مُفاجأة عن أمير الإرهابيين في عين الحلوة.. ماذا سيشهد المُخيم اليوم؟
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
ساعاتٌ قليلة تفصلُ مُخيّم عين الحلوة في صيدا عن "إنعطافة أساسيّة" في ملف التوتر الذي يشهدهُ منذ شهر تمّوز الماضي، وما سيجري اعتباراً من اليوم الخميس سيُمثّل خطوة عمليّة لبيان "هيئة العمل الفلسطيني المُشترك" الصادر يوم الثلاثاء، والذي دعا القوة الأمنيّة المشتركة في المخيم إلى تنفيذ "الواجب بما يخصُّ الجرائم الأخيرة التي حصلت"، وآخرها حادثة اغتيال القيادي في حركة "فتح" اللواء أبو أشرف العرموشي على يد إرهابيي جماعتي "جند الشام" و "الشباب المسلم".
بحسب معلومات "لبنان24"، فإنَّ القوة الأمنية المُشتركة تتحضّر أولاً لتسلُّم المدارس ضمن المخيم وفرض سيطرتها عليها بعد خروج مُسلّحي الجماعتين المذكورتين منها. اللافت هنا هو أنَّ موعد إنتشار القوة جرى تسريبهُ أمس الأربعاء عبر تطبيق "واتساب" وتمّ تحديدهُ اليوم الخميس، علماً أنَّ تفاصيل تلك الخطوة الأمنية المُرتقبة كانت يجب أن يبقى طيّ الكتمان بين المعنيين بها. هنا، تقولُ مصادر خاصة لـ"لبنان24" إنَّ ما جرى إعلانه يحمل إلتباساً واضحاً، فالقوة الأمنية المشتركة لم تُحدّد يوم الخميس موعداً لتحرّكها باتجاه المدارس، وما حصل هو أنّ الإرهابي هيثم الشعبي هو من أبلغ حركة "فتح" عبر وسطاء وهم "حركة حماس" ورئيس الحركة الإسلامية المُجاهدة الشيخ جمال خطاب، بأنّ مسلحيه سيغادرون المدارس يوم الخميس باتجاه منطقتي التعمير وحي الطوارئ داخل المُخيم. لهذا السبب، رجّحت مصادر ميدانية في عين الحلوة أن تتأخر عملية الإنتشار ريثما يتمّ ترتيب الأوضاع الميدانيّة، فيما رأت في الوقت نفسه أنّ تنفيذ خطوة الدخول إلى المدارس قد تحصلُ اليوم وتحديداً بعد التأكد من إنسحاب المسلحين من الصروح التعليمية من جهة، وبعد ضماناتٍ بعدم تحضير الإرهابيين أو أي مجموعات أخرى لعملٍ أمني يُخلّ بالخطة الموضوعة من جهةٍ أخرى. أما الأمر الأهم فهو أنّ الخطوة التي ستلي الإنتشار في المدارس ستكون، وبحسب معلومات "لبنان24"، دخول القوة الأمنية المشتركة إلى منطقتي الطوارئ والتعمير التحتاني لجلب المطلوبين بجريمة اغتيال العرموشي، وذلك خلال 24 ساعة تقريباً من خطوة إحكام السيطرة على المدارس. وتوازياً مع ذلك، أشيعت خلال الساعات الماضية أيضاً أنباءٌ تفيد بأنّ قوات الأمن الوطنيّ الفلسطيني أمهلت مسلحي "جند الشام" و "الشباب المسلم" حتى الساعة 6 من صباح اليوم الخميس للخروج من المدارس، وسط تضمين تهديدٍ يفيد بأنه سيتم التعامل مع أيّ مسلح بعد تلك المهلة. إثر ذلك، بادرت قوات الأمن الفلسطيني إلى إصدار بيانٍ ينفي ما تمّ تداوله، باعتبار أن مثل تلك الأخبار تثيرُ التوتر والهدف منها إحباط المساعي التي يجري التحضير لها خلال المرحلة المُقبلة.
