هل يؤدي تباطؤ البرنامج النووي الإيراني إلى خفض التوترات؟
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
يرى محللون أن الخطوات المحدودة التي اتخذتها إيران لإبطاء زيادة مخزوناتها من اليورانيوم المخصب، لدرجة قريبة من تلك اللازمة لصنع الأسلحة، قد تساعد في تخفيف التوترات الأمريكية الإيرانية، لكنها لا تعني إمكانية تحقيق تقدم باتجاه اتفاق نووي أوسع، قبل الانتخابات الأمريكية المقررة في 2024.
ووفقاً لتقارير للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة اطلعت عليها "رويترز" فقد خفضت إيران معدل إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء تصل إلى 60% القريبة من درجة 90% التي تستخدم في صنع الأسلحة، كما أنها قامت بتخفيف كمية طفيفة من مخزونها المخصب بنسبة 60%.
لكن هذا المخزون مستمر في النمو. وتمتلك إيران حاليا تقريباً كميات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% تكفي إذا تم تخصيبها لدرجة أعلى لصنع 3 قنابل نووية، وفقاً للتقدير النظري للوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما أنها تمتلك ما يكفي من اليورانيوم المخصب بمستويات أقل لصنع المزيد من القنابل.
وأخفقت إيران في الوقت نفسه في التعامل مع مخاوف الوكالة الدولية بشأن آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في موقعين غير معلنين، أو إحراز تقدم في إعادة تركيب كاميرات مراقبة، على الرغم من الضغوط المستمرة منذ فترة طويلة من جانب الوكالة وقوى غربية للقيام بذلك.
ويقول محللون متخصصون في منع الانتشار النووي إن التباطؤ النووي الإيراني قد يكون كافياً للولايات المتحدة وإيران لمواصلة استكشاف ما يصفونه "بالتفاهمات" التي لم تعترف بها واشنطن أبداً لخفض التوترات بشأن القضايا النووية وغيرها.
وتابعوا أن ذلك لا يعني بالضرورة وضع أي قيود فعلية على البرنامج النووي الإيراني، قبل الانتخابات الأمريكية المقررة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، لكنه قد يساعد الرئيس الأمريكي جو بايدن على تجنب أزمة مدمرة سياسيا مع إيران، بينما يسعى لإعادة انتخابه.
وقال هنري روم من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "إن إبطاء الزيادة في مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 60% هو مؤشر واضح على أن طهران منفتحة على المضي قدما في "تفاهمات" عدم التصعيد مع واشنطن".
ولفت روم إلى أن التباطؤ والتوقعات بشأن تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران هذا الشهر يمهدان الطريق أمام "المزيد من الدبلوماسية هذا الخريف حول البرنامج النووي، وإن كان ذلك دون هدف التوصل إلى اتفاق جديد قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية".
وأضاف "بالنسبة لواشنطن، ربما يكون هناك حد منخفض لما يتعين على إيران القيام به لأغراض ’خفض التصعيد’"، مشيرا إلى أنه "من المرجح أن تكون إيران قد تجاوزت هذا الحد".
وكالة #الطاقة_الذرية: #إيران تبطئ من وتيرة تخصيب اليورانيوم https://t.co/buWkJ83UiJ
— 24.ae (@20fourMedia) September 4, 2023 إيران "لا تضغط على المكابح"ويبدو أن الهدف الرئيسي لبايدن هو إبقاء التوترات تحت السيطرة، وتتراوح هذه التوترات بين برنامج طهران النووي إلى هجمات الميليشيات المدعومة منها على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
وعن خطوات إيران الأخيرة، قال المحلل إيريك بروير من مبادرة التهديد النووي "لقد رفعت إيران قدمها عن الوقود في بعض المجالات، لكنها لا تضغط على المكابح فيما يتعلق بالبرنامج النووي"، واصفاً الخطوات بأنها "خفض تصعيد مخفف".
