حذر الباحث الرئيسي في مجلس العلاقات الخارجية والمبعوث الأميركي الخاص السابق لإيران، إليوت أبرامز، في مقال للرأي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، الأربعاء، من تداعيات ما وصفه بـ "تجارة إيران للرهائن الأميركيين". 

معضلة "فظيعة"

وفي مقال بعنوان " تجارة إيران للرهائن بقيمة 6 مليارات دولار" قال المبعوث الأميركي السابق، والذي شغل المنصب من عام 2020 حتى 2021، إن إنقاذ الرهائن الأميركيين تعد أولوية قصوى لدى الإدارة الأميركية وفي الوقت ذاته تعتبر "معضلة فظيعة".

وأشار إلى أن منح الأنظمة القمعية الأموال مقابل الإفراج عن المحتجزين "يغذّي سلوكهم الخارج عن القانون". 

وضرب أبرامز مثالا بالصفقة التي توصلت إليها إدارة الرئيس، جو بايدن، للإفراج عن خمسة رهائن أميركيين مقابل تحرير 6 مليارات دولار من أموال طهران المجمدة في كوريا الجنوبية.

وأشار المسؤول السابق إلى أن "آخر فدية بهذا الشكل للنظام (الإيراني) كانت عام 2016، عندما دفعت إدارة (باراك) أوباما 1.7 مليار دولار لطهران مقابل الإفراج عن أربعة رهائن. السعر، بشكل لا يدعو للدهشة، يواصل الارتفاع". 

ونقل أبرامز ما كتبته الأكاديمية الأسترالية البريطانية، كايلي مور-غيلبرت، والتي احتجزت في إيران بين عامي 2018 و2020، إذ قالت: "كل خيار متاح للدبلوماسيين يعد سيئا. وكل قرار من شأنه إما أن يعرض الضحايا لمعاناة لا نهاية لها أو يخلق المزيد منهم (الرهائن). 

وذكرت الكاتبة أنه وبينما لا يمكن لواشنطن "التخلي عن مدنييها الأبرياء المحتجزين خارج البلاد" إلا أنها أكد أهمية "العثور على طرق ابتكارية لجلبهم إلى الوطن.. الجوائز المالية لمن يأخذ الرهائن" يجب ألا تطرح على الطاولة، بحسب ما نقله أبرامز عن الكاتبة. 

ونقل أبرامز عن مور-غيلبرت قولها إن "الإجراءات العقابية يجب تبنيها بشكل علني واستباقي لإرسال إشارة واضحة أن دبلوماسية الرهائن المقبلة ستخضع للعقاب والنفور، ولن تجلب التسامح والمكافأة". 

ونوه أبرامز إلى خيار آخر لم تطرحه الكاتبة، ألا وهو "إبعاد الأميركيين عن الدول التي تحتجز الرهائن"، مشيرا إلى أن واشنطن تمكنت من تحقيق ذلك مع كوريا الشمالية.

وتقول وزارة الخارجية إن "جميع جوازات السفر الأميركية غير صالحة للسفر إلى كوريا الشمالية، ما لم يتم التحقق من صحتها بشكل خاص لمثل هذا السفر بموجب سلطة وزير الخارجية". 

وتتم الموافقة على عمليات التحقق هذه "فقط في ظروف محدودة للغاية".

ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة لم تفعل الشيء نفسه حتى الآن مع إيران، التي ظلت تسجن الأميركيين ظلما لعقود من الزمن. 

وعلى الرغم من قيام وزارة الخارجية بوضع البلاد على قائمة "ممنوع السفر" المقترحة، والتي تصف المخاطر المتزايدة المتمثلة في "الاختطاف والاعتقال والاحتجاز التعسفيين"، إلا أن جوازات السفر الأميركية لا تزال صالحة للسفر إلى هناك.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 1000 أميركي يزورون إيران كل عام لرؤية أقاربهم أو القيام بأعمال تجارية أو الدراسة في الجامعات.

وأشار أبرامز إلى ما حدث مع طالب الدكتوراه في جامعة برينستون، شيو وانغ، والذي احتُجز كرهينة في إيران في الفترة من 2016 إلى 2019 بموجب اتهامات لا أساس لها بالتجسس. 

