هل ستقيم تركيا قاعدة عسكرية بالكويت؟
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
هل ستنشئ تركيا قاعدة عسكرية في الكويت؟
شهدت العلاقات الدفاعية الكويتية-التركية مؤخراً تطوّراً ملحوظاً لا سيما بعيد الأزمة الخليجية وحصار قطر عام 2017.
تشهد العلاقات الدفاعية الكويتية-التركية منذ نهاية 2018 تقدّماً سريعاً. ففي أكتوبر 2018، وقعت الكويت وتركيا على خطة دفاع مشتركة شاملة.
في جميع الأحوال، تركيا ستكون جاهزة للقيام بمثل هذه الخطوة إذا ما طلبت الكويت منها ذلك الآن أو في المستقبل، كما هو الأمر بالنسبة لغيرها من الدول.
المستوى العلاقات الدفاعية الحالي لا يوحي بأنّه سيكون هناك قاعدة عسكرية تركية لكنها لا تستبعد إذا تسارع نمو العلاقات الدفاعية مع تزايد التهديدات الإقليمية.
انتهاء أزمة الخليج وعودة علاقات تركيا بالسعودية والإمارات فرصة للكويت لتعزيز العلاقات الدفاعية مع تركيا أو إنشاء قاعدة عسكرية بها دون مواجهة فيتو من أي طرف.
تطمح تركيا لتجاوز الصفقات العسكرية إلى مساهمة جادة وفعلية في تحديث قوات الكويت المسلحة ورفع كفاءتها وتزويدها بالقدرات اللازمة لتعزيز التعاون المشترك ومواجهة التحديات.
* * *
خلال كلمة لها في احتفال السفارة التركية بمناسبة الذكرى الـ 101 لـ"عيد النصر" التركي، أشادت سفيرة تركيا في الكويت طوبى سونمز بـمستوى التعاون العسكري والأمني بين تركيا والكويت، معربة عن استعداد أنقرة توفير جميع المعدات العسكرية التي تطلبها السلطات الكويتية لتعزيز القدرات الدفاعية للبلاد سيما بعد التصاعد السريع والمشهود لها في قدرات تركيا في مجال الصناعات الدفاعية الوطنيّة.
وفي معرض حديثها، أشارت السفيرة التركية إلى أنّ أنقرة مستعدّة لإقامة قاعدة عسكرية في الكويت إذا ما طلبت الأخيرة ذلك، كما هو الحال بالنسبة إلى الدول الأخرى إذا ما تقدّمت بطلب مماثل.
وشهدت العلاقات الدفاعية الكويتية ـ التركية مؤخراً تطوّراً ملحوظاً لاسيما بعيد الأزمة الخليجية وحصار قطر عام 2017، حيث تعرّضت الدول الصغيرة الحليفة للولايات المتّحدة في المنطقة إلى صدمة زادت شكوكها بخصوص مصداقية الضمانات الامنيّة الأمريكية المقدّمة لها لضمان أمنها وإستقرارها.
وانتشرت حينها أخبار تفيد بأنّ الكويت قد تطلب من تركيا إقامة قاعدة عسكرية فيها لتوفير غطاء أمني إضافي لها لاسيما بعد أنّ نجح التحرّك السريع لانقرة في منع عسكرة الأزمة الخليجية، وذلك إلى جانب الجهود الدبلوماسية التي قادها أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح والتي ساهمت في تحقيق نفس الهدف.
لكن وبسبب الخلاف السعودي ـ التركي آنذاك، وعدم رغبة الكويتيين في تحدي الرياض نظراً لحساسيّة الموقف، فضّلت الكويت دعوة قوات غير تركيّة إليها. ففي العام 2018، طلبت الكويت إرسال جنود بريطانيين إليها، وقد تحدّثت تقارير صحافية حينها من بينها تقارير لصُحُف كويتية عن اتفاق بين حكومتي البلدين على إنشاء قاعدة عسكرية بحرية بريطانية في الكويت.
وبالرغم من أنّ المسؤولين الكويتيين كانوا قد نفوا أن يكون لهذا الاتفاق أي علاقة بالأزمة الخليجية أو بالخلاف الحدودي الكويتي ـ السعودي حينها، وقلّلوا من شأنه مشيرين إلى أنّه مجرد اتفاق لتدريب القوات الكويتيّة.
