تتعرض الكثير من الأسر لحالات من التشتت والانفصام حال سجن رب الأسرة ووضعه خلق القضبان الحديدية نتيجة مخالفته للقانون، الأمر الذي قد يؤثر على استقرار الأسرة سواء كان في الحالة المادية أو النفسية، وتساءل عدد من السيدات عن أحقيتها الشرعية في الطلاق حال سجن الزوج.

لا ينبغي للزوجة التسرع في طلب الطلاق بسبب الحكم على زوجها بالسجن

وتسرد «الوطن»، خلال التقرير الآتي، تفاصيل أحقية الزوجة في طلب الطلاق من الزوج حال سجنه وفقا لما نشرته دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني حيث قالت الدار إنه لا ينبغي للزوجة أن تتسرَّع في طلب الطلاق بسبب الحكم على زوجها بالسجن، وخاصة إذا كان بينهما أولاد، فإذا ما وصل الحال بها إلى عدم قدرتها على  تحمل ذلك الوضع؛ كان لها أنْ ترفع أمرها إلى القضاء؛ فقد أقام الشرع الحنيف القضاء للفصل بين العباد ورفع الضرر عن المتضررين.

حسن العشرة بالمعروف بين الزوجين

العلاقة الزوجية السليمة أساسها في الشرع الحنيف على المعاشرة بالمعروف من كلا الجانبين، ومن المعروف مراعاة ظروف كلا الطرفين للآخر؛ يسرًا وضيقًا، صحةً ومرضًا، قوةً وضعفًا، في حضرٍ أم سفرٍ.. إلخ؛ قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19]، وكل معروف أوجبه الشرع الحنيف على المرأة لزوجها؛ أوجبه كذلك على الرجال لزوجاتهم، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228]؛ أي: في حسن العشرة، وحفظ بعضهم لبعض، وتقوى الله فيه، والآية تعم جميع حقوق الزوجية.

 

حق الزوجة في طلب الطلاق بسبب دخول زوجها السجن

لما كان الشخص المسجون ممنوعًا بحكم القضاء أو بقرار الجهات المختصة من التصرف بنفسه، والخروج إلى أشغاله ومهماته الدنيوية والاجتماعية؛ فإنَّه من مقتضيات المعاشرة بالمعروف، أن تراعي الزوجة ظروفه، وأن تصبر عليه؛ وفاءً لحقه عليها، وشدًّا لأزره في محنته، ولمصلحة الأولاد وعدم تشتتهم بينهما، إلى غير ذلك من الجوانب الحسنة للزواج، ومقصود الشرع من إقامة حياة مستقرة بين الزوجين.

 

ومع هذا فقد أباح الشرع لها -أي الزوجة- طلب الطلاق إذا ما تضررت من ذلك؛ لما تقرر شرعًا أنه: "لا ضرر ولا ضِرَار" و"الضرر يزال"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص: 83، ط. دار الكتب العلمية)؛ فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه ابن ماجه في "سننه"، وهي قاعدة تحول مراعاتها بين الإنسان وبين كل ما يمكن أن يسبب له الضرر، وإزالة الضرر هنا لا تتم إلا بعودة الزوج -وهو غير ممكن؛ لوجوب قضاء المدة المحكوم بها عليه- أو التفريق بينهما.

 

وهذا القول هو المختار من أقوال فقهاء مذهب المالكية والحنابلة التي تشير إلى جواز التفريق للغيبة والضرر؛ قال الإمام الدردير في "الشرح الكبير" (2/ 431، ط. دار الفكر، مع "حاشية الدسوقي") في مسائل للقاضي أن يطلق فيه على الزوج: [(واجتهد) الحاكم.. (وطَلَّق) على الزوج.. (في) حلفه.. (أو تَرَكَ الوطء ضررًا) فيُطلِّق عليه بالاجتهاد إن كان حاضرًا بل (وإن غائبًا)، ولا مفهوم لقوله: ضررًا؛ بل إذا تضررت هي من ترك الوطء؛ طُلَّق عليه بالاجتهاد، ولو لم يقصد الضَّررَ] اهـ.