بعد إطلاق سراحه في عملية تبادل أسرى غير نقدية، رفع وانغ دعوى قضائية ضد الجامعة بسبب، "الأفعال المتهورة والمتعمدة والوحشية والإهمال الفادح" في تشجيعه على الدراسة في إيران

وهناك حالة أخرى تتعلق بمايكل وايت، وهو جندي سابق في البحرية الأمريكية من إمبريال بيتش بولاية كاليفورنيا. 

وبعد محاولته زيارة صديقته في إيران في عام 2018، تم أسر وايت وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، جزئيا بتهمة إهانة المرشد الأعلى. 

وتم إطلاق سراحه في عام 2020 مقابل إطلاق سراح سيروس أصغري، العالم الإيراني المحتجز في الولايات المتحدة.

كيف يمكن الرد على طهران؟

يمكن لواشنطن أن تتخذ إجراءين على الأقل ردا على سياسة طهران الصارخة المتمثلة في تحويل عملية احتجاز الرهائن إلى ماكينة صرف آلي، وفق أبرامز.

ويتعلق الإجراء الأول بإبطال استخدام جوازات السفر الأميركية للسفر إلى إيران.

وبالنسبة لأولئك الذين يسافرون لزيارة أقاربهم، فإن الحظر سيفرض بلا شك مشقة، ولكن من المحتمل أن يتم عقد العديد من لقاءات لم شمل الأسرة في دول مجاورة مثل الإمارات أو تركيا.

وأغلبية الأميركيين الذين احتجزهم النظام كرهائن في العقود الأخيرة هم أيضا مواطنون إيرانيون، لكن طهران لا تعترف بالجنسية المزدوجة وتعتبرهم إيرانيين فقط. 

في حين أن الولايات المتحدة لا تستطيع منع المواطنين المزدوجين من السفر بجوازات سفر أجنبية، فربما يكون لحظر استخدام الجوازات الأميركية "تأثير رادع"، حسب أبرامز.
ويتعلق الإجراء الثاني بضمان عدم ذهاب أي طالب أميركي إلى إيران.

وعلى الورق قد يبدو أن هذا ما يحدث بالفعل، حيث أفادت وزارة الخارجية أنه لم يدرس أي طلاب أميركيين في إيران "للحصول على رصيد أكاديمي" في العام 2019-2020، وهو العام الأخير المدرج على موقعها الإلكتروني للدراسة في الخارج. 

ومع ذلك، يبدو أن هذا العدد لا يشمل الطلاب الذين سافروا إلى إيران لإجراء الأبحاث كما فعل وانغ.

ويجب على وزيري الخارجية والتعليم الأميركيين أن يكتبا رسالة إلى أكثر من 4000 كلية في أميركا، يذكران فيها أن مثل هذه الرحلات هي بكل بساطة خطيرة للغاية، ويكرران لغة تحذير السفر، ويطلبان عدم تشجيع أي طالب على السفر إلى إيران أو استقباله. 

ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تنجح في ظل التهديد باتخاذ إجراء قانوني، حسبما يوضح أبرامز.

وبعد تلقي مثل هذه الرسالة، يمكن رفع دعوى قضائية ضد الكليات من قبل أي شخص يتم احتجازه كرهينة في إيران إذا تجاهلت الكلية نصيحة الحكومة وتهربت من واجبها في رعاية الطلاب.

ويشدد أبرامز على أن "تكرار عمليات احتجاز الرهائن التي تقوم بها إيران يتطلب من واشنطن أن تفعل أكثر من مجرد الشكوى والتفاوض وتلبية طلبات الفدية المتزايدة، مرة تلو الأخرى".

ما هو الموقف الأميركي؟

يشدد جون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، على أنه : "لا يمكن لإيران استخدام الستة مليارات دولار إلا لأغراض إنسانية".

وقال: "نحن واثقون من ذلك لأن وزارة الخزانة الأميركية تشرف على جميع الأموال الموجودة في هذا الحساب، وسنكون قادرين على مراقبة أي معاملات يتم استخدامها للتأكد من أنها تستخدم للأغراض الصحيحة". 

