يخصّص مجلس الوزراء اليوم، جانبًا من جلسته الصباحية للبحث في خطة ضبط الحدود البرّية ومكافحة تهريب الأعداد المتزايدة من السوريين إلى الداخل اللبناني، خصوصًا أن من بين هؤلاء الذين يتم تهريبهم عدد من الإرهابيين المنتمين إلى فلول من "داعش" وأخواتها. وستُعرض على الوزراء تفاصيل هذه الخطّة، التي أعدّتها وزارة المهجرين بالتعاون والتنسيق مع كافة الأجهزة الاستخباراتية في القوى الأمنية، وبالأخص مديرية المخابرات في الجيش وفرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وأجهزة الاستقصاء والتحري في كل من مديرتي الأمن العام وأمن الدولة، على أن يتمّ الاستعانة بالخرائط المفصّلة عن المعابر غير الشرعية، التي يعتمدها مهربون محترفون لتهريب أكبر عدد ممكن من السوريين.
وعلى رغم الجهود التي يبذلها الجيش لضبط هذه المعابر فإن عمليات التهريب قائمة على قدم وساق. ووفق المعلومات فإن الدوريات الثابتة والمتحركة لعناصر الجيش قد تمكّنت من توقيف خلال شهر آب الماضي ما يقارب 7000 شخص وعملت على إعادتهم إلى سوريا بالطرق الرسمية المعتمدة بين البلدين، ولكنها لم تتمكّن بالتالي من منع تسلل نحو 3000 شخص آخرين، وقد تمكنوا من الاختباء عند بعض الأقارب والأصدقاء.
ومعلوم أن الحدود الشمالية والشمالية الشرقية والشرقية تمتد على مسافة 380 كيلومترًا، وهي تحتاج إلى نحو 40 ألف عنصر لضبط هذه الحدود، مع توفير أجهزة مراقبة متطورة، في حين أن هناك نحو 4 الآف عنصر فقط مفروزين لهذه المهمة الشاقة وشبه المستحيلة، مع غياب وسائل المراقبة المتطورة.
ومع تفّلت الحدود وصعوبة ضبطها مئة في المئة من ضمن الإمكانات المحدودة والمتوافرة لدى الجيش، الذي يقوم بأكثر من مهمة داخلية في الوقت نفسه، فإن أعداد النازحين السوريين إلى تزايد، مع غياب لـ "داتا" المعلومات عن أعداد هؤلاء الناجم عن تعمّد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بعدم تسليم هذه "الداتا" للدولة عن طريق وزارة الداخلية والبلديات. ومع غياب هذه "الداتا" فإن أكثر ما يقلق المسؤولين في الحكومة هو الوضع الأمني، الذي يمكن أن يستجدّ من خلال عمليات تسلل عدد من الإرهابيين، الذين يتغلغلون في شكل مدروس ومنظم داخل القرى وفي المخيمات الفلسطينية، فضلًا عن مدى حجم ثقل النزوح وتداعياته الخطيرة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، بما فيها تزايد استهلاك الطاقة والمياه والبنى التحتية، ما ساهم في استنزاف الموارد المالية اللبنانية من خلال سياسة دعم سلعِ ومواد عدة كانت مُعتمدة في لبنان قبل الأزمة التي انفجرت أواخر عام 2019، إضافةً إلى سياسة الدعم التي اعتمدها مصرف لبنان في السنوات الأخيرة للدواء والخبز والمحروقات.
فبحسب التقديرات الرسمية للحكومة اللبنانية، هناك 1.5 مليون نازح سوري في لبنان، يتوزعون على 1000 بلدة في مختلف المناطق اللبنانية. وبحسب التقارير الأمنية، فإن عدد السرقات والجرائم المتنوعة آخذ في التفاقم، وأن ما نسبته 85 في المئة من هذه الجرائم يرتكبها النازحون السوريون، وأن ما يقارب الـ 40 في المئة من الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية المختلفة، هم من السوريين، مع تفشي ظاهرة المافيات، التي تعتمد على ترويج المخدرات والتهريب والإتجار بالبشر.
وقد يكون ما أعلنه وزير المهجرين عصام شرف الدين من أن عدم ضبط النزوح غير الشرعي، سيؤدي إلى تسلل أكثر من مليون سوري إلى لبنان في الأسابيع المقبلة مثار جدل في جلسة اليوم، التي لن تخلو من بعض المزايدات التي ستصل شظاياها إلى داخل قاعة مجلس الوزراء من قِبَل عدد من الوزراء المنتمين إلى جهات سياسية معروفة، والتي لا "شغلة لها ولا عملة" سوى التصويب على ما تقوم بها الحكومة وانتقاد الإجراءات التي تتخذها في كل المجالات.
وبدلًا من أن يحاول هؤلاء الذين يسيرون عكس التيار إضاءة شمعة في عتمة هي من صنع أيديهم يكتفون بلعنة هذه العتمة. فالوقت ليس وقت مزايدات، وقد عانى اللبنانيون ما عانوه نتيجة هذه المزايدات، التي لم تأتِ بأي حل، بل زادت على طين الأزمات بلّة. فبهذا الوقت الصعب، وأمام خطورة تدّفق هذه الاعداد الهائلة من النازحين مطلوب معالجات سريعة وفورية، قبل أن يصبح لبنان قنبلة موقوتة على غرار ما حصل في مخيم عين الحلوة، الذي لا تزال نيرانه تحت الرماد. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هوكستين لم يستبعد التواصل بدمشق لضبط الحدود
كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": يبقى التوصل لوقف النار في جنوب لبنان عالقاً على قدرة الوسيط الأميركي آموس هوكستين في إقناع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بضرورة السير فيه تمهيداً لتطبيق القرار الدولي 1701.إصرار تل أبيب على التفاوض مع لبنان تحت النار، لم يعد يجدي نفعاً، خصوصاً وأن ما توصل إليه هوكستين مع بري الذي يحظى بتفويض كامل من قيادة «حزب الله» للتوصل لوقف النار، كان أعلم به وزير الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل رون دريمر، وتحديداً بالنسبة للتعديلات التي أُدخلت على المسودة التي سبق للوسيط الأميركي أن ناقشها معه خلال زيارته لواشنطن.