وتابع أن "قيمة الخطوات التي اتخذتها إيران فيما يتعلق بمنع الانتشار النووي صغيرة نسبيا، لكن الهدف من سياسة خفض التصعيد (الأمريكية) ليس حل البرنامج النووي على الفور، وإنما بناء حماية سياسية، وتجنب اندلاع أزمة".
وقال الممثل الخاص للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لشؤون إيران والذي يعمل الآن في مجلس العلاقات الخارجية، إليوت أبرامز: "حتى انتخابات العام المقبل، يبدو أن الإدارة ترغب في الهدوء، ومستعدة لدفع الثمن في صورة دعم واسع النطاق للنظام الإيراني".
وكان أبرامز يلمح إلى ارتفاع صادرات النفط الإيرانية على الرغم من العقوبات الأمريكية، وتحويل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية من كوريا الجنوبية إلى قطر، في إطار اتفاق لتبادل سجناء.
ورغم أن إدارة بايدن تقول إن الأموال تنتقل من حساب يخضع لقيود إلى آخر ولا يمكن السحب منها إلا لأغراض إنسانية، فإنه يبدو من الواضح أن إيران ستكون قادرة على الوصول لها في قطر بصورة أكبر مما كان عليه الوضع في كوريا الجنوبية.
وتتجنب وزارة الخارجية الأمريكية الخوض فيما إذا كانت قد توصلت إلى أي "تفاهمات" مع إيران، لأسباب، من بينها أن أي اعتراف بإبرام اتفاق مع طهران بشأن البرنامج النووي الإيراني قد يؤدي بموجب القانون إلى مراجعة من الكونغرس الأمريكي.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الثلاثاء إنه ليس لديه ما يضيفه بخلاف التصريحات التي صدرت في منتصف أغسطس (آب)، ونفت فيها الوزارة وجود أي اتفاق نووي بين الولايات المتحدة وإيران، دون استبعاد إمكانية التوصل إلى تفاهمات غير مكتوبة.
وحاول بايدن بعد توليه منصبه في يناير كانون الثاني 2021 إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، الذي التزمت إيران بموجبه بقيود على برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات المفروضة من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وانسحب الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب من الاتفاق في 2018 بحجة أنه كان سخياً للغاية مع طهران، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية أمريكية واسعة النطاق على الجمهورية الإسلامية.
وبدا أن الجهود المبذولة لإعادة إحياء الاتفاق قد باءت بالفشل قبل عام تقريبا، عندما قال دبلوماسيون إن إيران رفضت ما وصفه وسطاء الاتحاد الأوروبي بعرضهم النهائي.
ويعتبر دبلوماسيون أن التوصل إلى اتفاق أمر بعيد المنال بسبب التقدم الذي حققته إيران لا سيما في تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي لديها قدرة إنتاجية أكبر بكثير، إلا أن محللين يرون أنه قد يكون هناك مجال لإجراء محادثات نووية أكثر جدية بعد الانتخابات الأمريكية.
ورداً على سؤال عن سبب إبطاء إيران لبرنامجها النووي، قال دبلوماسي غربي "أعتقد أن هذا جزء من المناقشات التي يجرونها مع الولايات المتحدة وجزء من الاتفاق الأوسع، اتفاق عدم الاتفاق". وتابع "إنه أفضل من لا شيء، لكنني لا يمكن أن أعتبره بمثابة تقدم هائل".
#إيران: تخصيب اليورانيوم مستمر وفقاً للقانون https://t.co/UHRr0VXMIz
— 24.ae (@20fourMedia) August 27, 2023المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الملف النووي الإيراني إيران أمريكا الیورانیوم المخصب الولایات المتحدة النووی الإیرانی البرنامج النووی
إقرأ أيضاً:
نتنياهو في واشنطن.. لقاء حاسم مع ترامب وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.. ومصير المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار ضمن المناقشات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن كأول زعيم أجنبي يزور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض، في لحظة فارقة بالنسبة للشرق الأوسط.