أمرٌ مريب في الواقع، فإنّ الكلمة التي أعطاها الإرهابيون بشأن خطوة خروجِهم من المدارس تتضمنُ شبهات معينة لا يمكن التغاضي عنها. معلومات "لبنان24" تكشفُ إنّ الإرهابي هيثم الشعبي قال إنهُ على إستعداد لذلك، لكنّه أشار في الوقت نفسه عبر الوسطاء إلى أنَّ شقيقه الإرهابي مُحمّد الشعبي يرفض إخلاء المدارس. لهذا، سادت شكوكٌ من مُخطّط مشبوه يجري التحضير له، وتقولُ المصادر في عين الحلوة إنَّ "إشاعة حصول إنقسامٍ بين الأخوين الشعبي في هذه المرحلة لا يدلّ إلا على أمرٍ مريب ويجب الإنتباه له بشدّة"، وتضيف: "الحديثُ عن رأيين في أوساط المسلحين يعني أنَّه من المُمكن أن تبقى مجموعات لا تريد الخروج من المدارس متحصنة داخل الأماكن الموجودة فيها، وبالتالي من الممكن أن تبادر إلى مهاجمة القوة الأمنية المشتركة أثناء تنفيذ الأخيرة إنتشارها المُرتقب". ووفقاً للمصادر، فإنَّ هيثم الشعبي يُحاول "اللعب" على حبالٍ مُختلفة من خلال إيهام الفصائل الفلسطينية على أنهُ مُتعاون، لكنه في الوقت نفسه يستثمر الحديث عن وجود إنقسامٍ بينه وبين أخيه لإبقاء السيطرة على المدارس وتبرير أي هجومٍ قد يحصل على أنه جاء بسبب عدم إلتزام كافة العناصر بقرار الإنسحاب. هنا، تشيرُ المصادر إلى أن هيثم الشعبي هو "الآمر الناهي" في أوساط "الشباب المُسلم" و "جند الشام"، ومن خلاله يتمّ إعطاء الأوامر للمسلحين، وبالتالي فإن الحديث عن أن شقيقه هو الذي "يمونُ" في قرار إخلاء المدارس، يندرجُ في إطار الكلام المشبوه والمُريب والمشكوك به وغير الصحيح على الإطلاق. إضافةً إلى ذلك، تقولُ مصادر "لبنان24" إنَّ الشعبي اعتمدَ أكثر من مرة أسلوبَ "التنصّل" من أي أمرٍ يتعلق بحوادث أمنيّة داخل المُخيّم لتبرئة نفسه، كاشفة أنَّه وخلال التحقيقات التي أُجريت بجريمة اغتيال العرموشي، قال الشعبي للجنة التحقيق إنَّه "كان نائماً" لحظة تنفيذ الجريمة يوم 30 تموز الجاري. بحسب المصادر عينها، فإنّ الشعبي تفوّه بالعبارة نفسها قبل سنوات حينما تعرّضت مراكز "فتح" في حي بستان القدس لإطلاق نار كثيف عقب إنتشارٍ إشكالٍ مُسلّح بين شخصين في المحلة. حينها، كانت كثافة النيران شديدة وقد حُوصر مسلحو "فتح" داخل مراكزهم أكثر من 15 دقيقة بسبب الرصاص الكثيف، وحينما سُئل الشعبي عن الأمر، قال إنه "كان نائماً" أيضاً. ما يتفوّه به الشعبي وصفتهُ مصادر فلسطينية بـ"السخافات" التي يلجأ إليها إرهابيّ لتبرير أعماله وأفعاله، وسألت بإستهجان: "شو هالمسؤول العسكري يلّي بضل نايم وما بيعرف شي.. أكاذيب تلو أكاذيب". كذلك، تقولُ المصادر إنَّ إنتشار القوة الأمنية المشتركة وسط عدم وجود ضمانات ميدانية، يُعيد الذاكرة إلى العام 2017، وتضيف: "حينها، وفي ذلك العام، وأثناء تنفيذها إنتشاراً في حي الطيري بعد حوادث اغتيال عديدة، تعرّضت القوّة الأمنيّة المُشتركة لإطلاق نار أسفر عن مقتل أحد عناصرها ويُدعى موسى الخربوطي. وإثر ذلك، اندلعت مواجهة ضدّ مجموعة