وكشفت المصادر عن أن هوكستين لم ينقطع عن التواصل مع دريمر طوال إقامته في بيروت واجتماعه مع مستشار بري علي حمدان لوضع ما اتفق عليه بصيغته النهائية، والتشاور معه على التعديلات التي أُدخلت عليها. وقالت بأنها حظيت بتأييد أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم باعتبار أنها بمثابة خريطة الطريق لتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته بدءاً بالتوصل لوقف النار.
وقالت المصادر نفسها بأن التوافق على تطبيقه بكل مندرجاته يشمل القرار الدولي 1680 الذي ينص على ضبط الحدود بين لبنان وسورية، وإقفال المعابر غير الشرعية لمنع تهريب السلاح إلى الداخل اللبناني، في إشارة غير مباشرة إلى تجفيف كل المنابع المؤدية لاستيراده على نحو يمنع «حزب الله» من إعادة تأهيل ترسانته العسكرية بعد انكفائه من جنوب الليطاني إلى شماله.
وأكدت بأن بعض القيادات التي التقاها هوكستين على هامش مفاوضاته مع بري وتواصله ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، خرجت بانطباع بأنه ألمح إلى عدم استبعاد التواصل مع النظام السوري لضبط الحدود السورية - اللبنانية لمنع إيصال السلاح إلى «حزب الله»، مع أن
الوسيط الأميركي لم يتطرق إليها مباشرة، لكنه في المقابل لم ينفِ ما تردد عن حصولها بالواسطة، من دون أن يستفيض في الحديث عنها، ومَنْ يتولاها، في ظل القطيعة القائمة بين دمشق وواشنطن.
ورأت بأن إعطاء الحق لإسرائيل بالتدخل لمنع «حزب الله» من خرق الاتفاق في حال تبين لها بأنه يعدّ العدة لاستهداف المنطقة الشمالية ليس وارداً في الاتفاق الذي توصل إليه بري مع هوكستين. وقالت بأن وجود الولايات المتحدة على رأس اللجنة «الخماسية» التي تتولى الإشراف على سير الالتزام بوقف النار وعدم خرقه، يشكّل ضمانة لإسرائيل التي سيكون في وسعها إعلام ممثلها في اللجنة بوجود خرق ليبادر للتدخل لدى قيادة الجيش اللبناني لإزالته ومعالجته فوراً تحت إشراف اللجنة، التي تضم إلى جانبه ممثلين عن لبنان وإسرائيل والقوات الدولية (يونيفيل) وفرنسا، بعد أن تقرر استبعاد بريطانيا منها، خصوصاً وأن هوكستين لم يصرّ على إشراكها فيها.
وقالت المصادر نفسها، بأن إشراك ألمانيا لم يكن مطروحاً أسوة ببريطانيا. وأكدت بأنه سبق لوزيرة الخارجية الألمانية أن اقترحت مشاركتها في اللجنة، لكنها لم تلاحق طلبها فاقتصر تشكيل اللجنة على الأعضاء الخمسة، رغم أنه كان طُرح إمكانية إشراك الأردن فيها.
ومع أن المصادر ليست في وارد استباق رد فعل واشنطن حيال تمرد نتنياهو على وساطتها، فهي تؤكد في المقابل، بأن هوكستين أجاب، رداً على سؤال، بأنه يعاود تحركه للتوصل لوقف النار بعد أن تلقى الضوء الأخضر من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي تقاطع في موقفه مع سلفه الرئيس جو بايدن.
ورداً على سؤال أكدت بأن تحديد الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل سيُدرج على جدول أعمال اللجنة «الخماسية»، إنما بعد التوصل إلى تثبيت وقف النار، انطلاقاً من إيجاد حل للمواقع المتنازع عليها بين البلدين، وكان سبق للبنان أن تحفّظ عليها وطالب بإخضاعها كلياً لسيادته كما نصت عليه اتفاقية الهدنة وبموجب ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين عام 1923.
وأضافت بأن تثبيت الحدود يشمل المنطقة الممتدة من نقطة «ب - 1» في الناقورة إلى الجزء اللبناني من بلدة الغجر. وقالت بأنه تم الاتفاق في السابق على إيجاد حل لـ7 نقاط من 13 نقطة هي مجموع النقاط المتنازع عليها، وأن إعادة ما تبقى منها يتطلب مطابقة الخط الأزرق المعروف بخط الانسحاب، مع خط الحدود الدولية لتبيان حق لبنان بإعادتها إلى سيادته.
ولدى سؤال المصادر عن مصير التحصينات والأنفاق التي أقامها «حزب الله» في جنوب الليطاني، قالت بأنها ليست مشكلة ويمكن أن تشغلها وحدات من الجيش اللبناني بموافقة الحزب بدلاً من تدميرها، وألمحت إلى أن تطبيق القرار 1701 يعني حكماً حصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية لضمان عدم تكرار ما أصابه من جراء تبادل الخروق بين الحزب وإسرائيل حالت دون تطبيقه منذ صدوره في آب 2006، في حين لاحظت عدم تطرق المفاوضات إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلتين.