سياسة التجويع والتركيع.. حسابات حوثية خاطئة تحولت إلى شرارة غضب شعبي
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
على مدى السنوات الماضية ظلت الميليشيات الحوثية- ذراع إيران في اليمن، تنتهج سياسة التجويع والتركيع لفرض قبضتها وإحكام نفوذها ضد سكان المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.
ومع تفاقم الأوضاع وزيادة حدة المجاعة بين المواطنين، واستمرار نهب مرتبات الموظفين على مدى 8 سنوات، أصبحت هذه السياسة الفاشلة هي شرارة الغضب التي هيجت الشعب لرفع صوته بالمطالبة بالحقوق المسلوبة رغم التهديد والوعيد الذي تطلقه القيادات الحوثية ضد من يطالب بحقوقه.
وخلق التعنت الحوثي ورفض صرف مرتبات الموظفين خصوصا رواتب المعلمين والمعلمات والأكاديميين والإداريين بالجامعات الحكومية في صنعاء حراكا جماهيريا ونقابيا واسعا هو الأول من نوعه منذ انقلاب المليشيا في العام 2014، في ظل تفاقم المعاناة في مناطق الانقلاب واستمرار الهدنة التي لم تأت بأي نتائج إيجابية ملموسة في حياة السكان.
وللأسبوع الثامن على التوالي يتواصل الإضراب الشامل للمعلمين والمعلمات استجابة لدعوة "نادي المعلمين" الذي أكد استمرار الاحتجاجات السلمية للمطالبة بصرف المرتبات بشكل منتظم شهرياً وتسليم باقي المستحقات والعلاوات المنقطعة منذ سنوات.
وجاء إضراب المعلمين تزامناً مع سخط شعبي كبير ومطالبات متكررة برفض سياسة التجويع والتركيع التي تنتهجها الميليشيات الحوثية لتحقيق أغراضها وأجندتها الخاصة. هذا السخط أثار حفيظة القيادات الحوثية التي سارعت للخروج بتصريحات استفزازية ضد المطالبين بصرف مرتباتهم.
ووصف القيادي محمد علي الحوثي، من داخل محافظة صعدة، من يطالب بالمرتبات بأنه "أحمق ومجنون"، في حين وصف القيادي في الجماعة مهدي المشاط تحركات المطالبين بالمرتبات بـ"الغوغائيين والخونة والعملاء والحمقى"، متوعداً بـ"ردعهم".
التصريحات الانفعالية العلنية لقيادات الصف الأول في عصابة الحوثي لم تأت من فراغ؛ ولكنها ناجمة عن شعورها بتهديدات جدية جراء الضغوط الشعبية التي تقودها النقابات والأندية المهنية للمعلمين والأكاديميين في صنعاء. كما أن تلك التصريحات تؤكد حالة الارتباك والقلق التي تعيشها الجماعة بعد فشل سياسة التركيع والتجويع التي انتهجتها على مدى السنوات الماضية.
التعنت الحوثي يقابله توعد شعبي بالتصعيد وتوسيع الاضراب لانتزاع الحقوق بالوسائل المشروعة. بينما اطلق ناشطون دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل تنظيم وقفات احتجاجية ومظاهرات شعبية لإسناد انتفاضة المعلمين والأكاديميين للحصول على مرتباتهم المنقطعة.
رقعة السخط والاستهجان الشعبي توسعت لتتحول إلى صدام حقيقي على أرض الواقع، في مؤشر لحالة الرفض الجماعي للمشروع الحوثي الذي ينشر أفكارا خاطئة وطائفية مستوردة من إيران.
وقالت المصادر إن مصلين في جامع السنة بقرية ذوقعبان بمديرية العشة محافظة عمران، طردوا مشرفاً حوثياً من المسجد بعد محاولته القاء محاضرة بعد صلاة المغرب، لافتة إلى أن المواطنين رفضوا الاستمرار بعمليات الكذب والدجل الذي تروج لها الميليشيات الحوثية وقياداتهم الطائفية.
