قمة مجموعة العشرين تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الدولي لكبح الأزمات الاقتصادية
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
رغم تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة معدلات التضخم وتفاقم أزمات الديون والطاقة بعدد كبير من دول العالم، تؤسس قمة مجموعة العشرين التي تعقد بالعاصمة الهندية (نيودلهي) يومي التاسع والعاشر من سبتمبر الجاري، بمشاركة زعماء ورؤساء حكومات نحو 30 دولة لمرحلة جديدة من التعاون بين الدول ذات الاقتصاديات الكبرى والنامية، لمواجهة شبح الركود والأزمات الاقتصادية والمالية والتداعيات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية والتغيرات المناخية والإجراءات الحمائية التي تشكل تهديدا بالغا لحرية التجارة والنمو الاقتصادي العالمي.
وتشكل اقتصاديات دول مجموعة العشرين نحو 85 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و75 في المائة من حجم التجارة الدولية، و60 في المائة من إجمالي عدد سكان العالم.
وتحدد رئاسة مجموعة العشرين أجندة الاجتماعات لمدة عام، وسوف تتولى أعمال الرئاسة خلال قمة (نيودلهي) ثلاث دول، هي أندونيسيا (الرئيس السابق) والهند (الرئيس الحالي) والبرازيل (الرئيس القادم) وسوف تشارك العديد من المنظمات الإقليمية والدولية بقمة (نيودلهي) من بينها الأمم المتحدة، وصندوق النقد والبنك الدوليين، والاتحاد الإفريقي، ورابطة دول جنوب شرق أسيا /أسيان/ وبنك التنمية الإفريقي.
وسيركز الزعماء المشاركون بقمة (نيودلهي) على العديد من الخطط والحلول الرامية إلى مجابهة الأزمات العالمية، وفي مقدمتها التغيرات المناخية التي هددت بتفاقم الفقر والمجاعات والأزمات الانسانية وحرائق الغابات وأثرت سلبا على خطط التنمية المستدامة في عدد كبير من الدول وخاصة النامية، واضطراب سلاسل التوريد على المستوى العالمي.
كما يتضمن جدول أعمال قمة (نيودلهي) العديد من القضايا المهمة، من بينها سبل تعزيز التنمية الخضراء وتمويل خطط مواجهة تاثيرات التغيرات المناخية وبرنامج الاتحاد الأوروبي للبيئة والعمل المناخي، وتعزيز النمو الاقتصادي القوي والمستدام والتقدم الذي حدث في جهود تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والتحول التكنولوجي والبنية التحتية الرقمية، وجهود المؤسسات الدولية في تعزيز التنمية وتمكين المرأة في المجال التنموي.
وسوف توفر قمة مجموعة العشرين منصات للدول ذات الاقتصاديات الكبرى لتنسيق الجهود والتعاون متعدد الأطراف لتحقيق الأهداف المشتركة والتخفيف من تداعيات الازمات الاقتصادية العالمية.
وتتشكل مجموعة العشرين من مسارين متوازيين: الأول: "مسار التمويل" الذي يقوده وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية ويختص بمناقشة قضايا الاقتصاد الكلي ورصد المخاطر الاقتصادية العالمية، والأخر: مسار "شيربا" الذي يتمثل في المبعوثين الشخصيين للقادة، ويشرف الشيربا على المفاوضات على مدار العام، حيث يناقش بنود جدول أعمال القمة وينسق العمل الموضوعي لمجموعة العشرين.
ويطلق مصطلح "شيربا" على جماعة عرقية نيبالية مهمتها قيادة وإرشاد المتسلقين بجبال الهيمالايا، ولذلك يستخدم ذلك المصطلح ليصف المبعوث الذي يمثل حكومته في الاجتماعات والمفاوضات التحضيرية لقمة مجموعة العشرين.
ويتضمن "مسار شيربا " اجتماعات لنحو 13 مجموعة عمل - تضم خبراء ووزراء من دول المجموعة وتغطي العديد من المجالات المهمة من بينها الزراعة ومكافحة الفساد والثقافة والاقتصاد الرقمي والتنمية والتعليم والتشغيل والبيئة - بالإضافة إلى جلسات لأربع مبادرات، من بينها مبادرة البحوث والابتكار، والمائدة المستديرة للمستشارين العلميين بدول المجموعة، تعقد تحت رئاسة الهند العام الجاري، لبحث أولويات وتوصيات قمة العشرين.