الإرهابيّ بلال بدر في المنطقة وتطوّر الأمر إلى تطهير المنطقة من العناصر التابعة لذاك الإرهابي". وتُردف المصادر: "لهذا الأمر، هناك مخاوف من أن يتكرر سيناريو الطيري أثناء انتشار القوة الأمنية في المدارس، ولهذا السبب يبقى الحذرُ واجباً لأنّ التعاطي يحصلُ مع إرهابيين لا يلتزمون بأي وعود". ووسط هذه المشهدية، تكشف معلومات "لبنان24" إنَّ تشكيل القوة الأمنية المُشتركة شهدَ خلال الساعات الماضية عوائق عديدة بعدما رفض الشيخ جمال خطاب، رئيس الحركة الإسلامية المجاهدة، المشاركة في القوة التي تشكلت من مختلف الفصائل الفلسطينية. هنا، تقولُ المصادر إنَّ خطاب أعطى ذريعة مفادُها إنَّ العناصر الذين ينضوون تحت قيادته ليسوا من المطلوبين للدولة اللبنانية، وبالتالي فإنَّ مُشاركتهم في أي عملية قد تجعلهم "تحت الرّصد". وإزاء هذا الأمر، تقرّر أن تكون القوّة الأمنية المشتركة قائمة على 3 دوائر بغض النظر عن التنظيمات التي امتنعت عن المشاركة فيها، وهي باتت مؤلفة من: الدائرة الأولى وهي تُمثل منظمة التحرير الفلسطينية، الدائرة الثانية وتُمثل القوى الإسلامية على إختلافها، فيما الدائرة الثالثة تمثل قوى التحالف وأنصار الله.
بحسب المصادر، فإن ما يجب ذكره هو أن هناك فصائل لم تُقدّم عناصر للمشاركة في القوة بسبب عدم وجود قدرة لها على ذلك، لكنها تتبنى القرار الذي سيُتخذ ميدانياً داخل المُخيّم، وتقول: "الأساس يكمنُ في تنفيذ ما يجب تنفيذه وعودة الهدوء إلى المُخيم، وفي حال تحقق ذلك فإن الإنجاز سيكون للجميع من دون إستثناء".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: ة الأمنیة المشترکة یوم الخمیس عین الحلوة ة المشترکة من الم
إقرأ أيضاً:
آفـة الترويض السياسي (1 – 3)
في مقالات سابقة كتبت على “آفات قاتلة” لأي عمل سياسي لعل من أهمها:
“آفة غياب الاستماع”، “آفة الاسهال الفكري”، “آفة الشخصنة”،”آفة الظاهرة القردية”،
“آفة المحصلة الصفرية”، “آفة نشوة السكرة السياسية”، “آفة الاغتراب السياسي”،
و”آفة الاستخفاف بالآخر”.
في تصوري أن كل ناشط (أو عامل) في المجال السياسي سيكون عرضة للإصابة – على الأقل – بواحدة من هذه الآفات، ولكي ينجح ويستطيع تحقيق أهدافة عليه أن يتعرف عليها ويحاول تلافيها.
في هذا المقال سأتحدث على آفة سياسية أخرى، ضارة ومُعدية وقاتلةً، أخذت تنتشر بسرعة، في السنوات الأخيرة، وأصبح من الواجب مواجهتها والسعي للتخلص منها، هذه الآفة هي “الترويض السياسي“، وهي وسيلة ناعمة (وفي بعض الأحيان خشنة) يستخدمها حاكم أو سياسي ما للسيطرة على من حوله من الأفراد وتسخيرهم لخدمته وتحقيق أهدافه الأنانية، بمعنى آخر، هي أداة لإخضاع شخص (أو شخوص) وتهيئته لعمل خاص، وذلك بتغيير (أو ضبط) سلوكه أما بالثواب أو بالعقاب، وجعله مطيعا وخاضعاً لكل ما يُطلب منه.
الأهداف
لعملية الترويض السياسي أهداف عديدة لعل من أهمها:
(1) الإخضاع، أي إخضاع الشخص المُستهدَف لرغبات المُروض.