وأضافت المصادر إن المشرف عاد ومعه أطقم عسكرية محملة بعناصر مسلحة لاقتحام المسجد ونهبوا مكتبة الجامع واعتقلوا أربعة اشخاص من أبناء ذوقعبان واقتادوهم إلى إدارة أمن مديرية العشة؛ الأمر الذي استنفر قبائل ذوقعبان لرفض هذه السياسة القمعية قبل أن تدخل وساطة تهدئة بين القبائل والمليشيات.
في الجوف أدت عمليات السطو والنهب لأراضي المواطنين ومزارعهم والاعتداءات بحق أبناء القبائل؛ إلى ثورة مسلحة ضد الميليشيات الحوثية. واندلعت مؤخرا اشتباكات عنيفة بين مجاميع مسلحة من قبائل همدان "آل صالح"، ومن تسمى قوات الأمن التابعة لمليشيا الحوثي التي يقودها القيادي السلالي المكنى "ابو نجيب الشريف" في محيط سوق الحزم مركز محافظة الجوف (شمال شرقي اليمن).
الاشتباكات دارت بمختلف أنواع الأسلحة بالقرب من كبري همدان جنوبي سوق الحزم؛ وتصاعدت مع قيام المليشيا بمهاجمة منازل المواطنين في منطقة الصافية جنوب غرب المدينة. وسط استنفار القبائل للتصدي للهجمات الحوثية التي أدت إلى مقتل عدد من العناصر الحوثية واحتراق آليات عسكرية تابع لهم.
الرفض القبلي المتصاعد للانتهاكات وصل إلى محافظة صعدة معقل المليشيات الرئيس؛ حيث تجددت المواجهات المسلحة بين قبائل بني حذيفة ومجاميع حوثية تتبع القيادي “أبو علي الحاكم“، في ضحيان مديرية مجز في صعدة.
وجاءت الاشتباكات عقب محاولة المدعو “أبو علي الحاكم” الاستيلاء على أراضي قبائل بني حذيفة الموجودة في ضواحي ضحيان، وواجهت تلك المحاولة ردة فعل قاسية من القبائل، تسببت في مقتل أحد مرافقي الحاكم وثلاثة آخرين، بالإضافة إلى عدد من الجرحى.
ويستمر الغليان القبلي في صعدة، وسط توافد عدد من مؤيدي ومناصري قبيلة بني حذيفة لدعم أبنائهم والعمل على منع القيادي الحوثي “ابو علي الحاكم“ من السيطرة على المزارع.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: المیلیشیات الحوثیة
إقرأ أيضاً:
موقع أميركي: وقف النار في غزة سلام مؤقت أم شرارة لصراع جديد؟
نشر موقع "كاونتر بنش" الأميركي مقالا يتساءل كاتبه فيه حول إمكانية استدامة الهدنة في غزة وتنفيذ بنودها بشكل كامل في ظل التحديات السياسية والإنسانية الكبيرة التي قد تواجهها الأطراف المعنية.
ويقول كاتب المقال "ميل غورتوف" إن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) جلب قدرا من الارتياح للإسرائيليين والفلسطينيين، لكن يبقى السؤال الحقيقي هو ما سيحدث بعد ذلك، خاصة إذا تم تنفيذ تبادل الأسرى. فهل ستستمر الهدنة؟ وهل سينسحب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة؟ مشيرا إلى أن هناك العديد من الأسباب للقلق.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست: خطة رواندا المتهورة لإعادة رسم خريطة أفريقياlist 2 of 2صحف إسرائيلية تكشف تفاصيل عن قضية التجسس في الجيش لصالح إيرانend of list احتمال تعثر تبادل الأسرىمن هذه الأسباب، يذكر الكاتب احتمال تعثر تبادل الأسرى بسبب الأعداد، خاصة على الجانب الفلسطيني، حيث يُحتجز نحو 10 آلاف أسير في السجون الإسرائيلية، والكثير منهم دون تهم أو محاكمات، بما في ذلك الأطفال.