ومهدت قمة العشرين التي عقدت في مدينة (هامبورج) الألمانية عام 2017 الطريق لتحقيق انجازات هامة متعددة الأطراف، حيث أعدت الحكومة الألمانية أجندة طموحة لتفعيل سياسات مجموعة العشرين على الساحة العالمية وسط تأكيد من قادة المجموعة عزمهم على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمتوازن والمستدام وإتاحة الفرص لكافة الدول للاستفادة من المزايا التي توفرها العولمة.. وأدى تركيز مجموعة العشرين بشكل رئيسي على تعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار المالي إلى إقرار حزمة من المبادرات ساهمت في مواجهة الأزمة المالية العالمية عام 2008.
وفي السياق ذاته، تعهد قادة دول مجموعة العشرين - خلال قممهم السابقة - بالالتزام بتعزيز وتنفيذ معايير اجتماعية وبيئية وعمالية لضمان استقرار سلاسل التوريد والتجارة الدولية والتخفيف من الإجراءات الحمائية، ولعب دور رئيسي في تحقيق أجندة التنمية المستدامة 2030 باعتبارها حجر الأساس لتعزيز التنمية على المستوى العالمي وتنفيذ التعهدات التي قطعتها الدول الغنية تجاه الدول النامية خلال مؤتمرات الأمم المتحدة للتغيرات المناخية، بما فيها توفير موارد مالية للدول الفقيرة للتخفيف من تداعيات تغيرات المناخ.
وفي السياق ذاته، وصف رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي أولويات رئاسة بلاده لمجموعة العشرين بأنها "شاملة وطموحة وعملية وحاسمة".
وأكدت العديد من الدول ومؤسسات التمويل الدولية دعمها للأولويات التي حددتها الرئاسة الهندية لمجموعة العشرين لتعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار المالي العالمي، والتي تتمثل في:
أولا: دعم المدن باعتبارها محركا للنمو الاقتصادي.. تسهم المدن بنحو 80 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ووفقا للرؤية الهندية يشكل النمو العمراني غير المخطط السريع عائقا أمام التحسن الاقتصادي في ضوء التوقعات المستقبلية التي تشير إلى أن ثلثي سكان العالم سوف يقطنون المدن بحلول عام 2050، علاوة على أن المدن يجب أن تتحول إلى مركز رئيسي للأعمال وفرص العمل وتنمية المهارات، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة ومستدامة في مجال البنية التحتية العمرانية تقدر بنحو 5ر5 تريليون دولار خلال الأعوام الـ15 القادمة، بالإضافة إلى دور قيادي للقطاع الخاص في ذلك المجال.
ثانيا: التحول إلى الطاقة النظيفة من خلال تطوير مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة بدلا من الاعتماد المكثف على الوقود الاحفوري لمواجهة التغيرات المناخية وضمان أمن الطاقة العالمي وزيادة الانتاجية الاقتصادية وخلق فرص العمل وحماية البيئة.. وتعد الهند حاليا ثالث أكبر منتج للطاقة المتجددة على مستوى العالم مع وجود خطط حكومية للتوسع في تطوير الطاقة الشمسية وتوفير حوافز لزيادة إنتاج السيارات الكهربائية وتقليص انبعاثات الكربون.
ثالثا: تعزيز الرعاية الصحية على المستوى العالمي في ضوء الخبرات المستمدة من خطط مواجهة جائحة كورونا، والتي حتمت التعاون الدولي لاحتواء تداعياتها.. وسوف تركز دول مجموعة العشرين خلال قمة (نيودلهي) على تعزيز أنظمة الصحة المستدامة والاستعداد العالمي لمواجهة الأوبئة وصياغة أجندة صحية عالمية تركز على توفير الخدمات الصحية بشكل مستدام وشامل وبأسعار مناسبة.