إلاّ أنّ سياق هذا الاتفاق وظروفه كانت توحي بعكس ذلك، سيما وأنّه ترافق أيضاً مع طلبات من دول أخرى في المنطقة لإنشاء قواعد عسكرية أو لاستضافة قوات أجنبية فيها، إذ طلبت سلطنة عُمان ـ على سبيل المثال ـ تمركز قوات بريطانية إضافية فيها أيضاً إبّان الأزمة الخليجية.
وتشهد العلاقات الدفاعية الكويتية-التركية منذ نهاية العام 2018 تقدّماً سريعاً. ففي أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2018، وقعت الكويت وتركيا على خطة دفاع مشتركة شاملة.
وقد عكست هذه الخطّة الالتزام المتبادل بين الطرفين في تعزيز التعاون العسكري والأمني بينهما، وتضمنت الخطة نطاقًا واسعًا من المجالات بما في ذلك البرامج التدريبية والتمرينات العسكرية، والتي تهدف إلى تعزيز الرؤية المشتركة بين الطرفين لمستقبل آمن.
ولضمان التحقيق الملموس لهذه الرؤية، تم إنشاء لجنة عسكرية مشتركة وأصبحت هذه اللجنة، التي تضم ممثلين عن وزارتي الدفاع، بمثابة المركز العصبي العملياتي، الذي يضمن التنفيذ السلس لأهداف الخطة ويشرف على تنفيذها.
كما تسارعت جهود الطرفين لإقامة تمارين عسكرية مشتركة أبرزها تمرين عام 2021 بين القوات الخاصة التابعة للدولتين، وذلك في مسعى استراتيجي لتعزيز التعاون والتنسيق والجهوزية المشتركة وتبادل الرؤى الميدانية بما يصب في تعزيز الدعم المشترك للبلدين في أوقات الشدّة والحاجة.
وفي بداية العام 2023، انضمت الكويت إلى مجموعة الدول التي وقّعت عقوداً لامتلاك مسيّرات تركيّة هجومية من طراز بيرقدار (تي بي2) الأسطورية التي لعبت دوراً حاسماً في عدد من الحروب والمعارك في القوقاز وأوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي.
وقد لعبت سفيرة تركيا في الكويت دوراً رئيسياً في تشجيع وتسهيل التعاون الدفاعي والعسكري بين البلدين كما هو الحال بالنسبة إلى التعاون الدبلوماسي، ولا تزال ملتزمة بذلك كما بدا من خلال الكلمة التي ألقتها مؤخراً.
وتسعى أنقرة إلى تعميق التعاون الدفاعي والأمني بين البلدين بشكل أكبر، إذ على الرغم من التقدّم الكبير الذي حصل على هذا الصعيد في السنوات القليلة، إلا أنّه لا يزال أقل من طموح البلدان ودون المستوى إذا ما قورن مثلا بقدرات البلدين أو بالتعاون العسكري بين تركيا وعدد آخر من الدول الخليجية.
رغبة الكويت في شراء المعدات العسكرية المتطورة من تركيا وضمّها إلى الترسانة العسكرية للبلاد يعتبر بمثابة شهادة على ثقة الكويتيين بالتكنولوجيا العسكرية التركية.
وتطمح أنقرة إلى تجاوز بعض الصفقات العسكرية هنا وهناك إلى المساهمة الجادة والفعلية في تحديث القدرات الشاملة للقوات المسلحة الكويتية ورفع كفاءتها وضمان تزويدها بالمعدات والمهارات اللازمة ليس لتعزيز التعاون المشترك فقط، وإنما لمواجهة التحديات المعاصرة أيضاً.
لكن ما الذي يدفع باتجاه تعزيز العلاقات الدفاعية؟
هناك عدة عوامل تلعب دورًا. لا يمكن إنكار وجود عامل التهديد الإيراني والذي وإن كان قد انخفض مؤخراً بسبب بعض التفاهمات الإقليمية، إلاّ أنّه انخفاض تكتيكي على الأرجح ولا يلغي خطر السياسات الإيرانية سواء تلك الصادرة من طهران مباشرة أو من خلال وكلائها في العراق أو غيرها من الدول.
