لا جدوى من الصراخ لن يأتي أحد لنجدتك.. محنة نساء تيغراي في إثيوبيا
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
تعاني نساء تيغراي في إثيوبيا في ظل النزاع المستمر في البلاد، حيث تم توثيق اعتداءات تعرضن لها في ظروف صعبة ومأساوية فاقمها نقص الخدمات الأساسية وغياب الحماية.
يبدأ مراسل صحيفة لوموند الخاص في أديس أبابا تقريرا له عن هذا الموضوع بقصة اختطاف بيزاويت (تم تغيير اسمها الأول)، على يد جنود إريتريين في منطقة تيغراي شمالي البلاد.
ويذكر نوي هوشيت بودين أن الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وقعتا اتفاقا ينهي عامين من الحرب الأهلية، لكن ذلك لم يشفع لتلك السيدة البالغة من العمر 37 عاما، إذ بينما كان العالم يرحب بعملية السلام الجارية في إثيوبيا، ظلت بيزاويت ولمدة 3 أشهر تعيش جحيما حقيقيا حيث تناوب على اغتصابها عدد من المقاتلين الإريتريين في منطقة كوكب تسيبه، حيث تعيش.
ونقل الكاتب شهادتها "قالوا لي لا فائدة من الصراخ، لن يأتي أحد لإنقاذك، لقد تناوبوا على اغتصابي، مثل جنود يتناوبون في مهمة حراسة".
وعلق بودين على تلك الشهادة قائلا إن هذه المرأة هي إحدى 48 امرأة استندت منظمة العفو الدولية لشهادتهن في تقرير نشرته في الخامس من سبتمبر/أيلول الجاري، أبرزت فيه أنه رغم وقف الأعمال العدائية فقد وجدت نساء تيغراي أنفسهن على خط المواجهة، ووقع ما لا يقل عن 120 ألفا منهن ضحايا الاغتصاب خلال الحرب، وفقا للسلطات الصحية الإقليمية.
وذكر الكاتب أن منظمة العفو الدولية جمعت في قرية كوكب تسيبه وحدها، في الفترة ما بين الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 و19 يناير/كانون الثاني 2023، شهادات 15 من حالات الاستعباد الجنسي على أيدي الإريتريين، حيث نفذ الجيش الإريتري عمليات اغتصاب جماعي لنساء في منازلهن، للاشتباه في انضمام أزواجهن إلى متمردي تيغراي.
ورغم أن عينة الشهود التي حللتها منظمة العفو الدولية محدودة الزمان والمكان، فإن المراسل أوضح أن تقرير المنظمة الذي يحمل عنوان "عاجلا أم آجلا يجب تقديمهم إلى العدالة" كشف الاستخدام المنهجي للاغتصاب في تيغراي أثناء الحرب وبعدها.
ونقل عن الباحثة في هذه المنظمة غير الحكومية هيمانوت أشينافي قولها إن "عمليات الاغتصاب والاعتداءات الجنسية مستمرة حتى اليوم في مناطق مختلفة من تيغراي".
نقطة عمياءوحذر المراسل من أن الأريتريين ما زالوا موجودين في شريط حدودي متنازع عليه أصلا مع إثيوبيا، حسب ما أكده للوموند جراح من مستشفى أديغرات في شمال تلك المنطقة، يمارسون أعمال الاغتصاب، حيث يستقبل المستشفى أسبوعيا حالات اغتصاب نساء قادمات من إيروب أو زالامبيسا، وهما منطقتان تحتلهما إريتريا.
وأوضح أن الشريط المذكور يمثل نقطة عمياء بالنسبة للمجتمع الدولي، إذ لا توجد فيه منظمات إنسانية ولا منظمات غير حكومية، وبعد مرور عام تقريبا على اتفاق السلام، قال المراسل إن منظمة العفو الدولية تخشى أن يستمر الصمت، ناقلا عن لهيمانوت أشينافي قولها إن رفض الحكومة الإثيوبية السماح بإجراء تحقيقات دولية في مجال حقوق الإنسان يشكل عقبة أمام المساءلة عن جرائم الحرب.