ومن جانبه.. دعا صندوق النقد الدولي دول مجموعة العشرين إلى مواصلة الإجراءات الرامية في خفض التضخم، مشددا على أن السياسات المالية للبنوك المركزية لدول المجموعة يجب عن تعطي الأولوية لمحاربة التضخم والتقلبات في أسعار الغذاء ومواصلة الإصلاحات الهيكلية الرامية إلى تعزيز معدلات النمو الاقتصادي والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر بتكاليف مناسبة، ومواجهة التحديات العالمية لضمان توفر شبكة الأمان المالي على المستوى العالمي، بهدف مساعدة الدول النامية على التخفيف من أعباء المديونية.. وتوقع صندوق النقد الدولي أن يتراجع معدل النمو الاقتصادي العالمي إلى 8ر2 بالمائة عام 2023 مقابل 4ر3 بالمائة عام 2022.
من ناحيتها، قالت كريستالينا جورجييفا المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، إن العالم ينتظر إجراءات مشتركة من جانب دول مجموعة العشرين، لمواجهة التباطؤ في النمو الاقتصادي ومعدلات التضخم المرتفعة والديون المتصاعدة والتغيرات المناخية، مشيرة إلى أن دول مجموعة العشرين وخاصة الاقتصاديات المتقدمة تعاني من معدلات تضخم مرتفعة، مؤكدة أن الإجراءات التي ستتبناها دول مجموعة العشرين خلال قمتها القادمة بنيودلهي يجب أن تضمن تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية بكافة الدول، وهو ما يتطلب قيادة قوية من جانب المجموعة لضمان قدرة الهيكل المالي العالمي على مواجهة التحديات الدولية.
ومن جهة أخرى، تعهدت مجموعة العشرين مؤخرا بتخصيص نحو 100 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة لدعم اقتصاديات الدول الفقيرة المتضررة من الأزمات الاقتصادية وتغيرات المناخ.
وفي السياق ذاته، تبنت مجموعة العشرين ومنظمة السياحة العالمية خريطة طريق العام الجاري باعتبار السياحة محركا للجهود الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.. حيث أكد سكرتير عام منظمة السياحة العالمية زوراب بولوليكاشفيلي - خلال اجتماع لوزراء السياحية بمجموعة العشرين - أنه ينبغي أن يكون عودة الانتعاش السياحي عقب انحسار جائحة كورونا مستداما، مشيرا إلى أن خريطة الطريق التي اتفقت عليها دول مجموعة العشرين بشأن اعتبار السياحة محركا لتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة، سوف تتيح الفرصة لبناء مسقبل أفضل.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن دول مجموعة العشرين استأثرت بنحو 74 بالمائة من إجمالي عدد السائحين على مستوى العالم، بينما بلغ عدد السائحين الوافدين منها إلى مناطق أخرى في العالم نحو 73 بالمائة من إجمالي السياحة الوافدة عام 2022.. وبلغت مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة العشرين 7ر3 بالمائة قبل جائحة كورونا.
ومن ناحية أخرى، تسبب ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة - خلال العامين الماضيين - جراء أزمة جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية في تفاقم معدلات التضخم وتراجع معدلات النمو على المستوى العالمي ودفع حكومات دول مجموعة العشرين إلى تبني إجراءات تستهدف تشديد السياسات النقدية، ومن بينها زيادة معدلات الفائدة للسيطرة على معدلات التضخم وفرض المزيد من القيود على تصدير المنتجات الغذائية من جانب عدد من الدول الكبرى، لتجنب أية أزمات غذائية، بينما اتجهت بعض دول مجموعة العشرين إلى تقليص الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية والاتجاه لتطوير مصادر الطاقة البديلة والخضراء في ضوء ارتفاع أسعار الطاقة.
وأكدت مؤسسات دولية عديدة على ضرورة تعزيز الجهود الدولية متعددة الأطراف وخاصة من جانب دول مجموعة العشرين، لتفادي الأزمات الاقتصادية وتقوية نظام التجارة الدولية وإزالة العقبات أمام الصادرات الغذائية، لضمان الأمن الغذائي على المستوى العالمي، مشيرة إلى أن التحول باتجاه الطاقة الخضراء سوف يتوقف بدرجة كبيرة على التدفق التجاري الحر وتجنب اضطراب سلاسل التوريد.
وأكد رئيس البنك الدولي أجاي بانجا - خلال اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين - والذي عقد مؤخرا بالهند - أن الفجوة المتزايدة بين الدول الغنية والفقيرة تهدد بتفاقم مشكلة الفقر في الدول النامية، مشددا على أن النمو الاقتصادي لا يجب أن يأتي على حساب الجوانب البيئية.