 

قال العلامة الدسوقي محشِّيًا عليه: [والحاصل: أنه إذا حلف ليعزلنَّ عن زوجته زمنًا يحصل به ضررها، أو حلف لا يبيت عندها، أو ترك وطأها ضررًا من غير حلفٍ، أو أدام العبادة، وتضررتِ الزوجة من ترك الوطء، وأرادت الطلاق؛ فإن الحاكم يجتهد في طلاقها عليه، ومعنى الاجتهاد في الطلاق عليه: أن يجتهد في أن يطلِّق عليه فورًا بدون أجل..(قوله: لكن الغائب إلخ) أي أنه لا يطلق على مَن ترك الوطء لغيبته إلا إذا طالت مدة الغيبة، وذلك كسنة فأكثر عند أبي الحسن وهو المعتمد] اهـ؛ أي: أن ترك الوطء سبب للتطليق سواء أكان الزوج حاضرًا أو غائبًا وبغض النظر عن سبب غيابه ومكانه.

 

فكما أن للمرأة أن تطلب الطلاق بسبب عدم النفقة عليها وتضررها من ذلك؛ جاز لها طلب التفريق لترك المعاشرة الزوجية لغياب الزوج عنها؛ قال العلامة نور الدين الأجهوري كما نقله عن العلامة النفراوي في "الفواكه الدواني" (2/ 42، ط. دار الفكر): [وإذا جاز لها التطليق بعدم النفقة؛ فإنه يجوز لها إذا خشيت على نفسها الفتنة بالأولى؛ لشدة ضرر ترك الوطء الناشئ عنه الزنا، ألا ترى أنها لو أسقطت النفقة عن زوجها يلزمها الإسقاط، وإن أسقطت عنه حقها في الوطء لا يلزمها ولها أن ترجع فيه، وأيضًا النفقة يمكن تحصيلها من غير الزوج بِتسلُّفٍ ونحوه بخلاف الوطء] اهـ.

 

وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (5/ 481-482، ط. دار الكتب العلمية): [وحصول الضرر للزوجة بترك الوطء مقتضٍ للفسخ بكل حالٍ سواءٌ كان بقصدٍ من الزوج أو بغير قصدٍ ولو مع قدرته وعجزه؛ كالنفقة، وأولى للفسخ بتعذره في الإيلاء إجماعًا، وعلى هذا فالقول في امرأة الأسير والمحبوس ونحوهما ممن تعذر انتفاع امرأته به إذا طلبت فرقته كالقول في امرأة المفقود بالإجماع] اهـ.

 

وقد اعتبر المشرع المصري حبس الزوج قرينة على ضرر الزوجة؛ فأجاز لها في هذه الحالة طلب التطليق شريطة أن يكون الحبس نهائيًّا ومقيدًا للحرية، مع اشتراط مدة قانونية وإجراءات محددة حتى تكون الزوجة قد لحقها شيء من الضرر الذي بني عليه التطليق؛ كما هو مفاد المادة رقم (14) من المرسوم بقانون (25) لسنة 1929م (المعدل)

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الطلاق طلاق الزوجة دار الإفتاء ق علیه

إقرأ أيضاً:

هل كشف القدم فى الصلاة للمرأة حرام؟ الإفتاء توضح الحكم الشرعي

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: هل كشف القدم فى الصلاة للمرأة حرام، حيث حدث نزاعٌ في قريتي حول الحكم الشرعي في ستر قدمَيِ المرأة أثناء الصلاة، هل يجب سترهما، أم أنه يجوز كشفهما؟ ويرجو السائل بيان الحكم الشرعي حسمًا للنزاع.


وأجابت الإفتاء عن السؤال وقالت: إنه  لا ينبغي التَّشدُّد فى ذلك الأمر؛ فهناك مَن قال مِن الفقهاء بأنَّه يجوز كشف القَدَم للنساء، وصلاتها صحيحة.