مع بدء المفاوضات حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يسعى نتنياهو إلى معرفة موقف ترامب بوضوح قبل اتخاذ قراره بشأن الخطوات المقبلة.
هدنة غزة وموقف ترامب
وكان ترامب قد نسب لنفسه الفضل في إبرام اتفاق تبادل الأسرى مقابل وقف إطلاق النار قبل أيام من دخوله البيت الأبيض، فيما أقر مسؤولون في إدارة بايدن السابقة بأن اقتراب ترامب من تولي الرئاسة ساهم في الضغط على إسرائيل وحماس لإتمام الصفقة.
لكن رغم جهوده في دفع الاتفاق، لا يزال ترامب بحاجة إلى الإشراف على تنفيذ المرحلتين المتبقيتين من الخطة الثلاثية.
وفي تصريحاته الأخيرة، لم يبدُ واثقًا تمامًا من استمرار الهدنة، قائلًا: "ليس لدي أي ضمانات بأنها ستستمر، لقد رأيت أشخاصًا يتعرضون للوحشية، لم يرَ أحد شيئًا كهذا من قبل."
من جهته، أبدى مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي زار غزة الأسبوع الماضي، تفاؤلًا أكبر قائلًا: "الاتفاق مستمر حتى الآن... نحن بالتأكيد نأمل ذلك، وهذه هي توجيهات الرئيس: إخراج الرهائن، وإنقاذ الأرواح، والتوصل إلى تسوية سلمية إن أمكن.".
إيران على الطاولة.. هل يسعى نتنياهو لضوء أخضر أمريكي؟
لكن السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هو: هل يسعى نتنياهو إلى استخدام زيارته للحصول على دعم أمريكي لعمل عسكري ضد إيران؟
وهناك تكهنات بأن نتنياهو قد يناقش مع ترامب خيار تنفيذ ضربة مباشرة ضد إيران، مستغلًا اللحظة التي تشهد ضعفًا في نفوذ وكلائها الإقليميين، وتسارعًا في برنامجها النووي، وعلاقاته الجيدة حاليًا مع واشنطن.
غير أن ترامب لم يُظهر حماسًا كبيرًا لفكرة التصعيد العسكري ضد إيران. فقد قال الشهر الماضي عند سؤاله عن احتمال ضرب المنشآت النووية الإيرانية: "نأمل أن يتم حل الأمر دون الحاجة للذهاب إلى هذا الخيار. سيكون من الرائع لو استطعنا تجنب ذلك."
علاقة معقدة بين الحليفين
شهدت العلاقة بين واشنطن وتل أبيب توترًا كبيرًا في نهاية ولاية بايدن، حيث انقطعت الاتصالات بينه وبين نتنياهو لعدة أشهر رغم استمرار الحرب في غزة، ومحاولات إدارة بايدن دفع جهود التهدئة.
وخلال فترة الانتخابات الأمريكية في نوفمبر الماضي، لم يكن هناك شك لدى فريق بايدن بأن نتنياهو كان يفضل فوز ترامب، نظرًا لأن الأخير سيوفر له هامش تحرك أوسع في شن عملياته العسكرية مقارنة ببايدن ونائبته آنذاك، كامالا هاريس.
وحتى الآن، تبدو تلك التوقعات صحيحة؛ إذ رفع ترامب بالفعل الحظر عن شحنات القنابل الثقيلة إلى إسرائيل، ملغيًا بذلك أحد القرارات القليلة التي اتخذتها إدارة بايدن للضغط على تل أبيب لوقف تصعيدها في غزة.
ومن المتوقع أن يطلب نتنياهو خلال زيارته المضي قدمًا في صفقات أسلحة بمليارات الدولارات، تشمل آلاف القنابل والصواريخ والمدفعية والذخائر الأخرى، وإذا وافق ترامب على هذه الطلبات، فسيكون ذلك بمثابة رسالة واضحة على استعداده لمنح إسرائيل دعمًا عسكريًا غير مسبوق في ظل الظروف الراهنة.