وفي سياق متصل، دعا رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي دول مجموعة العشرين إلى تعزيز التعاون الدولي لتبني تشريعات منظمة للعملات الرقمية المشفرة لمواجهة التحديات الناجمة عنها، مشددا على أن التكنولوجيات الصاعدة سوف يكون لها تاثير كبير على المستوى العالمي.
من جانبها، أعلنت الولايات المتحدة مؤخرا أنها ستدعو -خلال قمة مجموعة العشرين- إلى إجراء اصلاحات في صندوق النقد والبنك الدوليين، لدعم التنمية والتمويل بالدول النامية، بينما توقعت الصين أن تبنى قمة (نيودلهي) توافقا من جانب دول مجموعة العشرين بشأن التحديات الرئيسية كالتنمية والاقتصاد العالمي.
وفي السياق، أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن رغبة بلاده في انضمام الاتحاد الإفريقي إلى مجموعة العشرين كعضو دائم، وهو ما أيدته فرنسا والهند، خاصة في ضوء إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتي تعد الأكبر على المستوى العالمي منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية عام 1995، وتضم في عضويتها 55 دولة إفريقية و8 كيانات اقتصادية إقليمية، ويبلغ عدد مستهلكيها حوالي 2ر1 مليار شخص، وناتجها المحلي الإجمالي حوالي 3 تريليونات دولار، أي 3 في المائة من الناتج الإجمالي العالمي.
وتضم مجموعة العشرين التي تأسست عام 1999 بهدف دعم آليات النمو الاقتصادي العالمي: الأرجنتين، واستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند واندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة، علاوة على الاتحاد الأوروبي.. وتأسست المجموعة بناء على مبادرة من مجموعة السبع الصناعية، بهدف جمع الدول الصناعية الكبرى مع الدول ذات الاقتصاديات الناشئة كالصين والبرازيل والهند، لمناقشة الموضوعات الرئيسية التي تهم الاقتصاد العالمي وتعزيز الحوار البناء بين الدول الصناعية والاقتصادات الناشئة، خصوصا فيما يتعلق باستقرار الاقتصاد الدولي، ويلتقي زعماء دول مجموعة العشرين سنوياً، فيما يجتمع وزراء مالية المجموعة ومحافظو البنوك المركزية عدة مرات خلال العام.
ومن أبرز أهداف مجموعة العشرين تعزيز الاقتصاد العالمي وتطويره، بالإضافة إلى إصلاح المؤسسات المالية الدولية وتحسين النظام المالي، ودعم النمو الاقتصادي العالمي، وتطوير آليات فرص العمل، وتفعيل مبادرات التجارة الحرة.. وتمت ترقية مجموعة العشرين إلى مستوى رؤساء الدول و الحكومات في أعقاب الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية عام 2007.
وعقدت قمة مجموعة العشرين في العاصمة الأمريكية (واشنطن) في نوفمبر عام 2008، ولندن في أبريل عام 2009، وبترسبرج الأمريكية في سبتمبر عام 2009، وتورونتو الكندية في يونيو عام 2010، والعاصمة الكورية الجنوبية (سول) في نوفمبر عام 2010، و(كان) الفرنسية في نوفمبر عام 2011، و(لوس كابوس) المكسيكية في يونيو عام 2012، و(سان بطرسبرج) الروسية في سبتمبر عام 2013، و(بريسبان) الأسترالية في نوفمبر عام 2014، و(انطاليا) التركية في نوفمبر عام 2015، و(هانزو) الصينية في سبتمبر عام 2016، و(هامبورج) الألمانية في يوليو عام 2017، والعاصمة الارجنتينية (بيونس إيرس) في نوفمبر 2018، و(أوساكا) اليابانية في يونيو عام 2019، و(الرياض) في نوفمبر عام 2020، و(روما) في أكتوبر عام 2021، وجزيرة بالي الأندونيسية في نوفمبر عام 2022.
ويستوحي شعار قمة مجموعة العشرين بنيودلهي - التي تعقد تحت شعار "أرض واحدة -عائلة واحدة - مستقبل واحد" من ألوان علم الهند/ الزعفران، والأبيض والأخضر، والأزرق/، كما يضع الشعار كوكب الأرض جنبا إلى جنب مع زهرة اللوتس، باعتبارها الزهرة الوطنية الهندية التي تعكس النمو وسط التحديات.