وفي ضوء بعض الانتقادات التي تم توجيهها للاتفاق، يقول جون فاينر: " هذه حسابات، وهذه عملية تم إعدادها بالفعل في ظل الإدارة السابقة (إدارة دونالد ترامب)، والتي تم استخدامها خلال تلك الإدارة للمشتريات الإيرانية".

ماذا بعد صفقة الرهائن بين الولايات المتحدة وإيران؟  هل ستصرف إيران عائدات صفقة الرهائن الأميركييين على ميليشياتها المنتشرة في العالم العربي، أم على الدواء والغذاء لشعبها، حسبما ورد في نص الاتفاق؟ وهل ترافقت الصفقة مع أيّ اتفاق سرّي بين واشنطن وطهران؟ وهل تثبت صفقة الرهائن استحالة عقد "الصفقة النووية الكبرى" بين واشنطن وطهران حاليا؟

ويشدد جون كيربي، مسؤول التواصل الاستراتيجي في مجلس الأمن القومي الأميركي، على أن "النظام الإيراني لن يحصل على فلس واحد" من صفقة تحرير الرهائن. 

ويضيف: "ما نتحدث عن القيام به هو نقل صندوق الأصول الإيرانية المجمدة إلى بلد مثل قطر بحيث يكون بمقدور الإيرانيين الوصول إلى هذا الصندوق، ولكن فقط في حالات محدودة وإنسانية".

وتابع: "سيكون للولايات المتحدة وقطر وثماني منظمات دولية عاملة في مجال المساعدات حق الفيتو على أي سحب، للتأكد من أنه سيتوجه للشعب الإيراني وليس النظام. إن الصندوق مخصص للطعام والأدوية والمعدات الطبية".

وتقول الإدارة أيضا إنه لن يكون هناك تخفيف للعقوبات في صفقة الرهائن هذه.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة صفقة الرهائن إلى إیران فی إیران إلى أن

إقرأ أيضاً:

تراجع حاد في ثقة المستهلكين الأميركيين بفعل رسوم ترامب

شهدت ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة تراجعا حادا إلى أحد أدنى مستوياتها المسجلة تاريخياً، وسط مخاوف متزايدة من التداعيات الاقتصادية للحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت سجلت توقعات التضخم طويلة الأجل أعلى مستوياتها منذ عام 1991.

وأظهر استطلاع أجرته شبكة "إيه بي سي" بالتعاون مع مؤسسة "إبسوس" أن 7 من كل 10 أميركيين يعتقدون أن حملة الرسوم الجمركية التي يقودها ترامب ستؤدي إلى ارتفاع التضخم، وهو ما يمثل ضربة قوية للرئيس الجمهوري الذي جعل محاربة التضخم محور حملته الانتخابية الأخيرة.

وفي السياق ذاته، أظهر متوسط استطلاعات صحيفة "نيويورك تايمز" انخفاضًا متواصلًا في شعبية ترامب منذ توليه منصبه، حيث بلغت نسبة التأييد له 45%. كما أعربت غالبية المشاركين في استطلاع آخر أجرته "نيويورك تايمز/سيينا" عن رفضهم لمحاولات ترامب تعزيز سلطات الجهاز التنفيذي.

وانخفض مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك بنسبة 8% ليصل إلى 52.2 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ يوليو/تموز 2022. كما انخفض مؤشر التوقعات بنسبة 32% منذ يناير/كانون الثاني، مسجلاً أكبر تراجع خلال ثلاثة أشهر منذ ركود عام 1990.

العوامل الرئيسية وراء التراجع سياسات الرسوم الجمركية: أدت الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى اضطراب الأسواق العالمية وزيادة المخاوف من التضخم، مما أثر سلبًا على ثقة المستهلكين. توقعات التضخم: ارتفعت توقعات التضخم السنوي إلى 6.5%، وهو أعلى مستوى منذ عام 1981، مما زاد من القلق بشأن القدرة الشرائية للمستهلكين. القلق من سوق العمل: أعرب ما يقرب من ثلثي المستهلكين عن توقعاتهم بارتفاع معدلات البطالة خلال العام المقبل، وهو ضعف النسبة التي كانت تتوقع ذلك قبل ستة أشهر. تراجع التوقعات بشأن الدخل: أبدى المستهلكون تشاؤمًا متزايدًا بشأن نمو دخولهم المستقبلية، مما قد يؤدي إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي. إعلان

يحذر الخبراء من أن استمرار تراجع ثقة المستهلكين قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي أوسع، خاصة إذا أدى إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي. تتزايد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لتخفيف التوترات التجارية واستقرار السياسات الاقتصادية.

