية، فقدت روسيا أيضا منذ بدء العملية العسكرية "8 آلاف و155 دبابة و15 ألفا و645 من المركبات المدرعة و14 ألفا و937 من النظم المدفعية و1115 من أنظمة راجمات الصواريخ متعددة الإطلاق و879 من أنظمة الدفاع الجوي و2352 من صواريخ كروز و360 طائرة مقاتلة و326 مروحية و28 سفينة حربية، فضلا عن 2495 من المعدات الخاصة وغواصة واحدة و20 ألفا و103 من المركبات وخزانات الوقود و11 ألفا و862 طائرة بدون طيار".

مقالات مشابهة

  • هجوم بطائرات أوكرانية يُحدث انفجارات كبيرة جنوب روسيا
  • لافروف: روسيا تبني موقفها فقط على الإجراءات الملموسة التي يتخذها قادة أوكرانيا
  • روسيا تتقدم في شرق أوكرانيا
  • روسيا تقرر إضافة بعض التعديلات على عقيدتها النووية
  • أوكرانيا: عدد قتلى الجيش الروسي يصل إلى 550 ألفا و990 جنديا منذ بدء العملية العسكرية
  • مسؤول بارز يرجح تعديل العقيدة النووية الروسية
  • أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 549 ألفا و840 جنديًا
  • خلال لقائه برئيس الوزراء المجري.. بوتين يكشف موقفه من تسوية الأزمة الأوكرانية
  • الجيش الروسي يدمر الخدمات اللوجستية للقوات الأوكرانية بطائرات FPV المسيرة
  • خلال لقائه برئيس وزراء المجر.. بوتين يضع شرطا لإنهاء الحرب الأوكرانية