وتؤكد المؤشرات على أن قمة مجموعة العشرين القادمة سترسم خريطة طريق تؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات والحوكمة الاقتصادية الدولية لمواجهة تراجع النمو الاقتصادي العالمي ومعدلات التضخم المرتفعة والإجراءات الحمائية في مجال التجارة وتأثير الأزمات الدولية وخاصة التغيرات المناخية والحرب الروسية الأوكرانية.
اقرأ أيضاًغياب رئيس الصين عن قمة العشرين يصيب بايدن بخيبة أمل
الإمارات تدعو لاعتماد نظام تجارة عالمي منفتح في قمة العشرين
بداية من 1 ديسمبر.. الهند تتسلم رئاسة مجموعة قمة العشرين من إندونيسيا
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: بايدن قمة العشرين الهند مجموعة العشرين جو بايدن الرئيس الامريكي افريقيا اقتصاد قمة مجموعة العشرين دول افريقيا القارة الافريقية قادة مجموعة العشرين دول مجموعة العشرین إلى على المستوى العالمی الأزمات الاقتصادیة قمة مجموعة العشرین التغیرات المناخیة التنمیة المستدامة المحلی الإجمالی مواجهة التحدیات الدول النامیة معدلات التضخم جائحة کورونا قمة العشرین بالمائة من العدید من من بینها من جانب فی ضوء إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
معلومات الوزراء: اقتصاديات البيانات عنصر حيوي في تحفيز النمو الاقتصادي
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول "اقتصاديات البيانات"، حيث أشار التحليل إلى أن البيانات تُعتبر بمثابة "النفط الجديد" الذي يُحرك عجلة الاقتصاد العالمي؛ فقد شهد العالم تحولًا جذريًّا في طريقة توليد القيمة الاقتصادية؛ حيث باتت البيانات تمثل أصولًا استراتيجية للشركات والحكومات على حد سواء، ومن خلال تحليل البيانات واستخدامها، يمكن تحسين الكفاءة التشغيلية، وفهم سلوك العملاء، وتطوير منتجات وخدمات مبتكرة، هذا وتركز اقتصاديات البيانات على استغلال هذه الموارد بشكل مستدام، مع مراعاة القضايا الأخلاقية والقانونية المرتبطة بها، ومع تزايد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلُّم الآلة، لم تعُد البيانات مجرد وسيلة لدعم القرارات، بل أصبحت تُعيد تشكيل الصناعات وتفتح آفاقًا جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أوضح التحليل أن اقتصاديات البيانات تُعرف بأنها "القيمة المالية والاقتصادية الناتجة عن استخدام برامج متقدمة وتقنيات لتخزين وتحليل واسترجاع كميات هائلة من البيانات الحكومية والتجارية بسرعة كبيرة عبر برمجيات معقدة وأدوات أخرى"، ويُمكن تعريفها أيضًا على أنها حلقة قيمة يتم فيها مشاركة وتبادل البيانات عبر المنصات؛ مما يؤدي إلى إنشاء نظام بيئي يسعى إلى التعاون بين مختلف القطاعات من الحكومة والشركات.
أضاف التحليل أن اقتصاديات البيانات لا تُعَد تخصصًا في مجال معين بقدر ما هي تحول عالمي نحو الاقتصاد القائم على الأرقام، كما يُمكن تعريف اقتصاديات البيانات على أنها إنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات اعتمادًا على البيانات، على سبيل المثال، يمكن للشركات استخدام البيانات لتطوير منتجات وخدمات جديدة، وتحسين سلاسل التوريد الخاصة بها، وتعزيز تجربة العملاء، ويمكن للحكومات استخدام البيانات لتوفير خدمات عامة أفضل، واتخاذ قرارات سياسية مستنيرة، ومراقبة النشاط الاقتصادي.