(2) الاستمرار أي استمرار خضوعِ الشخص المُستهدَف لأوامر المُروض.
(3) التعود أي جعل الشخص المُستهدَف يتعود العيش في المهانة والذل وإرضاء سيده.
(4)الاستقرارأي جعل الشخص المُستهدَف يشعر بأن الاستقرار، في المحيط الذي هو فيه، أهم من العدالة والكرامة والحرية أو أي شيء آخر.
الركائز
لكي تنجح عملية الترويض السياسي مع أي شخص أو في أي دولة أو مجتمع لا بد أن تعتمد – على الأقل – على ركائز ضرورية ثلاث هي:
أولاً: القوة
تعتبر “القوة” أهم ركيزة ضرورية لترويض شخص (أو جماعة أو دولة أو شعب) ما وجعله “مطيعا” و”خاضعاً” و”مُستسلماً”، فعلى سبيل المثال، القوة هي التي أوجدت ما عُرف في التاريخ بـ”مؤسسة العبودية”، لأن مجموعة من الأفراد (في مكان ما) اعتقدوا أنهم “سادة قومهم”، فقاموا بامتلاك عناصر القوة المطلوبة لترويض من حولهم وإجبارهم على أن يكونوا عبيد لهم!
ولكن على المرء أن يعي أن القوة وحدها (وخصوصا الخشنة منها) لا تُحقق الأهداف المنشودة، ولعل خير مثال على ذلك ما عُرف – في السنوات الأخيرة – بــ”الحرب على الإرهاب”، فبالرغم من القوة الخشنة والمتطورة التي تمتلكها أمريكا والدول الأوروبية، إلا أنهم فشلوا ولم يستطيعوا تحقيق هدفهم النهائي والمرغوب، ألا وهو النصر على الإرهاب! وفي هذا الصدد يقول جوناثان إيال، مدير معهد الخدمات الملكية البريطانية (وهو مركز أبحاث عسكري بريطاني): “إن المفهوم الكبير للحرب [على الإرهاب] لم ينجح، وإن هذه الحرب لم تكن حاسمة من الناحية العسكرية البحثة، بل كانت عملية عشوائية إلى حد ما” (توم ريجن, 2004)، لذا لكي تتحقق أهداف الترويض المطلوبة والمرغوب، لابد أن تقترن “القوة” بعوامل ضرورية أخرى، لعل من أهمها الخوف.
ثانياً: الخوف
أما الركيزة الثانية والضرورية لترويض شخص (أو جماعة أو دولة أو شعب) ما وجعله “مطيعا” و”خاضعاً” و”مُستسلماً” هي “الخوف”، إذ يعتبر من أهم الوسائل التي تستخدمها الأنظمة (وخصوصا الدكتاتورية) للسيطرة على شعوبها. ولعلني هنا اتفق مع الكاتب الامريكي هوارد فيليبس (1890 –1937)، المتخصص في الخيال الغريب وخيال الرعب، عندما قال:
“الخوف أقدم وأقوى عاطفة لدى البشر“.
وعليه يمكن اعتبار الخوف أكبر التحديات التي تواجه الإنسان في حياته، ولهذا نجد الرئيس الأمريكي فرانكلن ذي روزفلت (1882- 1945) في خطاب تنصيبه الأول، في 4 مارس 1933، حث شعبه على المزيد من العمل دون تردد قائلاً لهم:
“إن الشيء الوحيد الذي يجب أن نخافه هو الخوف نفسه“.
ومن أشهر الأمثلة على استخدم ’الخوف كسلاح’:
(1) كان الخوف أهم سلاح فيما عُرف بـ”جمهوريات الخوف” التي أسسها الانقلابيين في دول العالم الثالث (وخصوصا الدول العربية) خلال النصف الأخير من القرن العشرين، حيث حكم هؤلاء الانقلابيين شعوبهم بالحديد والنار، وتعاملوا مع كل من حاول معارضتهم أما بالقتل أو بالسجن أو بالتشريد.