واوضحت ان  ستر المرأة لقدمَيْها محل خلاف بين الفقهاء، فالأَولى سَتْرهما؛ خروجًا من الخلاف، ومع ذلك يجوز الأخذ بقول من أجاز كشفهما، ولا إثم على المرأة في ذلك، وصلاتها صحيحة. على أنه لا ينبغي النزاع في مثل هذه المسائل الخلافية؛ للقاعدة الشرعية "لا يُنكَر المختلف فيه".

هل يجوز تكرار صلاة الاستخارة أكثر من مرة رغبة فى الطمأنينة؟..الإفتاء تجيبهل صلاة ركعتين سنة الوضوء مستحبة أم بدعة .. الإفتاء توضحهل يجوز للمريض جمع صلاتين؟.. الإفتاء تفند رأي المذاهب الأربعةهل تجوز صلاة الجنازة في أوقات الكراهة بعد الفجر؟.. الإفتاء تحسم الجدل

عورة المرأة في الصلاة

تفق الفقهاء على أن عورة المرأة في الصلاة هي ما عدا الوجه والكفين، فيحرم أن تصلي وشيء من بدنها سوى الوجه والكفين مكشوف، واختلفوا في القدمين فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنهما عورة، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها. رواه أبو داود والحاكم وصححه وأقره الذهبي.

وقرر هذا جماعة ومنهم ابن قدامة في المغني حيث قال: وهذا يدل على وجوب تغطية القدمين، ولأنه محل لا يجب كشفه في الإحرام فلم يجز كشفه في الصلاة كالساقين.

وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يجب سترهما، فالخلاف بين الفقهاء محصور في القدمين.

حكم صلاة المرأة في بيتها بدون حجاب؟

يجب على المرأة ستر عورتها أثناء الصلاة حتى لو كانت تصلي في منزلها ولا يراها أحد، ويجب على المرأة إذا أرادت الصلاة أن تستر جميع بدنها ماعدا الوجه والكفين وستر الساقين إلى الكعبين مما لا خلاف عليه بين الفقهاء، أما ستر ظهور القدمين فمما اختلف فيه العلماء، والجمهور على وجوب سترها.

هل يجوز صلاة المرأة في بيتها بدون حجاب

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، في إجابته عن سؤال: «ما حكم صلاة المرأة بدون حجاب؟»، أن الله سبحانه وتعالى لا يقبل صلاة مسلمة إلا ساترةً عورتَها بحجابها؛ فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ حَائِضٍ -من بلغت سن المحيض- إِلَّا بِخِمَارٍ» رواه الخمسة إلا النسائي.

طباعة شارك عورة المرأة في الصلاة كشف القدم فى الصلاة للمرأة هل كشف القدم فى الصلاة للمرأة حرام حكم صلاة المرأة في بيتها بدون حجاب هل يجوز صلاة المرأة في بيتها بدون حجاب

مقالات مشابهة

  • هل يجوز للمرأة التصدق من مال زوجها؟.. دينا أبو الخير تجيب
  • هل كشف القدم فى الصلاة للمرأة حرام؟ الإفتاء توضح الحكم الشرعي
  • في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر
  • صُلح انتهى بحريقة.. تفاصيل إضرام سيدة النيران في زوجها ووالدتها بالوراق
  • محامي يوضح حقوق المرأة في حال رفض الزوج الإنفاق عليها .. فيديو
  • الطلاق له خطة شرعية.. «خالد الجندي»: ما ينفعش تصحى من النوم تقول لها انت طالق يا نوال
  • مصطفى غريب ضيف الحلقة القادمة من برنامج صاحبة السعادة
  • هل يجب على الزوج تحمل نفقات حج زوجته؟.. عويضة عثمان يحسم الجدل
  • من ملزم شرعا وقانونا بتجهيز منزل الزوجية؟.. اعرف التفاصيل
  • اعرف شروط مبدأ الاحتباس لصالح الزوج للحصول على النفقات