وذكر التحليل أن ظهور اقتصاديات البيانات يعود إلى أواخر تسعينيات القرن الماضي؛ حيث تم استخدام الإنترنت على نطاق واسع وأصبحت الحواسيب الشخصية في يد عدد كبير من الأشخاص؛ مما أعطى الفرصة للأفراد والحكومات والمنظمات أن تبدأ بتجميع البيانات الضخمة، كما ساعد على ظهور اقتصاديات البيانات التطور الكبير في تقنيات الهواتف الذكية وظهور البريد الإلكتروني وتوفره لعدد كبير من سكان العالم في مطلع القرن الحادي والعشرين، كما تمت إضافة أعداد كبيرة من الأجهزة الذكية الأخرى مع التطورات الواسعة على شبكات الاتصالات، فكانت المحصلة تجميع كميات هائلة من بيانات المستهلكين وتوجهاتهم ونمو مطرد لاقتصاديات البيانات.
أكد التحليل على أهمية اقتصاديات البيانات حيث تُعتبر عنصرًا حيويًّا في تشكيل المستقبل الاقتصادي العالمي، وتكمن أهميتها في عدة جوانب رئيسة، ومن أبرزها:
-الابتكار: يُمكن أن يساعد استغلال البيانات من مصادر مختلفة المؤسسات على ابتكار أساليب جديدة لتحسين تصميم المنتجات والخدمات، وتمكين الشركات وتحسين العمليات لاستحداث خدمات جديدة، وتقوم اقتصاديات البيانات بدعم الشركات لمساعدة عملائها من خلال التعرف على تفضيلاتهم ومتطلباتهم، ويُمكن للشركات تخصيص منتجاتها وخدماتها لتلبية توقعات العملاء بشكل أفضل.
-تحسين الكفاءة: يُمكن للشركات التي تشارك في اقتصاديات البيانات تحسين كفاءة أعمالها وخفض التكاليف من خلال تبسيط العمليات، وتحديد مجالات التحسين، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الإنتاجية، والقدرة التنافسية ومن ثَمَّ أرباح الشركة في النهاية.
-خلق فرص العمل: تُعد اقتصاديات البيانات مصدرًا مهمًّا لتوفير فرص التوظيف؛ فمع تزايد أعداد الوظائف في مجال علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، ومع اعتماد المؤسسات بشكل أكبر على اتخاذ القرارات المستنيرة باستخدام البيانات، يُتوقع أن يزداد الطلب على المتخصصين في مجال علوم البيانات والذكاء الاصطناعي.
-النمو الاقتصادي: يُعد اقتصاديات البيانات أمرًا بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي في عصر التحول الرقمي؛ حيث تستفيد المؤسسات من البيانات في إنشاء منتجات وخدمات جديدة؛ إذ يمكن للشركات توسيع آفاقها وخلق فرص عمل جديدة وزيادة الإيرادات.
-حل المشكلات العامة: تعمل مبادرات تبادل البيانات التشاركية بين القطاعين العام والخاص على اكتشاف حلول مبتكرة للتحديات المجتمعية، ومن خلال حصر وتجميع البيانات المتنوعة، ستتمكن الحكومات من معالجة قضايا مثل: الازدحام الحضري، والتفاوت في الرعاية الصحية، والاستدامة البيئية، بشكل أكثر فعالية، وعلاوة على ذلك، ستُسهم المشاركة والتعاون بين القطاعين العام والخاص في تعزيز الشفافية، وتعزيز الثقة، وتعزيز الشعور بالانتماء بين الأفراد.
-تمكين الأفراد في اقتصاديات البيانات المستقبلية: سيصبح للأفراد سيطرة كبرى على بياناتهم الشخصية بفضل التطور التكنولوجي؛ إذ ستُمكِّن الابتكارات في أنظمة إدارة المعلومات الشخصية (PIMS) وتقنيات تعزيز الخصوصية (PETS) الأشخاص من إدارة بياناتهم بشكل أفضل؛ مما يعزز نظامًا بيئيًّا أكثر إنصافًا للبيانات، وسيكون الأفراد قادرين على اتخاذ قرارات أكثر استنارة تساعدهم في الدفاع عن حقوقهم الرقمية.
أوضح التحليل أن المنتدى الاقتصادي العالمي العديد حدد عدد من المبادئ التي تضمن الوصول إلى نظام عادل لاقتصاديات البيانات وهي كما يلي:
-النزاهة: يجب تحديد ملكية البيانات بوضوح واحترامها من قبل جميع المشاركين، واستخدام البيانات ومشاركتها بطريقة يمكن من خلالها تتبع إنشائها وجمعها وتبادلها واستخدامها وإعادة استخدامها والتحكم فيها ومراجعتها. ويعزز ذلك من الثقة بين الأطراف ذات الصلة داخل النظام البيئي للبيانات، كما يضمن بقاء البيانات سليمة. ويمكن أن يتم ذلك من خلال استخدام الحلول التقنية التي تسهل جمع البيانات وتخزينها ومعالجتها ومشاركتها بشكل آمن.