(2) استخدام الخوف كسلاح لم يقتصر على الدول الدكتاتورية فقط، بل استخدمته بعض الدول الديمقراطية أيضا، فعلى سبيل المثال، ما عُرف في خمسينيات القرن الماضي بــ’المكارثية’ لخير ذليل على ذلك، وهي سياسة تبنتها الولايات المتحدة لمواجهة ما عُرف بـ”المد الشيوعي أو الخوف الأحمر”، وهي حملة قادها السيناتور جوزيف آر. مكارثي، من ولاية ويسكونسن، حيث ادعى أنه يمتلك قائمة بأسماء 205 شيوعيين يعملون في وزارة الخارجية الأميركية، ومنذ تلك اللحظة أصبح السيناتور مكارثي محارباً شرساً ضد الشيوعية، ولأنه كان رئيسًا للجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات بمجلس الشيوخ، فقد أجرى جلسات استماع عديدة بشأن التخريب الشيوعي في أمريكا، وحقق في التسلل الشيوعي المزعوم للقوات المسلحة” (روث روزن, 2003).
وكنتيجة لهذه الحملة على الشيوعية، استطاعت السلطات الفيدرالية تخويف الشعب الأمريكي وترويضه تحت ذريعة حمايته من المد الماركسي اللإلحادي الذي يهدد وجود أمريكا، ونتج عن تلك الحملة اتخاذ العديد من السياسات الفيدرالية لعل من أهمها:
(أ) التأكيد على أن أمريكا دولة مُتدينة تؤمن بالله وتثق به، ولأول مرة في تاريخ أمريكا استُخدمت عبارة ’ثقتنا في الله’ (In God We Trust) على العملات الورقية عام 1957، كرد فعل انفعالي على الخوف الأحمر الذي أثاره السياسيين المحافظين في تلك الفترة لتمييز الأمريكيين عن “الشيوعيين الملحدين”.
(ب) التأكيد على أن أمريكا دولة رأسمالية وأن ’السوق الحر’ هو العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي، وبالتالي لا بد من رفض ومحاربة الأنظمة الاشتراكية أو أي اقتصادي آخر.
مما تقدم يمكن استخلاص النصائح الآتية، لكل من يرغب في ممارسة السياسة:
أن يدرك أن الخوف عامل ضروري ومهم في حياة الانسان. أن يعي أن الخائف لا ينفع معه المنطق. من الخطأ افتراض “أن الإنسان إذا عرف كل الحقائق سيتصرف وفقاً لذلك”. الإيمان بأن الخوف، في أغلب الأحيان، أهم وأكثر تأثيرا من القوة!!! وقد عبر عن هذه الحقيقة الصحفي ميك هيوم رئيس تحرير مجلة سبايكد، في مقال له بعنوان: “الخوف والانهزامية يصيبان الغرب” قال فيه: “إن الخوف والانهزامية يصيبان الغرب ورغم تفوقهما العسكري الساحق في أفغانستان، وآلاتهما المتطورة لإدارة وسائل الإعلام، فإن الحكومتين الأميركية والبريطانية تشعران بقلق بالغ إزاء خسارة الحرب الدعائية”( ميك هيوم,2001). معرفة أن الخوف يزداد قوة عندما يقترن بالجهل، فمثلاً، انتشار مناخ الخوف الذي روجت له إدارة الرئيس جورج بوش (الابن) في أعقاب هجمات 11 سبتمبر2001، كان له تأثير واسع النطاق على العرب والمسلمين وخصوصا المقيمين بأمريكا، وذلك لأن الرئيس بوش نجح في ربط قضية مكافحة الإرهاب بالحريات العامة واعتبرها معركة من أجل الحريات والحقوق، وبذلك نجحت حملته في إقناع الأغلبية الساحقة من الأمريكان، فقد “أظهرت استطلاع الرأي التي أجرتها مؤسسة “قالب بول” أن أربعة من كل خمسة أميركيين على استعداد للتخلي عن بعض حرياتهم في مقابل المزيد من الأمن.”( دينيس جيت, 2002).ثالثاً: التوريط
أما الركيزة الثالثة والضرورية لترويض شخص (أو جماعة أو دولة أو شعب) ما وتحويله إلى شخص “مطيعا” و”خاضعاً” و”مُستسلماً” هي “التوريط“! أي عملية إشراك أو إقحام شخص ما في مشروع فساد، أو ممارسة عمل غير أخلاقي، أو تجنيده للقيام بأعمال غير قانونية، أو تشجيعه على ارتكاب جرائم معينة.
