موقع 24:
2025-04-30@04:05:27 GMT

الغابون.. انقلاب على السلطة أم تمرد؟

تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT

الغابون.. انقلاب على السلطة أم تمرد؟

ما بين أطماع في السلطة وحركات تغيير صادقة، ومحاولات تغيير في واقع الشعوب، مرة بالإيجاب ومرات بالسلب، لاتزال إفريقيا تتصدر قارات العالم بعدد الانقلابات العسكرية الذي وصل إلى 206 انقلابات في سبعين عاماً. ولعل معيار التفرقة الوحيد بين الانقلاب الهادف إلى السلطة عن الهادف إلى تصحيح المسار، هو مدى نجاح الانقلاب في تحسين أوضاع الشعوب.




وتحقق ما ذهبنا إليه في كتابات سابقة، أن الانقلابات العسكرية خاصة في الغرب الإفريقي، تجري وفق نظرية المحاكاة، في ظل تشابه الأوضاع السياسية والاقتصادية لدول تلك المنطقة، وتشابه أنظمتها السياسية وهشاشة أوضاعها. وسجلت الغابون رقماً جديداً في سجل الانقلابات العسكرية في الوسط والغرب الإفريقي بثمانية انقلابات منذ عام 2020، بعد سويعات قليلة من إعلان نجاح الرئيس الغابوني علي بونغو، لمرحلة رئاسية ثالثة، لتستمر رئاسة أسرة بونغو للجابون لمدة تعدت خمساً وخمسين سنة متصلة، بعد أن توارثها عن أبيه عمر بونغو الذي تولى الحكم منذ عام 1967 وحتى وفاته عام 2009.
علل العقيد بريس كلوتير أولوجي، في بيانه الذي تلاه للشعب الغابوني متوسطاً اثني عشر جنرالاً أطلقوا على أنفسهم «لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات» – ربما يكون هذا الاسم يحمل رسالة للفاعلين الدوليين مفادها بأنهم لا يستهدفون السلطة وإنما تغيير واقع البلاد السياسي المتردي – إنهاء النظام القائم بوصفه نظاماً مستبداً توارث السلطة بتزوير الانتخابات، مستخدماً أساليب قد تدفع الغابون إلى الفوضى، فضلاً عن التردي الاقتصادي الذي تفشّى بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتراجع عائدات النفط في بلد يعدّ رابع مخزون نفطي في القارة وأحد أعضاء «أوبك»، إلا أن الأمر، مع ما سبق قد سار في مسار الدول التي تمردت على التبعية للغرب، خاصة فرنسا التي عملت على رعاية مصالح أسرة بونغو، وأفشلت أكثر من انقلاب عسكري على تلك الأسرة. كذلك كانت الغابون إحدى الدول التي كانت تستعد للتدخل عسكرياً في النيجر، ضد العسكريين هناك، ولعل ذلك من أسباب ضيق قادة الجيش الغابوني، برئيس يجرّهم إلى نزاعات ترهق البلاد، لا ناقة لها فيها ولا جمل، انصياعاً لتعليمات باريس ليس إلا.
لا تزال المواقف الإقليمية، خاصة في القارة غامضة، فيما عدا ما أذاعه البيان الرئاسي لنيجيريا، وجاء فيه أن «عدوى الاستبداد تنتشر في مناطق واسعة من قارتنا، ونيجيريا تعمل عن كثب مع رؤساء دول الاتحاد الإفريقي، للتوافق على خطوات التصرف مع ما يتم في الغرب والوسط الإفريقي الذي بات يستشري في ربوع القارة استشراء النار في الهشيم». أما في الاتحاد الإفريقي، فقد قرر مجلس السلم والأمن الإفريقي، عقد اجتماع عاجل لترويكا بوروندي والسنغال والكاميرون، لبحث التطورات المتسارعة في الغابون. لكن هذا التطور على الساحة الغابونية، قوبل بترحيب الدول التي سبقته إلى التمرد على التبعية للغرب، بقدر ما قوبل بقلق من دول مجاورة عدّة تخشى أن يكون دورها غداً.
من البديهي أن تصدر بيانات دولية تدين الانقلاب، وحظرت أغلب الدول رعاياها من السفر إلى الغابون، ونصحت المقيمين بضرورة الخروج منها، إلا الموقف الفرنسي فله حيثياته الخاصة، بحكم أن الغابون إحدى مستعمراته السابقة وإحدى أهم مناطق نفوذه ومصالحه في الغرب الإفريقي، لذلك أعلنت الحكومة الفرنسية إدانتها الشديدة لذلك، وضرورة احترام نتائج الانتخابات، لكن الأهم والأخطر، تعليق شركة «توتال إنرجيز» الفرنسية أعمالها في الغابون، وهي الموزع الرئيسي للمنتجات البترولية في البلاد. كذلك أعلنت شركة «إراميت» للتعدين الفرنسية التي توظف نحو 8 آلاف عامل غابوني، تعليق أعمالها أيضاً، وهو ما يمثل ضغطاً بالضرورة على قادة الانقلاب.
إلا أننا نتوقع أن يكون رد الفعل الدولي أخف حدة مما حدث مع غيره من الانقلابات السابقة، لأسباب عدة، لعل أهمها أن الجيش الغابوني يحظى بتأييد أغلبية الشعب، وهذا سيؤدي إلى تخفيف الضغوط عن الإدارة الجديدة، وكذلك اختلاف ديناميكيات انقلاب الغابون عن الانقلابات الأخرى التي تمت أخيراً في المنطقة، مثل النيجر ومالي، حيث إن قادة انقلاب الغابون قد أطاحوا زعيم لا يحظى بشعبية تذكر، وأكدوا منذ اللحظة الأولى إعادة المؤسسات، لذلك نتوقع أن تكون الاستجابة الدولية لانقلاب الغابون أكثر اعتدالاً.
كذلك اعتماد خزينة الدولة في الغابون على عائدات النفط سيؤدي بالضرورة إلى كبح جماح أي تطلعات متطرفة لقادة ذلك الانقلاب، حيث إن مصير البلاد اقتصادياً يقع في يد شركات النفط الدولية، ومن ثمّ ليس من مصلحة هؤلاء القادة أن يناصبوهم العداء. إلا أن الأصداء الإقليمية ستستمر في مناهضة ذلك، حتى لو أعيدت المؤسسات، وذلك خشية تحفيز عدوى الانقلابات في منطقة ترزح أغلب دولها تحت حكام مستبدين من سلالات تفتقر إلى خلفاء ديمقراطيين.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