وأضاف أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدعم فقط المرحلة الأولى من الصفقة، وهي وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الأولي، ولا يهتم بالمرحلة الثانية التي تدعو إلى وقف دائم للأعمال العدائية وسحب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة.
ونقل عن يواسي فوكس، سكرتير نتنياهو، القول إن الاتفاق "يتضمن خيار استئناف القتال بنهاية المرحلة الأولى إذا لم تتطور المفاوضات حول المرحلة الثانية بطريقة تعد بتحقيق أهداف الحرب، وهي القضاء على حماس عسكريا ومدنيا وإطلاق سراح جميع الرهائن".
إعلان
نتنياهو لم يلتزم بأي شيء
وأوضح الكاتب أن نتنياهو لم يلتزم أبدا بأي شيء أقل من تحقيق النصر الكامل على حماس.
واستمر غورتوف يقول إنه حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الثانية، فإن التفاصيل ستكون هي التحدي الحقيقي.
وقد تكون إدارة غزة مصدرا لصراع آخر، وهذه المرة سيكون بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحركة حماس. وأشار إلى أنه ورغم أن حماس قد ضعفت بشكل كبير، إلا أن خلاياها ما زالت تتمتع بنفوذ قوي، ومن المحتمل أن ترفض أي محاولة من السلطة الفلسطينية للحكم. ولفت الكاتب إلى أن نتنياهو يعرض باستمرار حكم السلطة الفلسطينية في غزة.
وذكر الكاتب أن حماس ظلت تعيد بناء صفوفها رغم ضعف قوتها التنظيمية بشكل كبير. وتشير تقارير الاستخبارات الأميركية إلى أن حماس قامت بتجنيد نحو 15 ألف شخص، رغم أنها فقدت حوالي 20 ألف مقاتل. وقد أكدت إسرائيل مرارا على ضرورة عدم السماح لحماس باستعادة قوتها مجددا، لكن هذا الهدف يبدو غير قابل للتحقيق.
ويرى الكاتب أن اتفاق وقف إطلاق النار قد لا يتطور أكثر من المرحلة الأولى، مما يترك الجيش الإسرائيلي مستمرا في الانتشار في غزة وجنوب لبنان، بينما لا تزال حماس تعمل بنشاط على التجنيد، والشعب الفلسطيني غير قادر على استئناف حياته بأي درجة من الأمن والرفاهية.
موقف إدارة ترامب
وعن موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من كل هذا، أوضح الكاتب أن إدارته ستدعم استمرار الاحتلال الإسرائيلي وقمع الشعب الفلسطيني وعرقلة الحكم الفلسطيني الذاتي، بالإضافة إلى دعم نتنياهو إذا قرر استئناف الحرب مع حماس، لافتا إلى أن غزة بالنسبة لترامب "موقع مدمر"، وبالتالي "يجب تنظيف كل شيء هناك." وقد طلب من مصر والأردن استقبال المزيد من الفلسطينيين، وعلى الأرجح سيكونون الناجين من عملية التدمير.
وأفاد الكاتب أن تعيين ترامب لسفراء متحمسين، بل ومتدينين، في الأمم المتحدة وتل أبيب، وإلغاءه لعقوبات الرئيس الأميركي السابق جو بايدن على المستوطنين الوحشيين، وأمره للبنتاغون بإرسال قنابل تزن ألفي رطل إلى إسرائيل، واستثناءه إسرائيل من قرار وقف جميع المساعدات الخارجية، كل ذلك يدل بوضوح على أن التوصل إلى حل عادل يعزز السلام في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أمر مستحيل في ظل هذه الإدارة.
إعلانواختتم الكاتب تقريره مؤكدا على أن ترامب يدعم التطهير العرقي في غزة وأي إجراء إسرائيلي يبعد الشرق الأوسط عن جدول أعماله، فالخسائر البشرية لا تعني له شيئا.