الكويت والكويتيون كانوا قد خبروا مرات عددية خلا العقود الماضية مخاطر تهديدات إرهابية تأتيهم من إيران أو من وكلائها. علاوة على ذلك، يبقى خطر تصاعد الإرهاب والتطرف قائماً في المنطقة بالإضافة الى المخاطر غير التقليدية والتي إزدادت في السنوات القليلة الماضية.
فضلاً عن ذلك، فإن تجربة الحصار المريرة التي تعرّضت لها قطر عام 2017، تركت أثراً بالغاً لدى الدول الصغيرة في المنطقة التي أصبحت تفضل تنويع تحالفاتها وشراكاتها الدفاعية والأمنيّة بدلاً من الاعتماد الكلّي على الغرب ولاسيما الولايات المتّحدة.
وفي هذا السياق بالذات، تبرز تركيا كخيار جذّاب وكلاعب إقليمي قوي أثبت أنّه وفيّ لتحالفاته ويدافع عنها حتى النهاية بكل قوة وعزيمة وبشكل يمكن الاعتماد عليه.
وتعمل المصالح المشتركة في الأمن والاستقرار الإقليميين على تعزيز هذه الرابطة بين الطرفين، لكنّ المستوى الحالي للعلاقات الدفاعية لا يوحي بأنّه سيكون هناك قاعدة عسكرية تركية. وفي المقابل، إذا ما استمرت العلاقات الدفاعية في النمو السريع مترافقة مع تزايد التهديدات الإقليمية، فإنّه من غير الممكن استبعاد ذلك.
انتهاء الأزمة الخليجية والتطوير الكبير في العلاقات التركية-السعودية والتركية-الإماراتية قد يمثّل فرصة ثمينة للسلطات الكويتية للمضي قُدماً سواءً في تعزيز العلاقات الدفاعية مع تركيا أو في الطلب من أنقرة إنشاء قاعدة عسكرية فيها على اعتبار أنّها لن تواجه فيتو محتملا من أي من الدول.
وفي جميع الأحوال، فإن تركيا ستكون جاهزة للقيام بمثل هذه الخطوة إذا ما طلبت الكويت منها ذلك الآن أو في المستقبل، كما هو الأمر بالنسبة إلى غيرها من الدول.
*د. علي باكير أستاذ مساعد باحث بمركز ابن خلدون بجامعة قطر.
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تركيا الكويت السعودية الإمارات عمان تهديدات قاعدة عسكرية العلاقات الدفاعية قاعدة عسکریة فی تعزیز التعاون فی المنطقة فی الکویت من الدول کما هو إذا ما
إقرأ أيضاً:
الحوثيون يعلنون تنفيذ عملية عسكرية استهدفت قاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية
أعلن الحوثيون تنفيذ عملية عسكرية استهدفت قاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب جنوب الأراضي المحتلة، وفق ما أفادت قناة «القاهرة الإخبارية» في خبر عاجل.
وقال المتحدث باسم الحوثيين، العميد يحيى سريع، في بيان نشرته الوكالة، إن القوة الصاروخية للحوثيين نفذت العملية بصاروخ باليستي فرط صوتي من طراز «فلسطين 2».
وفى وقت سابق، أعلنت جماعة الحوثي في اليمن، استهداف سفينة «Anadolu S» في البحر الأحمر بعدد من الصواريخ الباليستية والبحرية المناسبة، وذلك لعدم استجابتها لتحذيرات القوات البحرية ولانتهاك الشركة المالكة لها قرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة، بحسب بيان صدر عن الجماعة اليمنية.
وأكد يحيى سريع المتحدث باسم الحوثي، أن القوات المسلحة تؤكد استمرارها في فرضِ الحصارِ البحري على العدوِّ الإسرائيلي واستهداف كافة السفن المرتبطة به أو المتجهة إليه أو التى تتعامل معه وكذلك استمرارها في استهداف العدو الإسرائيلي بالصواريخ والمسيرات وأن هذه العمليات لن تتوقفَ إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة ووقف العدوان على لبنان.