"التكتل الوطني للأحزاب" يقرّ خطوات تحرك سياسي ويرسم ملامح مرحلة ما بعد إنهاء الانقلاب الحوثي

أكد المجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية أن مواصلة جهوده الحثيثة لتعزيز وحدة الصف الوطني، والعمل بروح مسؤولة لمواجهة التحديات الراهنة، انطلاقًا من التزامه الكامل بالشرعية الدستورية، والدفاع عن مشروع الدولة اليمنية الحديثة، المعبر عنه في الوثائق الوطنية.

 

جاء ذلك خلال اجتماعًا هامًا برئاسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، رئيس التكتل، خُصص لمناقشة مستجدات المشهد الوطني وتحديد خطوات العمل للمرحلة المقبلة، وفق بيان صادر عن التكتل.

 

وخلال الاجتماع، أقرّ المجلس استمرار اللقاءات مع القوى الإقليمية والدولية ذات العلاقة الفاعلة في الأزمة اليمنية خلال الأيام القادمة، بهدف حشد الدعم الدولي لخيار استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي، والتأكيد على الالتزام بالحل المستند إلى المرجعيات الثلاث المتوافق عليها.

 

 

كما أقر المجلس تشكيل لجنة من ذوي المعرفة الخبرة تتولى إعداد تصور شامل لمرحلة ما بعد إنهاء الانقلاب الحوثي، يشمل إعادة بناء مؤسسات الدولة، وتعزيز مسار السلام الشامل والدائم، وضمان مشاركة وطنية واسعة لا تستثني أحدًا في صياغة مستقبل البلاد.

 

وتناول الاجتماع بقلق بالغ تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية والخدمية في المناطق المحررة، محذرًا من تبعات استمرار انهيار سعر صرف الريال، وما يحدثه من آثار خطيرة على المستوى المعيشي واستقرار وسلام المجتمع.

 

وشدد المجلس على ضرورة اضطلاع الحكومة بمسؤولياتها الكاملة، وفق الدستور والقوانين النافذة، واتخاذ معالجات جادة وعاجلة لمعالجة الأزمات المتعاقبة، وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين، بما يساهم في تعزيز صمود الشعب اليمني في هذه المرحلة الحرجة، ويعزز من فرص النصر.

 

يأتي هذا الاجتماع ضمن سلسلة من الخطوات السياسية والدبلوماسية التي يعتزم التكتل تنفيذها خلال المرحلة المقبلة، في إطار رؤيته الوطنية الجامعة الهادفة إلى إنهاء معاناة الشعب اليمني واستعادة أمنه واستقراره.


مقالات مشابهة

  • فرنسا تدعو إلى ضرورة إيجاد طرق واقعية لإنهاء الانقلاب في اليمن واستعادة مؤسسات الدولة
  • تكتل الأحزاب: استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب مفتاح أساسي لإستقرار اليمن والمنطقة
  • البرهان يحسم أمر إدارة الاسلاميين للحرب .. المجد للبندقية
  • هذه هي عصا الاقتصاد السحرية التي أخضعوا بها الشعوب
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • مستشار: تمرد الأبناء على التوجيهات أمر عادي ويجب إعطاؤهم المساحة الخاصة… فيديو
  • محمد محمود يفوز بمنصب السكرتير العام الأول للاتحاد الإفريقي للمصارعة
  • "التكتل الوطني للأحزاب" يقرّ خطوات تحرك سياسي ويرسم ملامح مرحلة ما بعد إنهاء الانقلاب الحوثي
  • إشادة بتجربة بيراميدز ويورشيتش بعد الوصول للنهائي الإفريقي
  • كريم رمزي يُشيد بمنتخب الجودو بعد التتويج الإفريقي: أبطال من نور يستحقوا التقدير