ولعل خير مثال على ذلك هو ما قامت به إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش (الابن) في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، وذلك بتوريط الشعب الأمريكي خاصة، وشعوب العالم عامة، في معركة عالمية وعدو غير منظور (الإرهاب) ولا يوجد إجماع على من هو هذا العدو؟! وما هي درجة الخطر التي تمثله؟! وكنتيجة لهذه الهجمات أعلنت إدارة بوش ضرورة غزو أفغانستان، للدفاع عن النفس، وطلب من دول وشعوب العالم الوقوف مع أمريكا في هذه الحرب، ورفع شعار “معنا أو ضدنا“، ليس هذا فقط، بل قام بشن حرب ثانية على العراق…
لماذا؟!
لأن صدام حسين, كما يقول بوش،
(قد) يمتلك أسلحة دمار شامل،
و(قد) يستخدمها ضد عدو غير محدد في وقت ما، في المستقبل!
ولأننا (لسنا) متأكدين من ذلك،
فلا بد أن نشن حرباً استباقية ضدها” (رووث روزن, 2003).
بهذه الحروب العبثية ’ورط’ الرئيس بوش أمريكا والعالم في حروب لا نهاية لها، وفي هذا الصدد يقول البروفسور بروفيدنس، بجامعة براون، رود آيلاند، بالولايات المتحدة الأمريكية، وفقًا لتقرير صادر عن مشروع تكاليف الحرب في جامعة براون بأنه “بعد ما يقرب من 20 عامًا من غزو الولايات المتحدة لأفغانستان، بلغت تكلفة حربها العالمية على الإرهاب:
8 تريليون دولار,
و900 ألف حالة وفاة.
أما الأستادة كاثرين لوتز (Catherine Lutz)، المديرة المشاركة لبرنامج تكاليف الحرب وأستاذة الشؤون الدولية والعامة في جامعة براون، فتقول إن “الحرب طويلة ومعقدة ومروعة وغير ناجحة، ولا تزال مستمرة في أكثر من 80 دولة” (جل كيمبال، 2021).
ليس هذا فحسب بل نتج عن “موجات التخويف وحملات التوريط” التي شنتها أمريكا والدول الأوربية على “الإرهاب”، أصبح الإسلام كدين يمثل – في نظرهم – ظاهرة “مُخيفة” و”خطيرةً” ولابد من محاربتها! وأصبح الشباب المسلم (وخصوصا الملتزم بالإسلام) متهم ولا يثق فيه حتي يثبت العكس!!!
في الجزء الثانى من هذا المقال
سوف أحاول الحديث عن
مراحل آفة الترويض السياسي عبر التاريخ.
يتبع…
والله المســتعان
=============
المراجع
Tom Regan | csmonitor.com
Politics of ‘fear over vision’ explored on British television
October 18, 2004
Ruth Rosen. The Politics of Fear
http://www.voxpopuli-ne.com/2003_01/page68.html
دينيس جيت عميد المركز الدولي بجامعة فلوريدا.
By Dennis Jett, The politics of fear, June 17, 2002 edition
http://www.csmonitor.com/2002/0617/p09s01-coop.html
جل كيمبال (Jill Kimball)
PROVIDENCE, R.I. [Brown University]
https://www.brown.edu/news/2021-09-01/costsofwar
ميك هيوم , هو رئيس تحرير مجلة سبايكد , ورقة بعنوان: “الخوف والانهزامية يصيبان الغرب.”
في مؤتمر سبايكد بعنوان “بعد الحادي عشر من سبتمبر: الخوف والكراهية في الغرب”،
عقد يوم 26 مايو, 2001. معهد بيشوبس جيت في لندن.
http://www.spiked-online.com/Articles/00000002D27C.htm
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.