الأسواق تتفاعل

وعلى صعيد الأسواق، كان مؤشر الدولار يتجه نحو تسجيل أسوأ أداء خلال أول 100 يوم لرئاسة أميركية منذ عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، عندما تخلت أميركا عن قاعدة الذهب. ومع ذلك، سجلت سندات الخزانة الأميركية ارتفاعًا بدعم من آمال المستثمرين بإمكانية خفوت التوتر التجاري مع الصين، بينما شهدت الأسهم بعض التحسن.

وكان ترامب قد بدأ حربه التجارية ضد الصين محذرًا بكين من الرد، إلا أن الرئيس الصيني شي جين بينغ تجاهل تلك التحذيرات ورد بفرض رسوم مضادة. وبعد أسابيع من محاولات ترامب دعوة شي للتفاوض، بادرت الصين بإلغاء بعض الرسوم الجمركية بشكل محدود.

وقال وو شينبو، مدير مركز الدراسات الأميركية بجامعة فودان ومستشار وزارة الخارجية الصينية، إن إدارة ترامب أساءت تقدير قدرة الضغط الاقتصادي الأميركي. وأضاف: "الرواية السائدة داخل فريق ترامب كانت أن الاقتصاد الصيني في وضع ضعيف، وبالتالي فإن استخدام ورقة الرسوم الجمركية سيدفع الصين للاستسلام. لكن المفاجأة أن الصين لم تنهَر كما توقعوا".

مؤشر الدولار يتجه نحو تسجيل أسوأ أداء خلال أول 100 يوم لرئاسة أميركية منذ عهد الرئيس ريتشارد نيكسون (الفرنسية)

أزمات قانونية جديدة

وفي سياق متصل، يواجه ترامب تصعيدًا قضائيًا مع تزايد الأحكام القضائية التي تعتبر بعض سياساته غير قانونية، لا سيما في ملف ترحيل المهاجرين دون إجراءات قانونية واجبة.

وفي تطور لافت، اعتقلت وكالة التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) قاضية محلية في ولاية ويسكونسن بتهمة عرقلة عملية توقيف مهاجر داخل قاعة المحكمة، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات أمام المحكمة الفيدرالية في ميلووكي.

إعلان

وعلق حاكم ولاية ويسكونسن، توني إيفرز، على الواقعة قائلاً: "إدارة ترامب تواصل نمطًا خطيرًا من الخطاب الذي يهاجم السلطة القضائية ويحاول تقويضها على كل المستويات".

مقالات مشابهة

  • شاهد | الولايات المتحدة تواجه معضلةً بشأن في اليمن
  • وزير الخارجية العماني يعلن استئناف المفاوضات النووية الإيرانية – الأميركية الأسبوع المقبل
  • وزير الخارجية يؤكد تضامن اليمن مع إيران جراء الانفجار بميناء الشهيد رجائي
  • هل زرع ترامب الرعب في قلوب الأميركيين في أقل من 100 يوم؟
  • تراجع حاد في ثقة المستهلكين الأميركيين بفعل رسوم ترامب
  • الخارجية الإيرانية: المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عمان تتواصل في أجواء جدية
  • وزير الخارجية العراقي يدعو واشنطن لإعادة النظر في تحذيرات السفر إلى بلاده  
  • عرض مفاجئ من حماس: إطلاق شامل للرهائن مقابل هدنة طويلة الأمد في غزة
  • عاجل | رويترز عن متحدث باسم الخارجية الأميركية: واشنطن تلقت ردا من دمشق على طلب أميركي باتخاذ تدابير لبناء الثقة.
  • ترامب.. رئاسة بلا سياسة وسيارة بلا مقود!