-الشمولية: يقوم هذا المبدأ على تمكين جميع الأطراف ذات الصلة ومساعدتهم على المشاركة بفعالية في اقتصاديات البيانات؛ إذ ينبغي أن يكون الوصول إلى شبكات البيانات والأسواق ومقدميها متاحًا للصناعات الصغيرة بالسهولة نفسها التي يتاح بها للشركات الكبيرة التي تتمتع بوفرة من الموارد. وسوف يساعد اكتشاف البيانات وإمكانية الوصول إليها في تحقيق اقتصاديات بيانات شاملة.
-القابلية للتشغيل البيني: يشير المصطلح إلى دمج مجموعات البيانات من مصادر مختلفة بطريقة يمكن من خلالها إجراء تحليلات ذات مغزى وقابلة للتحقق. هذا، وتزيد القابلية للتشغيل البيني من قيمة شبكات البيانات بشكل كبير، وسوف تعمل أيضًا على توازن القوى؛ لضمان عدم ممارسة أي شبكة أو مؤسسة لقوة احتكارية على الآخرين.
وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى أن اقتصاديات البيانات تُواجه العديد من التحديات والعوائق، ومنها:
- عدم توافر البيانات: لا يمكن تحقيق إمكانات اقتصاديات البيانات إلا إذا كانت البيانات متاحة، ولكن يظل توافرها وإمكانية الوصول إليها يشكلان تحديًا، وبصرف النظر عن الحكومات المختلفة، فإن الكثير من البيانات التي يتم إنشاؤها في القطاع الخاص تكون معزولة وغير متاحة للاستخدام للأغراض المشتركة.
- ضعف جودة البيانات المتاحة: حيث قد تكون مجموعات البيانات غير مكتملة، أو مُسمّاة بشكل غير صحيح، أو غير منظمة، ويتطلب ذلك قدرًا كبيرًا من العمل لتنقية ورقمنة البيانات من أجل استخراج القيمة الاقتصادية منها.
-عدم توافق مجموعات البيانات: حيث يشكل عدم وجود المعايير والبروتوكولات الموحدة عائقًا في فهم البيانات عند مشاركة أو تحليل أو تكامل البيانات من مصادر مختلفة، على سبيل المثال في مجال الرعاية الصحية، قد يقوم مقدمو الرعاية الصحية بتسجيل بيانات المرضى في قوالب مختلفة تجعل من نقل البيانات أمرًا شاقًّا.
أشار التحليل إلى أن كمية البيانات التي تم إنشاؤها والتقاطها ونسخها واستهلاكها عالميًّا شهدت زيادة مضطردة خلال السنوات الأخيرة؛ فقد بلغت نحو 123 زيتابايت ((Zeta bytes في عام 2023 مقارنة بنحو 2 زيتابايت في عام 2010. ومن المتوقع أن تصل إلى نحو 182 زيتابايت بنهاية عام 2025، ونحو 394 زيتابايت في عام 2028.
أوضح التحليل أن اقتصاديات البيانات في الاتحاد الأوروبي تقدر بنحو 544 مليار يورو في عام 2023، بنمو سنوي بلغ 9.3% مقارنةً بعام 2022، وعلى الرغم من الاضطرابات الاقتصادية، لم تتأثر سوق تقنيات البيانات والتحليلات الذكية، ومن المتوقع أن يصل حجم اقتصاديات البيانات في الاتحاد الأوروبي إلى نحو 851 مليون يورو في عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ نحو 5.3% خلال الفترة (2025 - 2030)، وقد ارتفع نصيب اقتصاديات البيانات من الناتج المحلي الإجمالي في الاتحاد الأوروبي لنحو 4.2% في عام 2023 مقارنة بنحو 3.9% في عام 2022 و3.7% في عام 2021.