وأضاف الكاتب أن ما دام آبي أحمد ينفي وجود جرائم حرب، بما في ذلك الاغتصاب، وما دام يعارض التحقيق في النزاع، ويكتفي بما وجهته السلطات الفدرالية من اتهامات لحوالي 20 جنديا فقط، فإن ذلك يعني أن أديس أبابا تحاول منع كل الجهود المبذولة لتحقيق العدالة الدولية.
ولفت الكاتب إلى معركة أكثر أهمية ستدور في جنيف في منتصف سبتمبر/أيلول الجاري، خلال دورة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث سيناقش المجلس تجديد أو عدم تجديد اللجنة الدولية لخبراء حقوق الإنسان في إثيوبيا، وهي الشوكة الكبرى في خاصرة إثيوبيا، التي حاولت قمعها في عدة مناسبات، وحسبما أوضحت العديد من المصادر الدبلوماسية، فإن اختفاء لجنة التحقيق هذه سيكون مأساة، وقد يمثل ذلك نهاية الضغط على السلطات الإثيوبية لكشف الحقيقة، وفقا للمراسل.
وأضاف الكاتب أن نساء تيغراي بعد عزلهن في إثيوبيا وتخلى المجتمع الدولي عنهن، ومن أجل الذاكرة الجماعية لمجتمعهن، قررن سرد محنتهن خلال عامين من الحرب، حيث قامت بيرهان غيبريكريستوس، الباحثة في جامعة ماكالي، بجمع شهادات العشرات من ضحايا الاعتداء الجنسي على يد جنود أو مليشيات إريترية في منطقة أمهرة المجاورة، وذلك في كتابها "ميكانيت" (أداة التعذيب باللغة التيغرانية)، الذي شاركت في كتابته معها إحدى الممرضات، وهو يتتبع محطات الاستخدام المنهجي للاغتصاب كسلاح حرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: منظمة العفو الدولیة فی إثیوبیا
إقرأ أيضاً:
محنة لبنان في انتظار ترامب
كتب رفيق خوري في" نداء الوطن": الثابت في لبنان هو إدمان الانتظار، وليس انتظار الرئيس دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة ولبنان سوى مرحلة من التعلق بحبال الهواء بعد مرحلة الرئيس جو بايدن. وكلها حلقات في مسلسل الانتظار اللبناني والعربي لرؤساء أميركا الواعدين بتسوية الصراع العربي- الإسرائيلي.رسالة ترامب إلى اللبنانيين سبقتها رسالة بايدن إليهم عام 2020. كلا المرشحين وعد بإعطاء الأولوية لإنقاذ لبنان. وكلا الرئيسين ترك لبنان على قارعة الطريق. فالكلام الرئاسي شيء، والفعل الأميركي شيء آخر.
لبنان لا يظهر على الرادار الأميركي كبلد له قضية بل كقطعة على رقعة شطرنج. ففي كامب ديفيد رأى الرئيس جيمي كارتر أن لبنان "وعاء يغلي"، لكنه لم يعمل على وقف الغليان بل على
"إبقاء الغطاء عليه" حتى لا يفسد الطبق الرئيسي وهو السلام الشامل عشية معاهدة كامب ديفيد. وقبله روى الدكتور هنري كيسينجر في "سنوات الاضطراب" أن الرئيس سليمان فرنجية سأله عن إمكان أن تحد واشنطن "من النفوذ السوفياتي وتريح لبنان من مشكلته الفلسطينية" فلم يقدم جواباً واضحاً، وقال في نفسه "لم يطاوعني قلبي للإقرار بأنه من غير المرجح أن ينجو لبنان من ضيوفه المفترسين".
وبكلام آخر، فإن أميركا تنظر إلى لبنان من خلال المنظمات الفلسطينية وأمن إسرائيل، والدور السوري و"حزب الله" والدور الإيراني. فمن يهدد مصالحها أو يضمنها عبر صفقة هم اللاعبون الأقوياء في لبنان وليس البلد الضعيف المنقسم. أميركا تتحدث عن الحاجة إلى "رئيس متحرر من الفساد وقادر على توحيد البلاد وإجراء الإصلاحات الضرورية لإنقاذ الاقتصاد من أزمته"، من دون الضغط الكافي في الداخل والإقليم لإنهاء الشغور الرئاسي، وتدعم إسرائيل في حربها لا بل إن ترامب يعد بدعم أقوى من دعم بايدن النووي.