وفي عام 2019، جاءت شركة جوجل في مقدمة الشركات التي تهيمن على سوق اقتصاديات البيانات في المجال البحثي وفي مجال أنظمة الشركات مع كل من شركة مايكروسوفت، وأبل، وهيمنت شركات: فيسبوك، وواتساب، ووي شات، على مجال التواصل الاجتماعي والمراسلة عبر الإنترنت، وفي مجال الاقتصاد التشاركي، تصدرت القائمة شركات: أوبر، وإير بي إن بي، وفي مجال تقديم المحتوى والخدمة، تصدرت القائمة شركات: نتفليكس، وفينمو، وإكسبيديا، وفي مجال مبيعات التجزئة، تصدرت القائمة شركات: أمازون، وإيباي، وعلي بابا. كما تصدرت شركة أبل القائمة مع كل من سامسونج وسيسكو في جانب أجهزة البيانات.
أشار التحليل إلى قيام مصر باتخاذ خطوات عديدة لربط الوزارات والهيئات عبر شبكة وطنية موحدة وإنشاء مركز خدمات تحليل ومعالجة البيانات الضخمة، ومن هذه الخطوات:
-إنشاء مراكز إبداع مصر الرقمية، وهي مبادرة أطلقتها الحكومة المصرية ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقد بلغ عدد مراكز المبادرة 20 مركزًا على مستوى الجمهورية في عام 2022، ويتم تنفيذها من خلال مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال، ويهدف المشروع إلى دعم الطلاب ورواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة ومساعدتهم للمساهمة بفعالية في تحقيق التحول الرقمي في مختلف قطاعات الدولة.
-إنشاء مركز البيانات والحوسبة السحابية "P1" والذي تم افتتاحه في 28 أبريل 2024، ويُعد أول مركز في مصر وشمال إفريقيا يُقدم خدمات تحليل ومعالجة البيانات الضخمة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي بمشاركة أكثر من 15 شركة محلية وعالمية متخصصة في قطاع الحوسبة، وقد وجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بالاستفادة من موقع مصر المتميز؛ حيث تمر 90% من الكابلات البحرية في العالم عبر مصر، باعتبارها مركزًا رئيسًا لنقل البيانات والاتصالات في العالم، ويهدف إنشاء المركز إلى العمل على تقديم التطبيقات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لصناعة القرار على كل المستويات، واستخدام تكنولوجيا الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في تحليل البيانات الحكومية، وتوطين استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي، وتوفير جميع البيانات الدقيقة وتحليل البيانات الضخمة للجهات الحكومية، وتوفير الإدارة والتشغيل الذاتي، والحفاظ على الخصوصية المصرية كمشروعات المواني الذكية التي تساعد على تسهيل حركة الاستيراد والتصدير.
-إصدار قانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020، وهذا القانون يتماشى مع اللائحة الأوروبية لحماية البيانات الشخصية GDPR، ويهدف إلى حماية البيانات الشخصية للمواطنين من خلال وضع إطار تشريعي يحكم العلاقة بين القائمين على البيانات والمستخدمين، فضلًا عن آليات تنظيم أنشطة استخدام البيانات الشخصية في عمليات الإعلان والتسويق على شبكة الإنترنت وفي البيئة الرقمية بشكل عام، وتجريم معالجتها لأغراض غير تلك المصرح بها لصاحب البيانات، كما يُلزم جامعي البيانات ومعالجيها بالحصول على التراخيص والتصاريح والاعتمادات اللازمة لعملهم.
وأوضح التحليل في ختامه أن البيانات أصبحت المورد الأكثر قيمة في السنوات الأخيرة، وأصبحت تُشكل العمود الفقري لاقتصاد المعرفة والتحول الرقمي، ويمكن أن تسهم بشكل فعال في تعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة إذا ما امتلكت الدول والمؤسسات قدرات كبيرة في مجالات جمع البيانات وتحليلها واستخدامها، ويُمثل ذلك فرصة كبيرة لمصر التي قطعت شوطًا كبيرًا في هذا الإطار؛ حيث تعمل على بناء بنية تحتية رقمية متطورة، مثل: مشروعات التحول الرقمي والحوكمة الإلكترونية، إلى جانب تعزيز الاستثمار في الابتكار والذكاء الاصطناعي، ومع التوسع في تطبيقات البيانات الضخمة في القطاعات الحيوية، مثل: الزراعة، والصحة، والتعليم، يمكن أن تصبح مصر لاعبًا إقليميًّا بارزًا في هذا المجال.